Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
دور التحكيم الدولي
في فــــض منازعـــات الحــدود /
المؤلف
الكناني، نغم عبد الحسين داغر.
هيئة الاعداد
باحث / نغم عبد الحسين داغر الكناني
مشرف / حازم محمد عتلم
مشرف / محمد شوقي عبد العال
مناقش / حسين حنفي عمر
الموضوع
القانون الدولى.
تاريخ النشر
2020.
عدد الصفحات
493ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2020
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون الدولي العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 500

from 500

المستخلص

المقــدمـة
الحمد رب العالمین والصلاة والسلام على أشرف المرسلین؛ سیدنا محمد صلى الله علیه وسلم واله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى یوم الدین وبعد،قبل التطرق إلى موضوع الدراسة يجب الالمام بمجموعة من المحاور الرئيسية التي من خلالها يمكن عرض الإطار العام للدراسة, وتتمثل تلك المحاور فيما يلي:-
اولاً: التعريف بموضوع الدراسة
لازم الخلاف والنزاع البشرية منذ بدء استخلافها في الأرض،وتزداد أهمية وخطورة المنازعات هذه عندما تتحول من بين الأفراد إلى بين الدول،الأمر الذي قد يؤدي إلى تهديد الاستقرار والسلم الإقليمي والدولي،فهي تعتبر معضلة العصر بإجماع دارسيها وترجع خطورتها إلى ارتباطها الوثيق بالعناصر الأساسية المكونة للدولة وهي الإقليم والشعب والسيادة،مما يجعلها تمس بشكل مباشر كيان الدولة واستقلاله وهيبتها على الصعيد الدولي.
إن المنازعات الحدود الدولية وراء اندلاع أغلب الحروب ولاسيما بين الدول المتجاورة نظراً لعدم تعيين وتخطيط حدودها المشتركة بطريقة صحيحة ودقيقة وبصورة دائمة ونهائيه وقد عانت من هذه الحروب الحدودية دول قارات ”أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا” غداة استقلال دولها عن الاستعمار الأوروبي منذ مستهل القرن التاسع عشر وإلى غأية ستينيات القرن الماضي حيث تزامنت موجات استقلال الدول الأفريقية مع تضاعف المنازعات الحدودية بالمقابل.
وبرزت إمكانيات التسوية السلمية للمنازعات الحدودية دون الالتجاء إلى القوة وعلى أساس الموافقة المتبادلة،ولبلوغ ذلك تم اختيار الطرق الدبلوماسية من طرف العديد الدول الحديثة الاستقلال آخذة بعين الاعتبار عدم تخويل أي جهة قضائية أو تحكيمية الفصل في المنازعة الحدودي نظراً لحيطتها من مثل وسائل التسوية هذه اعتقادا منها أنها تتنازل عن سيادتها الوطنية إلا أن عدم تحقق التسوية الدائمة بسبب عجز الوسائل الدبلوماسية عن بلوغها بل أنها أدت إلى مزيد من التدهور في العلاقات المتبادلة بين الدول المعنية.
وأمام وضعية الانسداد في أيجاد تسوية دائمة كان من الواجب اللجوء إلى وسائل مثلى بديلة أكثر مصداقية لدى أطراف المنازعة تمكن من المساهمة في الحد من المنازعات استنادا إلى قرارات ومبادئ قانونية دولية تحظى بإجماعهم عن قناعة ورضا وعلى أساس مبدأ حسن النية لأجل دعم الأمن والاستقرار،وفي خضم ذلك برز التحكيم الدولي كإحدى الوسائل السلمية المناسبة البديلة نظراً لما حققه من تسوية لعديد من النزاعات الدولية ولاسيما الحدودية منها والتي استعصى حلها بطرق أخرى،مما جعل جانبا من فقه القانون الدولي يذهب للقول إنه ليس من المبالغة القول إن التحكيم الدولي قد ارتبط من حيث نشأته وتطوره في العصر الحديث بمنازعات الحدود.
عليه أضحى التحكيم الدولي أداة سلمية لتسوية المنازعات الحدودية وبديلا عن استعمال القوة،وبالتالي يعد نقلة حضارية شهدها المجتمع الإنساني بين وحداته السياسية وهو في نفس الوقت تعبير عن احترام القانون الدولي وبديل عن الفوضى،مما يتيح للدول أن تضطلع بأدوار تنموية على مستوياتها الداخلية لأجل بلوغ رفاهية أفراد مجتمعاتها بدلا من الدخول في منازعات تحد من هذا الدور الأساسي،حيث إن التحكيم يمثل أهمية ضرورية،ويعتبر وسيلة هامة لفض المنازعات الدولية بواسطة قرارات وأحكام ملزمة تتم على أساس القانون دون اللجوء إلى القضاء حيث يحل المحكم محلّ المحكمة،ويحل حكمه محل حكمها،فيستند المحكم في قراراته إلى القانون الدولي في تسوية ما يعرض عليه من منازعات دولية،بالإضافة إلى أن نظر المنازعة ينتهي بحكم نهائي بات غير قابل للاستئناف وملزم لأطراف المنازعة.
كما تتميز محاكم التحكيم بطابع التأقيت بحيث تنتهي بمجرد فصلها في المنازعة أو المنازعات التي نشأت،أما فيما يخص طبيعة القرارات الصادرة عن المحاكم الدولية، فإنها تكون ملزمة ونهائية،سواء كان هذا الإلزام صادرًا من النظام الأساسي لهذه المحاكم في حد ذاته،أو وفق الاتفاق الذي أحيلت به المنازعة إليها،عكس القرارات الصادرة عن التسوية التي تتم بالوسائل السياسية التي تتوقف على الإرادة المطلقة للأطراف المعنية،وهو ما يتناقض مع مبدأ ثبات الحدود الدولية ونهائيتها،ويستند أطراف المنازعة الحدودي أو الإقليمي إلى العديد من أدلة الإثبات لتأسيس ادعاءاتهم وتدعيم طلباتهم بخصوص المناطق المتنازع عليها،ونظراً لأهمية دليل الإثبات ودوره في تكوين الاقتناع لدى القاضي والمحكم الدولي المحال إليه المنازعة بصحة ومشروعية هذه الادعاءات والطلبات،فإنه مجبر على اتباع منهج الإثبات من خلال التطرق إلى القواعد العامة في تحديد طرقه،وهي تحديد محل الإثبات بصفة عامة،وتحديد محل الإثبات في منازعات الحدود الدولية بوجه خاص،فيما إذا كان نزاعا حدوديا أو إقليميا،ثم التطرق إلى تقدير القيمة القانونية لأدلة الإثبات في منازعات الحدود الدولية بعد عرض القواعد العامة التي ينتهجها في تقديرها في أي منازعة دولية تطرح عليه, وإن التعمق في دراسة هذه الأدلة ومعرفة قيمتها القانونية في مثل هذا النوع من المنازعات يصبح ضرورة لا مناص منها،حتى يختار الأطراف أبسطها وأضمنها نتيجة.
ثانيا:- أهمية ألدراسة
ترجع أهمية هذه الدراسة والتي استدعت اختيار هذا الموضوع للدراسة والتي تأتي منظورة من عدة زوايا؛ أهمها تسليط الضوء على موضوع مهم من موضوعات القانون الدولى العام،ألا وهو حل النزاعات الدولية الحدودية التى تنشـأ فيما بين الدول بالتحكيم الدولي وليس عن طريق الحرب للحد من الجرائم الدولية وانتهاكات قواعد القانون الدولى الإنسانى،حيث تتمثل الأهمية العلمية للدراسة بالتركيز على الجانب السياسي للتحكيم الدولي،فهي – باعتقادنا - تأتي من كون هذا الموضوع من المواضيع الحساسة والمهمة على صعيد العالم بأسره،حيث إن معظم الدراسات التي تتناول التحكيم الدولي تتناوله من الجانب القانوني،بالإضافة إلى تركيزها على التحكيم التجاري الدولي،مع تهميش الجانب السياسي،كما تنبع أهمية الدراسة العملية من معالجتها لحالتي الدراسة،وهما قضية (طابا) بين مصر وإسرائيل،وقضية (جزر حنيش) بين اليمن وإريتريا،بحيث يتم تتبع دور التحكيم في حل هذه المنازعات الحدودية الدولية بشكل مفصل ودقيق،حيث إن من جملة الأسباب والدوافع التي كانت حافزًا لنا للبحث في موضوع” دور التحكيم الدولي في فض منازعات الحدود ”يمكن تحديدها في جملة من النقاط ولعل من أهمها ما يلي -:
• اهتمامنا بدراسة القانون الدولي،والرغبة في البحث والتقصي في مجال المنازعات الدولية بصفة عامة والمنازعات الحدودية بصفة خاصة،وفي كيفية تسويتها بالوسائل السلمية بعيدا عن الحروب والنزاعات المسلحة،وما تخلفه من آثار غير إنسانية.
• محاولة التعمق في دراسة موضوع محكمة التحكيم الدولي،والإحاطة به من كل الجوانب،وخاصة ذلك الجانب المتعلق بدور المحكمة في ميدان تسوية منازعات الحدود الدولية،على اعتبار أن هذه المنازعات من أخطر المنازعات الدولية وأكثرها انتشارا على مستوى المجتمع الدولي.
• تراجع دور الطرق الدبلوماسية في تسوية منازعات الحدود الدولية نظراً لعدم تمكنها من أيجاد تسوية دائمة تضمن الأمن والسلم الدوليين بين أطراف المنازعة نظراً لتجدد مثل هذه المنازعات وأمام هذا التحدي فإنه حتما لابد من اللجوء إلى بدائل تسوية سلمية أخرى تحظى بقبول الدول المتنازعة والتي بادرت بعرض بعض منازعاتها الحدودية على التحكيم الدولي الذي كانت تعتبره في فترات ماضية من قبيل التدخل في شئونها الداخلية.
• تهديد منازعات الحدود الدولية للاستقرار الدولي والإقليمي خصوصا بقارة أفريقيا وآسيا نظراً للحدود الموروثة عن الاستعمار الذي غلب كفة مصلحته الاقتصادية على واقع الشعوب ومصيرها المشترك مما يستوجب حاليا السعي بدقة لتعيينها ورسمها وتغليب الحكمة بدعم الطرق السلمية لتسوية القائمة منها،وبالتالي تجنب الحروب وما ينجم عنها من مآسٍ ودمار اقتصادي.
• الوقوف بالدراسة عند مشارطات التحكيم بين الأطراف المتنازعة فيما يتعلق بالمراحل المنتهجة إلى غأية صدور القرار التحكيمي الحاسم في المنازعة الحدودية وهذا ما يؤدي بنا إلى الوقوف في نفس الوقت على مدى مساهمة الإجراءات التحكمية المحكمة في صدور قرار تحكيمي يحظى باحترام وقبول جميع الأطراف.
• تحديد طبيعة المنازعات الحدودية التي ينحصر مصدر الخلاف فيها حول تفسير السند القانوني المتعلق بخط الحدود عندما يكون غامضا أو مبهما،وكذا التعرض إلى المميزات التي تنفرد بها عن بقية المنازعات الدولية الأخرى ولاسيما الإقليمية منها،لأن تحديد الطبيعة القانونية لمثل هذه المنازعات يسهل بالمرة من أيجاد الحل المناسب والدائم للمنازعة الحدودي.
• إبراز أهم المبادئ القانونية التي تبناها التحكيم الدولي في تسوية المنازعات الحدودية الدولية وكذلك أدلة الإثبات طالما يستند أطراف المنازعة عليها لتأسيس ادعاءاتهم وتدعيم طلباتهم بخصوص موضوع المنازعة بحيث تساهم في تكوين الاقتناع لدى المحكم الدولي المحال إليه.كما انه ليس الهدف منه إعادة لقراءة قواعد القانون الدولي للحدود الدولية,بقدركونه تطبيقاً لهذه القواعد على مشكلة بعينها ,ومن ثم فإن للبحث جانبه التطبيقي المؤكد.
ثالثا: أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى إبراز الأضرار التى تنتج عن المنازعات الحدود الدولية التى تستخدم فيها القوة بجميع صورها،وهو ما عفا عليه الزمن كما تهدف بشكل رئيسي إلى البحث في أثر قرار التحكيم كوسيلة سلمية لحل المنازعات الدولية،والتعرف على وسائل حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية،كما تهدف الدراسة إلى التعرف على الفرق بين الجانب القانوني،والجانب السياسي للتحكيم الدولي.وانطلاقا مما سبق تم اختيارنا لموضوع دور التحكيم في فض منازعات الحدود الدولية والذي انبثقت منه الإشكالية التالية ”هل التحكيم الدولي يعد أداة تسوية فعالة للحد من منازعات الحدود الدولية من حيث الأسس والإجراءات التي توصل إليها في مجال تسوية هذه المنازعات”.
رابعا: تساؤلات الدراسة
تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة على السؤال الرئيسي،وهو: حسم المنازعات الحدود الدولية من خلال التحكيم الدولي كوسيلة سلمية؟ أما بالنسبة للأسئلة الفرعية وذلك على النحو التالى:
• ما هو معيار التمييز بين النزاع القانوني والنزاع السياسي؟
• ما هى المبادئ والقواعد وأدلة الإثبات المستخدمة لتسوية المنـازعات الحدود الدولية؟ وأيهما تكون فاعلة في القضاء على النزاع بدون استخدام القوة في ظل النظام الدولي الجديد.
• ما هي طبيعة المنازعات القابلة للتسوية السلمية بواسطة التحكيم الدولي ومن له حق اللجوء إليه لحل المنازعات الحدودية؟
• كيف تمت مشارطة التحكيم التى عقدت بين مصر وإسرائيل وبين اليمن وإريتريا؟
• ما سلطة محكمة التحكيم فى تحديد علامات الحدود الدوليـة؟
• لماذا يتم اللجوء إلى التحكيم الدولي في المنازعات ذات الصلة بالحدود على الرغم من وجود أجهزة قضائية دولية دائمة،مثل محكمة العدل الدولية؟
• ما مدى إلزامية قرار التحكيم الدولي في تسوية المنازعات الدولية من الجانب التطبيقي ،وهل يكون القرار التحكيمي قابلا للطعن؟
• ما هي الحلول والوسائل في حال رفضت الدولة تنفيذ حكم التحكيم الصادر من المحكمة؟ إضافة إلى تساؤلات أخرى سوف نحاول الإجابة عليها من خلال الدراسة.
خامسا: منهجية الدراسة
إن طبيعة هذا البحث جعلتنا ولأجل بلوغ الهدف المتوخى من الالتزام بالأصول العلمية والقانونية،وكذا التحليل القانوني المرتكز على الجوانب التطبيقية والسوابق القضائية مما جعل هذا الدراسة تجمع بين النظري والتطبيقي،وتعتمد بصورة أدق على المنهج التاريخي الوصفي الذي يفرض نفسه في مثل هذه المواضيع ولكن دون استبعاد لجوئنا إلى التحليل القانوني المرتكز على السوابق التطبيقية للهيئات التحكمية للاستدلال بها في إبراز مدى دور التحكيم الدولي في تسوية المنازعات الحدودية مع الاسترشاد أيضا بآراء الفقهاء والفلاسفة المتعلقة بموضوع الدراسة،وجمع كافة المعلومات والحقائق المتوافرة ووضعها في قالب محكم ومكتمل،هذا كله من أجل التوصل إلى نتائج موضوعية وإخراج متميز لهذه الأطروحة والإلمام بجميع تفاصيلها.
سادسا: أدوات الدراسة
اعتمدت الباحثة على عدد من الأدوات الأكاديمية،التى تناولت الأبعاد الفنية والقانونية لموضوع الدراسة،وتتمثل في:
• عدد من المؤلفات العامة والمتخصصة.
• الدراسات والبحوث السابقة التى أُعدَّت فى المجال نفسه.
• عدد من الدوريات المُحكمة والنشرات،التى تضمنت موضوعات ذات صلة بموضوع الدراسة.
• بعض المؤتمرات والندوات العلمية،التى تناولت جوانب مهمة من الدراسة.
• اتفاقيات التحكيم الدولية ذات الصلة بموضوع الدراسة.
• بعض المراجع الأجنبية،التى تناولت جوانب مهمة من الدراسة.
• بعض المواقع الإلكترونية على الإنترنت ذات الصلة بموضوع الدراسة.
سابعا: هيكلية الدراسة
تقديرا لقيمة الأهداف التي أصبو إليها فسوف نقوم بتقسيم هذا البحث شكليا إلى:”بابين يسبقهما فصل تمهيدي ويعقبهما خاتمة ”،بحيث يضم كل باب فصلين وبدورهما تتفرع عنها عدة مباحث ثم مطالب ثم فروع.
نتطرق في الفصل التمهيدي إلى المفهوم العام لمنازعات الحدود والتحكيم الدولي،وذلك من خلال استعراضنا لمفهوم الحدود وأسباب المنازعات الحدودية وكذلك فكرة التحكيم الدولي ومراحل تطورها وأسسها القانونية.
ونسعى في الباب الأول إلى التعرف على أهم المبادئ والأسس أو القواعد القانونية لتسوية منازعات الحدود الدولية،وتوضيحا لذلك قسمنا هذا الباب إلى فصلين ،حيث سنفرد الفصل الأول لتناول المبادئ القانونية التي توصل إليها التحكيم في مجال تسوية المنازعات الحدودية في القانون الدولي العام والتي كرست كأداة تسوية للعديد منها،وتتضمن المبدأ الأساس الحاكم لمنازعات الحدود وهو مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها،ومبدأ لكل ما بيده أو لكل ما بحوزته ومبدأ إغلاق الحجة.
أما الفصل الثاني،فسيتضمن بحث أدلة الإثبات في منازعات الحدود الدولية وقيمتها الثبوتية والاستدلالية،وهذه الأدلة هي المعاهدات الحدودية والأدلة الخرائطية،وأدلة التاريخ الحرج أو الحاسم للمنازعة،وأخيرا أدلة السلوك اللاحق لأطراف المنازعة،حيث سيتم التعرض إلى هذه الادلة من خلال شروط تطبيقاتها كي تكون ذات قيمة استدلالية تحظى باحترام طرفي المنازعة وتساهم بدورها في إصباغ القرار التحكيمي بصبغة احترام الطرف الخاسر له.
اما الباب الثاني فقد خصصناه إلى إدراج دراستين تطبيقيتين لدور التحكيم الدولي في تسوية النزاعات الحدودية, يتعلق التطبيق الأول بمساهمة محكمة التحكيم الدولي في تسوية المنازعة الحدودي بمنطقة طابا،وذلك بالتعرض للدوافع والأسباب التي جعلت من هذه المنازعة تشكل أهم المنازعات بين حكومة جمهورية مصر العربية وإسرائيل،والتي مرت في العديد من مراحل المفاوضات والتي حاولت من خلالها إسرائيل تجنب اللجوء إلى التحكيم الدولي حتى لا تكون ملزمة بتنفيذ قرار التحكيم،وبعد جدل طويل تنتصر العقول المصرية وتستطيع إلزام إسرائيل باللجوء إلى التحكيم الدولي لحل المنازعة الدائرة بينهما وينتهي بإعلان المنطقة المتنازع عليها طابا منطقة مصرية عربية.
واما التطبيق الثاني يتمحور بدراسة المنازعة الحدودية اليمنية الإريترية على جزر حنيش والذي تعرفنا من خلاله على مشارطة التحكيم التي نظمت العملية التحكيمة،والتي كادت أن تفشل لولا الجهود اليمنية التي سعت إلى المحافظة على العلاقات الودية مع إريتريا وانتهت بإعلان جزر حنيش أرضًا يمنية،وتم تحديد حقوق وواجبات كل من طرفي المنازعة ،وبالتالي نرى أثر التحكيم الدولي في حل المنازعات الدولية بشكل سلمي ودي يحفظ الأمن والسلم الدوليين،ويحافظ على علاقات التعاون بين الدول ويجنبها الدخول في صراعات وحروب،قد تلحق بأطراف المنازعة الكثير من الأضرار التي قد لا يحمد عقباها.
وأخيراً ختمنا الدراسة بخاتمة اشتملت على الاستنتاجات التي توصلنا إليها والمآخذ التي نعتقدها في كيفية التعامل مع مسألة المنازعات الحدودية وأي المبادئ القانونية أنسب وأكثر عدالة ًوإنصافاً وتحقق النتيجة المنشودة في تسوية المنازعات المشار إليها.كما أن هناك بعض الاقتراحات التي نراها مناسبة في طريق أيجاد مرجعية على شكل اتفاقية دولية عامة تستند إليها الدول في الوصول إلى حقها.
وأحب أن أشير إلى أن صعوبات عديدة واجهتني عند جمع المصادر،خاصة في ما يتعلق بموضوع التحكيم الدولي،كون أكثر الدراسات كانت حول التحكيم الدولي في القانون الخاص،وليس في القانون العام الذي هو خارج موضوعنا،وبالتالي أرجو أن تضيف هذه الدراسة ولو شيئا بسيطا في هذا الموضوع إلى المكتبة العربية لأننا بحاجة لمثل هكذا دراسة كونها ستسلط الضوء على هذه الآلية السلمية والمنصوص عليها في القانون الدولي العام،والتي تقوم بمهمة حل المنازعات الدولية بصورة عامة والمنازعات الحدودية بصورة خاصة.
وختاما،لابد لي من أن أذكر حقيقة يعرفها الجميع وهي أن أي جهد ومهما كان لن يكون كاملا أو خاليا من العيوب فالكمال لله وحده وإن قولي هذا يعني أنني مهما حاولت أن تكون الرسالة خالية من العيوب أو الهفوات أو تكون قد أعطت الموضوع حقه فلن تكون كذلك،كما أرجو أن ينال استحسان القارئ الكريم وما أصبت منه فمن الله وما أخطأت فمن نفسي.