Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المحكمتان الأوروبية والعربية لحقوق الإنسان :
المؤلف
العنزي، عبد الوهاب عبد العزيز عشوي.
هيئة الاعداد
باحث / عبد الوهاب عبد العزيز عشوي العنزي
مشرف / محمد رضا الديب
مناقش / حسين حنفي عمر
مناقش / عابدين عبد الحميد قنديل
مناقش / محمد رضا الديب
الموضوع
القانون الدولي العام.
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
522 ص ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون الدولي العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 522

from 522

المستخلص

انطلاقاً من كون الحماية القضائية لحقوق الإنسان وحرياته هي أهم أشكال الرقابة وأقواها، فإن هذه الحماية تتوقف على قدرة الجهاز القضائي في مراقبة تنفيذ أحكام الاتفاقية في مواجهة أعمال السلطة ومدى اتساع ولايته وشمولها لأكبر قدر ممكن من تلك الأعمال، إضافة إلى نطاق الصلاحيات المخولة قانوناً للقاضي، وحدود إمكانية لجوء الأفراد له مباشرة من عدمه، ومن ثم كان تنظيم الوظيفة القضائية على المستوى الدولي، ردًا فعليًا و إيجابيًا لوجود المنظمات الدولية، فقد انبثق عن ميثاق منظمة الأمم المتحدة الآلية القضائية الأولى على المستوى الدولي ممثلة في محكمة العدل الدولية الدائمة، والتي لعبت دوراً كبيراً وأبلت بلاءً حسناً في سبيل تطوير قواعد القانون الدولي و فروعه لا سيما تلك التي تتعلق بالأفراد وتخصهم بالدرجة الأولى، وأبرزها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ومنهجها الصارم في حماية حقوق الإنسان والتأكيد عليها في العديد من أحكامها وكثير فتاواها
وانطلاقاً من ذلك الدور المحمود لمحكمة العدل الدولية، فقد حرصت بعض المنظمات الدولية الإقليمية على إنشاء هيئات تعني بتشجيع وحماية حقوق الإنسان في الدول الأعضاء، وإن كان الواقع العملي للممارسة الفعلية للأجهزة المعنية برقابة حقوق الإنسان، يكشف بجلاء عن أن منظمة مجلس أوروبا اهتمت بحقوق الأفراد بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وتضمنت النص عليها صراحة في صلبها، وحرصت على إيجاد نظام رقابي متطور يسعى إلى السهر على حماية حقوق الإنسان الواردة فيها وذلك لضمان احترام الالتزمات التي تعهدت بها الدول الأطراف المتعاقدة، فبالإضافة إلى الاختصاصات المخولة إلى لجنة الوزراء بمقتضى القانون الأساسي لمجلس أوروبا كلجنة سياسية تسهر على حماية القانون الأساسي للمنظمة واتفاقية حقوق الإنسان، عهدت الاتفاقية إلى هيئتين أخرتين القيام بمهام ضمان احترام الالتزمات التي تعهدت بها الأطراف السامية المتعاقدة وهما: اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان ـ وهي هيئة تحقيق وتوفيق ـ والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ـ وهي الهيئة القضائية للمنظمة والتي بدأ عملها عام ١٩٥٩، ويعد من أهم ما يميز نظام هذه المحكمة فتح باب التقاضي للأفراد أمامها إلى جانب الدول الأعضاء، وهي سمة استثنائية لا مثيل لها في نظم حماية حقوق الإنسان العالمية والإقليمية على السواء، وبذلك فقد قفزت منظمة دول أوروبا نحو ضمان احترام حقوق الإنسان - لا سيما لدى شعوبها خطوات واسعة وثابتة لم يسبقها إليها غيرها من المنظمات الدولية، بل وتخطت بها كافة المنظمات التي وُلدت قبلها وتلك التي نشأت بعد ميلادها.
وعلى ذات منهج منظمة أوروبا سارت منظمة الدول الأمريكية، إذ أفرزت الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان الموقعة بتاريخ ٢٢ نوفمبر ١٩٩٦ م - والتي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ ١٨ يوليو ١٩٧٨م - ونصت على إسناد الاختصاص بالنظر في القضايا المتعلقة بتنفيذ تعهدات الدول الأطراف إلى هيئتين مستقلتين هما: اللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان (م/٣٣ من الميثاق) كضمانتين للرقابة على الدول الأعضاء في مجال حماية حقوق الإنسان.
ثم تأتي منظمة الوحدة الإفريقية – متأخرة كثيرًا في هذا المجال إذ أقرت الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب - المعتمد عام ١٩٨١م، والذي دخل حيذ النفاذ في 27 يونيو ١٩٨٦م، – والذي إكتفي بإنشاء اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ( م /306 من الميثاق )، وظلت اللجنة هي الآلية الوحيدة إلى أن وافقت جمعية رؤساء الدول والحكومات الإفريقية، لمنظمة الوحدة الإفريقية، المنعقدة في واجادوجو، بوركينا فاسو، في 9 يونيو 1998 م، على إنشاء محكمة إفريقية لحقوق الإنسان، وذلك في شكل برتوكول ملحق بالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، ودخل حيز النفاذ( )، ثم تلى ذلك دمج المحكمة الإفريقية للعدل والمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في محكمة واحدة سميت المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان بموجب بروتوكول عام ٢٠١٤م، بمالابو (غينيا الإستوائية) وأضيفت للمحكمة اختصاصات جنائية.
- وفي نطاق منظمة جامعة الدول العربية غدا باديًا أنه لم يكن أمام واضعي مثياقها حال نشأتها عام ١٩٤٥ م، - ثمة تجارب تنظيمية دولية أو إقليمية في مجال كفالة حقوق الإنسان، وضمانة احترامها للتأسِّي بها، في الوقت الذي لم يكن فيه لدى الأنظمة السياسية لأعضائها ثمة طموح في التأكيد على حقوق شعوبها وتأصيلها نظراً لغياب النضج والوعي بمصالحها، وتوفير الحد الأدنى من الحقوق، والحريات لتلك الشعوب التي هانت عليهم بقدر هوانها على أعدائهم، مما أدى إلى تأخر هذه المنظمة كثيراً حتى طرقت مجال حقوق الإنسان - على استحياء - وفي نطاق محدود بإنشاء اللجنة العربية لحقوق الإنسان عام ١٩٦١م، والتي عنيت في البدء بالانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، ثم طورت اللجنة دورها ليتسع ويشمل موضوعات أخرى تتعلق بحقوق الإنسان العربي، وبموجب قرار مجلس الجامعة رقم ٢٤٤٣ الصادر في ٣ سبتمبر ١٩٦٨م، تم إنشاء اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، ثم أُنشئت بعد ذلك المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الأول من ديسمبر ١٩٨٣م، ورغم أن ميثاق الجامعة قد تضمن النص صراحة في المادة ١٩ منه على جواز تعديله بما يتيح إنشاء محكمة عدل عربية تكون بمثابة نواة لتحقيق التسوية السلمية للمنازعات القانونية بين الدول الأعضاء إلا أنه لم يتم تفعيل هذا النص.
- بيد أنه سبق وأن أقر مجلس الجامعة إبان عام ١٩٥٠ م، مشروع تأسيس المحكمة إلا أنها لم تخرج إلى حيز الوجود أنذاك لأسباب عديدة، كما جاء ميثاق المنظمة العربية لحقوق الإنسان خإلىاً من الإشارة إلى استحداث وإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان تعمل على تعزيز و احترام حقوق الإنسان العربي، ولتكون دعامة للنظام الإقليمي العربي لحقوق الإنسان، وتمثل نقلة نوعية في هذا المجال، وهو ما أثار حفيظة المنظمات الحقوقية وكافة منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان في سائر أرجاء الوطن العربي، إلى السعي الدائم المستمر بغية إنشاء المحكمة، وعلى خلفية الحراك المجتمعي للمؤسسات المدنيه ومنظمات حقوق الإنسان الوطنية في بقاع الدول العربية، فقد اجتمع مجموعة من الخبراء الحقوقيين العرب المهتمين بقضايا الحرية وحقوق الإنسان في مدينة سيراكوزا بإيطإلىا في الفترة( ٥-١٢) ديسمبر ١٩٨٦ بدعوة من المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية، وأعلنوا مشروع ميثاق عربي لحقوق الإنسان، و الشعوب وتوجهوا به إلى أبناء الأمة العربية في أقطارها كافة لتبنيه كمثل أعلى تبلغه، وقد أسفرت تلك الجهود المحمودة في التواصل مع جامعة الدول العربية، حتى أقرت الصيغة الأولى للميثاق العربي لحقوق الإنسان عام ١٩٩٤ م، إلا أنه لم تصادق عليه سوى دولة عربية واحدة هي جمهورية العراق، وتم إعادة صياغة الميثاق واعتماده في القمة العربية السادسة عشرة المعقودة في تونس بتاريخ ٢٣ مايو ٢٠٠٤م، ودخل حّيز النفاذ في ١٦ مارس ٢٠٠٨م، بعد أن صادق عليه سبع دول عربية عملًا بما تنص عليه المادة ٤٩ من الميثاق.