Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مفهوم الأصولية في الفكر الديني ودوره في الصراع السياسي المعاصر /
المؤلف
حماد، باهر عبد العظيم السيد حنفي،
هيئة الاعداد
باحث / باهر عبد العظيم السيد حنفي حماد
مشرف / أنور مغيث
مشرف / حسن طلب
مشرف / حسن طلب
الموضوع
الصراع السياسى. الفلسفه الحديثة.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
431 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة حلوان - كلية الاداب - فلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 431

from 431

المستخلص

المقدمة:
إن العودةَ القويةَ للظاهرةِ الدينيةِ، وتجلياتِها المتمثِّلة في الجماعاتِ الأصوليةِ، لظاهرةٌ تستوجبُ الدرسَ والتحليلَ؛ فالكثيرُ من تلك الجماعاتِ تمكنَ من الوصولِ إلى سُدَّةِ الحكمِ في كثيرٍ من الأقطار العربية، ففي مصرِنا وصلَ تنظيم الإخوان إلى السلطة في يونيو 2012 عقبَ ثورةِ الشبابِ في 25 يناير 2011، إلا أن حكمَهم لم يستمر كثيرًا؛ إذ اندلعتْ تظاهراتٌ شعبيةٌ حاشدةٌ ضدَّهم في 30 يونيو 2013، ليتمَّ عزلُهم من الحكمِ.
فيما سيطرت جماعات أخرى على مساحاتٍ واسعة من الأقطار العربية، كما كان الحال في سوريا والعراق، حيثُ تنظيمات ”داعش” و”جبهة النصرة”، و”أنصار الله” المعروفة بالحوثي في اليمن، وكذلك هيمنتْ حركةُ ”حزب الله” على المشهدِ اللبنانيِّ، والنفوذ العسكري القوي لحركة ”حماس” التي تسيطر على قطاع غزة الفلسطيني منذ العام 2007، وحركة ”طالبان” في أفغانستان.
ولكي نستطيعَ الوقوفَ على أسبابِ ظهورِ الجماعات الأصولية، بحثنا عن أسبابِ نشأةِ المصطلحِ، وكيف أن الأصوليةَ هي في الأساسِ مذهبٌ دينيٌّ انبثقَ عن المذهبِ البروتستانتيِّ، كردةِ فعلٍ على انتشارِ أفكارِ الحداثة التي طبَّقتْ مفاهيم العلم الحداثية، والمذاهب النقدية على الكتاب المقدس، لينتج عن ذلك إخراج العديد من القصص والروايات في الكتاب المقدس، وكذلك إنكار العديد من المعجزات.
إن كلمة أصولي أو جماعة أصولية لم تجد لها مساحةً واسعةً في المجتمعاتِ العربية من حيث التسمية؛ وذلك لأن تلك الجماعاتِ لم تكنْ ترتضي بذلك المسمى؛ لكونه رافدًا غربيًّا مسيحيًّا، وكانوا يجدُون غايتَهم في لفظةِ سلفيٍّ، نسبةً إلى السلفِ الصالحِ، أو القرون الثلاثةِ الأولى التي أعقبتِ النبيَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم.
طرحَ البحثُ تساؤلًا حول: من هم الجماعة الأصولية وكيف يمكن تحديدهم؟
إن التعريف الأقرب إلى الدقة أن الأصولية، هي كل جماعة حددت مورثًا دينيًّا لها، وأضفَتْ عليه مبدأ السلطة والإلزام، ورأت في ذلك الموروث إجاباتٍ تتعلقُ بجميع التفاصيل التي تخص الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والحياتية لأفرادها. أما الإجابة عن سؤال كيف يمكن تحديد تلك الجماعة، فقد حاولنا وضع محدِّداتٍ ثلاثةٍ للجماعة الأصولية، أولها أن يكون هناك موروث ديني لها، وأن تضع في ذلك الموروث مبدأ السلطة والإلزام، وأن تبجل ذلك الموروث، وتأخذ تعاليمه وأحكامه على محمل الجد.
لعب الأصوليون اليهود، دورًا بارزًا في تأسيس دولة إسرائيل على أراضي فلسطين المحتلة، وهذا الدور تبلور أكثر بعد التماهي الذي نجح الحاخام إبراهام بتسحاق كوك، في إحداثه مع الحركة ”الصهيونية” العلمانية؛ إذ أقنع بعض الأصوليين بأن ما تقوم به الحركة الصهيونية من تشجيع للاستيطان في أرض فلسطين، إنما هو عمل في جذوره خلاص، وذلك لأن الحاخامات اليهود كانوا يرون أن خلاص شعب إسرائيل يكون بعمل إلهي لا تدخلَ فيه من أحد، وعرف التحالف الذي دشنه الحاخام إبراهام بتسحاق كوك، بـ”الأصولية الصهيونية”.
الوضع كذلك كان في أمريكا؛ إذ لعب التيار الأصولي المتمثل في ”الإيفانجليكية” دورًا في المشهد السياسي الأمريكي، وبالفعل نجح في دعم العديد من الرؤساء الأمريكان في الوصول إلى البيت الأبيض، بينهم رونالد ريجان، وجورج بوش.
أما الجماعات الأصولية الإسلامية، فجميعها كان يستهدف إقامة دولة إسلامية أو خلافة إسلامية، وجميعها يجنح إلى العنف، إلى جانب استخدامهم مبدأ الحاكمية، كأصل في إقامة مشروعهم، على الرغم من أن الحاكمية ما هي إلا مناورة سياسية، لجأ إليها أنصار معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، لوقف الانتصارات التي كان يحقِّقها الإمام علي بن أبي طالب عليهم في معركة صفين، حتى إن كتب التراث أوردت عن الإمام علي أنه رفض فكرة التحكيم ودعا أنصاره إلى عدم الالتفات لها، لكن أنصاره رفضوا ذلك وأجبروه على القبول بالتحكيم والانصياع لحكمه.
استُخدِم المصطلح بعد ذلك من قبل ”الخوارج”، وبعد اندثاره لفترة طويلة، استدعاه المفكر الهندي أبو الأعلى المودودي، وجاء من ورائه سيد قطب، الذي توسَّع أكثر في استخدام المصطلح، وأضفى عليه المزيد من التشدد.
لقد سعينا طوال الوقت إلى الإجابة عن تساؤلات، بينها: هل مع وجود نماذج عديدة للأصولية الإسلامية، ووصولها إلى السلطة مثل الوهابية والمهدية والسنوسية، وغيرها، نجحت تلك النماذج في خلق مجتمعات متقدمة وحديثة؟ وهل قدمت الأصوليات بديلًا مقنعًا للحداثة؟ وهل نجحت الأصوليات التي وصلت إلى السلطة في أن تكون نموذجًا يحتذى من الأصوليات الأخرى؟
هل هناك مجتمعات مثالية فعليًّا، على الرغم من أن ذلك يتنافى بشكل كبير مع الطبيعة البشرية التي تجنح طوال الوقت إلى الشهوة وتتراوح أفعالها ما بين الخير والشر، حتى القرون الأولى التي أعقبت النبي محمدًا، ويراها الأصوليون مجتمعًا مثاليًّا، شهدت العديد من الحروب والفتن، والتي على رأسها مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان والرابع علي بن أبي طالب؟
إن مفاهيم القومية والإثنية والهويات من الأمور التي تردد استعمالها كثيرًا خلال الفترة الماضية، ولاحظنا تشابهًا في المجال البنيوي لكل من الأصولية والقومية، فكلتا الفكرتين نشأتا نتيجة الشعور بأزمة، كما يتشابه الأصولي والقومي في العديد من السمات، فكلاهما يجنح إلى العنف، ويرفض الآخر ويمارس ضده إجراءات قاسية.