Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
إشكالية علاقة العقل بالنص بين القاضي عبد الجبار وابن قيم الجوزية /
المؤلف
شلبي، محمد طه أحمد.
هيئة الاعداد
باحث / محمد طه أحمد شلبي
مشرف / السيد محمد عبدالرحمن
مناقش / إبراهيم إبراهيم ياسين
مناقش / عصام كمال المصري
الموضوع
علم الكلام. القواعد الفقهية. الوعظ والإرشاد.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
مصدر الكترونى (199 صفحة) :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة المنصورة - كلية الآداب - قسم الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 199

from 199

المستخلص

تعد مشكلة العلاقة بين العقل والنقل واحدة من أكثر المشكلات شهرة وأكثرهم عمقًا في تاريخ الفكر الإنساني؛ حيث كان مفهومي العقل والنقل ضمن المفاهيم الرئيسية التي دار حولها صراعًا محتدمًا عبر تاريخ الفلسفة الإسلامية، لا سيما خلال فترة الإسلام الكلاسيكي، التي تمتد من بداية ظهور الإسلام في الربع الأول من القرن السابع الميلادي وحتى نهاية القرن الثاني عشر الميلادي/ السادس الهجري أي تاريخ وفاة ابن رشد (ت. 595 ه/ 1198م)، التي شكلت انطفاء عصر الفلسفة الإسلامية في بلاد المغرب والأندلس. فبعد اتساع حركة الترجمة وتعرف الفلاسفة على الفكر الفلسفي اليوناني وتأثرهم به، شرع فلاسفة المسلمين ومفكريهم في استخدام الأدلة العقلية لتفسير آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وبخاصة تلك التي تحتوي على قضايا تثير الجدل وتشجع على التفكير والاجتهاد. ومن أبرز تلك القضايا: الألوهية، والقضاء والقدر، وقدم العالم، والنبوة. يعد العقل الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها المعتزلة بصفة عامة، والقاضي عبدالجبار المعتزلي بصفة خاصة، لما للعقل من أهمية واضحة في إبعاد الغموض عن النصوص اللغوية وتفسير المشابه ورده إلى المحكم، ومعرفة أدلة العدل والتوحيد، والحقيقة والمجاز، إذ أنها تخضع للعقل ودلالته. وأكد القاضي عبدالجبار المعتزلي في أكثر من مؤلف من مؤلفاته أن معرفة السمع لا تصح إلا بالعقل. وهو ما سنناقشه بالتفصيل في الفصل الأول. أهداف الدراسة 1- استعراض مدى انقسام المسلمين إلى ثلاث فرق، الفريق الأول وهم أهل السلف الذين يتمسكون بالدليل النقلي ويرفضون الدليل العقلي والتفسير الفلسفي المخالف للنص، والفريق الثاني، وهو علماء الكلام، الذين تأثروا بالفلسفة اليونانية وطبقوها على الأدلة العقلية لتأويل ظاهر النص، والفريق الثالث وهو الفريق الوسط الذي تبنى موقفًا توافقيًا؛ فسعوا للتوفيق بين الأدلة النقلية والأدلة العقلية مع تحيزهم للدليل النقلي في حالة التعارض بين الدليلين. 2- استعراض أدلة القاضي عبدالجبار العقلية تجاه قضايا الألوهية ووجود العالم والقضاء والقدر، وبيان مدى اتباعه للمذهب الاعتزالي في جعل للدليل النقلي في المرتبة الثانية بعد الدليل العقلي. 3- استعراض أدلة ابن قيم الجوزية تجاه قضايا الألوهية ووجود العالم والقضاء والقدر، ومحاولته لاستخدام الدليلين النقلي والعقلي. 4- بيان أوجه التشابه والاختلاف بين موقف القاضي عبدالجبار وابن قيم الجوزية فيما يخص قضايا الألوهية ووجود العالم والقضاء والقدر. ترتكز هذه الدراسة على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، حيث اشتملت المقدمة على مقدمة عن موضوع الدراسة وأهميته وسبب اختيار الموضوع والأهداف التي سعى الباحث لتحقيقها خلال الدراسة. وقد استدعت ضرورة المنهجية التاريخية والمقارنة توطيد فكر كلٍ من القاضي عبدالجبار المعتزلي وابن قيم الجوزية بمقدمة عامة عن حياتهما وفكرهما، لذا عرض الفصل الأول، وعنوانه «منهج الاستدلال بين القاضى عبد الجبار وابن قيم الجوزية»، ترجمة ذاتية لكل منهما، مبرزًا أهميتهم على الصعيدين الفكري والإسلامي، مع استعراض لأعمالهم الفكرية وأطروحاتهم في مسائل العقائد الدينية والمسائل المذهبية المختلفة، وذلك من خلال المبحث الأول. أما المبحث التاني، فقد تناول الأدلة العقلية والأدلة النقلية، وذلك من خلال عرض مفهوم النص وأدلة الأصول، ثم عرض العقل باعتباره أحد طرفي الصراع، فشرعنافي تعريفه في اللغة والاصطلاح، ومرادفات العقل في القرآن وأهميته ومدلولاته في القرآن والسنة النبوية. بالإضافة إلى ذلك، تناول المبحث الثاني العلاقة بين الدليلين العقلي والنقلي. أما المبحث الثالث، فقد خُصِّصَ لمناقشة منهج القاضي عبد الجبار في الاستدلال على المسائل العقائدية الأساسية، وتبدو أهمية هذا المبحث في تحديده لملامح فكره الاعتزالي واستقصاء مدى تقديمه للأدلة العقلية على النقلية، وهو ما أكد على اصطلاحهما عنده بالعقل والسمع. كما ناقش مسألة الحسن والقبح من وجهة نظره. بينما سلط المبحث الرابع الضوء على قسمات منهج ابن قيم الجوزية في الاستدلال على القضايا العقائدية، مبرزًا كيف انتهج ابن القيم منهجًا وسطًا يجمع بين الدليل العقلي والدليل النقلي، كما حاول صياغة نظريته في موضوع الحسن والقبح. ولقد تبين من الفصل الأول أن كلًا من القاضي عبد الجبار وابن قيم الجوزية كانا من العلماء الذين سعوا لخير أمتهم وعزتها، كما كانا - وإن اختلفت طرقهما – من الذين أبحروا في العلوم الموصلة إلى الله عز وجل. فالقاضي عبدالجبار هو قاضي القضاة عند المعتزلة ولا يطلقون هذا اللقب على أحد غيره، نظرًا لقيمته لديهم. وهو فقيه من الطراز الأول؛ فهو من أهم الشخصيات الإسلامية التي تصدت لليهود والنصارى في إدعاءاتهم، وبحث في الكثير في المسائل العقائدية الهامة، كما عارض العديد من مواقف الاعتزالية المعارضية كالنظامية والكلابية في بعض المسائل وغيرهم من المدارس الكلامية الأخرى. يعد القاضي عبدالجبار النموذج الأمثل لدراسة الفكر الاعتزالي، الذي أعلى شأن العقل ومنحه مكانة الصدارة في الاستدلال. فالعقل عند القاضي عبدالجبار هو الحجة الجامعة المانعة التي لا لبس فيها ولا يمكن دحضها. لذا بين أن الحسن والقبح عقليان، مع التوكيد على ظنية الدليل النقلي ورفض ما يتنافى مع العقل. وعلى الجانب الآخر، ابن قيم الجوزية هو واحد من علماء الأمة الإسلامية الأجلاء الذين كان لهم إيمان راسخ وعقيدة قوية ورسالة متينة ودعوة صادقة لكل المسلمين في العودة إلى طريق السلف الصالح وأهل السنة في الأخذ من كتاب الله وسنة رسوله. فقد كان يدعو إلى اللجوء إلى الأدلة النقلية في كل الأمور، معطيًا الأولوية لها. إلا أنه لم يرفض العقل، بل أكد على أنه من المستحيل أن يتعارض العقل مع الأدلة النقلية، بل إن الفهم الصحيح لها يوضح مدى التوافق بين الاثنين، مع تأكيده على يقينية الدليل النقلي وتقديمه على الدليل العقلي في المسائل التي يظهر فيها تعارض بين الدليلين. أما الفصل الثاني، فقد جاء عنوانه «مسألة الألوهية بين القاضي عبدالجبار وابن قيم الجوزية»، وهو يتكون من ثلاثة مباحث. فأما المبحث الأول، فقد أعطى نظرة عامة عن فكرة الألوهية من وجهة النظر الفلاسفة والفكر الإسلامي، وتسليط الضوء على مسألة وجود إله والبحث عن أدلة وجوده. فلقد سلط الضوء على فكرة التوحيد في القرآن والسنة، حيث أن الإسلام هو دين توحيد الله عزوجل، وأوضح معنى الألوهية والربوبية، بالإضافة إلى عدة مسائل هامة: الذات والصفات والأفعال. ثم ناقش المبحث المسائل الفرعية التي تنطوي عليها قضية الألوهية، وهي الماهيات أي الكينونة أو الوجود، والأدلة على وجود الله تعالى، والأسماء والصفات الإلهية. بينما عرض المبحث الثاني ملامح مسألة الألوهية عند القاضي عبدالجبار، وفيه تم تناول الأدلة العقلية التي استخدمها القاضي عبدالجبار للاستدلال على وجود الله سبحانه وتعالى وإثبات وحدانيته، والتكلم عن أسماء الله الحسنى وصفات الله عز وجل. أما المبحث الثالث، فقد حدد منهج ابن قيم الجوزية في تناول قضية الألوهية، موضحًا الأدلة العقلية والنقلية عند ابن قيم الجوزية للاستدلال على ألوهية الله ووحدانيته، بالإضافة إلى مناقشة طريقته الشرعية والعقلية في تناول مسألة الذات الإلهية وأسماء الله وصفاته. وبعد دراسة الألوهية عند كلا العالمين، تبين أن مسألة التوحيد هي أولى أركان الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وأن كل المسملين مجمعين عليها، وأن وجود الله هو الفكرة المنطقية التي انطلق منها المفكرين المسلمين، إلا أنهم اختلفوا في طريقة الاستدلال على وجوده سبحانه وتعالى. كان استخدام نظرية الأعراض ونظرية الجوهر الفرد من أبرز الطرق التي استخدمها الفلاسفة للبرهنة على وجود الله، كما استخدموا قوانين العليّة والسببية. كما اتضح من هذا الفصل أن القاضي عبد الجبار، كمفكر مسلم، يؤمن بالله وبالصفات والأفعال الإلهية، إلا أنه اتبع مذهبه الاعتزالي في نفي الصفات التي تشبه الله بالبشر، ولذا نفى رؤية الله في الآخرة. أما ابن قيم الجوزية فقد انتهج منهجًا مختلفًا عن الفلاسفة والمتكلمين فيما يخص قضية الألوهية وما يتعلق بها من مسائل في الإمكان والماهيات، والأدلة على وجود الله تعالى، وصفاته وأفعاله، وتوحيد الربوبية والألوهية؛ حيث اتبع ابن قيم الجوزية اتبع منهج الصحابة وأهل السنة والسلف الصالح في الاستدلال على وجود الله وصفاته وأفعاله. كما أنه نقد ورد على آراء المغالين والمخالفين من الفلاسفة والمتكلمين. وقد اتضح أن ابن القيم كان على حق بالقول بالإقرار بأسماء الله الحسنى وتأكديه على الإيمان بها. كما اختلف ابن قيم الجوزية عن القاضي عبدالجبار فيما يخص صفات الله، حيث أقر الأخير بنفي الصفات بينما أقر ابن القيم بكل الصفات والأسماء التي ورد ذكرها في القرآن أو السنة النبوية. جاء الفصل الثالث وعنوانه «مسألة حدوث العالم بين القاضي عبدالجبار وابن قيم الجوزية» أيضًا في أربعة مباحث. حيث تناول المبحث الأول مسألة حدوث العالم في القرآن والسنة. أما المبحث الثاني، فهو يعطي نظرة عامة عن مسألة حدوث العالم ومناقشتها عند الفلاسفة المسلمين وبيان مدى تأثر بعضهم بالفلاسفة اليونان كأفلاطون وأرسطو، ومحاولتهم للتوفيق بين الدين والفلسفة، وكذلك محاولة التوفيق بين أدلة الشرع ذاتها للوصول إلى أصل العالم ووجوده ومدى اتباعهم لنظرية الفيض وإيمانهم قدم العالم. أما المبحث الثالث فقد طرح آراء القاضي عبدالجبار حول حدوث العالم، ويستعرض براهينه على حدوث العالم وخلقه من عدم. وموقفه من نظرية الأعراض والجوهر الفرد، وكذلك آرائه في قضية النبوة والوحي. كما أنه يبرز الخلاف مع العديد من الفرق الكلامية حولها. أما المبحث الرابع، فقد استعرض فيه الباحث آراء ابن قيم الجوزية وحججه فيما يتعلق بمسألة حدوث العالم، وآرائه في نظرية الفيض ومسألة النبوة والوحي. كما برز خلافه مع العديد من فلاسفة المسلمين فيما ذهبوا إليه في هذه المسألة. وقد تبين من هذا الفصل أن أن مسألة حدوث العالم وقدمه من المسائل المحورية والعويصة في الفكر الفلسفي عامة، والفلسفة الإسلامية خاصة، كما أنها أثارت صراعًا بين الفلاسفة المسلمين والمتكلمين للتوصل إلى تفسير لحل مسألة خلق العالم وقدمه وحدوثه. وقد أجمع الصحابة وأهل السنة والسلف الصالح أن الله هو مبدع هذا الكون وخالقه من العدم، وأن كل ما هو دون الله هو حادث مخلوق بإرادته سبحانه وتعالى، ومن ثم فإنه قديم أزلي، إلا أنه فان يفنيه الله متى شاء. بينما اختلف فلاسفة المسلمين في آرائهم حول الاستدلال على حدوث العالم وقدمه، فمنهم من اتبع نظرية الفيض الأفلاطونية المحدثة، وهما الفارابي وابن سينا؛ بينما رفض الكندي قائلًا ببطلان قدم العالم، ورفض ابن رشد نظرية الفيض عند الفارابي وابن سينا. كما شن عليهما أبو حامد الغزالي هجومًا عنيفًا. كما اتضح تشابه ابن القيم والقاضي عبدالجبار في بعض النقاط في مسألة وجود العالم، وأولها رفضهما لنظرية قدم العالم، وإنكارهم أن العالم قديم وأزلي. وذلك بأنهما يؤكدان على حدوث العالم من العدم. إلا أنهما اختلفا في طريقة الاستدلال على موقفيهما، فلجأ القاضي عبدالجبار إلى الأدلة العقلية، بينما استخدم ابن قيم الجوزية الأدلة النقلية كأساس لبناء موقفه. فالقاضي عبدالجبار قد استخدم الأدلة العقلية للاستدلال على حدوث العالم، وقال ببطلان قدم العالم، وأنه محدث وأن الله خالقه. وقد اتبع في ذلك الفيلسوف الكندي. كما أنه وافق على نظرية الجوهر الفرد، بينما رفض نظرية الأعراض. أما ابن القيم، فكان حادًا في تناوله لهذه المسألة، مؤكدًا على بطلان قدم العالم، مستشهدًا بالآيات القرآنية والأحاديث وآراء الصحابة الذين قالوا بنشأة الكون من عدم، وأن الله خالق الكون، ومعرفة كيفية خلقه. كما شن هجومًا على الفلاسفة المسلمين، فأنكر آراء الفارابي وبن سينا، وأشاد بموقف ابن رشد، واستشهد بآراء أبي حامد الغزالي المناهضة لنظرية الفيض. ويتكون الفصل الرابع وعنوانه «مسألة القضاء والقدر بين القاضي عبدالجبار وابن قيم الجوزية» على خمسة مباحث. أما المبحث الأول فيتناول تعريف القضاء والقدر لغة واصطلاحًا، بينما يضم المبحث الثاني مطلبين: القضاء والقدر في القرآن الكريم، والقضاء والقدر في السنة النبوية. أما المبحث الثالث فيتناول استعراضًا لفكرة القضاء والقدر في الفكر الإسلامي، وآؤاء الفلاسفة والعلماء المسلمين وأهل السلف الصالح في قضية القضاء والقدر. ويناقش المبحث الرابع الأدلة العقلية عند القاضي عبدالجبار في قضية القضاء والقدر، وكيفية رفضه للجبرية وتأثره بمبادئ المعتزلة في القول بالحرية الإنسانية وحرية الإرادة، ومسألة أفعال العباد. أما المبحث الخامس والأخير فيتناول الأدلة العقلية والنقلية عند ابن القيم الجوزية حول قضية القضاء والقدر وآرائه في مسألة أفعال العباد والفطرة. ولقد تبين من خلال الدراسة في هذا الفصل أن مسألة القضاء والقدر وما يتعلق بها من مشكلة الجبر والاختيار إحدى الركائز الأساسية التي قام عليها الفكر الفلسفي والفكر الإسلامي. ولما كانت لكل فرقة إسلامية وجماعة فكرية تفسيرًا متفردًا بحسب عقيدتها، جاءت توجهاتهم مختلفة وآرائهم متضاربة، وكثرت الانحرافات في الآراء وتاهت المسألة بين الحق والباطل. فنجد أن المعتزلة، ومنهم ممثلهم الأكبر والأكثر نضجًا القاضي عبد الجبار، قد دافعوا عن فكرة حرية الإنسان لأقصى درجة؛ فجعلوا الإنسان مسئولًا مسئولية تامة عن أفعاله كافة. ومن ثم، جاء مفهومهم للعدل الإلهي هو ألا يُحاسَب البشر عن أفعال لم يقترفوها. أما أهل السنة، فخَلُصَت آرائهم إلى القول بأن الله هو المسئول عن خلق الأفعال بأكملها. كما أن مسألة الفعل الإنساني هي جوهر الفكر الاعتزالي فيما يخص مسألة القضاء والقدر؛ حيث إنها جاءت بين الجبرية والحرية، أو بين مسألتي الجبر والاختيار. وقد قال أهل المعتزلة بحرية الإنسان في فعله وفرضوا عليه مسئولية اختياراته. واندرجت الفكرة تحت أصل من الأصول الخمسة التي قامت عليها عقيدته، وهو أصل ””العدل””. ولقد استولت قضية القضاء والقدر على فكر ابن القيم الجوزية، لا سيما وأنها سبب رئيسي في الفرقة بين المسلمين وتنازعهم حول مسألة الفعل الإنساني أو حرية الاختيار. فكان لزامًا عليه تناول المسألة والرد على المعارضين لفكرة القضاء والقدر؛ حتى أنه خصص كتابه «شفاء العليل» لعرض المسألة وتناولها بالتحليل والنقد من خلال استعراض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وآراء الفقهاء لبيان الحكم في المسألة وموقفه منها. وقد ثبت من هذا الكتاب، الذي عبر عن رأيه في المسألة، أن الإيمان بالقضاء والقدر من أهم أركان الإيمان، وأن الإنسان لديه حرية التصرف ولكنها ليست حرية مطلقة، والقضاء والقدر من عندالله. وبذلك توصل الباحث أن كلا من القاضي عبد الجبار المعتزلي وابن قيم الجوزية قد خالفوا الجبرية في إدعائهم أن الإنسان مجبر على أفعاله، بل قالا أن أفعال الإنسان من صنع يديه كما أنه يتحمل مسئوليتها، وبالتالي يخضع للثواب والعقاب في الآخرة. وقد تبين للباحث أن هذه الموضوعات لا زالت تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسات فيما يتعلق بإشكالية العقل والنقل. كما أن القاضي عبدالجبار وابن قيم الجوزية يحتاجان إلى مزيد من الدراسة للوقوف على باقي آرائهم في المسائل الفقهية الأخرى وكيفية استدلالهم عليها كل بطريقته.