الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تنوعت صور المخاطر التي يتعرض لها الفرد في حياته؛ بسبب التقدم الهائل الذي تحقق في العصر الحديث؛ نتيجةً للاختراعات المختلفة التي تُهَدِد سلامة الأفراد، وأموالهم، بقدر ما يَسْرَت سُبل الحياة أمامهم. وقد أدت تلك الأخطار إلى تدخل المشرع إلى إلقاء عبء المسئولية عنها على عاتق مَنْ أقاموها، رعايةً لمن يقعون ضحيةً لها، فاتسعت دائرة الخطأ المفترض على حساب فكرةِ الخطأ الواجب الإثبات، وأُلقيت فيها المسئولية على كاهل مُحدِث الضرر، إذا عجز عن إثبات رجوعَه إلى سببٍ أجنبي عنه. ومن هنا، فقد عَمَدَ الأفراد إلى التخلص من المسئولية عن أخطائِهم، سواء الواجبةِ الإثبات أم المفترضة التي تهددهم، إزاء المضرورين المُحْتَمًلِين، إما بالاتفاق مع هؤلاء على تحملهم للضرر الذي يلحقهم، كلَه أو جزءً منه، ويفقدوا، تبعًا لهذا، حقهم في التعويض كليًا أو جزئيًا، وإما بالاتفاق مع شخصٍ آخر على تحمل عبء المسئولية بدلاً منهم، بدفع التعويض إلى المضرور. وهكذا ظهر نوعان من الاتفاقات التي تتعلق بالمسئولية المدنية: اتفاقات المسئولية، وهي التي تُعدل أَثَرَها، والتأمين من المسئولية، وهو الذي ينقِل أثَرَها. وتُمثل اتفاقات المسئولية المدنية مظهرًا من مظاهر الصراع بين مبدأ سلطان الإرادة، وما يتفرع عنه من قاعدة ”” العقد شريعة المتعاقدين””، وبين النظام القانوني للمسئولية المدنية، وهو ما يثير مدى صحة اتفاقات المسئولية المدنية عن طريق بيان مدى تعارضها أو اتفاقها مع القاعدة سالفة الذكر. |