الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص اتَّضح لنا أنَّ العقد الأصليَّ يُحتِّم علينا أن ننظُر إلى شرط التَّحكيم الوارد في العقد على أنَّه عقدٌ قائمٌ بذاته مع أنَّه جزءٌ من العقد ويشكِّل أحدَ بُنودِه, وتستندُ استقلاليَّة شرط التَّحكيم إلى أنَّ هذا الاتِّفاق يشكِّل عقدًا ضمن العقد الآخر, وبمعنى آخر فإنَّ الشَّرط التَّحكيميَّ يشكِّل عقدًا مُعادلاً للعقد الأصليِّ. ويرجعُ ذلك إلى أنَّ لكلٍّ من العقدين موضوعًا وسببًا مُختلفًا عن الآخرَ؛ فبالرَّغم من ورود شرط التَّحكيم في العقد الأصليِّ المُتعلِّق به في الأعمِّ الأغلب من الحالات, إلاّ أنَّه يبقى مُتميِّزًا عنه بمحلِّه وسببه الخاص به, فمحلُّ شرط التَّحكيم هو عملٌ إجرائيٌّ بحت ويتعلَّق بطريقةِ حسم المُنازعات النَّاشئة عن العقد الأصليِّ, في حين أنَّ العقد الأصليَّ يهدفُ إلى تحديد حقوق ومراكز الالتزامات الموضوعيَّة, ويترتَّب على ذلك أنَّ محكمةَ التَّحكيم تبقى مُختصَّةً بالفصل في الدُّفوع المُتعلِّقة بعدم اختصاصها, بما في ذلك الدفوع المبنيَّة على عدم وجود اتِّفاق تحكيم أو سقوطه أو بُطلانه، وإنَّ مبدأ استقلال شرط التَّحكيم أضحى اليوم من المبادئ المُستقرَّة بشأن التَّحكيم التجاريِّ الدوليِّ, إلى الحدِّ الذي يرى البعضُ فيه إلى القولِ بوجود قاعدةٍ موضوعيَّة دوليَّة مُؤدَّاها استقلال شرط التَّحكيم بالنسبة إلى العقد الأصليِّ؛ لذلك صرَّحت مُعظم التشريعات الوطنيَّة والدوليَّة بشأن التَّحكيم على هذه القاعدة؛ بهدف مُساعدة الأطراف على الوصول إلى حلٍّ سريعٍ لمُنازعاتهم. |