Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مجلس انعقاد العقد :
المؤلف
عبد العظيم، علي السيد رمضان.
هيئة الاعداد
باحث / علي السيد رمضان عبد العظيم
مشرف / أحمد علي عبد الحي ديهوم
مناقش / طه عوض غازي
مناقش / محمد منصور حسن حمزة
تاريخ النشر
2024.
عدد الصفحات
458ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2024
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قســـــــم فلسفة القانون وتاريخه
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 458

from 458

المستخلص

ملخص الرسالة
إن أي نظام قانوني لا يمكن التعرف عليه إلا من خلال معرفة تاريخه، فالدراسة التاريخية تساعد وبلا شك على حسن فهم النصوص والنظم المعاصرة، فالماضي والحاضر يرتبطا ارتباطًا وثيقا، والنظم والتشريعات المعاصرة ما هي إلا نتاج تطور الشرائع القديمة. ويعد نظام التعاقد من أكثر الأنظمة القانونية أهمية في الحياة العملية فهو الركن الأساسي لنشأة الحقوق والالتزامات، لذا كان من الضروري البحث في نشأته التاريخية والوقوف على أهميته وآثاره في عصرنا الحالي.
فقد تآثر نظام التعاقد طوال عصور الحضارة الرومانية بطبيعة النظم الاجتماعية والاقتصادية والدينية السائدة، فقد كان نظام التعاقد لدي الرومان في طوره الأول محصوراً في نطاق ضيق وكان التعاقد بين شخصين أمراً نادراً عندهم، لذا اهتم الرومان به وفقاً لإجراءات ومراسم دينية حتي يصبغ بالإلزام، حيث كان مبدأ الشكلية هو السائد على نظام التعاقد في ذلك الوقت، وبذلك يمكن القول أن مجلس العقد خلال تلك المرحلة كان قائما علي أساس من تلك الشكلية البحتة، وهو ما يبدوا من خلال قيامه بين المتعاقدين في مكان وزمان واحد، ومن حيث طريقة التعاقد فيه من خلال استخدام المتعاقدين لصيغ شكلية محددة يصب فيها الإيجاب والقبول، ومن ثم فإن عناصر مجلس العقد خلال المرحلة الأولي للتعاقد في القانون الروماني كانت تقوم علي وحدة المكان ووحدة الزمان فضلاً عن الطريقة الشكلية المحددة لبدء المجلس، فإذا اختلف المكان أو الزمان أو استخدم أحد المتعاقدين طريقة مختلفة عن الصيغة الرسمية المقررة يعتبر مجلس العقد منفضاً بين المتعاقدين، وأيضا خلال تلك المرحلة لم يكن لمجلس العقد إلا نوعاً واحداً وهو مجلس العقد بين حاضرين أي أنه يلزم حضور المتعاقدين في مجلس العقد حضوراً حقيقياً، حيث لم يعرف القانون الروماني خلال تلك المرحلة مجلس العقد بين غائبين، وكان يترتب على ذلك انعقاد العقد فور صدور الإيجاب والقبول والصيغ الشكلية المطلوبة من جانب المتعاقدين .
ومع تطور القانون الروماني خلال المراحل المتأخرة من الحضارة الرومانية القديمة ظهرت عقوداً جديدة حل فيها مبدأ الرضائية محل ما كان سائدا من شكلية مفرطة، كما أنها لا تحتاج إلي حضور المتعاقدين في مجلس العقد بل ينعقد مجلس العقد سواء بين حاضرين أو بين غائبين، ويلاحظ هنا أن مجلس العقد قد أصبح أوسع مفهوما بحيث يستوعب التعاقد بصورتيه بين الحاضرين والغائبين، كما أصبح من الجائز أن يعلن الموجب سحب إيجابه مادام لم يقترن بقبول متوافق معه من قبل القابل سواء كان التعاقد بين حاضرين أو بين غائبين، كما يحق للقابل خيار قبول الإيجاب أو رفضه في المجلس، ومن ثم لم يشترط القانون الروماني بعد تطوره الفورية في إصدار الإيجاب والقبول بل أعطى للمتعاقدين فرصة للتروي والتفكر قبل انعقاد العقد، وإن كانت هذه الفرصة مقيدة بمقتضيات العدالة، حيث إذا صدر الإيجاب من الموجب ولم يرجع فيه وقبله القابل انعقد العقد، ويلاحظ هنا أن القانون الروماني لم يعرف خيار المجلس طيلة عصوره.
أما الشريعة الإسلامية فهي تقوم على مبادئ مخالفة لمبادئ القانون الروماني، حيث قام نظام التعاقد بها على أساس من مبدأ الرضائية وورد فيه الكثير من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية المطهرة، فالمتعاقدان يلتزمان بما تم الاتفاق عليه برضائهما المجرد عن الشكليات، ويرجع ذلك إلى أن قواعد الشريعة الإسلامية ترتكز على مبادئ أخلاقية، كما أن مبدأ سلطان الإرادة يتسق مع تصور الفقهاء المسلمين للعمل القانوني.
كما أن الشريعة الإسلامية لا تعرف مجموعة خاصة من العقود، ولكنها وضعت نظرية عامة تجمع الأساس والقواعد العامة للحفاظ على الحقوق والالتزامات المتفق عليها في العقود المبرمة بين الناس، وقد برزت عناية فقهاء المسلمين في مجال التعاقدات حيث فصلوا مجملها وأسسوا لأحكامها ونظموا قواعدها ونظرياتها، ومن ثم تبلورت نظرية مجلس العقد لدي فقهاء الشريعة الإسلامية، من حيث تحديد عناصره وشروطه وآثاره، فمن الشروط الواجب توافرها لقيام المجلس وصحته حضور المتعاقدين في المجلس حضورا حقيقياً أو حكمياً وبدء الانشغال بالتعاقد وإصدار الإيجاب من الموجب والعلم به من قبل القابل، وترتب علي قيام وصحة المجلس خياري الرجوع والقبول وانعقاد العقد وخيار المجلس وانفضاضه، فقد أباحت الشريعة الإسلامية للموجب بالرجوع عن إيجابه قبل صدور القبول من الطرف الآخر، وأباحت أيضاً للقابل أن يقبل بالإيجاب الموجه إليه من قبل الموجب أو يرفضه، فإذا صدر الإيجاب مكتمل وبه كافة شروطه ثم قبله القابل وكان الإيجاب الصادر من الموجب متوافقاً مع القبول الصادر من القابل ترتب علي مجلس العقد هنا انعقاد العقد، وبالتالي يحق لكل من المتعاقدين إمضاء العقد أو فسخه وفقاً لخيار المجلس الذي ينتج عن انعقاد العقد في الفقه الإسلامي.
وبناءً على ما سبق يتضح أن القانون الروماني يفتقر إلي وضع نظرية عامة تجمع شتات ما يتعلق بالعقد ومجلسه، حيث أن فقهاء الرومان قد عالجوا الجزيئات الدقيقة التي تتعلق بالعقد دون أن يضعوا قاعدة عامة تندرج تحتها هذه الجزئيات، بينما الفقه الإسلامي حينما تعرض للعقد بجزئياته وقواعده امتاز بتكوين نظرية عامة تتعلق بالعقد بما فيها مسألة مجلس العقد وأحكامه، وبذلك تفوق الفقه الإسلامي على القانون الروماني في نظرية العقد ومجلسه.