الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص منحَ الدستورُ للمُشرِّع سُلطةَ تنظيم القواعد الإجرائيَّة لا سيَّما أنها - على عكس غيرها من القواعد - تتمتَّعُ بالمرونة، وكذلك تتمتَّعُ بقابليَّتِها للتغيير؛ كونها تتأثَّر بالتطوُّر الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ داخل المُجتمع؛ لذلك نصَّ الدستور على مُكنة تنظيمها من جانب المُشرِّع، وذلك في إطار قانون الإجراءات، هذا إذا ما اقتضتْ الحاجةُ لذلك. تجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ قوانين الإجراءاتِ المدنيَّةَ - سواءً في فرنسا أم في مصر أم العراق - ومنذ صدورها، قد تناولتْ بالتَّنظيم العديدَ من الإجراءات، وتركتْ البعضَ الآخر منها دون تنظيمٍ، على أنْ يتمَّ تنظيمُها كلٌّ في الإطار الذي يحكمُه، وفي حدود عمله واختصاصه. وعلى الرَّغم من قدر المُرونة التي تتمتَّعُ بها هذه الإجراءاتُ في إطار الاختصاصِ الذي منحه لها المُشرِّع فإنَّ ذلك شكَّل عدمَ وضوحٍ في الإجراءات من جهةٍ أخرى، لا سيَّما أمام القضاء الذي وَجد صعوبةً في إيجاد القاعدة القانونيَّة الواجبة التَّطبيق على النِّزاع المعروضِ أمامه، حيث واجهَ القضاءُ كثيرًا من الصُّعوبات في حلِّ العديد من القضايا التي تُعرَضُ عليه في كافة المجالات وما يُصاحبها من تغييرات، ممَّا فتح المجالَ واسعًا لاجتهاد القضاء. هذا الأمرُ جعلَ المُشرِّع يُحاول استدراك ذلك؛ باللجوء لقواعد كلٍّ من القانون المدنيِّ حينًا والقانون الإداريِّ حينًا آخر، لا سيَّما فيما يخصُّ القواعدَ الإجرائيَّة، ناهيك عمَّا حاول تجسيدَهُ للأفراد من حقوقٍ. ولعلَّ أهمَّ هذه الحقوق هو حقُّ الدفاع؛ من خلال إحاطته بضماناتٍ قانونيَّةٍ وقواعدَ إجرائيَّةٍ تكادُ تكونُ مُتكاملة، وتبعثُ الطمأنينةَ في نفوس الأفراد للجوء إلى القضاء. غير أنَّ هذه الإجراءاتِ في بعض الأحيان لم تُؤْتِ ثمارَها، كذلك على الرَّغم من هذا السعي في الاجتهاد فإنها لم تُؤَدِّ الغرضَ منها؛ نظرًا للتباطُؤ والتأخير في اتِّخاذ القرارات والأحكام، الأمر الذي قد يضرُّ بمصالح المُتقاضين. |