الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تكمن الأهمية لهذه المسألة في بيان مدى قدرة العقلانية الناشئة في القرن السابع عشر في معالجة مشكل قديم ولكنه وضع بمفاهيم جديدة في ذلك العصر، ومدى تأثير هذه العقلانية من خلال هذه القضية على الفلسفة فيما بعد. حيث أنقسم الفلاسفة تجاه المشكلة إلى القائلين بالتعددية أو الثنائية ثم القائلين بالواحدية. ومن ابرز دُعاة الثنائية في العصر الحديث هو الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت ”Renu Descartes” (1596-1650 ف) الذي يرى أن العقل والجسد عبارة عن جوهرين متمايزين، بمعنى أن العقل جوهر مستقل بذاته، والجسد جوهر مستقل بذاته وبالرغم من هذا التمايز بين الجوهرين إلا أنه توجد علاقة متبادلة وعلاقة تفاعل بينهما؛ حيث أن فلسفته هي فلسفة عقلية تقف موقف الشك إزاء العديد من القضايا والمسائل الفلسفية ولكن وسط هذا الشك الكلي توصل إلى الحقيقة أنه موجود. والسؤال الذي يمكن طرحه هو إذا سلمنا بأن النفس جوهر مستقل ومغاير تماماً عن الجسد لأنه من طبيعة مختلفة عنه؛ فكيف يمكن للنفس والجسد المتمايزين في طبيعتهما أن يتحدا ليكونا موجوداً واحداً هو الإنسان. وبمعنى آخر، إذا كانت النفس تؤلف الجسد كجوهرين متغايرين، فكيف أن يتفاعلا، ويسلك الجسد سلوكاً يوحى بتحكم النفس أو الذهن به؟ نعم، كيف يمكن لذراعي مثلاً، أن تتحرك إذا أردت ذلك، مع أن إرادتي تعبر عن ظاهرة نفسية عقلية، وحركة ذراعي تعبر عن ظاهرة بدنية؟ أسس ديكارت الفصل الوجودي الفعلي على الفصل الإبستمولوجي، إذ يرى أنه إذا أمكننا أن نفكر بالنفس، بشكل واضح وتام، من دون أن نفترض الجسد مسبقاً، وإذا كنا قادرين على أن نتصور الجسد شيئاً متميزاً عن النفس، فإن ذلك يثبت لنا بأن لدينا شيئين متميزين، أو جوهرين أحدهما مستقل عن الآخر تماماً. |