Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
دور القضاء الإداري في إسباغ المشروعية
على التصرفات المعيبة للإدارة/
المؤلف
بدر، بلال أحمد سلامة أحمد
هيئة الاعداد
باحث / بلال أحمد سلامة أحمد بدر
مشرف / منى رمضان
مناقش / محمد أنس قاسم جعفر
مناقش / ربيع أنور فتح الباب
تاريخ النشر
2021
عدد الصفحات
668ص.
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 12

from 12

المستخلص

دور القضاء الإداري في إسباغ المشروعية على التصرفات المعيبة للإدارة
إنَّ بقاء الدولة واستمرارها، بل وقوتها وتميزها بين غيرها على اختلاف المواقع الجغرافية والإمكانات الاقتصادية والسياسية يأتي من إرساء دعائم الدولة القانونية، تلك التي تعتمد في حياتها اليومية على حفظ الحقوق بكل أنماطها وإيصالها إلى أصحابها، وهذا يتطلب جهد السلطة القضائية بما تضمنه من جهات وهيئات مختلفة تمارس كل منها العمل المنوط بها.
ونظرًا لأنَّ الدولة لم يعد دورها مقصورًا على مفهوم الدولة الحارسة، بل أصبحت الدولة بكامل سلطاتها ومقدراتها شريكًا أساسيًّا في كل الأنشطة لضمان توفير الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية، التي تقدم من خلال المرافق العامة من أجل تحقيق نفع عام؛ فيتمثل في إشباع حاجات عامة للجمهور؛ مما يجعل الإدارة تقوم بالتصرفات القانونية المختلفة من أجل تحقيق أهداف المرفق واستمراه.
إلا أن تلك السلطة لا تعني المساس بحقوق عملاء المرفق المذكورين سلفًا، وإنما سلطة تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، ولا يتحقق ذلك إلا إذا أخضعت هذه التصرفات للرقابة القضائية التي تقوم بها محاكم مجلس الدولة على اختلاف درجاتها.
وتحوز الإدارة على وسائل قانونية إلى جانب الوسائل المادية والبشرية، وهي مجموعة من التصرفات القانونية التي تجريها لمباشرة مهامها، والتي يترتب عليها آثار قانونية تتعلق بأوضاع ومراكز قانونية وترتيب كذلك حقوق والتزامات.
وبدلًا من الحكم بإلغاء القرار الإداري، أو بطلان العقد، فقد يقوم القاضي الإداري بنفسه بذلك، فيعمد إلى إعمال نظرية التحول، التي استقرت في فقه القانون الخاص، ونصت عليها أغلب القوانين؛ بهدف انقاذ القرار الإداري المعيب من الإلغاء، وكذلك بدلًا من الحكم ببطلان العقد؛ لأنَّ هدف الإدارة عند إصدار القرار أو إبرام العقد تحقيق مصلحة عامة بطريق صحيح، وأن وقوعها في البطلان أو الانعدام لاشك إمكانية حدوثه دون قصد.
إنَّ الطبيعة الخاصة لقواعد القانون الإداري وظروف نشأته من الناحية التاريخية ، وعدم تقنيين كل قواعده وزيادة وتعدد مجالات النشاط الإداري؛ أدى كل ذلك إلى أن أصبح القضاء الإداري يؤدي دورًا مميزًا في ابتداع قواعد القانون الإداري في حالة عدم وجود نص يحكم النزاع المعروض عليه.
لقد أدى القاضي الإداري دورًا بارزًا في تشييد بنيانه، حتى اشتد عوده، واستقامت أحكامه، ورسخت معالمه ليضحى بذلك رغم حداثة نشأته يتصف بالأصالة.
فالقاضي المذكور تعدى كونه قاضيًا تطبيقيًا فقط، فمهمته تتجلى في التأسيس والإبداع والإنشاء، فهو يصنع القاعدة القانونية في حالة انعدام النص القانوني، وفي حالة وجود نقص في التشريع القائم .
ومحاولة لإيجاد وسيلة فعالة يعالج بها القضاء الإداري ما يشوب التصرفات الإدارية من بطلان، كان ذلك أحد أهم أسباب اختيار البحث، بالإضافة إلى إظهار اجتهاد شخصي لتصور كيفية قيام القاضي الإداري بإسباغ المشروعية على التصرفات الإدارية المعيبة، والحد من إعمال آثار حكم الإلغاء وتهديد المراكز القانونية المكتسبة، خاصة وأن أثار الحكم تعود بأثر رجعي، ومحاولة الحفاظ قدر الإمكان على تصرفات الإدارة المعيبة، إذا ما توافر فيها شروط تصرف قانوني آخر مشروع، وأخيرًا تشجيع الاستثمار عن طريق إسباغ المشروعية على العقد الإداري الباطل، ومحاولة طمأنة المستثمرين من بقاء عقودهم المبرمة مع جهة الإدارة صحيحة ومشروعة.
إلا أنَّ عدم وجود تقنين يخص القانون الإداري على شاكلة القانون المدني كان أهم مشكلات البحث بالإضافة إلى إن فكرة البحث تتطلب العودة إلى أحكام القضاء الإداري؛ للوقوف على مدى معالجتها للموضوع، كما أن ندرة المؤلفات العلمية المتعلقة وقلة الأحكام القضائية المباشرة وغير المباشرة، والتي تعالج مشكلة.
ونأمل من هذا البحث تطبيق نظرية التحول على التصرفات الإدارية المعيبة وإسباغ المشروعية عليها بدلًا من الحكم بإلغائها، والتقليل من حالات بطلان التصرفات الإدارية الفردية والعقدية، والتوفيق بين مبدأي المشروعية والمراكز والحقوق القانونية المكتسبة والمستقرة، وقيام القاضي الإداري من تلقاء نفسه لإسباغ المشروعية على التصرفات الإدارية المعيبة دون حاجة إلى طلب ذوي الشأن.
ولقد سطرنا هذا البحث المتواضع في ثلاثة فصول: الفصل التمهيدي خصص لبيان التطور التاريخي لنظرية تحول التصرفات المعيبة بشكل عام، وقسمنا هذا الفصل على مبحثين: الأول- لشرح تلك النظرية قديمًا وحديثًا، فقديمًا ظهر تحول التصرفات المعيبة في العصر الروماني، وكذلك في القانون المصري القديم والإنجليزي، كما أن لها جذورًا امتد إلى الفقه الإسلامي، وتعرضنا للنظرية المذكورة في ظل القوانين الحديثة، وكيف يمكن للقاضي الإداري إسباغ المشروعية على التصرفات الإدارية المعيبة، وذلك استنادًا إلى دوره الواسع والمهم في مجال المنازعات الإدارية وتطبيقه للكثير من نصوص القانون المدني عليها كقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، ونظرية الخطأ المدني وتقدير التعويض، والتضامن، بالإضافة الى دور القاضي المذكور في الخصومة الإدارية واعتناقه لنظرية حرية الإثبات، وأخيرًا طرح فكرة أعمال قواعد القانون المدني المتعلقة بإنقاص وتعديل العقد على التصرفات المعيبة للإدارة حتى تصبح صحيحة )إسباغ المشروعية(.
وعن المبحث الثاني في هذا الفصل- فكان لبيان التنظيم الفقهي والعلمي لتحول التصرفات الإدارية المعيبة، وذلك عن طريق ذكر الاتجاهات المعارضة والمؤيدة لتلك النظرية، وبيان أسانيد كل منهما، بالإضافة إلى توضيح الأسس القانونية التي تقوم عليها النظرية، والتي من أهمها احترام مبدأ المشروعية، وتحقيق الصالح العام وأخيرًا قرينة الصحة في القرارات الإدارية، وتوضيح الأسس العملية التي تمنح القاضي الإداري الحق في إسباغ المشروعية على التصرفات الإدارية المعيبة لكونه القاضي الذي يقوم على إعلاء مبدأ المشروعية، بالإضافة إلى تخليه عن نظرية عدم جواز توجيه أوامر للإدارة، وأصبح بالفعل يقوم بتوجيه الأوامر إستنادًا إلى تحقيق المصلحة العامة، هذا بالإضافة إلى عدول المحكمة الدستورية العليا عن بعض مبادئها وأحكامها للصالح العام؛ ومن ثم لا يوجد ما يمنع القاضي الإداري من تطبيق نظرية التحول.
أما الفصل الأول من البحث، فقد عرضنا فيه لدور القاضي الإداري في إسقاط عيوب القرار الإداري، وذلك بتقسيمه على مبحثين: الأول- لبيان شروط وطرق تحول القرار، عن طريق توضيح ماهية القرار الإداري محل التحول والشروط الواجب توافرها فيه لنفرق بينه وبين غيره من أعمال الإدارة التي لا يصح أن تكون موضوعًا للتحول، وأن إسباغ المشروعية لابد أن يقع على قرار إداري نهائي، وبيان الأركان الواجب توافرها فيه للتفرقة بين القرار الباطل والمنعدم، وأن الأخير لا يصح أن يكون محلًا لإسباغ المشروعية، بالإضافة إلى ذكر أثر تغيير الظروف القانونية والواقعية في القرار الإداري للإبقاء على الأخير مشروعًا، وبيان كيف يمكن للقاضي الإداري إسباغ المشروعية على التصرفات الإدارية المعيبة، والتي ليست بغريبة عنه، فهو يقوم بها بالفعل في بعض الأحيان كالإلغاء الجزئي للقرار المعيب، والإبقاء على الجزء المشروع منه، بالإضافة إلى أن قد تصدر الإدارة قرارها مستندة في ذلك إلى أساس قانوني خاطئ، وفي هذه الحالة يفضل القاضي المذكور إحلال الأساس القانوني الصحيح بدل الباطل؛ توقيًا للحكم بإلغائه.
أما عن المبحث الثاني من الفصل الأول فقد خصص لطبيعة تحول القرار الإداري المعيب، عن طريق شرح الطبيعة القضائية لذلك التحول والأساس الذي يستند إليه القاضي الإداري في رقابة السلطة التقديرية للإدارة، ودوره حيال عيوب القرار الإداري بإسقاطها وإحلال العناصر الأخرى المشروعة تفاديًا للإلغاء، والطبيعة الإدارية للتحول ودور الإدارة في إسباغ المشروعية على القرار المعيب بناء على التظلم المقدم من ذوي الشأن، أو عن طريق السلطة الرئاسية للجهة مصدرة القرار إعمال لنظرية التدرج الهرمي التي تقوم عليها الأنظمة الإدارية كافة، وأخيرًا أوضحنا موقف الفقه المؤيد والمعارض لدور الإدارة في إسباغ المشروعية وذكر أسانيد كل منهما.
وعن الفصل الثاني من البحث فإنه يقوم على بيان علاقة نظرية تحول التصرفات الإدارية المعيبة وآثاره بالنظريات القانونية المشابهة، وعلى ذلك قسمناه على مبحثين: الأول لبيان نطاق دور القاضي الإداري بشأن القرار المذكور، عن طريق التعرض لأوجه الشبه والاختلاف بين تفسير القرار الإداري وتحوله، وتصحيح عيوب القرار الإداري في الظروف العادية والاستثنائية وكذلك حالة الطوارئ عن طريق إسباغ المشروعية عليه، وأخيرًا التصحيح التشريعي، والتي تقوم به السلطة التشريعية من أجل الإبقاء على القرار المعيب صحيحًا، وأوجه الشبه والاختلاف بين ذلك النظام القانوني ودور القاضي الإداري في إسباغ المشروعية، ونطاق تحول القرار الإداري ونظرية السحب عن طريق بيان ماهية تلك النظرية والأساس التي تقوم عليه، والميعاد القانوني للسحب والاستثناءات التي ترد عليه، وآثار تلك النظرية، وأوجه الشبه والاختلاف بينها وبين دور القاضي الإداري في إسباغ المشروعية على التصرفات الإدارية المعيبة.
والمبحث الثاني أشرنا فيه إلى آثار تحول القرار الإداري المعيب والمتمثل في رجعية التحول استنادًا إلى أن الأحكام الصادرة بعدم الدستورية من المحكمة الدستورية العليا، وكذلك أحكام الإلغاء تطبق بأثر رجعي؛ أي من تاريخ صدور القانون أو اللائحة أو القرار بحسب الأحوال؛ ومن ثم لا يوجد ما يمنع من تطبيق نظرية التحول وإسباغ المشروعية على القرار المعيب بأثر رجعي؛ أي من تاريخ صدوره، وبيان الأثر الثاني المترتب على إسباغ المشروعية على التصرفات الإدارية المعيبة، وهو ميلاد قرار إداري جديد، تطبيقًا على ما يقوم به المشرع من إسباغ المشروعية على بعض تصرفات الأفراد غير المشروعة، وهو ما يعرف بـ(الصلح الجنائي)، وأن المحضر الناتج عن الأخير يشبه ميلاد القرار الجديد – من وجهة نظر الباحث- بالإضافة إلى الصلح الإداري، وهو ما تقوم به الإدارة في الكثير من الأحيان.
وأخيرًا تناولنا في الفصل الثالث دور القاضي الإداري في إسباغ المشروعية على العقد الإداري الباطل والإبقاء عليه صحيحًا بدلًا من الحكم ببطلانه، وذلك في محاولة للتوازن بين مبدأي المشروعية واحترام الحقوق والمراكز القانونية المكتسبة والمستقرة.
هذا بالإضافة إلى ضرورة التقليل من حالات بطلان العقود الإدارية خاصة في ظل حاجة الدولة إلى تشجيع الاستثمار والمستثمرين، وهو ما لا يتحقق إلا إذا شعر المستثمر بصحة العقود وبقائها؛ لأن مع كثرة بطلان عقود الإدارة قد يعزف المستثمرين عن القيام بإبرام عقود إدارية مع الدولة؛ مما يؤدي في النهاية الى الإضرار بالمصلحة العامة والاقتصاد القومي.
ولقد قسمنا الفصل على مبحثين: الأول- للإشارة إلى دور القاضي الإداري في تحول عقود الإدارة العادية والإدارية، والذي أشرنا فيه إلى دوره في تحول العقد العادي وبيان ماهية الأخير وأركانه، ونشأة نظرية التحول في القانون المدني وشروط تطبيقها والفرق بين التحول وبعض النظريات القانونية التي يطبقها القاضي كنظرية تصحيح العقد وتكميله وتكييفه، وبيان نشأة العقد الإداري في فرنسا أولًا ومصر ثانيًا والتطورات التشريعية والقضائية التي لحقت به قبل نشأة مجلس الدولة المصري مرورًا بقوانين مجلس الدولة المختلفة وانتهاء بالقانون الحالي، وماهية العقد الإداري والأركان والشروط الواجب توافرها فيه، مرورًا بالعقد الإداري الالكتروني.
وتوضيح دور القاضي الإداري في إسباغ المشروعية في حالة المخالفات القانونية التي تقع من جهة الإدارة خلال المراحل التمهيدية للعقد، والتي قد تؤدي إلى بطلان العملية التعاقدية ككل، وعلى تصرفات الإدارة والمتعلقة بالإنهاء الإداري للعقد قبل انتهائه بالطرق القانونية، وقيام القضاء الإداري باعتبار مثل هذا الإنهاء مشروعًا.
أمَّا في المبحث الثاني تناولنا بالتفصيل بيان دور القاضي الإداري في إسباغ المشروعية على القرارات الإدارية المعيبة القابلة للانفصال، وذلك عن طريق بيان نشأة تلك النظرية في فرنسا ومصر، مرورًا بالأساس القانوني الذي تقوم عليه، وتوضيح ماهية تلك القرارات وأركانها وصورها المختلفة، وكيف يمكن تحولها إلى قرارات صحيحة عن طريق إسباغ المشروعية عليها، وبيان أثر تحول القرارات القابلة للانفصال على العقد الإداري، وكان لا بد من التعرض لأثر إلغاء تلك القرارات على العملية القانونية المركبة؛ لأنه لا يوجد نصوص قانونية واضحة وصريحة تحدد تلك الآثار؛ ومن ثم يطبق عليها ذات الآثار المترتبة على تحول القرار الإداري المعيب العادي.
وأخيرًا ترتب على البحث إمكانية قيام القاضي الإداري بإسباغ المشروعية على القرارات الإدارية المعيبة وتحولها إلى أخرى صحيحة بدلًا من الحكم بإلغائها، وجواز تدخل الإدارة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على تظلم مقدم إليها بتحول القرار الإداري المعيب إلى آخر صحيح، بالإضافة إلى إسباغ المشروعية على العقود الإدارية المعيبة، وتحولها إلى تصرفات إداري مشروعة كالتراخيص.