Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
قضايا الفكر الإسلامي في مؤلفات الدكتور مصطفى الشكعة/
المؤلف
إبراهيم، عبير عبد الستار محمد
هيئة الاعداد
مشرف / عبير عبد الستار محمد إبراهيم
مشرف / إبراهيم محمود عوض
مشرف / محمد إبراهيم أحمد الطاووس
مناقش / إبراهيم محمود عوض
مناقش / محمد إبراهيم أحمد الطاووس
تاريخ النشر
2023
عدد الصفحات
179ص؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
الآداب والعلوم الإنسانية (متفرقات)
تاريخ الإجازة
1/1/2023
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 180

from 180

المستخلص

هذا البحث هو نافذة مُطِلَّة على رائد من رواد الفكر في العصر الحديث وهو الدكتور مصطفي الشكعة، فقد عَرَفَتْهُ الجامعةُ أستاذًا للفكر الإسلامي وللأدب العربي، وعميدًا لكلية الآداب، وعَرَفَتْهُ المجامعُ الثقافية مؤلفًا عميق النظرة، واسع الاطلاع، دائم البحث عن الحقيقة، وخير شاهد على ذلك ما حَفَلَتْ به المكتبةُ العربية والإسلامية من كتبِه.
أراد هذا البحث أنْ يُلقي الضوء على فكر داعية من دعاة الإصلاح، هذا الداعية الذي اهتم بما يشغل أمته، وعانى مِمَّا عانت منه في كثير من القضايا، ولعل أهم هذه القضايا وأخطرها قضيةُ الخلاف المذهبي التي أَلَّفَ فيها كتابه الشهير ”إسلام بلا مذاهب”، هذا الكتاب الذي طارت شهرته في أرجاء العالم الإسلامي حتى أُعيد طبعه عدة مرات، ولعل الصدق والإخلاص الذي ظهر منه في تأليفه لهذا الكتاب وبغيته الصادقة في لم الشمل ورأب الصدع - كانت سببًا واضحًا في شهرته.
فقد نادى في هذا الكتاب إلى الإسلام كما أنزله ربُّ السماء لهداية الناس إلى خالقهم، ونشر راية العدل والسلام، التي تسع العالم أجمع دون تفرقة بين أبيض أو أسود إلَّا بالتقوى والعمل الصالح، فكان يسعى إلى رد المسلمين إلى موردهم الأول، الإسلام في بدايته، إسلاما خالصًا من الشوائب التي عَلقت به فعطّلت مسيرته، تلك التي فرَّقت المسلمين، وجعلتهم فرقًا متناحرة، كل فرقة تستبيح دم الفرقة الأخرى، فهذه الخلافات كانت الباب الأول لتفريق المسلمين التي استغلها أعداء الأمة؛ لضربها، ونهب ثرواتها وخيراتها، مذاهب مختلفة وعقائد متجددة في ظل دين واحد ورسول واحد يستغلها أصحاب النيات السيئة والمقاصد الدنيئة في ضرب المسلمين بعضهم ببعض، ونحن ما زلنا نتوارث هذا الخلاف في كتبنا؛ فالشيعة يفسقون مَنْ لا يفضل عليًّا على باقي الصحابة، وغيرهم يحكمون بالضلال على مَنْ يُقَدِّمُ عليًا على أبي بكر وعمر، وتشتد الخصومة في غير موضع.
وهذا ما دعا الدكتور الشكعة لتأليف كتابه ”إسلام بلا مذاهب”؛ لرأب الصدع المذهبي، وخصوصًا بين السنة والشيعة، الأمر الذي أدَّى إلى تقسيم الإسلام في عالمنا الإسلامي إلى”إسلامات” يكفر بعضُها بعضًا، ويُعادي بعضُها بعضًا، في الوقت الذي تتحد فيه ”القوى المتناقضة” لضرب الإسلام والمسلمين، فإذا نظرنا إلى حاضرنا في العالم الإسلامي نجد أنَّ جُلَّ الحروب الدائرة في العالم على أراضٍ ينتسب سكانها للإسلام، وأنَّ أكثر الدماء المستباحة هي دماء المسلمين.
أَلَّفَ الدكتور الشكعة هذا الكتاب في محاولة منه لتأليف القلوب، وتوحيد الصف الإسلامي، فقد كان حريصًا على أنْ لا يخدش شعور أحد من هذه الفرق الإسلامية التي تباينت بين الاعتدال والغلو، مع حرصه على ذكر الحقائق كاملة، والتزامه بمنهجه الذي أخذه على نفسه في استخدام الكلمة الطيبة في إبانة وجوه الخلاف ليس لتفريق الكلمة، وإنَّما ليعيد كل فريق النظر في نقاط الخلاف، وهي قليلة، بين الفرق المعتدلة التي هي الغالبية الكبرى من جمهرة المسلمين، ويستحضر نقاط الاتفاق، وبهذا سوف يجد المسلمون أنفسهم قريبين من بعضهم بأكثر مما يتصورون، وحينئذٍ يجتمع الشمل، وتتوحد الكلمة، ويلتئم الصف، ويصير الجميع بنعمة من الله إخوة متحابين.
الدكتور الشكعة صاحب ”البيان المحمدي”، الذي كانت همته فيه منصرفة إلى شرف معايشة بيان الرسول ، فتحدث فيه عن سماته وشمائله في الجاهلية والإسلام، كما تناول فصاحة النبي  وبلاغته وأدب الحوار في كلامه، وعن كتبه ورسائله إلى الملوك والقياصرة والأكاسرة ورؤساء القبائل، وألقى الضوء على عهد الرسول ومعاهداته التي كانت تتمتع بالصدق والأمانة والوفاء شكلًا وموضوعًا ونصًّا وروحًا، وخاصة معاهدة المسلمين واليهود في المدينة، تلك المعاهدة التي نشأتْ على أساسها دولة المدينة التي قامت على أساس المواطنة الإسلامية، كما تناول الكتاب صلح الحديبية، وخطب الرسول، وأدعيته الروحية، واستغفاره، وتسبيحه، وابتهاله، بالإضافة إلى حديثه عن أسلوب القرآن وأسلوب النبي ، وعن علاقة الرسول بالشِّعر والشُّعراء، وفي تأليفه لهذا الكتاب لاحظ أنَّ الجهودَ قد تلاحقت في تسجيل السيرة العطرة، ولكن جانب البيان المحمدي كان ولا يزال في حاجة إلى مزيد من الجهود لإبانته، وكان يقول: ”إذا كانت السيرة العطرة في جوانبها المتعددة قد لقيت اهتمامًا من العلماء فرووها، ومن المؤرخين فسجلوها، وتسابقت الأجيال في روايتها، وتلاحقت الجهود في الحفاظ عليها، إلَّا أنَّ البيان المحمدي في حاجة إلى المزيد من الجهود لإبانته وتجليته”.
اهتمَّ الدكتورُ الشكعة اهتمامًا كبيرًا بالتأريخ للفقه الإسلامي، واختصَّ من بين فقهاء الإسلام الأئمة الأربعة الإمام أبا حنيفة، والإمام مالك، والشافعي، وابن حنبل، فألف كتابه ”الأمة الأربعة”، ويقول: ”حين أخصُّ هؤلاء الأربعة بالدراسة، فإننا لا نغض من شأن أئمة آخرين أصحاب فكر ودين، اهتدى الناس بعلمهم أزمنة طويلة؛ منهم: الأوزاعي، والليث، والطبري، وداوود الظاهري، ولا ننسى إمامين جليلين من أبناء بيت النبوة؛ هما: جعفر الصادق بن محمد الباقر، وزيد بن علي زين العابدين، وإنَّما وقع الاختيار على الأئمة المعروفين؛ لأنَّهم القدوة لجمهرة المسلمين، وفي حياة كلٍّ منهم من الأحداث والسلوك والاجتهاد والتضحية ما يجعل منه قدوةً للعلماء والعامة على وجه سواء، فقد كان كل إمام من الأئمة الأربعة صاحب مدرسة غَنِيَّة بالطلاب، وكانت هذه المدارس أقرب ما تكون إلى المجامع العلمية أو الأكاديميات بلغة عصرنا الحديث، فقد كانت تدور فيها المناقشات، وتتنوع أساليب الحوار في الموضوع الواحد، وكانوا أصحاب مدارس بحث علمي وتمحيص فقهي، وكل حلقة خرَّجت عددًا من الفقهاء العظام.
ولم يكن الأئمة قدوة في العلم والمعرفة فحسب، بل كانوا يمثلون القدوة الصالحة في كل شيء متصل الأسباب بالدين والحكم والسلطة والحياة، وكانوا أئمة في العلم والدين والخُلق والتعفف والترفع عن الصغائر، والدكتور الشكعة في تأليفه عن الأئمة الأربعة بَذَلَ جهدًا واضحًا في التعريف بكل إمام: حياته، وتحصيله، وشيوخه، وعلمه، وفقهه، وكتبه، وتلاميذه، وقد كان يرجو من وراء ذلك أنْ يهتمَّ الناشئةُ من أبنائنا، وأنْ يعرفوا عن دينهم وأئمتهم، وأنْ يقفوا على نماذج فريدة من العلماء ومناهج رائدة في البحث الديني والنهج الإسلامي، وسبل التخريج وأنماط الاستنباط؛ فيطمأنوا إلى أنَّه كانت هناك حياة ثقافية نامية في ظل العقيدة، ومناهج علمية رائدة في رحاب الإيمان، وأنَّ التدين منطقٌ وعدلٌ، وأنَّ الإيمان عقل وانفتاح، وعليهم أن يعوا جوهر عقيدتهم، ويقرأوا تاريخ رجالهم، ويسلكوا سبل أئمتهم؛ لينجوا من محن عصرهم.
وكان علم هؤلاء الفقهاء منارةً يهتدي بها مَنْ أراد الوصول إلى صحيح الدين، وكان في اختلافهم في بعض القضايا والفروع رحمةٌ للمسلمين، فالإجماع على أمر واحد من فروع الدين مستحيل، بل هو يتنافى وطبيعة هذا الدين، الذي أراد الله له أن يخلد ويبقى ويساير العصور، فهو سهل ليّن لا جمود فيه، ولا تشديد، فكان اختلاف البيئات يؤدي إلى اختلاف التطبيق، فالإمام الشافعي أفتى بالقديم في العراق، وبالجديد في مصر، وهذا الإمام مالك عندما أراد المنصور أنْ يحمل المسلمين على الأخذ بالموطأ دون غيره رفض الإمام مالك، وقال: ”إنَّ أصحاب رسول الله  تفرقوا في الأمصار، وعند كل قوم علمٌ، فإذا حملتهم على رأي واحد تكون فتنةً، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يخالف بعضُهم بعضًا في الإفتاء دون أن يوقع هذا الخلاف اختلافًا في القلوب، فكثيرًا ما يكون الاختلاف لا لغموض الموضوع، بل يكون لأنَّ كلا المختلفين لم يعرف وجهة نظر الآخر.
إنَّ نظرة متعمقة في نفس الدكتور الشكعة نراه في كل كتاباته يَحِنُّ إلى الماضي البعيد، إلى مجد أمتنا التليد، الذي كنا فيه سادة العالم بديننا، ومبادئه الأخلاقية التي أنارت العالم بالعلوم والآداب والرياضة والفلسفة، التي لولاها لما تألق للغرب المعاصر نجمٌ، ولا سطع له نورٌ، ولا بزغت له شمسٌ، فالحضارة الإسلامية في مسيرتها عرفت قرونًا وعصورًا، من التنوير الفكري والعطاء العلمي في ظل العقيدة الإسلامية التي أعطت العقل المسلم قناعة الإيمان الواضح والأخلاقية الإيمانية، الملتزمة بتعاليم الإسلام ومبادئه.
وكان يحتفي احتفاءً كبيرًا بعلماء الإسلام صانعي هذه الحضارة، فكان لا يمل من ذكرهم، وتكرار إنجازاتهم، وما قدموه للبشرية من علم نافع في جل كتبه.
وكان يدعو الشباب إلى عدم الاتكال على الرصيد الإسلامي الضخم للحضارة الإسلامية، وما خلفوه لنا، بل علينا أنْ نقتدي بهم، ونكمل مسيرتهم في طلب العلم والمعرفة مع الأخذ من الحضارة الغربية ما يتفق ويتلاءم وظروفنا وديننا وقيمنا الإسلامية، تلك القيم التي كان يعيش في حماها المسلم وغير المسلم في دُنيا تظللها سماحةُ الإسلام التي فاضت على العالمين نورًا وهاجًا، يضيء، ولا يحرق، تنشر العدل، ولا تميل إلى العدوان، تبسط السلام، ولا تجنح للحرب.
دوافع البحث في هذا الموضوع:
ترجع أهميةُ هذا البحث إلى حاجة الأمة العربية والإسلامية إلى نماذج من أمثال الدكتور ”مصطفى الشكعة”، وإلقاء الضوء على ما قدموه من أبحاث وأفكار تخدم قضايا أمتهم، خاصة تلك القضايا التي أجهدت الأمة الإسلامية، وأدَّت إلى تخلفها وتناحرها، وأعني بذلك مسائل الخلاف المذهبي، الذي كان له يد طُولَى، وباع كبير، في تضييق هوة الخلاف بين الأمة الإسلامية، ومحاولة التقريب بينهم بعيدًا عن التعصب المذهبي الذي أورد الأمة الإسلامية الموارد.
كما أنَّ الدكتور الشكعة كان مِمَّنْ أجرى قلمَه للدفاع عن الإسلام، ومناهضة المستشرقين، ودَأَبَ طوال حياته على تعليم اللغة العربية لغة القرآن، ولما كان الدكتور الشكعة نموذجًا من هذه الفئة من العلماء المعنية بقضايا أمتنا، وما قَدَّمَهُ من أعمال وخدمات؛ وقع اختياري على شخصيته.
الصعوبات المتعلقة بالبحث:
من الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث صعوبةُ الحصول على كلِّ أعمال الدكتور ”مصطفى” من كتب ومقالات صحفية؛ إذ إنَّه -رحمه الله- تولت نشر كتبه دور نشر ومكتبات كثيرة؛ منها:
 عالم الكتب. بيروت - دار العلم للملايين. بيروت.
 دار الكتاب المصري اللبناني. القاهرة - الدار المصرية اللبنانية.
 مكتبة الأنجلو مصرية - مكتبة مصطفى البابي الحلبي.
 وزارة التربية والتعليم - وزارة الثقافة وغيرها.
ولقد اجتهدت في الحصول على أغلب كتب الدكتور الشكعة.
الدراسات السابقة:
لا توجد في حدود بحثي وتحقيقي دراسات سابقة عن الدكتور مصطفى الشكعة.
منهجية الدراسة:
سوف أتتبع عن طريق الاستقراء آراء الدكتور الشكعة في أهم القضايا التي عرضها في كتبِهِ ومقالاته الصحفية، ثم أذكر هذه الآراء مع تحليلها.