![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لقد هذه التكنولوجيا المتقدمة سبل الحياة ومزاياها التي تحقّقت وتتحقق كلَّ يوم بفضل التقنية المعلوماتية، التي أضحت أداةَ بناءٍ وأساساً لكلّ تطور، فإنَّها في المقابل – وفَوْرَ ظهورها مثل كلّ ظاهرة جديدة – صاحبتها موجات كبيرة من التعديات والاختراقات والسلبيات غير المتوقعة جرّاء استخدام هذه التقنيات من قِبل الإنسان، وكانت سبيلا للجريمة ووسائل ارتكابها للقيام بأعمال إجرامية لم تكن معروفة من قبل، إذ غيّرت الجريمة من نمطها التقليدي وأبعادها المحدودة إلى أنماط مستحدثة، وأفرزت مصطلحات جنائية جديدة كالجرائم الإلكترونية والجاني الإلكتروني والضحية الإلكترونية والدليل الإلكتروني، انتهاء بالتحقيق الجنائي الإلكتروني، ولهذا بات الأمر يُثير بعض التحديات القانونية أمام الأجهزة المعنية بالبحث والتحرّي عن آلية مباشرة الاستدلال والتحقيق بها؛ للوصول لإثبات هذه الجرائم وفكّ الخيوط المتشابكة للواقعة الإجرامية عبر البيئة الافتراضية، التي من الصعب كشف مرتكبها وتعقّب الجاني لها، ومن ثمّ باتت الحاجةُ مُلحّةً وضروريةً من الدول لتطوير تشريعاتها الجنائية أو التعديل عليها؛ لمواكبة التقدم في أساليبِ التحقيق وفكرِ المحقّق الجنائي لأداء مهامه على أكمل وجه في مواجهة أسلوب الجاني الإلكترونيّ؛ للمحاولة بكلّ جهد ممكن للوصول للكشف عن الحقيقة.والجرائمَ الإلكترونية ليست مجردَ جرائمَ تقليديةٍ بثوبٍ جديدٍ؛ لطبيعتها الخاصّةِ المميّزةِ لها عن الجريمة التقليدية، نتيجة للتطوّر والاختلاف في وسائلها المستخدمة، فالجهات المُكلفة في البحث والتحري عن الجريمة والجناة اعتادت على التعامل مع الجرائم بصورتها التقليدية، ممّا أثارَ تحدّياً أمامَ تلك الجهات في أنَّها في سباقٍ مستمرٍّ مع الزمن لمواكبة التطور، فضاقت النصوصُ العقابيّةُ التقليديّةُ عن استيعاب هذه الجرائم ، ولم تكن النصوص الاجرائية أفضلَ حظّاً منها، الأمر الذي سهّل على مرتكبيها الإفلات من العقاب، فالجاني في هذا النوع من الجرائم شخصٌ يتمتّع بذكاء غير عادي، ويمتلك أدوات المعرفة التقنية التي تُمكّنه من استغلالها في ارتكاب الجرائم. |