الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص إزاءَ تطوُّرِ سياسةِ المُشرِّعِ الإداريِّ وقضاء مجلسِ الدَّولةِ في مجال الرَّقابةِ على القراراتِ الإداريَّةِ المَعيبة، فقد افترض المُشرِّعُ الإداريُّ صحَّةَ وسلامةَ القراراتِ الإداريَّةِ التي تُصدرها الإدارةُ العامَّة، ولو كان القرارُ الإداريُّ في أصلهِ معيبًا، بما يترتَّبُ عليه من نفاذِ هذا القرارِ وسريانه وضرورة الالتزامِ بتنفيذِه. وتتأكَّدُ هذه القرينةُ بقاعدةِ تحصُّنِ القراراتِ الإداريَّة، بحيث إذا فات ميعادُ الطَّعنِ القضائيِّ على القرارِ الإداريِّ المَعيب فإن المُشرِّعَ قد ألزم قاضي الإلغاءِ بأن يُقرِّرَ صحَّةَ القرارِ الإداريِّ وسلامته من العيوبِ التي شابتْه تطبيقًا لتلك القاعدة، فتمتنعُ الإدارةُ عن إلغاءِ أو سحبِ القرارِ الإداريِّ المَعيب، ولا يقبل القاضي الإداريُّ الدَّعوى التي تُرفع ضدَّ هذا القرارِ؛ لفواتِ ميعادِ الطَّعن القضائيِّ. كما وضع قضاءُ مجلسِ الدَّولةِ جملةً من المبادئِ القضائيَّةِ التي تعدُّ قانونًا إداريًّا قضائيًّا، والتي أكَّد من خلالها أن القرارَ الإداريَّ لا يجِبُ الحكمُ ببطلانهِ في جميع الأحوال، فقرَّر هذا القضاءُ الحدَّ من حالاتِ إبطالِ القراراتِ الإداريَّةِ للعيوبِ الشَّكليَّة، فقلَّصَ من حالاتِ عدم الاختصاصِ الجسيم، وقرَّر إمكانيَّةَ تصحيحِ عيوبِ عدمِ الاختصاصِ البسيط، واعترف للإدارةِ العامَّةِ بعدم التزامِها بتسبيبِ القراراتِ الإداريَّةِ التي تُصدرها كأصلٍ عامٍّ، وفرَّق بين الشَّكلِ الجوهريِّ الذي يُبطلُ القرارَ الإداريَّ، والشَّكلِ غير الجوهريِّ أو الثانونيِّ الذي لا يُؤثِّرُ في صحَّةِ القرارِ الإداريِّ. وفي نطاقِ العيوبِ الموضوعيَّةِ فقد عمل القضاء الإداريُّ على التَّخفيفِ من حالاتِ البطلان، مقرِّرًا التَّوسُّعَ في مفهومِ المصلحةِ العامَّةِ التي يستهدفُها كلُّ قرارٍ إداريٍّ، كما اعتبر قضاءُ مجلسِ الدَّولةِ أن عيبَ الغايةِ يُعدُّ من العيوبِ الاحتياطيَّةِ التي لا يجوز بحثُها إلا من خلالِ طلبٍ صريحٍ، وفي مرحلةٍ لاحقةٍ لبحث عيوبِ القرارِ الإداريِّ الأخرى، وأخيرًا فقد قصر القضاءُ الإداريُّ رقابتَه على أعمالِ الإدارةِ العامَّةِ على مجال المشروعيَّة دون المُلاءمة، وامتنع طواعيةً عن الحلولِ محلَّ جهةِ الإدارة، ومنع نفسَه دون نصٍّ تشريعيٍّ من توجيهِ أوامرَ مُلزِمةٍ إليها. |