Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
أبنية الأسماء في السور المكية ودلالتها
(تفسير البحر المحيط لأبى حيان نموذجاً)
/
المؤلف
عبدالله، ايمان السيد مهدى .
هيئة الاعداد
باحث / ايمان السيد مهدى عبدالله
مشرف / حسن محمد نور المبارك
مشرف / اسامة محمد سليم
مناقش / السيد عبيد
الموضوع
اللغة العربية
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
250ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
الآداب والعلوم الإنسانية (متفرقات)
الناشر
تاريخ الإجازة
11/4/2019
مكان الإجازة
جامعة قناة السويس - كلية الاداب - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 254

from 254

المستخلص

أولا: أبنية الأسماء المجردة والمزيدة ودلالاتها في السور المكية
ومن بعض أبنية الأسماء في السور المكية:
• (أ) (فَعْل)
أخف الأبنية وأعدلها، ولذلك كان أكثرها وقوعا في كلام العرب، قال أبو الفتح: ” وبناء فَعْل أعدل الأبنية حتى كثر وشاع وانتشر” (1)
وقد مر بنا أن الصرفيين تحدثوا عن هذه الصيغة فذكروا أنها تجئ اسماً نحو: (صَقْر) وصفة نحو: (صَعْب)، ووافقهمأبوحيان أيضاً في تفسيره
فكانت دلالات هذه البنية الثلاثية في تفسيره على النحو الآتي:
(1) جاءت اسماً دالا على الذات فى قوله تعالى:
(وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ)(الأعراف:176)
قال أبو حيان: ” (الكَلْب) حيوان معروف ويجمع في القلة على أكلب، وفى الكثرة على كلاب”(2)
وقوله تعالى:(وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ۖ) (يوسف:19)
قال أبو حيان: ”الدلو معروف، وهي مؤنثة فتصغر على دلية، وتجمع على أدْل، ودِلاء”(3)
وقوله تعالى :( كَشَجَرَةٍطَيِّبَةٍأَصْلُهَاثَابِتٌوَفَرْعُهَافِيالسَّمَاءِ) (إبراهيم: 24)
قال أبو حيان: ” الفرع: الغصن من الشجرة ” (4)
وذكرها ابن عاشور في تفسيره إذ قال:”والفَرع:ماامتدمنالشيءوعَلا،مشتقمنالافتراعوهوالاعتلاء.وفرعالشجرةغصنها،وأصلالشجرة:جذرها ” (5)
وقوله تعالى: (أَمْحَسِبْتَأَنَّأَصْحَابَالْكَهْفِوَالرَّقِيمِكَانُوامِنْآيَاتِنَاعَجَبًا) (الكهف: 9)
قال أبو حيان: ” الكهف: النقب المتسع في الجبل ” (6)
وقال صاحب الدر المصون: ” (الكهف): قيل: مطلق الغار، وقيل: هو ما اتسع في الجبل فإنه لم يتسع فهو غار. والجمع ” كُهوف” في الكثرة، و ” أَكْهُف” في القلة ” (7)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جنى، تحقيق: محمد على النجار، دار الكتب المصرية، القاهرة ج1، ص55
(2) البحر المحيط 4/ 417
(3) البحر المحيط 5/278
(4) البحر المحيط 5/404
(5) التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984، ج13، ص224
(6) البحر المحيط 6/ 91
(7) الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، السمين الحلبي، تحقيق: أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق،7/445

وقوله تعالى: (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ( (طه:39)
قال أبو حيان: ”اليَمُّ، وهو اسم للبحر العذب ” (1)
وفى قوله تعالى: ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ) (الصافات:125)
قال أبو حيان: ” (أتدعون بعلاً) أي: أتعبدون بعلاً، وهو علم لصنم لهم ” (2)
وقال السمين الحلبي: ” (بَعْلاً) القراء على تنوينه منصوباً، وهو الرب بلغة اليمن .... وقيل: هو علم
لصنم بعينه ” (3)
(2) جاءت دالة على اسم جنس في قوله تعالى:
(وَإِذَاغَشِيَهُممَّوْجٌكَالظُّلَلِ)(لقمان:32)
قال أبو حيان ” (مَوْج) اسم جنس يفرق بينه وبين مفرده بتاء التأنيث فهو يدل على الجمع، ولذلك شبهه
بالجمع ” (4)
وقوله تعالى:(أَنَّهُنَّبَيْضٌمَّكْنُونٌ) (الصافات:49)
قال أبو حيان: ” (البَيْض) معروف وهو اسم جنس الواحد بيضة، وسمى بذلك لبياضه، ويجمع على بيوض” (5)
وقوله تعالى :( حتىإِذَاأَتَوْاعلىوَادِالنَّمْلِقَالَتْنَمْلَةٌيَاأَيُّهَاالنَّمْلُادْخُلُوامَسَاكِنَكُمْ) (النمل:18)
قال أبو حيان:” (النمل) جنس واحدته نملة ويقال بضم الميم فيهما، وبضم النون مع ضم الميم، وسمى بذلك لكثرة تنمله وهو حركته ” (6)
ووافقه الطاهر بن عاشور في تفسيره حيث قال:و”{النمل}:اسمجنسلحشراتصغيرةذاتستأرجلتسكنفيشقوقمنالأرض.وهيأصنافمتفاوتةفيالحجم،والواحدمنهنملةبتاءالوحدة،فكلمةنملةلاتدلإلاعلىفردواحدمنهذاالنوعدوندلالةعلىتذكيرولاتأنيث” (7)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البحر المحيط 6/226
(2) البحر المحيط 7/358
(3) الدر المصون 9/327
(4) البحر المحيط 7/188
(5) البحر المحيط 7/336
(6) البحر المحيط 7/50
(7) التحرير والتنوير 19/24

ثانيا: أبنية المصادر في السور المكية ودلالاتها
ومن بعض أبنية المصادر في السور المكية:
(1) (فَعَل)
فَعَل يقع مصدراً لكل فعل لازم على وزن ” فَعِل” اللازم من باب ” فَعِل يَفْعَل” للدلالة على أحد هذه المعاني:
1- الداء وشبهه: نحو ” مَرِض مَرَضاً، وسَقِم سَقَماً”
2- الخوف والذعر، مثل: ” فزع فَزَعا، وجزع جَزَعا”
3- الحزن وضده نحو: ” حزن حزناً، وندم ندما، وفرح فرحا”
4- الجوع والعطش نحو: ” عطش عطشا، وظمئ ظمأ”
5- اللون والحلية نحو: ”خَمِط خَمَطا، حَوِر حَوَراً”
6- التعذر والشدة، نحو: عَسِر عَسَراً، وشَكِس شَكَساً” (2)
وجعل كل من ابن مالك (3)والرضى(4)” فَعَلا” مصدراً قياسياً لـ ”فَعِل” اللازم سواء أدل على هذه المعاني أم غيرها.
وقد تحدث أبو حيان عن المصادر التي على وزن فَعَل في قوله تعالى:
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنعام:100)
قال أبو حيان: ” فالخلق هنا مصدر بمعنى الاختلاق” (5)
ووافقه الألوسى في تفسيره إذ قال: ” وقرأ يحيى بن يعمر (وخلقهم) على صيغة المصدر عطفاً على (الجن) أو ما يخلقونه من الأصنام أو على (شركاء) أي: وجعلوا له اختلاقهم للقبائح حيث نسبوها إليه سبحانه) (6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أبنية الصرف في كتاب سيبويه، ص208
(2) الألفية، ص34-35
(3) شرح ابن عقيل على ألفية بن مالك، ابن عقيل العقيلي الهمداني المصري، دار الطلائع، القاهرة، 3/91
(4) شرح الشافية، تحقيق: محمد نور الحسن، محمد الزقراف، محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الكتب العلمية، بيروت، ج1، ص156
(5) البحر المحيط 4/197
(6) روح المعاني 7/24

جاء المصدر دالاً على الوصف:
في قوله تعالى: (لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا) (الجن:17)
قال أبو حيان: (وقرأ الجمهور (صَعَدا) بفتحتين، وهو مصدر صعد وصف به العذاب) (1)
وفى قوله تعالى: (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ) (يوسف:85)
قال أبو حيان: (الحرض: المشفى على الهلاك، يقال: حرض فهو حَرِض بكسر الراء حرَضا بفتحها، وهو المصدر، ولذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع) (2)
وقال الراغب: ” (الحَرَض): ما لا يعتد به ولا خير فيه ولذلك يقال لما أشرف على الهلاك:حَرَضٌ” (3)
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إلىموسى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تخشى) (طه:77)
قال أبو حيان: (يبسا) مصدر، وصف به الطريق وصفه بما آل إليه إذ كان حالة الضرب لم يتصف باليبس بل مرت عليه الصبا فجففته) (4) ،وقال الزمخشري: ” (اليبس) مصدر وصف به، يقال: يبس يَبَسا ويُبْسا، ومن ثم وصف به المؤنث فقيل: شاتنا يبس، وناقتنا يبس: إذا جف لبنها” (5)
وفى قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) (الكهف:9)
ذكرأبو حيان أن: ” (عجبا) نصب على أنه صفة لمحذوف دل عليه ما قبله وتقديره آية عجبا، وصفت بالمصدر أو علىتقدير ذات عجب ” (6)
وقوله تعالى: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا َ) (يوسف:47)
قال أبو حيان: (قرأ حفص ” دَأَباً” بفتح الهمزة، والجمهور بإسكانها وهما مصدران لدَأِب (7)
” (الدأب): الجد والمتابعة ” (8)
جاءت بمعنى مفعول:
ألتفت أبو حيان إلى هذه الدلالة في قوله تعالى: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) (الأنبياء:98)
إذ قال:” (حصب) هو مصدر يراد به المفعول أي المحصوب ” تقدير ذات عجب ”(9)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البحر المحيط 8/345
(2) البحر المحيط 5/325
(3) مفردات ألفاظ القرآن، ص159
(4) الكشاف 3/70
(5) البحر المحيط 6/245
(6) البحر المحيط 6/98
(7) البحر المحيط 5/314
(8) المعجم الموسوعي لألفاظ القرآن الكريم، ص179
(9) البحر المحيط 6/315
ثالثا: أبنية المشتقات في السور المكية ودلالاتها
اسم الفاعل
ومن دلالات اسم الفاعل في السور المكية:
الدلالة على الماضي:
في قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)(فاطر:1)
قال أبو حيان: (جاعل) (فاطر) فالأظهر أنهما اسما فاعل بمعنى المضي فيكون صفة لله) (1)
وذكرالطوسي أن: ” (فاطر السموات والارض) أي خالقها ومخترعها. والفطر الشق عن الشيء بإظهاره للحس،ومعنى فطر السموات والارض أي خلقها وأظهرهما للحس بعد أن لم تكونا ظاهرتين ” (2)
الدلالة على الحال والاستقبال:
في قوله تعالى: (وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ) (الكافرون :4)
قال أبو حيان: ”(عابد) اسم فاعل قد عمل في (ما عبدتم) فلا يفسر بالماضي إنما يفسر بالحال أو الاستقبال ” (3)
وقد ذكرابن تيمية في تفسيره دلالته على الحال والاستقبال إذ قال: ” (ولا أنا عابد) اسم فاعل قد عَمِل عَمل الفعل، ليس مضافاً فهو يتناول الحال والاستقبال أيضاً، لكنه جملة أسمية، والنفي بها بعد الفعل فيه زيادة معنى، كما تقول: ما أفعل هذا، وما أنا بفاعله. وقولك: (ما هو بفاعل هذا أبداً)، أبلغ من قولك (ما يفعله أبداً)، فإنه نفى عن الذات صدور هذا الفعل عنها، بخلاف قولك: (ما يفعل هذا) فإنه لا ينفى إمكانه وجوازه منه ” (4)
ومن ثم فإن التعبير باسم الفاعل (عابد) أضفى شدة النفي واستحالة القيام به على مر الأزمان.
وقوله تعالى: (لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ) (الحاقة :37)
قال أبو حيان: ” وقرأ الجمهور (الخاطئون) بالهمز اسم فاعل من خطئ وهو الذي يفعل ضد الصواب متعمداً لذلك، والمخطئ الذي يفعله غير متعمد ” (5)
الدلالة على العدد:
في قوله تعالى: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) (الكهف:22)
قال أبو حيان: (أي: هم ثلاثة أشخاص، وإنما قدرنا أشخاصاً لأن رابعهم اسم فاعل أضيف إلى الضمير، والمعنى أن ربعهم أي: جعلهم أربعة وصيرهم إلى هذا العدد)(6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البحرالمحيط 7/285
(2) التبيان في تفسير القرآن 8/411
(3) البحر المحيط 8/523
(4) دقائق التفسير، الإمام ابن تيمية، تحقيق: محمد السيد الجليد، مؤسسة علوم القرآن، سوريا، دمشق، ط2، ج6، ص326
(5) البحر المحيط 8/321
(6) البحر المحيط 6/110
الدلالة على الجنس:
في قوله تعالى: (إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أتى) (طه:69)
قال أبو حيان: (وقرأ الجمهور (ساحر) اسم فاعل من سحر، وأفرد (ساحر) من حيث إن فعل الجميع نوع واحد من السحر وذلك الحبال والعصى فكأنه صدر من ساحر واحد لعدم اختلاف أنواعه ” (1)، وقال الزمخشري: ” لم وُحِّد ساحر ولم يجمع؟ لأن القصد في هذا الكلام إلى معنى الجنسية، لا إلى معنى العدد، فلو جمع لخِّيل أنَّ المقصود هو العدد، ألاترى أن قوله (ولا يفلح الساحر) أي: هذا الجنس) (2)
جاءت هذه الصيغة مختومة بتاء (فاعلة) دالة على اسم الفاعل في قوله تعالى:
(لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ) (الواقعة:2)
ذكر أبو حيان أن :(كاذبة ) ظاهره أنه اسم فاعل من كذب، وهو صفة لمحذوف، فقدره الزمخشري نفس كاذبة، أي لا يكون حين تقع نفس تكذب على الله، وتكذب في تكذيب الغيب) (3)
وقوله تعالى: (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) (ص:46)
قال أبو حيان: ”(وخالصة) يحتمل، وهو الأظهر أن يكون اسم فاعل عبر عن مزية أو رتبة أو خصلة لا شوب فيها” (4)
وذهب ابن عطية إلى أن في ( خالصة) معنيين أحدهما : أن خالصة اسم فاعل ، قال: ” (خالصة) يحتمل أن يكون اسم فاعل كأنه عبر بها عن مزية أو رتبة، والآخر : أن ( خالصة ) مصدرا من أخلص على حذف الزوائد كالعاقبة وخائنة الأعين وغير ذلك (5)
وفى قوله تعالى: (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ) (الحاقة :21)
قال أبو حيان: (فهو في عيشة راضية) ذات رضا، وقال أبوعبيدة، والفراء (راضية مرضية) كقوله (من ماء دافق) أي: مدفوق ” (6)
وذهب ابن عطية في تفسيره إلى دلالته على النسب إذ قال: ” (راضية) معناه: ذات رضى فهي بمعنى مرضية، وليست بناء اسم فاعل” (7)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البحر المحيط 6/242
(2) الكشاف 3/68
(3) البحر المحيط 8/303
(4) البحر المحيط 7/386
(5) المحرر الوجيز 4/509
(6) البحر المحيط 8/413
(7) المحرر الوجيز 5/360
رابعا : أبنية الأسماء من حيث العدد في السور المكية
المثنى :
فالمثنى يعد من لطائف اللغة العربية وحسن بيانها، وله فى الشعر من الرنة ما يستهوى الفؤاد، ولذا عد من محسنات البديع (1) ،وعرفه الرضى الاسترابادى بأنه ” ضم مفرد الى مثله فى اللفظ غيره فى المعنى ”(2)
وعرفه الزجاجى حيث قال: ” هو ضم اسم إلى مثله فى اللفظ ويختصر ذلك بأن يقتصر على لفظ أحدهما إذا كان لا فرق بينه وبين الآخر” (3) ،ويختلف أبو حيان فى تعريفه للمثنى عما ورد عندهما حيث عرف المثنى بأنهما المتفقين لفظاَ ومعنى إذ قال: ”هو ضم اسم نكرة الى مثله لفظاَ ومعنى، أو معنى موجباَ للتسمية ولا يجوز العطف إلا لتكثير ، أو فصل بنعت، أو مخالفة بين نعتى مفردين لفظاَ أو نية فيهما أو ضرورة، ولا يؤثر اختلاف بأنوثة وتذكير بل تُغلّبه” (4) فقوله : ( المتفقين لفظاَ ومعنى) فيه إشكال واضح لأن العرب تستعمل ألفاظاَ دالة على المثنى مع اختلاف معانيها ، من مثل قولهم: الحجران : للذهب والفضة، والأسودان: للماء والتمر (5) فاختلاف المعنى هو أقرب للصواب مما ذهب إليه أبا حيان بإتفاق اللفظتين والمعنيين وتكون التثنية بزيادة ألف ونون فى حالة الرفع، وياء ونون فىحالتى النصب والجر .
وقد ورد المثنى فى البحر المحيط دالاً على عدة دلالات منها:
التغليب:
فى قوله تعالى: (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ) ( الكهف:80)
قال أبو حيان:” يراد بأبويه : أبوه وأمه ، ثنى تغليبا من باب القمرين: القمر والشمس” (6)
وتبعه السمين الحلبى في هذا المعنى حيث قال: ” (فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْن):التثنيةللتغليب،يريد:أباهوأمه،فغلَّبالمذكر،وهو شائع. ومثله: القمران والعمران.” (7)
وفى قوله تعالى : (يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)( الزخرف:38)
قال أبو حيان: ” بعد المشرق أو المغرب ، غلب المشرق فثناهما ، كما قالوا العمران فى أبى بكر وعمر ، والقمران فى الشمس والقمر” (8) ،وذهب الزمخشرى إلى هذا المعنى إذ قال : ” (المشرقين) يريد المشرق والمغرب،فغلب. كما قيل: (العُمَرَان والقمران )(9)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المثنى، ابو الطيب اللغوى، تحقيق: عز الدين التنوخى، مطبوعات المجمع العلمىالعربى، دمشق ،ص 8
(2) شرح الكافية ، ج1، 15
(3) الزجاجى، الايضاح فى علل النحو، ص121
(4)ابو حيان الاندلسى ، تقريب المقر ب ، ت: د عفيفى عبد الرحمن، دار المسيرة، بيروت ،ط1 ، ص100
(5) السيوطى، المزهر ، 2/173
(6) البحرالمحيط 6/146
(7) الدرالمصون 7/537
(8) البحرالمحيط 8/17
(9) الكشاف 4/137
من دلالات أبنية القلة :
أفْعلة:
يقاس فى كل اسم مذكر رباعى ثالثه مد سواء أكان مفتوح الفاء أو مكسورها أو مضمومها نحو:
• فِعَال : حمار – أحمرة
• فَعَال: زمان – أزمنة
• فُعَال: غراب- أغربة
• فعيل: جريب- أجربة
• فَعُول: عمود – أعمدة (1)
جاء هذا البناء فى البحر المحيط دالاً على الكثرة فى قوله تعالى:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ )( فاطر:1)
قال أبو حيان: ”(أجنحة) جمع جناح صيغة جمع القلة، وقياس جمع الكثرة فيه جنح على وزن فعل فإن كان لم يسمع كان (أجنحة) مستعملا في القليل والكثير ”(2)
وتبعه الألوسى في هذه الدلالة إذ قال: ” (أجنحة) جمع جناح صيغة جمع القلة، ومقتضى المقام أن المراد به الكثرة ” (3)
وفى قوله تعالى: (وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ) (النجم:32)
قال أبو حيان: (الأجنة جمع جنين، وهو الولد فىالبطن، سمى بذلك لاستتاره، والاجتنان الاستتار) (4)
وذكر الراغب أن: ” الجنين: الولد ما دام فى بطن أمه،وجمعه:أجنة، قال تعالى:وَإِذْ (أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ) وذلك فعيل بمعنى مفعول ” (5)
ودلت على القلة:
فى قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ) (الأحقاف:24)
قال أبو حيان: (جمع واد)،وأفعلهفى جمع فاعل الاسم شاذ نحو ناد وأندية وأجوزه والجائز (الخشبة الممتدة فى أعلى السقف) (6)، وقالالألوسى: ” (مستقبل أوديتهم) أى متوجه أوديتهم وفى مقابلتها وهى جمع واد،وأفعلهفى جمع فاعل الاسم شاذ نحو ناد وأندية ،وجائز للخشبة الممتدة فى أعلى السقف وأجوزة ” (7)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أبنية الصرف ، ص297-298
(2) البحر المحيط 7/285
(3) روح المعانى 22/162
(4) البحر المحيط 8/153
(5) مفردات ألفاظ القرآن ، ص140
(6) البحرالمحيط 8/64
(7) روحالمعانى 26/26
تناول هذا البحث أبنية الأسماء في السور المكية ودلالاتها في تفسير البحر المحيط لأبى حيان، مبيناً دورها في التفسير، وما أدت إليه من فوائد دلالية ،وكيف استطاع أبوحيان أن يستخدم القواعد الصرفية في خدمة التفسير ، وفى إنتاج المعاني الدلالية ، وفى استخدام معانٍ كثيرة من البنية الواحدة
وقد وقفت الباحثة بعد إنهاء الرسالة على نتائج من أهمها:
(1) جمع أبو حيان في هذا الكتاب آراء متعددة للعديد من النحويين والمفسرين لكتاب الله ولهذا نجد آراء متباينة حيناً ومتوافقة حيناً آخر، إلا أنه أكثر الأخذ عن الزمخشري وابن عطية رداً وتفنيداً
(2) يلعب السياق دوراً مهماً في تحديد نوع الكلمة التي جاءت فيه أثناء التباسها بين أن تكون مصدراً أو اسم فاعل أو صفة مشبهة أو اسم تفضيل....
(3) يرى أبو حيان أن الموازين جمع موزون وليست جمع ميزان وهو بذلك يخالف سيبويه
(4) ذكر أبو حيان أن (أحاديث) جمع تكسير وليست اسم جمع، وهو بذلك يخالف الزمخشري الذي عدها اسم جمع
(5) يمكن عد تفسير البحر المحيط مصدراً من المصادر التي عنيت بالكشف عن أصول كثير من مفردات ألفاظ القرآن الكريم، فلم يكن يكتفى ببيان دلالات الألفاظ اللغوية ومعانيها، إنما كان ينبه على اصولها اللغوية التي تطورت عنها، واشتقت منها.
(6) قد يتعدد المعنى الدلالي للبنية الواحدة في الآية، وينتج عن هذا تعدد توجيه الآية بحسب المعاني الدلالية التي تحتملها تلك البنية؛ مما يؤدى إلى تغيير المعنى التفسيري للآية، أو اختلاف التأويل البلاغي لها، وهذا جانب من إعجاز القرآن وثرائه؛ إذ يدل على المعاني الكثيرة باللفظ الواحد.
(7) من أتى بعد أبو حيان استفاد من أرائه التي عرضها في البحر المحيط كالألوسي في تفسيره روح المعاني، والسمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
(8) هناك دلالات انفردت بها البنية؛ لأن السياق الذي وردت فيه هو الذي يحدد دلالتها، وهي دلالات لم ترد في كتب الصرف.
(9) أفصحت الدراسة عن كون الزيادة في المبنى لا تؤدى إلى زيادة في المعنى؛ لإمكانية وجود صيغ وردت بأقل عدد من الحروف في تركيب بنيتها، إلا أنها تؤدى المعاني الدلالية التي تحتملها الزيادة كالصيغة المصدرية (فَعْل) وهي (وَعْد) بمعنى موعود، فأدت معنى اسم المفعول على الرغم من مجيئها بهيئة المصدر
(10) قد تنوب جموع الكثرة عن جموع القلة والعكس، ويعتبر السياق هو الفيصل الذى احتكم إليه أبوحيان في إظهار المعنى
(11) كثرة مجيء المصدر وصفا للمبالغة في السور المكية
(12) يميل أبوحيان في أحيان كثيرة إلى آراء المدرسة البصرية
مصادر البحث ومراجعه:
القرآن الكريم براوية حفص عن عاصم
أولا : المصادر
البحر المحيط ، لأبى حيان محمد بن يوسف الأندلسى ، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود ، وعلى محمد معوض ، زكريا عبد المجيد النوتى، أحمد النجولى الجمل ، دار الكتب العلمية ، لبنان ، ط3 ، 2010
ثانيا مراجع البحث:
• أبنية الصرف فى كتاب سيبوية ، خديجة الحديثى، مكتبة النهضة ، بغداد ، ط1، 1965م-1385هـ
• أبو حيان النحوى ، خديجة الحديثى ، مكتبة النهضة ، بغداد ، ط1، 1385هـ-1966م
• ارتشاف الضرب من لسان العرب ، أبو حيان الأندلسى، تحقيق: رجب عثمان محمد ، مكتبة الخانجى، القاهرة ، ط1، 1418هـ- 1998م
• أسرار العربية ، أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن بن أبى سعيد الأنبارى، تحقيق: محمد حسين شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، بيروت ،ط1 ، 1418 ه -1977 م
• الأشباة والنظائر فى النحو، جلال الدين السيوطى ، تحقيق: غارى مختار طليمات،مجمع اللغة العربية ، دمشق
• الأصول فىالنحو ، ابن السراج النحوى ،تحقيق: عبد الحسين الفتلى ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط3 ، 1417هـ -1996م
• الاعجازالصرفى في القرآن الكريم، عبد الحميد هنداوى، المكتبة العصرية، بيروت، ط1، 1429ه،2008م
• الإنصاف فى مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين ، أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن بن أبى سعيد الأنبارى ، ومعه كتاب ” الانتصاف من الإنصاف ” لمحمد محيى الدين عبد الحميد ، دار الفكر ، القاهرة ،
• أنوار التنزيل وأسرار التأويل ، المعروف بـ ” تفسير البيضاوي ” عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي ، تحقيق : محمد عبد الرحمن المرعشلى ، دار إحياء التراث العربى ، بيروت
• أوضح المسالك إلى ألفية بن مالك، لأبى محمد بن عبدالله جمال الدين بن هشام الأنصاريالمصرى ، تحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد ، صيدا ، بيروت ، النفائس ،ط3 ، 1399هـ -1979 م
• الإيضاح فى علل النحو ، أبو القاسم الزجاجى ، تحقيق: مازن المبارك ، دار النفائس ، ط3، بيروت ، 1399هـ ، 1979 م
• البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ، محمد بن على الشوكانى ،دار الكتاب الإسلامى ،القاهرة
• بغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة، جلال الدين عبد الرحمن السيوطى، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، لبنان ، صيدا
• تاريخ أبى الفداء المسمى المختصر فى أخبار البشر ، لأبو الفداء إسماعيل بن على بن أيوب
• التبيان في تفسير القرآن، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق: أحمد حبيب قصير العاملي، دار إحياء التراث العربي،بيروت، لبنان
• التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسيةللنشر،تونس، 1984
• التحليل اللغوي في ضوء علم الدلالة، د/ محمود عكاشة، دار النشر للجامعات،القاهرة، ط2، 2011
• التذييل والتكميلفي شرح كتاب التسهيل، أبو حيان الأندلسي، تحقيق: حسن هنداوي، دار القلم الإيضاح في علل النحو، لأبى القاسم الزجاجي، تحقيق: مازن المبارك،دار، دمشق