Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحماية الدستورية للحريات الفكرية في إطار
العلمانية والمواطنة :
المؤلف
يوسف، أيمن محمد.
هيئة الاعداد
باحث / أيمن محمد يوسف
مشرف / منصور محمد أحمد
مناقش / محمد جمال جبريل
مناقش / أيمن محمد أبو حمزه
الموضوع
الحقوق المدنية. الحياة السياسية. القانون الدستورى.
تاريخ النشر
2020.
عدد الصفحات
367 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2020
مكان الإجازة
جامعة المنوفية - كلية الحقوق - القانون العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 367

from 367

المستخلص

تعتبر المواطنة من أهم متطلبات الرقي والتحضر في مختلف المجتمعات فهي التي تحمل في طياتها منظومة متكاملة من القيم السامية التي تعمل على بناء ارتباط أخلاقي وقانوني بين الفرد والدولة .
فالمواطنة في أوسع مدلولاتها، تعني تمتع الفرد بحقوقه كاملة في شكل متساوٍ مع بقية الأفراد، وأدائه واجباته داخل المجتمع الذي ينتمي إليه في حدود التنظيم القانوني الذي يخضع له ، وهو ما يعني في الحقيقة إعلاءً كاملاً لقيمة الوطن وتطبيقاً شاملاً لأهم مبادئ حقوق الإنسان التي نصت عليها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
ولذلك فلقد حرص المشرع الدستوري المصري في التعديلات الدستورية في مارس عام 2007 وما أعقبه من دساتير على تكريس مبدأ المواطنة كأساس لتحديد العلاقة بين المواطن والدولة وبين المواطنين فيما بينهم إلا أنه لا شك أن اعتراف النظام القانوني المصري أيضاً بدين رسمي للدولة واعتبار الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع يشكل أساساً مهماً تخضع له حقوق وحريات الأفراد.
وإذا كانت طبيعة المجتمع المصري تتسم بالتعدد الطائفي، وهو ما يسبب في بعض الاحيان موجة من الاحتقان داخل المجتمع، مما يستدعي وجود سلطة قوية تنظم العلاقات في هذا المجتمع وتهذب السلوك الإنساني داخله انطلاقاً من المساواة بين الأفراد أمام القانون والتعامل معهم على أساس معيار واحد وهو المواطنة، فهذه الأخيرة تملك قدرة فائقة على رفع الخلافات، وجبر الاختلافات بين مكونات المجتمع المختلفة، ناهيك عن ضمان التوازن بين الحرية والمسئولية، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على استقرار النظام السياسي واستمراريته.
أما العلمانية الفرنسية فهي تعني مبدأ الفصل بين الدين والدولة، وبالتالي حياد الدولة تجاه اعتناق الأفراد للديانات المختلفة. ولها معنى آخر يشير إلى طبيعة علاقة الدين بالمؤسسات العامة أو الخاصة العاملة بالدولة ، حيث تبتعد عن الدين، وبالتالي تتعارض العلمانية مع الاعتراف بدين رسمي للدولة ،فالدولة تستمد قوتها من الأمة وليس من الدين أو من وحى السماء المنزل في الكتب السماوية, فقول أن الأمة مصدر السلطات هو قول بأن العلمانية هي منهج حياة الأمة وليس الدين ، وبالتالي تقوم الحريات على أساس تلك الفكرة.
إلا أن الفارق بينها وبين المواطنة في النظام القانوني المصري وهو وجود الشريعة الإسلامية كمرجعية للنظام القانوني المصري في حين ان فرنسا تقوم على نظام الفصل بين الدولة والدين وهنا يظهر لب الخلاف بين النظامين المصري والفرنسي والذي تلعب فيه الشريعة الإسلامية أو الدين دوراً أساسياً في النظام القانوني المصري .
وقد عمدت الشعوب بعد أن نالت مبتغاها إلى تضمين هذه الحريات في قوانينها الأساسية، كفالة لها وضمانا لممارستها ،إذ إنَّ لكل إنسانٍ الحق في التمتع بمجموعة من الحقوق الفطرية المقررة في الديانات السماوية والمنصوص عليها في المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات الوطنية، على اختلاف مذاهبها، فحق الإنسان في حرية المعتقد والعبادة إنَّما هو من الحقوق الهامة ، حيث إنَّ حب التدين والعبادة متأصل في الجنس البشري، إذ عرف الإنسان القديم العقيدة والمعتقد منذ الأذل أي منذ أن وطأت قدماه الأرض، فما وجدَتْ أفراداً أو جماعات عبر التاريخ إلا وفيهم هذه النزعة الفطرية.
لذا يجب أن تكون حرية العقيده والمعتقد مكفولة لكل مواطن ومواطنة، إذ هي اختيار شخصي، لا إكراه فيه، وتشمل الحق في اعتناق دين أو معتقد أو عدم اعتناقه والحق في إظهار ذلك الدين أو المعتقد واقامة شعائره ونشره بالتعليم أو بالدعوة إليه. فلا تخضع حرية المعتقد إلا للقيود التي يفرضها القانون بحيث تكون ضرورية لحماية النظام العام أو حقوق الآخرين أو حرياتهم الأساسية أو الآداب العامة .
أما الحديث عن حق الإنسان في الاختيار فلا معنى له إلا حينما يكون هذا الإنسان مخيراً في كافة قراراته الحياتية، وفي مقدمتها حقه في اختيار عقيدته وممارسة طقوسها وتعاليمها في أجواء من الاحترام التام لعقائد الآخرين، وهكذا ستكون حرية المعتقد أفضل ضمان ووسيلة لصيانتها، وحمايتها من كل مساس بمقدساتها أو انتهاك لحرماتها، ولا أدل على ذلك من أن الدول التي لا تفرض وصاية على عقائد وشعائر رعاياها، وتعاملهم على أساس المواطنة الخالصة بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية، أو مشاربهم المذهبية هي أكثر المجتمعات التي ينتشر فيها التدين السليم في إطار صيانة النظام العام.
أما حرية الاعتقاد في ظل العلمانية الفرنسية فتستند في أساسها إلى قانون 5 ديسمبر لعام 1905 الخاص بفصل الكنيسة عن الدولة والذى بمقتضاه لا تعترف الجمهورية الفرنسية بأي دين ولا تعطى الدولة أي منزلة خاصة أو امتياز ما لأى ديانة. و بات الدين من غير الامور العامة التي تتكفل الدولة بمراعاتها,فلا اعانة للهيئات أو الجمعيات أو المؤسسات الدينية تتكفلها الدولة.
ويظهر هنا بشكل دقيق الفرق بين حرية العقيدة في ظل العلمانية الفرنسية والتي تعتمد على حرية اعتقاد مبنية على مدى قناعة كل شخص فيما يعتقده مهما كان هذا الاعتقاد فيشمل بذلك حرية الإلحاد وحرية تغيير الدين دون قيود وتقبل كل دين جديد مهما كانت طبيعته أو مصدره ونتيجة اتساع مفهوم المواطنة لتشمل حقوق اجتماعية كثيرة فقد شملت المواطنة حق التعليم باعتباره حق الفرد على الدولة أن توفر له قدراً كافياً أو حد أدنى من التعليم وعليه أن يختار نوع التعليم الذي يرغبه وله حرية نقل أفكاره وخبراته للآخرين ولا يمكن تصور الرقي او النهضة ما لم يسبق ذلك نشر التعليم وإلزاميته ليكون قاعده للتأسيس لمجتمع متحضر يأخذ زمام المبادرة في الرقي والنهوض ، ولذلك فالدول بمختلف توجهاتها السياسية وانتماءاتها الأيدولوجية تعمل على منحه شرعية دستورية وحماية قانونية،وهنا تظهر إشكالية البحث في اختلاف منطق تلك الحماية وتلك الشرعية الدستورية بين دولة كمصر تعتنق مبدأ المواطنة في ظل اعتراف بدين رسمي للدولة ووجود الشريعة الاسلامية كمصدر رئيسي للتشريع، وما استتبعه ذلك من وجود مؤسسات تعليمية دينية سواء إسلامية أو مسيحية ،كذلك تدريس المواد الدينية الإسلامية أو المسيحية في المدارس والجامعات وكذلك تولي رجال الدين وظائف التدريس.
أما فرنسا فإن المدارس هي الباب الصغير الذي دخلت منه العلمانية إلى المجتمع الفرنسي، وهي الوسيلة الأكيدة لإقامة نظام علماني وإذا كان أنصار العلمانية في مجال التعليم يرون فيها مدرسة المساواة المفتوحة للجميع بدون تمييز، بل رافضة لهذا التمييز، وأنها لابد أن تؤسسس على نموذج خارج الإطار الديني وبذلك فالعلمانية تستبعد أي دور للتعاليم الدينية من محيط التعليم،أو أن يتولى التعليم في المدارس العامة أشخاص ذو توجهات دينيه،وبالتالي فإنه لايسمح لرجال الدين بتولي وظائف التعليم في المدارس والجامعات.
وقد شكلت المواطنة كأحد مبادئ الحكم والشريعة الاسلامية كمصدر رئيسي للتشريع أهم وأجل تلك الضوابط الدستورية في النظام القانوني المصري كما يشكل مبدأ العلمانية أحد الضوابط الدستورية للحرية الرأي والتعبير في فرنسا، وهي بقدر قيمتها المركزية في منظومة الحريات العامة تواجه إشكاليات مفاهيم عديدة في علاقتها بعدد من الحريات العامة مثل علاقتها بالأديان والتي فجرت العديد من الازمات مثل مفهوم ازدراء الأديان، وتشكل تلك النقطة أحد منابع الخلاف بين حرية التعبير في ظل المواطنة والعلمانية كما تختلف فكرة الرقابة عليها بين الدولة التي تعتنق مبدأ المواطنة والتي يكون للرقابة الدينية دوراً فيها وبين الدولة العلمانية التي تختفي فيها فكرة الرقابة الدينية ويظهر نوع آخر من الرقابة يطلق عليه رقابة المسئولية.