Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
منهج المستشرقين في دراسة الإلهيات عند المعتزلة /
المؤلف
عبد الله، سيد عبد الله محمد.
هيئة الاعداد
باحث / سيد عبد الله محمد عبد الله
مشرف / أحمد عرفات القاضي
مشرف / عادل سالم عطية
مشرف / عادل سالم عطية
الموضوع
qrmak
تاريخ النشر
2023
عدد الصفحات
271 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
11/1/2023
مكان الإجازة
جامعة الفيوم - كلية دار العلوم - الفلسفة الإسلامية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 270

from 270

المستخلص

علم الاستشراق ودوره في دراسة علم الكلام
1 – 1 ظهور علم الاستشراق:
ظهرت كلمة مستشرق orientalist في إنجلترا عام 1779م، وبعدها بعقدين في فرنسا 1799م وأُدرجت كلمة ”الاستشراق” orientalism في قاموس الأكاديمية الفرنسية عام 1838م( ). وقد وقف هؤلاء المسشرقون أنفسهم على دراسة الشرق( )، ولغته وتاريخه وسائر أحواله( ). وقد مر الاستشراق بمراحل تطور، لكن المستشرق ”ستيفان ليدر” وهو من نقاد الاستشراق لا يسمّيها مراحل الاستشراق؛ لأنها متداخلة ولا تشكل تسلسلًا زمنيًا تدريجيًا واضحًا، بل يسميها حركات، ويفرق بين أربع حركات أو تيارات في تطور الدراسات الاستشراقية، هي( ):
الحركة الأولية تسيطر فيها الأسطورة ولا يوجد مفهوم التأريخ.
والحركة الثانية، تأثر الاستشراق فيها بالمذاهب، مثلَ الإنسانوي( ) والعقلاني والمذاهب التالية له.
والحركة الثالثة، جعلت الدراسات الشرقية فنًّا من الفنون الأكاديمية في سياق الفيلولوجيا وفي ألمانيا خاصةً الإنسانوية الجديدة.
والحركة الرابعة الحالية، وهي تطور النقد الذاتي ونشأت فيها المنهجيات ووسائل التعامل. والكلام الشديد النقد للاستشراق يتركز على الثلاث حركات الأولى.
إن الاستشراق له معنى أعم وأشمل، فالاستشراق أسلوب تفكير يقوم على التمييز الوجودي والمعرفي بين ما يسمى الشرق وبين ما يسمى (في معظم الأحيان) الغرب( )، ويمثل تيارًا فكريًا في دراسة بلاد الشرق، ويبحث عن علومه وعقائده وآدابه. وشملت كتابات المستشرقين حضارات الشرق وأديانه ولغاته وثقافته، وكانت نتيجة دراساتهم للشرق لصياغة تصور غربي عن العالم الإسلامي، يعبر عن خلفية الصراع الحضاري- القديم والحديث– بين الغرب والشرق( ).
ويرجع اهتمام المستشرقين بالفكر العربي الإسلامي أو بالثقافة العربية إلى القرن الحادي عشر الميلادي، ويلاحظ أن موقف أوربا الغربية من الثقافة العربية حينها، يحكمه عاملان متناقضان: الخوف العميق من جهة، والإعجاب (بالحضارة الإسلامية وتقدمها العلمي في الفلك والطب والرياضيات) من جهة ثانية، وعلى هذا الأساس بدأ التحصيل الأوربي المباشر وغير المباشر لعلوم العرب ولثقافتهم؛ ومن ثمَّ بدأت حركة النقل والترجمة من العربية إلى اللاتينية( ).
وقد عول بعض المستشرقين في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي على المراجع اللاتينية، وفى النصف الثاني من هذا القرن بدأت حركة الاستشراق نشاطها، وأخذت تبحث عن المخطوطات العربية، ومع هذا عول الفرنسي ”رينان” (1892م) في كتابه (ابن رشد والرشدية) على المصادر اللاتينية أكثر مما عول على النصوص العربية، وكان البحث متجهًا ناحية المشائين، ولم يتجه نحو الصوفية والمتكلمين إلا في مرحلة تالية( ).
فالاستشراق هو دراسة الغرب للشرق أو هو رؤية غربية للشرق قام بها باحثون غربيون في مختلف التخصصات والمجالات العلمية والفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والباحثون الغربيون الذين تخصص كل واحد منهم في مجال من مجالات الدراسات العربية والإسلامية اصطلح على تسميتهم باسم ”orientalists” ”المستشرقون”( ).
1 – 2 المقصود بالمستشرق:
المستشرق كل من يعمل بالتدريس أو الكتابة أو إجراء البحوث في موضوعات خاصة بالشرق( )، وتحدد دائرة المعارف الإسلامية معنى مستشرقين ”mustashrikin ” بالباحثين المتخصصين في علوم الإسلام والمسلمين وثقافاتهم ” الدراسات الشرقية ” ”oriental studies” كما خصص ذلك الفرع لدراسة الإسلام، والمجتمعات المسلمة وثقافاتها في المفهوم الأوسع للكلمة ( ) ” دراسات إسلامية ” ” Islamic Studies ”.
ويذهب المستشرق الألمانى ”رودى بارت”- في سنة 1986م - إلى دعوة المستشرقين إلى التخصصية في الدراسات الإسلامية بضرورة اتخاذ خطوات أكثر تركيزًا وتخصصًا، فإن الأستاذ الذى يمثل مادة الدراسات الإسلامية لابد أن يفرغ وقته كله ولا يكلف بتدريس لغات أخرى، والقصد من هذا أن نبين أن الدراسات الإسلامية (باللغة العربية لغة أساسية) قد استقلت تمامًا وأصبحت مادة قائمة بذاتها( ).
إن مفهوم ” المستشرق ” Orientalist ” في مجال الإسلام قد تغير بمفاهيم متعددة منذ بداية آخر القرن العشرين، وأنه في الوقت الحاضر كلمة ” مستشرقون ” mustashrikun في الدراسات الإسلامية يجب أن تفهم كتعبير عن كل المدارس الموضوعية المتخصصة في دراسة الإسلام، والمجتمعات المسلمة، وثقافاتها؛ سواء كان أصلها من الغرب أو من غيره أو من المسلمين أو من غيرهم، وسواء كان الباحثون يعملون في الغرب أو بمكان آخر. لكن هناك رأى آخر لأحد الباحثين المسلمين المحدثين: أنه إذا كان الاستشراق فكرًا غربيًا خالصًا عن الشرق أدبه وتاريخه وحضارته وعلومه، فلا يدخل فيه الشرقيون الذين عملوا في الجامعات الغربية من غير المسلمين كمسيحي الشرق في العصر الحديث، أمثال فيليب حتى، ألبرت حوراني، إدوارد سعيد، غسان سلامة وغيرهم. وكذلك عنده لا يعد المسلمون والعرب الذين تأثروا بالاستشراق والمستشرقين، وساروا على دربهم، ومناهجهم، من المستشرقين، أمثال: محمد أركون، وحسن حنفي، ونصر أبو زيد، ومحمد عابد الجابري، وغيرهم( ). وفى علم الكلام عامة ومن تحدث عن فكر مدرسة المعتزلة خاصة، محمد عبد الهادي أبو ريدة، وزهدي جار الله، وألبير نصري نادر، وإبراهيم مدكور.
إن الاستشراق كحركة فكرية واجتماعية وسياسية ضمَت كغيرها من طبقات المجتمع وفئاته الكاتب غير الموضوعي، الذى اتصفت دراساته بالتعصب والكراهية، والكاتب الجيد الذى ابتعدت مفاهيمه عن الذاتية الضيقة، والدس الرخيص، والذى امتازت مواقفه بالطروح العلمية المجردة، والأبحاث الأكاديمية المتخصصة بثقافة بلاد الشرق وعلومها المختلفة، سواء في الدين والسياسة، أو الاجتماع والاقتصاد( ).
ولم يقف أثر المستشرقين عند الغرب وحده، بل امتد إلى الشرق، فأخذ عنهم الشرقيون الكثير من آرائهم، وترجموا بعض كتبهم، وبدأوا يقتفون خطاهم ويسهمون بدورهم في إحياء مجدهم( ).
وهكذا أصبح الاستشراق عملًا أكاديميًا له تأثيره في وجهة النظر الغربية عن الشرق الإسلامي، فمنه الاستشارة وعليها توضع الخطط؛ بل تخطى التأثير الغرب، وانتقل إلى العقلية العربية في دراسة الفكر الإسلامي من حيث المناهج المتبعة أو بالاقتباس من أقوال المستشرقين، فكان من الضرورى دراسة منتجهم الفكرى عن تراثنا لنبين الموضوعى من غيره، ولكل دارس تخصصه، فكان الولوج إلى العقلية الاستشراقية في دراستها لفكر المعتزلة ذا أهمية كبيرة.
1 – 3 موقف الباحثين العرب من الاستشراق:
1 -3 -1 الموقف النقدي:
يرى الكتاب العرب المعارضون للاستشراق أنّ أعمال المستشرقين مهدت السبيل لطلائع الغزاة والمستعمرين والصهاينة، ليدخلوا البلاد، ويحكموا الشعوب ويزوروا الحقائق، باستثناء قلة من المستشرقين. وإن كانت تلك الأعمال قيدت عند البعض بمراحل معينة من مراحل الاستشراق (الاستشراق التقليدي) إلا أن الروح التي تتحكم في تلك الأعمال ما زالت مستمرة عند بعض المستشرقين، فليس كل الدراسات الغربية موضوعية ونزيهة وتخلو من الهوى النفسى( )؛ لأن الاستشراق يوصف من أحد نقاده بأنه أسلوب غربي للهيمنة على الشرق، وإعادة بنائه والتسلط عليه( )، فكان من الضرورى في أن يتعامل الباحث مع أفكار المستشرقين بقدر كبير من الحذر واليقظة، والتنبيه على الأخطاء، وتصحيح المفاهيم لكيلا يكون الاستشراق أداة لتكوين رأى عام ثقافى يرفض ذاته ومجتمعه وتراثه( ).
إن الاستشراق نشأ نتيجة علاقات التقارب الخاص بين فرنسا وبريطانيا من ناحية، وبين الشرق من ناحية أخرى( )، ومنذ بدايه القرن التاسع عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية كان لفرنسا وبريطانيا السيطرة على الشرق والاستشراق، وأما منذ انتهاء هذه الحرب فأمريكا هي التي تسيطر على الشرق، وتتبع في ذلك المنهج الذي كانت تتبعه فرنسا وبريطانيا ذات يوم؛ كما اختلفت مخرجات الاستشراق الألمانى عن غيره بعد الحرب العالمية الأولى وليست بعد الحرب العالمية الثانية؛ نتيجة زوال الأسباب السياسية بعد خسارتها لمستعمراتها في الشرق، وإهمال السلطة السياسية لأفراده، مما أدى إلى تحول الدراسات الاستشراقية في ألمانيا إلى علم مجرد عن الغرض تمامًا( )؛ لذلك اختلفت المناهج الألمانية في دراسة الشرق الإسلامي، وكانت أقرب للموضوعية من غيرها( ).
ظهر نقد من الرافضين غير الموضوعين و المنحازين ذروته في سيل من الكتيبات في سبعينيات القرن العشرين، فإن هذا النقد مطلوب؛ لكن التعميم فيه غير مسوغ وغير علمي، فالحقيقة أن هناك مستشرقين يخدمون الإمبريالية، لا تعني أن المستشرقين جميعا عملاء؛ كما لا تعني أن الاستشراق شر كله. وينظر المتشددين في العالم الإسلامي إلى دراسات المستشرقين كلها بوصفها مؤامرات من جانب المسيحيين واليهود؛ لتدمير الاسلام مع الاعتراف حقيقة أن بعض المبشرين عمل تحت رداء الاستشراق والنزاهة العلمية، فمنذ القرن السابع عشر والثامن عشر بدأ الباحثون الأوروبيون في الكلاسيكيات ينظرون الى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد باعتباره وثيقة تاريخية، هي نتاج مراحل تاريخية معينة يخضع للنقاش والنقد مثل الوثائق( ) - فكانت نظرتهم للتراث الإسلامي من الزاوية نفسها.
وقد ذكرت دائرة المعارف الإسلامية ملخصًا لتحليلات ”بيتر” R. Peter’s التي تمثل رد فعل نقدي من العرب المسلمين لدراسات المستشرقين عن الإسلام في دفاعهم عن الدين الإسلامي وتقسيم المستشرقين إلى طائفتين أو فريقين:
1 - أطلق على الطائفة الأولى من المستشرقين: ”غير المنصفين ” وأنهم يتكونون من أربع مجموعات – (تنصير المسلمين وسيطرة الصهيونية والتحكم العسكري وإضعاف العقيدة) – للطعن في الإسلام( ).
وتُتهم تلك الطائفة؛ بأنها تعمدت الدس والتشويش، وألحقت بعض أخطاء المسلمين بالدين نفسه، بغية إضعاف مواطن القوة، واغتنام أماكن الضعف واستفادوا من كل وسائل الإعلام والدعاية والمؤتمرات والتأليف والنشر والجامعات والمؤسسات التعليمية، للحط من شأن كل ما هو إسلامى وعربى، والثناء على المستشرقين وأعمالهم الإنسانية.
وكانت هذه الطائفة من المستشرقين لها دوافع ضد الإسلام واتخذت البحث العلمي في دراسة الإسلام وعلومه وسيلة لتحقيق غايات أخري تخدم بها مصالحها ودوافعها وإن كانت تهدف للتقليل من شأن الفكر الإسلامي بنقد غير موضوعي، أو برد كل فكرة إسلامية إلى مصدر خارجي، وسلبها من كل أصالة. وكانت تلك الطائفة تسلك سبيل الفكرة التقليدية السائدة من القرن الحادي عشر تجاه ما هو إسلامى.
انطلاقًا من المنهج الاستشراقى غير الموضوعى، الذى أدى إلى تشويه التراث الثقافى والحضارى للأمة الإسلامية لدوافع دينية وسياسية، اتجه المستشرقون إلى تشويه حقيقة الفلسفة الإسلامية، وإنكار أي دور للعقل المسلم في تطوير التفكير الفلسفى، أو في القيام بأية وظيفة فلسفية إزاء مشكلاته الخاصة، من خلال إنكار دور القرآن في نهضة الفكر الفلسفى( ).
والحقيقة أن الاستشراق ارتبط في بدايته بالحركة الصليبية، وأن المستشرقين الأول كانوا يعدون عملهم نوعًا من الكفاح ضد الإسلام والعروبة، لذلك كانت تقابل دراسات المستشرقين بالشك والريبة( ).
وهذه الطائفة من المستشرقين تتركز غالبية أعمالهم حول العقيدة الإسلامية، وأن الإسلام كما يبدو، هو نتيجة تأثيرات مختلفة تكون بعضها باعتباره تصورا وفهمًا أخلاقيًا للعالم ( ) (دراسة الإسلام كتابا ونبيًا) متأثرين بالمرحلة الأسطورية التي شكلها الغرب عن الإسلام، والمشوهة له وكان مصدرها يوحنا الدمشقى فصاغ ذلك الموقف الدكتور عرفان عبد الحميد بقوله: ”إن الاستشراق كمنهج عقلي لقاح من أبوين غير شرعيين، التبشير الذى خطط له، والاستعمار الذى غذاه لا زال يعمل من أجل الغرض الذى أوجد من أجله، ألا وهو تقويض أركان العقيدة الإسلامية”( ). وأنها طائفة كبيرة من المستشرقين تركز جهودها على مواضع الضعف في الدراسات الإسلامية ويبحثون عن شبهات حول الإسلام والمصادر الإسلامية( ).
وقد لخص الدكتور ألبير نصرى نادر سبب تعمق الموقف الاستشراقى التقليدي المنتقص من تراث الفكر الإسلامي العريق بقوله: ” واجهت أوربا الغربية الحضارة الإسلامية (بتقدمها في علوم الفلك والطب والرياضيات) بشعور من النقص والضعف وكانت التقنية الإسلامية متفوقة في أكثر من ميدان على التقنية الأوربية ”( ). فتلك الدراسات اللاهوتية المرتبطة بالكنيسة تتعامل مع الإسلام كعدو تقليدى؛ لأن كثيرا من هؤلاء المستشرقين قساوسة، ومن ثم يتعاملون مع الإسلام