Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المؤثرات الهيللينية في الفلسفة الرواقية:
المؤلف
عبد الباقي، أكرم جابر أبو بكر.
هيئة الاعداد
باحث / أكرم جابر أبو بكر عبد الباقي
مشرف / مدحت محمد نظيف
الموضوع
الفلسفة الرواقية. الفلسفة اليونانية.
تاريخ النشر
2023.
عدد الصفحات
189 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
3/4/2023
مكان الإجازة
جامعة المنيا - كلية الآداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 202

from 202

المستخلص

إن الفكر الإنساني أو الفلسفي عبارة عن سلسلة متصلة الحلقات، تمثل كل حضارة إنسانية حلقة من حلقات هذه السلسلة. وإن شئت فقل إنه تراثٌ إنساني مشترك تساهم فيه كل حضارة بقدرٍ معين – قل أم كثر– متأثرة بما سبقها ومؤثرة فيما تلاها. وإيمانًا من الباحث بهذا المنطلق جاء موضوع دراسته - المؤثرات الهيللينية في الفلسفة الرواقية - مؤيدًا له ومتوافقًا معه. حيث هدفت هذه الدراسة إلى: محاولة التماس وبيان الجوانب الفلسفية المختلفة التي تأثرت فيها الرواقية بالفلسفات السابقة عليها في الفترة المعروفة باسم العصر الهيلليني، وبيان دور هذه المؤثرات في تشكيل المذهب الرواقي. إلى جانب وضع المذهب الرواقي في مكانته التي يستحقها في تاريخ الفلسفة اليونانية بصفة خاصة وتاريخ الفكر الفلسفي بوجه عام، ودحض الادعاء القائل بأن الرواقية لم تأت بجديد في مجال الفلسفة، وأنها اقتبست كل مبادئها من المذاهب الفلسفية السابقة عليها مثل المذهب الميغاري والمذهب الكلبي ومذهب هيراقليطس ومذهب سقراط والمذهب الأرسطي وغيرها من المذاهب الفلسفية الأخرى، وذلك من خلال الوقوف على جوانب الأصالة والتجديد لديها. وأما عن أهمية موضوع الدراسة وأسباب اختيار الباحث له فتتمثل في محورين: المحور الأول هو الفلسفة الرواقية: وتتمثل أهميتها في أنها احتلت منزلة وطيدة في تاريخ الفكر الفلسفي تكاد تضاهي منزلة أرسطو ومدرسته المشائية، بل وتفوقها في بعض الأحيان خاصة في مجال الأخلاق العملية، حيث عاشت الإنسانية على المذهب الرواقي حتى أدركت المسيحية، ولبثت تتغذى منه بعدها حقبة من الزمان، بل إن تأثير الرواقية لم يتوقف عند حد الفكر الفلسفي في العصور الوسطي المسيحية، بل تجاوزه إلى الفكر الفلسفي لدى المسلمين وتخطى أكثر من ذلك حتى وصل إلى العديد من الفلاسفة المحدثين أمثال ديكارت، سبينوزا، ليبنتز، وغيرهم. كما تكمن أهمية الرواقية أيضًا في أنها فلسفة عملية واقعية ربطت بين النظر والعمل، بين المثال والواقع، بين معرفة الحق وتدبير الحياة. فقد قامت هذه المدرسة كي تسد حاجة عملية قبل أن تستجيب لرغبة نظرية؛ والرواقية بطابعها العملي هذا تصد عن الفلسفة سهام النقد التي طالما وُجِّهَت إليها لكونها مثالية أبعد ما يكون عن واقع الإنسان الذي يعيشه، حتى نظر الكثيرون إلى الفلاسفة على أنهم يعيشون في قصور عاجية في عالمٍ مثالي نسجوه من وحي خيالهم في مَعزِل عن واقع مجتمعاتهم؛ وبذلك تكون الفلسفة لا جدوى من دراستها، ولا نفع يعود على الإنسان من ورائها. ففلاسفة الرواق همهم الأول أن يجعلوا المعاني الفلسفية في متناول الجميع، وأن يقدموا للإنسان الحائر في مجتمعٍ شاعت فيه الفوضى والانحلال أساسًا أخلاقيًّا للسلوك ومبدأً راسخًا للحياة الفاضلة؛ فقد وظَّف الرواقيون الفلسفة لخدمة الإنسان، واستخدموها في حل مشكلات شعوبهم ومجتمعاتهم، بل وفي حل مشكلات البشرية جمعاء. فالعبارة التي أطلقها ”شيشرون Cicero” على سقراط بأنه ”أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض وأودعها المدن وأدخلها البيوت، وجعلها ضرورية لكل بحث في الحياة والأخلاق”، تنطبق أيما انطباق على الرواقيين. والمحور الثاني هو الفلسفة الهيللينية: وهي تلك الحقبة الفلسفية التي تمتد من طاليس وحتى أرسطو. وتتمثل أهمية هذه الحقبة في أنها شهدت بزوغ شمس الفلسفة اليونانية، بل ميلاد الفلسفة بوجه عام وذلك حسب ما يرى الغالبية من الباحثين في مجال الفلسفة ومؤرخوها. كما تتمثل أهميتها أيضًا في أنها شهدت ما عُرِف بالعصر الذهبي للفلسفة والذي شكله الثالوث الأبرز في تاريخ الفلسفة: سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، إلى جانب السفسطائيين.
أما عن المنهج الذي اتَّبعه الباحث في إعداد هذه الدراسة فيشتمل في الحقيقة على عدة مناهج مجتمعة تقتضيها طبيعة الدراسة، وهو المنهج التاريخي التحليلي المقارن النقدي.
وقد توصَّل الباحث من خلال دراسته إلى أن الفلسفة الرواقية بأقسامها الثلاثة الطبيعيات والمنطق والأخلاق تأثرت بالعديد من الفلسفات الهيللينية السابقة عليها عند أنكسمندريس وفيثاغوراس وهيراقليطس وسقراط والقورينائيين والكلبيين والميغاريين وأفلاطون وأرسطو، إلا أن هذا التأثر لا يعني أنهم لم يضيفوا أي شيء في مجالات الفلسفة المختلفة؛ فعلى العكس من ذلك أضاف الرواقيون الكثير من العناصر الأصيلة في مجال الطبيعيات والمنطق والأخلاق، كما فسروا بعض الأمور المتعلقة بها تفسيرات مغايرة لتفسيرات أفلاطون وأرسطو وغيرهم من الفلاسفة الهيللينيين. فلم يكن ذلك التأثر الرواقي بفلسفات السابقين سوى نقطة بدء انطلق منها زينون ورفاقه لتقديم مذهب فلسفي جديد، فريد من نوعه أثر في الفكر الفلسفي المسيحي والإسلامي في العصور الوسطى، بل أثر في العديد من الفلاسفة المحدثين أمثال ديكارت وسبينوزا وليبنتز وغيرهم. بل إن تأثيره مازال قائمًا حتى يومنا هذا في مجال الفلسفة وعلم النفس.