Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
ظاهرة التصور المثالي للموت لدى الشعراء الهروبيين في مصر (1920-1950):
المؤلف
سليمان، هدير كُريم عبده.
هيئة الاعداد
باحث / هدير كُريم عبده سليمان
مشرف / عبد المرضي زكريا
مشرف / أحمد محمد فؤاد
مناقش / حسام محمد السيد عقل
الموضوع
الشعر العربي- مصر- تاريخ- العصرالحديث. الشعراء الهروبيين.
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
286ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
الآداب والعلوم الإنسانية
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية التربية - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 284

from 284

المستخلص

أرادت الباحثة فى هذه الرسالة أن تقدم حواراً منهجياً حول رؤية الشعراء الهروبيين للموت باعتباره وسيلة للخلاص من حياة حافلة بالمتاعب ، ومخرج مناسب للهروب من الوجود الموبوء ، ومصدر للشعور بالارتياح ، ووطن مثالى مجرد من الفساد والنقص ، وملاذ لهم ، وأضفوا ما لا يمكن حصره من المعانى الجميلة والساحرة عليه واتضح ذلك من خلال نصوصهم الشعرية بعدما أدركوا حجم المأساة التى حاصرت مجتمعهم الكريه الكئيب ، وأحسوا بالعزلة والحزن واليأس ، وشعروا بالاغتراب .
وربما سائلاً يثير تساؤل وهو :
لماذا آثرت هذه القضية – وأقصد بها : قضية : « التصور المثالى الحالم للموت بأبعاده الإيجابية بعيداً عن الكارثية وآلام الفقد » .
وأرد على هذا التساؤل فأقول : لأن هناك حاجة بالغة الشدة دفعتنى إلى دراسة هذه القضية دراسة منهجية ، فقد ترعرع هؤلاء الشعراء فى عصر الصراع المذهبى والظلم الاجتماعى والفساد السياسى والاقتصادى والاجتماعى ، وفى وطن ملىء بالحروب والقتل وقمع الحريات والاعتقال ، يهاجم فيه الذى يحاول مقاومة الشر وسلبيات المجتمع ، وفى مجتمع غاب فيه المثل الأعلى ، وازداد فيه الشعور بالقلق والضيق وعدم التلاؤم والانسجام ، والعجز عن مواكبة الأحداث والتغيرات ، والشعور بالخيبة والشك والريبة بالمستقبل ، وفى ظل هذه الأوضاع نجد ذلك التيار الهارب من المجتمع إلى الوطن الوجدانى وهو ما نسميه بوطن الموت ، وأصبح الموت عند هذا التيار الهروبى حلماً رائعاً ، وسيطرت صورة الموت ومشاعره على عقول هؤلاء الشعراء المنتمين إلى هذا التيار ، وخاصة أنهم رأوا أنفسهم فى مكان غير مكانهم ، وفى زمن غير زمانهم ، وافتتنوا بالموت ، وحنوا واشتاقوا إليه ، ونظروا إليه نظرة مثالية حالمة .
وقد لا أكون مبالغة لو قلت : إن الشعر الذى يطرح رؤية وطنية عميقة شاملة ترتكز محاورها على : المواطنين والوطن والمبادئ والقيم والأخلاق – هذا الشعر يعتبر فى رأيى – أرضاً خصبة فى
عالم الشعر ، ونجماً ساطعاً فى سماء الشعر ، وقد وجدت فى أشعار هذا التيار الشعرى الهارب صورة صادقة مطابقة للحقيقة بدون ريب لأدب واقعى يخدم الشعر العربى ، وسجلاً حافلاً لما كان يجرى فى مصر على أيامهم من أحداث من واقع الحياة تصور جزيئات الحياة البسيطة وأحداثها اليومية ، وتصف فساد ذلك الزمان وما كان يظهر فيه من مشاكل تخلق المتاعب ، وألوان الاغتراب التى عاناها هؤلاء الشعراء ، وتقدم نقداً لاذعاً على الحكام الظالمين والمنافقين وعلى كثير من فئات المجتمع فى هذه الفترة بحيث يجد القارئ فى كلماته صيحات شديدة من يقرأها لأول وهلة يحس بالإعجاب الشديد بهذا الشكل من الأشعار ، ولعل هذا النوع من الشعر أشهى ما تتوق إليه نفسى .
ولا بأس أن أضيف إلى ذلك أيضاً أن سبب اختيارى لهذه القضية هو تقديرى العالى لشخصية هؤلاء الشعراء وتصوراتهم ورؤاهم الشعرية ، ولأشعارهم القيمة الثرية التى تستحق التقدير والإعجاب فحاولت أن أشارك بقدر الإمكان فى إبراز مكانة هؤلاء الشعراء ومقامهم الرفيع عن طريق دراسة تحليلية نقدية جديدة من منظور جديد ، وكذلك رغبتى الشديدة فى دراسة ما ينطوى عليه الشعر الهروبى من مناطق تميز فنى لافت ، وتصور فكرى فريد بارز يضيف للإبداعية العربية ، والشعرية العربية ، والفكر العربى معاً ، ولتكون هذه الدراسة بمثابة صورة توضيحية واقعية لأهم جوانب هذه القضية ، ومرجع يرجع إليه الدارسون والباحثون مرة بعد أخرى ممن يريدون أن يتوصلوا إلى أبعاد جديدة فى هذه القضية ويقدموا إضافات جديدة فى هذا المجال .
وقد بذلت كل ما فى الإمكان بهدف الاطلاع على الدراسات النقدية التى تناولت النصوص الشعرية لهؤلاء الشعراء الهروبيين ، وما ألف من كتب تناولت معالم حياتهم وأعمالهم الأدبية ، وما كتب عنهم فى صورة رسائل علمية أو مقالات نقدية ، وحاولت جاهدة البحث عن شعراء ربما لم تزل أخبارهم مجهولة ، ولم تقدم دراسة عن معالم حياة بعضهم من قبل ، وبعضهم لم ينل الاهتمام الكافى فى الدراسات السابقة .
وقد اقتضت طبيعة الموضوع أن يتكون من ثلاثة فصول ، سبقها تمهيد ، وأعقبها خاتمة .
تناول التمهيد : مصطلح التيار الهروبى وبداياته .
وقد آثرت أن يدور الفصل الأول من هذه الرسالة حول : المؤثرات الاجتماعية والسياسية والنفسية والثقافية ، وهى مسميات محاور هذا الفصل بالترتيب ، وهى مؤثرات أثرت فى موقف هؤلاء الشعراء من المجتمع ، وكانت كافية للدلالة على الواقع الأليم الذى كان يعيش فيه هؤلاء الشعراء ، والذى حتم عليهم العزلة والهروب إلى الموت بعدما أدركوا أنه وسيلتهم للخلاص من هذه الحياة القاسية .
ومن منطلق التنقيب عن المؤثرات التى من الممكن أن تدعم قضية « التصور المثالى للموت » كان عنوان الفصل الثانى بــــــــ « تجليات اللغة الشعرية فى تجارب الشعراء الهروبيين » وقد
أردت فى هذا الفصل أن أوضح تصورات الشعراء الهروبيين المثالية الحالمة للموت ، ومدى تنوع أفكارهم ورؤاهم فى هذا الصدد ، وقد رأيت أنه من المفيد تقسيم الشعراء فى هذا الفصل إلى طوائف ليسهل تقديم تصوراتهم ورؤاهم المثالية حول الموت ، وقد التقيت بنصوص كثيرة تدل على الإبداع والتجديد ، وعمق النظر فى الوجود والمصير ، كما أن التجارب الشعرية فى هذا الفصل قدمت زخماً هائلاً من الأفكار والمشاعر حين يتأملها القارئ يشعر بمدى غزارة الفيض العاطفى عند هؤلاء الشعراء أثناء إبداعهم الشعرى ، ويرى صوراً ساخرة من المجتمع الظالم ، ونماذجاً لتجارب شعرية تكشف عن ألوان الاغتراب التى عاناها هؤلاء الشعراء ، وتصور حنينهم إلى الموت .
واتضح لى فى نهاية هذا الفصل أن هؤلاء الشعراء الهروبيين المغتربين المخذولين ، الذين أحبط سعيهم بضغوط بيئاتهم ومجتمعاتهم ، أو بسطوة سلطة باطشة ، اختاروا أن يلوذوا بوطن الموت ، وأصبح الموت عندهم حلماً رائعاً ، وتطلع كثير منهم إلى الخلود الأبدى متأثرين بالرومانتيكية وهروبيتها ، وبالصورة المثالية الحالمة للموت فى الشعر الرومانتيكى .
والفصل الثالث وهو الأخير فى هذه الرسالة ، يدور حول « الأبعاد الجمالية والدلالية فى نصوص الشعراء الهروبيين » وتقصت الباحثة فى هذا الفصل بصورة تفصيلية السمات الفنية الماثلة فى نماذج هؤلاء الشعراء الهروبيين ، وفى سبيل هذا المسعى فقد عمدت الباحثة إلى اختيار عينات دالة وليس إلى استيفاء كل الشواهد الشعرية لتجنب التكرار ، وصعوبة تحليل النصوص الشعرية كلها .
ونشير الآن بإيجاز إلى أبرز الظواهر المهمة فى هذا الفصل ، والتى من المحتمل أن تكون مشتركة بين أغلب من ينتسبون إلى ذلك التيار الشعرى الهارب من المجتمع :
اتكأ بعضهم فى صياغته على بعض سمات الرمزية .
شغل التصوير فى أشعارهم مساحة كبيرة ، فقد اتضح فى صورهم الشعرية حسن الخيال المجنح الطائف بأجنحته بعيداً فى عوالم بعيدة عما يألفه الناس .
بعضهم له أدواته الخاصة التى لها فاعلية فى موسيقى الشعر كتكرار ألفاظ وتعبيرات بعينها ، والتفوق والبراعة فى استخدام اسم الفاعل .
أسقط بعض هؤلاء الشعراء الهروبيين آراءهم السياسية والاجتماعية فى أشعارهم الهروبية ، فوجدنا شعراء صرحوا فى بعض شعرهم بأن الموت مهرب وملاذ من فساد المجتمع وعبثه ، ورأينا أصداء الفساد المجتمعى أيضاً فى شعرهم .
اتكأ بعض هؤلاء الشعراء الهروبيين فى صياغته إلى تدفق العواطف الحزينة .
تكرار كلمة الموت ومرادفاتها فى أشعارهم ، فالرغبة الملحة فى تمنى الموت وطلبه عكست الواقع الموبوء الذى عاش هؤلاء الشعراء فيه ، والذى جعلهم يشعرون باغتراب دائم ، ويتحدثون كثيراً عن الموت ، ويشتاقون إليه ، وتتوق نفسهم إليه لأنه الحاجز الذى يفصل بينهم وبين الحياة ، ويرغبون
فى ترك الوجود الصعب عن تصميم وقصد ، كما ساهم التكرار فى إظهار اهتمامهم الشديد بالموت ، وفى إقناع المتلقى .
أغلب أشعارهم تجل وتقدس الانعزال ، والوحدة ، والانقطاع عن العالم ، والانطواء على النفس أمام ضياع المبادئ ، والاستخفاف بكل القيم ، وفساد المجتمع ، وعبث البيئة السياسية الحزبية ، وهيمنت مذهب الذين يطلبون المنفعة واغتنام الفرص عليها ، والفرار إلى عالم خيالى حالم .
حين يعيد الدارس النظر فى أشعار هؤلاء الشعراء الهروبيين ، يلاحظ أن هؤلاء الشعراء قد انعكست ذاتيتهم فى أشعارهم ، وظهرت شخصيتهم فى صياغتهم .
الخيال الجامح أعطاهم تعويضاً عن ضياعهم فى الوجود .
اتجهوا فى الكثير من أشعارهم إلى الوصف الموضوعى للذات ، وآلامها وعذابها وشقائها ، وصف يعبر عن مشاعر وأحاسيس شاعر خاص ، يجعلنا نشعر بتجربة ذاتية حقيقية .
التناوب فى أشعارهم بين استخدام اللغة العربية الفصحى الخالصة السليمة من كل عيب ، واللغة الدارجة التى يتكلم بها عامة الناس .
جمع بينهم التشاؤم الذى جعلهم يتحدثون كثيراً عن الموت .
هناك من الشعراء الهروبيين من ركز على الإيقاع الداخلى فى شعره ، ومنهم من اهتم بالإيقاع الخارجى ، وهناك من ساوى بين الإيقاعين .
اللغة الشعرية عند كثير من هؤلاء الشعراء الهروبيين تمتاز بالانسجام والتوافق التام مع الوظيفة الشعرية التى يقر بها هؤلاء الشعراء ، وتناسب تجاربهم الذاتية .
كثرة حوار الشعراء مع أنفسهم فى أشعارهم الهروبية .
تناص بعض هؤلاء الشعراء مع القرآن والأمثال الشعبية ، وكذلك الأشعار العربية القديمة .
طغيان الروح المصرية الهزلية الميالة للدعابة والمزاح على شعر بعضهم ، ووظفوها بوعى لخدمة نصوصهم الشعرية .
وتنتهى هذه الرسالة بخاتمة موجزة ، تبرز أهم النقاط التى ناقشتها هذه الدراسة ، وأهم النتائج التى توصلت الدراسة إليها .
وأخال – فى ختام هذه الرسالة – أننا فى حاجة إلى مزيد من الدراسات العميقة حول قضية « التصور المثالى الحالم للموت » ومن هنا فإن الباحثة توصى بأن يتفرغ الدارسون والباحثون ، ويواظبوا على دراسة هذه القضية ، فقد وجدت الباحثة أمثلة لتجارب شعرية عديدة ترفض الفساد وتهاجم الظلم ، ونماذج لشعراء آخرين فى العصر الحديث تسير فى هذا الاتجاه الهارب فى الفترة التالية للفترة التاريخية المطروحة فى هذه الدراسة ، فلا يزال مجال الأدب به بعض النزر القليل