الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته يميل للاستعانة بغيره من بني جنسه ويتبادل معهم المصالح، ومن ثم تتشابك العلاقات الاجتماعية ويسعى كل فرد لتحقيق مطالبه الشخصية، ولو أدى ذلك إلى الإضرار بغيره، ولما كان من الضروري ضبط تلك العلاقات، ضمانًا للأمن والأمان وحفاظًا على النظام العام، اقتضى الأمر تنظيمها بقواعد قانونية معينة ملزمة وواجبة الاحترام، وأن مخالفتها يرتب الجزاء؛ حيث إن نوازع الأنانية والإيثار الشخصى، اللذان هما من الطبائع البشرية، كانا السبب الأول لميلاد فكرة المسؤولية( ) بصفة عامة، فالمسؤولية هى محور أى نظام قانونى، يهدف الى تحقيق التوازن والاستقرار بين أفراد المجتمع الواحد، ويُقصد بالمسؤولية بمفهومها العام: مساءلة الشخص عن فعل أو ترك غير جائز( )، وفى حالة إذا ما ارتكب شخص أمرًا إيجابيًا أو سلبيًا فيه مخالفة لأمر أو نهى مقررًا بقاعدة واجبة الاحترام، فهذه المخالفة يترتب عليها المؤاخذة، والتى تتنوع بتنوع القاعدة محل المخالفة، فإذا كان الفعل أو الترك لقاعدة أخلاقية ترتب على ذلك المسؤولية الجنائية. وعلى ذلك فإن العدل مبتغي الإنسان إينما كان، إليه دائمًا سعيه، ومن أجله كان وسيظل كفاحه، ينشده المتنازعون بسلوك سبيل التراضي، فإذا أخفق سعيهم، لم يكن بد من ولوج باب التقاضي، يبتغون إنصافهم من القضاء، فيلجأون إليه مطمئنين، تملؤهم الثقة في الحصول على حقوقهم، إعمالًا لقواعد قانونية تتسم بالعمومية والتجريد، تنظم شئون المجتمع، وتتصدر وسائل الضبط الاجتماعي فيه، غير أن التعايش الإنساني في منظومة واحدة ضرورة اجتماعية لا مناص منها، وهذا التعايش الاجتماعي يخضع لقواعد ضبط اجتماعية وسياسية، تأتي في مقدمتها القاعدة القانونية، ومع اتساع وتطور تعاملات الأفراد، ولا سيما عبر الدول، وظهور ما يسمى بالعنصر الأجنبي في الجرائم التي قد تنشأ بسبب العلاقات بين الأشخاص الخاصة، أصبح هناك أهمية لتحديد مدى دخول الجريمة ذات العنصر الأجنبي في نطاق القانون الدولي الخاص، أي في نطاق تنازع القوانين، باعتبار أن الأصل في القانون الدولي الخاص وفقًا للنظرية الكلاسيكية أنه ينظم العلاقات الخاصة ذات العنصر الأجنبي، أما وفقًا للنظرية الحديثة، فإن علاقات القانون العام، ومنها العلاقات الناشئة عن جريمة، يمكن أن تدخل في نطاق قواعد القانون الدولي الخاص. |