Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
برنامج مقترح في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية وفاعليته في تنمية الكفايات المهنية وإدارة المعرفة لدى معلمي الكيمياء في فلسطين وعلاقتها بالمهارات الإنتاجية لطلبتهم/
المؤلف
عرجان, ابتسام عبد الله محمود.
هيئة الاعداد
باحث / ابتسام عبد الله محمود عرجان
مشرف / مجدي رجب اسماعيل
مشرف / محسن محمود عدس
مشرف / رشا محمود بدوي
الموضوع
المناهج وطرق تدريس العلوم.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
634 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
المناهج وطرق تدريس العلوم
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية التربية - المناهج وطرق التدريس
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

يشهد العالم اليوم ثورة معلوماتية وتكنولوجية شملت جميع جوانب حياة الإنسان، وقد شكلت هذه الثورة تحدياً للنظام التربوي، مما أدى إلى تزايد الاهتمام بحركات التطوير التربوية، التي سعت لتحسين الواقع التربوي، ورفع مستوى مخرجات التعليم، وتنمية الشخصیة الإنسانیة تنمیةً متكاملة من جمیع النواحي العقلیة والنفسیة والجسمیة والاجتماعیة إلى أقصى درجة ممكنة تسمح بها إمكانات الفرد واستعداداته وقدراته، وتحسين نوعيته انطلاقاً من أن المتعلم فرد يفكر وينتج، ويبحث ويستقصي، بدلاً من استلام المعلومات وحفظها، واستظهارها عند الحاجة، ودراسة العلم فكراً وعملاً، وإعداد معلمين يسعون لتعليم الأفراد كيف يبنون المعرفة وينتجونها، فقوة الأمم تكمن في قدر امتلاكها للمعرفة التي أصبحت تُعد السلاح التنافسي حاضراً ومستقبلاً.
ونتيجة لهذه الثورة المعلوماتية والتكنولوجية، ظهرت ثلاث مدارس بارزة في المنظومة التربوية العالمية، المدرسة الأولى تغير المجتمع كما هو الحال في اليابان والصين وسنغافورة، والمدرسة الثانية يغيرها المجتمع كما في دول العالم الثالث، والمدرسة الثالثة تتغير بتغير المجتمع كما هو شأن المدرسة في الدول الغربية، والتي باتت من أهم أهداف التربية المأمولة؛ للعمل على إيجاد مدرسة عملية نشيطة، يحس فيها التلميذ بالحرية والإنتاج والإبداع، من أجل التنمية في مجالات الحياة المختلفة، وكل ذلك لا يتأتى إلا إذا كانت النظم التربوية وهيئة التعليم والإشراف تتوخى التغيير والإبداع بكل آلياته المختلفة والمتنوعة (حمداوي، 2015) .
والمتأمل لواقع الأنظمة التربوية لمعظم المدارس الحالية في المجتمعات العربية، يجد أنها لم تختلف كثيراً عن سابقاتها في استخدام الأدوات وطرق التعليم لتحقيق أهداف التربية ومخرجاتها، وتطوير المجتمع وتنميته، وحيث أنّه تم تجاوز المرحلة التي كان التصور والاعتقاد فيها أن المنهج الدراسي ما هو إلا خبرات وأنشطة تعليمية يكتسبها أو يمارسها المتعلم في المؤسسة التعليمية فحسب، فقد اتسع هذا المفهوم في عصر الانفجار المعرفي والإنترنت والسماوات المفتوحة المكتظة بالأقمار الصناعية، ليشمل البيت والبيئة المحلية والمجتمع الخارجي، ومؤسسات الدولة الثقافية، والاقتصادية والسياسية، والاجتماعية، وغيرها، وهى تؤثر بلا شك على كيفية تحقيق الأهداف التعليمية وأداء المتعلم، وعلى أنماط السلوك والقيم والاتجاهات التي يكتسبها المتعلم لبناء وطنه، وهذا ما دعا للبحث عن نماذج لإصلاحات مستمرة لهذه النظم وتطويرها (مازن،2016).
وفي ضوء الإصلاحات لهذه النظم التربوية، تباين البحث التربوي في تقييم العوامل المدرسية الأكثر تأثيراً وفاعلية في تحقيق الأهداف المنشودة، إلا أن معظم الدراسات أكدت أن المعلم هو أكثرها أهمية، فهو يمثل الركيزة الأساسية في عملية التعليم، وبذلك نشأت الحاجة لاستمرار تطوير معرفته وأساليب نموه المهني، والثقافي، والاجتماعي، والشخصي طوال مدة قيامه بوظيفته؛ ليكون على وعيٍ كافٍ بأبعاد مهنته ومتطلباتها (عبده،2011) خاصة وأن جمیع المهتمین بسیكولوجیة المعلم متفقون على أن المعلم الكفء هو الذي يمتلك مجموعة المعارف والمهارات التي يستخدمها أثناء مهنته، والتي تؤهله لأداء عمله في المدرسة الفعالة والمنتجة (زيتون، 2014).
ويتفق كل من (عطية،2015؛ سالبيرج،2016) على أنّ نجاح المعلمون في أداء رسالتهم، منوط بما یتوافر لدیهم من كفايات معرفية، وشخصیة ومهنیة واجتماعیة وثقافیة، تمكنهم من تأدية مهامهم بكل اقتدار، بحيث لا ينحصر دورهم في الحصول على المعرفة، ولكن في عملية التعامل مع المعرفة وإدارة تدفقها الهائل بشكل مناسب، والاستفادة منها لتطوير أدائه ومؤسسته، وهذا يتطلب التركيز على التنمية المتوازنة وتحقيق التكامل بين المعرفة بنظريات التعليم والمحتوى التربوي وفن التعليم والممارسة خلال إعدادهم المهني.

وفي هذا السياق نشأت الحاجة لدى التربويين لتأطير المعارف التي يتوجب توفّرها لدى المعلم، حتى يكون معلماً ناجحاً ويحقق مخرجات العملية التعليمية، لذا ظهرت فكرة تبني مصطلح المعرفة البيداغوجية للمحتوى (PCK-Pedagogical Content Knowledge) من قبل حركات إصلاح المناهج والتدريس، كطريقة لوصف المعرفة التي يمتلكها المعلمون، حيث قدم شولمان((Shulman هذا المدخل كمقترح لتطوير نماذج قياس حجم النمو والتطور المعرفي خلال فترة خدمة المعلمين، ابتداء من معرفة البيداغوجيا العامة المتمثلة في إجراءات تصميم عملية التدريس، ووصف المهارات التدريسية كالتخطيط وطرائق التدريس والتنفيذ والتغذية الراجعة والتقييم، ومروراً بالمعرفة البيداغوجية المتخصصة في المحتوى Herring, Koehler, & Mishra, 2016)).
ولأهمية هذا المدخل توصي الدراسات منها( آل كباس،2017 ؛ الدغيم ،2017) بضرورة تحقيق الاتساق بين الجانبين المعرفي الأكاديمي والجانب التربوي لمعلمي الكيمياء، والتأكيد على العلاقة بين المعرفة الأكاديمية التخصصية والتطبيقية التربوية، وتقديم مقترحات لكيفية تطوير معرفة وفهم المعلمين للمحتوى؛ لا سيما مناهج الكيمياء التي تتصف بأنها مناهج حيوية وذات طابع عملي، وخلال ذلك تبين أن المعلم لا يختلف عن العالم في كمية ونوعية المعارف؛ بل في كيفية تنظيم هذه المعارف وإدارته لها ومن ثم توظيفها واستثمارها.
وفي ضوء الأنماط التعليمية التي أظهرتها المستحدثات التكنولوجية، لم يعد المعلم ذلك الشخص الذي يستخدم الوسائل التقنية فحسب، فالمتوقع من معلم المستقبل التكنولوجي أن يكون مصمماً لبيئة تعلمه ومطوراً لها أيضاً؛ سعياً لبناء مجتمع متقدم لمجابهة التحديات التي تواجهه ( غانم،2015 ) كما أن متطلبات مجتمع القرن الواحد والعشرين الذي يقوم على التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، بحاجة إلى معلم قادرٍ على استيعاب الحقائق والمعارف المستجدة، ومنجزات الثورة العلمية والتكنولوجية وتطوراتها (Aydin, et al ., 2016 Gokdas & Torun, 2017 ;).
وحيث إنّ التكنولوجيا وأدواتها أصبحت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بكل الموضوعات، أضاف كل من كوهيلر وميشرا (Koehler & Mishra) بعداً آخر لبعد شولمان (Shulman) وهو المعرفة الخاصة بالتكنولوجيا (Technological Knowledge) ضمن إطار جديد اصطُلِحَ على تسميته بإطار المعرفة الخاصة بالتكنولوجيا والتربية والمحتوى، أو المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية أو إطار التيباك(Content Knowledge Pedagogical & Technological - TPACK) (Akyuz, 2016 ؛Baran & Uygun, , 2016)، وكان الهدف من ذلك تحويل الاهتمام في برامج إعداد المعلمين، من التركيز على ماذا يجب أن يتعلم معلم ما عن التكنولوجيا، إلى التركيز على طريقة تفاعل التكنولوجيا مع المعارف الأخرى وتوظيفها في السياق التعليمي، من خلال إشراكهم في تصميم دروس وأنشطة بطريقة جاذبة وهادفة، كما يهدف لتوضيح كيفية تكامل معرفة المعلمين البيداغوجية، بمعرفة المحتوى باستخدام أدوات تكنولوجية، تدعم العملية التربوية بطريقة تعكس حكمة المعلم وفهمه وإدارته لعملية التعلم(Chai, Koh, & Teo, 2018; Durdu & Dag, 2017 ).
ويحقق التكامل بين المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية مفهوماً تعليمياً شاملاً للمحتوى التعليمي التعلمي، والبيداغوجيا والتكنولوجيا، لضمان التعلم الفعال، حيث تتكامل المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية بشكلٍ يصمم فيه المعلم أنشطة التعلم، ومهمات الأداء الواقعية التي يكتشف فيها الطلبة المشاكل والتحديات الحقيقية في العالم المحيط بهم، من خلال دمج التعلم المعرفي مع التعلم التطبيقي الفعلي، ويتحول فيه دور المتعلمين من متلقين سلبيين للمعارف، إلى مصممين ومطبقين لما يتعلمونه من أجل حل مشاكل حقيقية تواجههم، والحصول على نتائج ومخرجات تضمن لهم تعلماً دائماً ذا معنى، وفي نفس الوقت يكتسبون المهارات في إطار ﯾﺟﻌل اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﻊ اﻟﻣدرﺳﺔ واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻣﺟﺎل اﻷﻋﻣﺎل متكاملة، وهذا يتيح لهم المجال لتقديم أفكارهم وإبداعاتهم والمنافسة ﻓﻲ ﺳوق اﻻﻗﺗﺻﺎد(سليمان،2017؛جبر،2018 Isler, & Yildrim, 2018;Kimmons, & Hall,).
وترى الباحثة أن التحول في النموذج التربوي نحو تكامل المعرفة التكنولوجية مع المعرفة التخصصية، بات أمراً ضرورياً في ظل شغف المتعلمين وانشغالهم المتزايد بالأدوات التكنولوجية ومستحدثاتها؛ لذلك هناك حاجة لإعداد المعلمين بشكل عام ومعلمي الكيمياء بشكل خاص، وتنميتهم مهنياً، ليكونوا قادرين على مواكبة هذه المستجدات والتطورات في عصر الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، وإدارة هذه المعلومات بحكمة ومسؤولية، لتوجيه المتعلمين لامتلاك كفايات تمكنهم من النجاح والعمل في حياتهم وتحمل مسؤولية تعلمهم، ليكونوا أفراداً منتجين في مجتمعاتهم.
ويشير كل من (الصمادي،2017؛أحمد،2018؛ عساف وابراهيم وأبو خليل،2018) إلى أهمية تنمية الكفايات المهنية للمعلمين عامة ومعلمي الكيمياء خاصة ومتطلباتها، والتأكيد على التكامل بين المجالين النظري والتطبيقي في ممارساتهم المهنية، وتزويدهم بالمعارف والمهارات التي تمكنهم من التفاعل بفاعلية مع المستجدات العصرية، والثورة المعلوماتية، والكفيلة بتوجيه عملهم للقيام بمهامهم بنجاح؛ لتحقيق الأهداف المرجوة والمرتبطة بتحسين جودة ومخرجات التعليم وتمكين الطلبة من عملية التعلم.
ويُبيّن مسلم (2015) أنّه نتيجة انتشار المعرفة العلمية والتقنية ونموها المتزايد في ظل الانفجار المعرفي والثورة المعلوماتية، كان هناك حاجة لإدارة هذه المعرفة وتنظيمها، مما أدّى لظهور مدخل إدارة المعرفة والذي أضاف للمؤسسات بشكل عام ومؤسسات التربية والتعليم بشكل خاص أدواراً جديدةً؛ لتنسجم مع التغيرات والتحديات الهائلة المتسارعة في كافة المجالات؛ والتي أصبح فيها الاهتمام بالعقل البشري كمصدر لثروة حقيقية، وتحول العالم من مجتمع صناعي إلى مجتمع معرفي، وظهور عصر الاقتصاد القائم على المعرفة، ويتفق كل من(محمود،2016؛البطاينة والمشاقبه،2017) على ضرورة توجيه النظام التربوي بجميع مدخلاته وعملياته ومخرجاته، لمواجهة هذه التطورات المعرفية وتحدياتها واستثمارها، وذلك بتبني استراتيجية ترتكز على مدخل إدارة المعرفة وعملياتها للثروة البشرية باعتبارها هدف التنمية المستقبلية.
وعلى الرغم من أن مفهوم إدارة المعرفة من المفاهيم المتداولة مؤخراً، وأصبح هناك تدفق كبير لموارد المعرفة، إلا أنه ما زال استغلالها في المؤسسات التربوية والتعليمية بحاجة للتنظيم، حيث بدت هذه المؤسسات مشتتة لقلة تواصل وتعاون وتبادل الخبرات بين أعضائها، فظهرت الحاجة لضرورة إصلاح برامج إعداد المعلم وتطوير كفاياته المهنية وتحسين إدارته للمعرفة (الصمادي،2017) وتم التأكيد على دور المعلم في هذا الإطار لإدارة هذا التدفق المعرفي بشكل سليم، من خلال تجميعه وتخزينه وتصنيفه، واستخدامه واسترجاعه، ونقله ومشاركته بأفضل الطرق، للتحول من تكديس المعرفة إلى عملية إدارة المعرفة (الهوش،2018).
وتوصي الدراسات منها (التلباني ورامز والرقب،2015؛ عبد المنعم،2015؛ أحمد،2016؛ عيسى،2016؛ وعبد دهش،2018) بأهمية تطوير عمليات إدارة المعرفة في المؤسّسات التربوية باعتبارها من أهمّ المؤسسات المجتمعية، وترتبط ارتباطاً مباشراً بإعداد الأجيال التي تقود المجتمع وتحقق تقدمه، وتبني فكرة توليد المعرفة وتطبيقها، وتشجيع مبدأ تدفق الأفكار بحرية الاستثمار في الموجودات الفكرية، إذ إنّ وجود المعلومات والمعارف وحده لا يكفي، بل يجب التفكير في كيفية تطويعها لتحقيق التميز والإبداع، لا سيما وأنّ مثل هذه المداخل أثبتت جدواها في عالم الصناعة والإنتاج، وتبنتها مؤسسات التعليم في الدول المتقدمة.
وترى الباحثة أنه من الأهمية بمكان عند التخطيط للتعليم المستقبلي للكيمياء، أن يُؤخذ بعين الاعتبار تنمية المعلمين مهنياً بما يتناسب مع معطيات العصر، والاستثمار في المعرفة الكيميائية، بما يحقق التميز والإبداع في ضوء الطلب الكبير من مجتمع المعرفة على التطبيقات التكنولوجية الكيميائية الحديثة في مجال الغذاء والدواء والطاقة وغيرها، وهذا يتطلب تحول المعلمين كونهم مصادر للمعلومات إلى مستشارين يفيدون من تطبيقاتها؛ ليكونوا قادرين على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية المرتبطة بمهنة التعليم، وزيادة قدرتهم على فهم التغيرات والتحولات المعاصرة.
وفي الوقت الذي بدأت فيه المؤسسات التربوية تُعيد النظر في برامج إعداد المعلمين، توجهت الأنظار نحو مخرجات التعلم وطبيعة المهارات اللازمة للمتعلمين لإعدادهم لمواجهة متطلبات الحياة المختلفة، وبدأت المحاولات للبحث عن سُبل لتحسين مهارات تعلم الطلبة وربطها بالواقع، إذ أصبحت مسؤولية المؤسسات التربوية صياغة أُطر لتحديد وتعريف ما أُطلق عليه بمهارات القرن الواحد والعشرين بشكل عام والتوجه نحو المهارات الإنتاجية بشكل خاص(شلبي، 2014؛الرشدان،2015) ويتفق كل من (أحاندو وعبد الله،2017؛ ساما وخميس،2017؛ Macayan, 2017) بضرورة اقتراح مداخل لتنمية المهارات للمتعلمين وتكاملها ضمن النظام التعليمي بصفة عامة، والمجالات الدراسية الأساسية بصفة خاصة؛ بحيث تؤدي إلى تنشئة مواطنين منتجين لبيئتهم، فالتربية من هذا المنظور أداة للتنمية الاقتصادية، وركن هام من أركان الإنتاج.
وترى الباحثة أنه لزيادة فاعلية مخرجات عملية التعلم في الكيمياء، وتوجيهها نحو تطوير المهارات الإنتاجية للمتعلمين؛ لتحقيق الأهداف التعليمية على مستوى جميع الطلبة وتطبيقها في حياتهم على شكل نتاجات ملموسة تعكس فهمهم لما تعلموه، فإنّ ذلك يستلزم تطوير كفايات معلمي الكيمياء، وتنميتهم مهنياً وتحسين عمليات إدارة معرفتهم الكيميائية، فالمعلم من زاوية فلسفية يتعين عليه أن يعرف كيف، ومتى ولماذا ومن أين تكتسب المعرفة؟ والأهم من ذلك كله كيفية توظيفها والاستفادة منها من قبل طلبته بشكل يحقق الأهداف.
وباعتبار نوعية التدريس التي يقدمها معلمو العلوم عاملاً أساسياً في نوعية المخرجات الناتجة، وأن التعليم الفعال يتطلب أبنية معرفية متخصصة، يستخدمها المعلم لتفسير الأحداث الصفية وتنسيقها، بات من الأهمية بمكان تطوير كفايات المعلمين ومراجعتها باستمرار، ففي دراسة نفذها كلاً من (عبده ،2011؛ أمبو سعيدي، والحجري،2013) مع معلمي العلوم اتضح خلالها أنهم يواجهون صعوبات في تحويل المادة الدراسية إلى واجب دراسي بيداغوجي، وغير قادرين على تحليل المعرفة التي يعتمدون عليها في صنع قراراتهم التدريسية، وتبين كذلك أن الصعوبات التي يواجهها الطلبة، تعود إلى نقص الكفايات المهنية لدى معلميهم في ضوء برامج إعدادهم، واتفقت هذه النتائج مع ما ورد في دراسة كل من(شقور والسعدي،2014؛ غنيم وآخرون،2016؛ وغنيم وعبد وعياش؛2016) والتي كشفت عن وجود فجوة بين المعارف العلمية والمعارف التكنولوجية للمعلمين والمتمثلة في الكفايات الكلية، إذ تبين أنه ليس بالسهل على المعلمين ترجمة المعارف إلى كفايات لتطبيقها داخل الغرفة الصفية بتعقيداتها المختلفة.
وبتحليل الأبحاث التي نُفذت حول المعرفة التخصصية والتربوية في الكيمياء منها دراستي(الرحيلي،2016؛ الدغيم،2017) تبين أن هناك ضعفاً وقصوراً لدى الكثير من معلمي الكيمياء، في تقديم معرفة علمية كيميائية دقيقة وخاصةً فيما يتعلق ببنية الذرة والتفاعلات والحسابات الكيميائية، والمركبات العضوية وتسمياتها، ليس هذا فحسب؛ بل إنّ طرائق تمثيل المحتوى بأساليب واستراتيجيات تدريسية مناسبة لم تكن بالمستوى المطلوب، مما دلل على انخفاض مستوى الكفايات المهنية لديهم في هذا المجال.
وتشير دراسة كل من( العنزي،2013؛ الشهري،2015) التي بحثت في إدارة المعرفة في مدارس التعليم العام إلى قصور في توظيف عمليات إدارة المعرفة من قبل المعلمين، وأنها لم تكن بالمستوى المطلوب، وتتفق دراسة كلاً من(الشمراني،2017؛ الصمادي،2017) مع ذلك؛ حيث بيّنت أنّ درجة ممارسة معلمي ومعلمات المدارس الثانوية لعمليات إدارة المعرفة كانت ضعيفة، وغياب هذا المفهوم في مؤسسات التعليم العام وبالتالي ضعف توظيف المعارف الفردية والجماعية في حل المشكلات، وبيّنت دراسة الفقيه(2017) أنّ المؤسسات التعليمية تُعاني من قلة تضمين عمليات إدارة المعرفة في المناهج التعليمية في المدارس الثانوية، بالإضافة إلى غياب الرؤيا والاستراتيجية لتحقيق ذلك.
وبتحليل دراسات الواقع التعليمي الفلسطيني، تبيّن أنه من أكثر التحديات التي واجهته وجود مؤشرات عديدة دالة على قصور وضعف كفايات التدريس الحالية في تحقيق المهارات الإنتاجية للطلبة، وتشير لوجود فجوة بين المهارات التي يتعلمها الطلبة في المدارس، وتلك التي يحتاجونها في الحياة والعمل، وأن المناهج الحالية لم تعد كافية لإعداد الطلبة للحياة في عالم يقوده التطور التكنولوجي في القرن (21) وتركيز مؤسسات التربية على التعليم وليس التعلم، والتدريس من أجل الاختبار بدلاً من التدريس من أجل الفهم والحياة(وزارة التربية والتعليم الفلسطينية،2011).
وكشفت نتائج دراسة التوجهات الدولية في العلوم (TIMSS) في فلسطين، عن وجود فجوة كبيرة بين قدرة الطلبة على تعلم المبادئ الأساسية في العلوم، وقدراتهم على تطبيق المعرفة مما يشير لقصور فهمهم لما تعلموه ( وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، 2014( كما بيّنت نتائج تقرير التقييم الوطني للصف العاشر، أن الطلبة لا يطبقون ما تعلموه في مهام وسياقاتٍ واقعيةٍ، وهذا يدلل على انخفاض نتائج الطلبة وخصوصاً في المباحث العلمية (وزارة التربية والتعليم الفلسطينية،2016) كذلك أظهرت نتائج دراسة التقويم الوطني في العلوم للصف التاسع للعام (2017-2018م) أنّ (80%) من الطلبة في المستوى المتدني من الأداء، مما يدلل على ضعف وقصور كبير في مستوى معرفتهم ومهاراتهم بشكل عام ( وزارة التربية والتعليم ،2018).
ومن خلال عمل الباحثة كمشرفة تربوية في وزارة التربية والتعليم للمباحث العلمية، أظهرت نتائج تحليل الزيارات والمقابلات المبنية على أدوات الإشراف التربوي المتعلقة بتقويم الأداء للمعلمين والطلبة، وجود صعوبات في تدريس منهاج الكيمياء من قبل المعلمين الجدد والمستجدين، لا سيّما وأنّ المنهاج قد يدرسه معلم غير متخصص أو يدرسه معلم منفرد التخصص غير مؤهل، بالإضافة لكون هذا الفرع من المعرفة مرتبط بالتطبيق العملي، وبحاجة لتوظيف مصادر التعلم الداعمة لفهم وتطبيق المفاهيم الكيميائية المجردة، ونتج عن ذلك مشكلات حقيقية في واقع مخرجات الكيمياء، وانخفاض مستوى المهارات الأدائية، ومنها الإنتاجية للطلبة، وهذا ما أكّده تقرير دراسة تشخيص الواقع المدرسي للخطة الاستراتيجية الثالثة( 2014-2020) للإدارة العامة للتخطيط في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية(2015-ج) حيث أظهر أن هذا الواقع بحاجة إلى اهتمام كبير، وبالتحديد المعلمين العاملين في مجالات الفيزياء والكيمياء، وأنّ نسبة الطلبة الذين يوظفون المهارات العملية التي تفضي لتطبيق المعرفة العلمية وفهمها، لإحداث تعلم مُنتج لم يتجاوز (10%) وهذا يؤكد على النمطية الضعيفة لعمليات إدارة المعرفة من قبل معلمي الكيمياء.
كما توصلت الباحثة خلال عملها في برنامج تأهيل المعلمين في جامعة القدس بعد تطبيق مقياس استطلاعي لمعايير مؤشرات الجاهزية للتدريس(RTTI- Readiness to Teach Index) لمعلمي المباحث العلمية للكشف عن كفاياتهم المهنية العامة وجاهزيتهم للانخراط في التعليم وإدارة عمليات تعلمهم، اتضح من خلاله وجود ضعف وقصور لدى غالبية المعلمين المشتركين في توظيف ما تعلموه من معارف نظرية بشكل فعلي، فتبيًن أن ما يقارب من (87%) من المعلمين ليس بمقدورهم التعامل مع هذه المعارف بشكل مرن في أدائهم التدريسي، بالإضافة لضعف خبرتهم بعمليات إدارة المعرفة ومفهومها.
كما ظهرت الكثير من التوجهات البحثية التي دعت المؤسسات التربوية، لضرورة إصلاح برامج إعداد المعلمين وتطوير كفاياتهم المهنية وأنماط معرفتهم وإدارتها، بحيث يُدار هذا التدفق المعرفي جيداً، وذلك من خلال التحول لمجتمع المعرفة وتطبيق مدخل إدارة المعرفة لتطوير مخرجات التعلم وانعكاسها في شكل مهارات إنتاجية للطلبة (الشاعر وآخرون، 2012؛السقا،2013؛الملحم،2015)، وكذلك أورد الأدب التربوي الأجنبي تأكيداً بذلك.
(Jaipal , et.,al ,2018؛ Can, Erokten, & Bahtiyar,2017 ؛ Durdu, & Dag ,2017) .
تحديد مشكلة البحث
بناءً على ما سبق يمكن تحديد مشكلة البحث في ضعف وقصور مستوى الكفايات المهنية وإدارة عمليات المعرفة، لدى معلمي كيمياء الصف العاشر والمهارات الإنتاجية لطلبتهم.
وللتصدي لهذه المشكلة، يسعى البحث للإجابة عن السؤال الرئيس التالي:
ما فاعلية برنامج مقترح في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية لتنمية الكفايات المهنية وعمليات إدارة المعرفة لدى معلمي الكيمياء، والمهارات الإنتاجية لطلبتهم، والعلاقة بينهما؟
ويتفرع منه الأسئلة التالية:
1- ما أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية، التي يمكن من خلالها تنمية الكفايات المهنية وعمليات إدارة المعرفة لدى معلمي الكيمياء والمهارات الإنتاجية لطلبتهم؟
2- ما البرنامج المقترح في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية لتنمية الكفايات المهنية وعمليات إدارة المعرفة لدى معلمي الكيمياء والمهارات الإنتاجية لطلبتهم ؟
3- ما فاعلية البرنامج المقترح في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية في تنمية الكفايات المهنية لدى معلمي الكيمياء؟
4- ما فاعلية البرنامج المقترح في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية في تنمية عمليات إدارة المعرفة لدى معلمي الكيمياء؟
5- ما فاعلية البرنامج المقترح في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية في تنمية المهارات الإنتاجية لدى طلبة الصف العاشر؟
6- ما العلاقة بين الكفايات المهنية وعمليات إدارة المعرفة لدى معلمي الكيمياء والمهارات الإنتاجية لدى طلبتهم في الصف العاشر؟
أهداف البحث
يهدف البحث الحالي إلى:
تنمية الكفايات المهنية، وعمليات إدارة المعرفة للمعلمين والمهارات الإنتاجية للطلبة، من خلال البرنامج المقترح في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية.
حدود البحث
اقتصر البحث الحالي على المحددات التالية:
 المدارس الحكومية التابعة لمديرية تربية تعليم جنوب الخليل في فلسطين: والتي تقع ضمن مجال عمل الباحثة وتتابعهم ضمن خطة عملها، وهي الوحيدة التي تتضمن مرحلة الصف العاشر في المديرية.
 معلمي ومعلمات الكيمياء الذين يُدرسون طلبة الصف العاشر الأكاديمي: وذلك لأن هذه الفئة من المعلمين بعضهم يحملون تخصصاً منفرداً في الكيمياء ولا يحملون مؤهلاً تربوياً، والبعض الآخر غير متخصص في الكيمياء، وبذلك فهم بحاجة لتنمية مستمرة لكفاياتهم المهنية.
 أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية للبرنامج المقترح في ضوء إطار (التيباك-(TPACK وهي تتضمن معرفة المحتوى (Content Knowledge- CK) ومعرفة التربية (Pedagogical Knowledge- PK)، ومعرفة التكنولوجيا (Technological Knowledge- TK) ومزيجاتها.
 الكفايات المهنية للمعلمين بمجالاتها (المعرفية، الأدائية، الاجتماعية الوجدانية، الإنتاجية والرقمية).
 عمليات إدارة المعرفة بأبعادها ( تشخيص المعرفة، اكتسابها، توليدها، إنتاجها، تطبيقها ومشاركتها).
 المهارات الإنتاجية للطلبة والتي تتضمن (تحديد الأهداف، تحديد الأولويات، العمل بإيجابية وأخلاق، إدارة الوقت والمشاريع بفاعلية، تنفيذ وإدارة المهام المتعددة، المشاركة والتعاون بفاعلية مع أعضاء الفريق، احترام وتقدير تنوع الفريق، تحمل مسؤولية النتائج).
 مهمات الأداء الواقعية ومشروعات التعلم التكنوكيميائية: والتي تم تصميمها لجميع وحدات منهاج الكيمياء للصف العاشر في ضوء مداخل التكامل المقترحة ( التصميم التعليمي، التعلم القائم على المشاريع، والنواتج التكنولوجية لمبادئ الكيمياء الخضراء) والمرتبطة بأفكار كبرى على شكل تحديات لقضايا ومشكلات تتضمن سياقاً حقيقياً، وموجه نحو إنتاج منتج في ضوء مبادئ الكيمياء الخضراء.
 نتائج البحث وتفسيرها مرتبطة بظروف وطبيعة مجموعة البحث وزمان ومكان التطبيق.
منهج البحث والتصميم التجريبي
تم الاعتماد على منهج البحوث المختلطة، والتي تجمع بين النوعين الكمي والنوعي، ذلك لأنّ كليهما يكمل بعضه الآخر، وهذا ما وضحه كل من: قنديلجي والسامرائي (2010) و(كريسويل، Creswell, 2012؛ وأبو علام،2018) ومن دواعي اعتماد الباحثة على المدخلين هو ضرورة ملاحظة المعلمين في سياقهم الطبيعي لدعم المواقف التجريبية والبيانات الكمية، بالإضافة لتغطية الجوانب المختلفة للأبعاد والمجالات والمؤشرات المُراد قياسها، وبذلك تم اعتماد المناهج التالية في البحث:
 منهج البحوث الكيفية(النوعية): ممثلة بتحليل وثائق الأداء ومقابلات المعلمين وحضور الحصص والمشاهدات الصفية، والمعلومات التي جمعت من سجلات المعلمين التراكمية (تقارير الزيارات والمتابعة، وسجلات التحضير، والإثراء ونماذج الاختبارات، وملف الإنجاز).
 المنهج الوصفي التحليلي: لتحديد أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية ووصف طبيعتها ونوعيتها، وإعداد الإطار النظري لبناء أدوات البحث المختلفة.
 منهج البحوث الكمية ممثلة بالمنهج التجريبي: باستخدام التصميم شبه التجريبي ذي التصميم القبلي والبعدي للمجموعة الواحدة؛ لبحث فاعلية البرنامج المقترح والعلاقات بين متغيراته، وبذلك اشتمل التصميم شبه التجريبي للبحث على المتغيرات التالية:
- المتغير المستقل: البرنامج القائم على تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية.
- المتغير التابع: الكفايات المهنية ، عمليات إدارة المعرفة للمعلمين، المهارات الإنتاجية للطلبة.
وفي فرضية العلاقة:
- المتغير المستقل: الكفايات المهنية، وعمليات إدارة المعرفة للمعلمين.
- المتغير التابع : المهارات الإنتاجية للطلبة.
فروض البحث
1- يوجد فرق دال إحصائياً عند مستوى الدلالة (α ≤ 0.05) بين متوسطي درجات المعلمين في التطبيقين القبلي والبعدي لمقياس الكفايات المهنية ككل، وفي مجالاته الرئيسة لصالح التطبيق البعدي.
2- يوجد فرق دال إحصائياً عند مستوى الدلالة (α ≤ 0.05 ) بين متوسطي درجات المعلمين في التطبيقين القبلي والبعدي لمقياس عمليات إدارة المعرفة ككل وأبعاده الرئيسة لصالح التطبيق البعدي.
3- يوجد فرق دال إحصائياً عند مستوى الدلالة (α ≤ 0.05) بين متوسطي درجات الطلبة في التطبيقين القبلي والبعدي لمقياس المهارات الإنتاجية ككل وأبعاده الرئيسة، لصالح التطبيق البعدي.
4- توجد علاقة ارتباطيه عند مستوى الدلالة (α ≤ 0.05) بين متوسطات درجات الكفايات المهنية وعمليات إدارة المعرفة لدى معلمي الكيمياء وأداء طلبتهم في الصف العاشر في المهارات الإنتاجية.
مصطلحات البحث
المعرفة البيداغوجية للمحتوى(Pedagogical Knowledge ) المعرفة التي تتعدى معرفة المحتوى الدراسي لذاته، إلى معرفة المحتوى الدراسي لتدريسه من أجل جعله سهلاً وقابلاً للتعلم من خلال الشروحات، والتوضيحات، والحوارات، والأمثلة، والعروض العملية، وغيرها من التمثيلات التي تجعل المحتوى قابلاً للاستيعاب من الطلبة على اختلاف فهمهم وبيئاتهم وخلفياتهم ( غنيم وآخرون، 2016).
التعريف الإجرائي للمعرفة البيداغوجية :هي المعرفة التي تعبر عن نوعية وكمية مكتسبات معلمي الكيمياء للصف العاشر الأكاديمي من المعارف التربوية والتخصصية مادة وطريقة، والتي يتم اكتسابها من خلال البرنامج التدريبي المقترح؛ لامتلاك المعارف العامة والخاصة اللازمة لتسيير وتأطير عملية التعلم، وأنشطة التعليم وتطبيقها عملياً مع طلبتهم، بحيث تعكس نتاجات التعلم منجزات هذه المعارف.
المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية( TPACK)
وهي المعرفة بالمحتوى والتربية والتكنولوجيا أو ما يعرف بالمعرفة البيداغوجية والتكنولوجية، وتصف أنواع المعرفة التي يحتاجها المعلم من أجل تحقيق تعلم فعال في بيئة تعلم تم تعزيزها بالتكنولوجيا (آل كباس،2017) ونتجت عن النماذج المعاصرة التي تؤكد على التكامل الفعال للتكنولوجيا والبيداغوجيا والمحتوى كمتطلبات رئيسة للتدريس الفعال باستخدام التقنيات التعليمية (Niess, & IGI Globa;2017 ).
التعريف الإجرائي للمعرفة البيداغوجية والتكنولوجية( TPACK) في الكيمياء
إطار يجسّد مجمل المعارف الواجب توافرها لدى أي معلم كيمياء يعتمد التكنولوجيا في تدريسه لمحتوى ما، وتندرج تحته سبع أنماط من المعارف ناتجة عن دمج ثلاث معارف رئيسة هي: معرفة المحتوى الكيميائي ومعرفة التربية، ومعرفة التكنولوجيا، ومزيجاتها وهي معرفة التكنولوجيا والتربية، معرفة التربية والمحتوى الكيميائي، ومعرفة التكنولوجيا والمحتوى الكيميائي، ومعرفة التكنولوجيا والتربية والمحتوى الكيميائي، لتطبيقها عملياً مع طلبتهم في ضوء البرنامج المقترح، بحيث تعكس نتاجاتها منجزات هذه المعارف، وأطلقت عليه الباحثة برنامج المعرفة البيداغوجية والتكنوكيميائية (TPACK).
البرنامج التكاملي للمعرفة البيداغوجية والتكنولوجية
مجموعة من مهمات الأداء الواقعية ومشروعات التعلم، والأنشطة العلمية-التربوية- التكنولوجية لمحتوى منهاج الكيمياء المصممة والمتكاملة فيما بينها، بطريقة يتم فيها توظيف المعرفة البيداغوجية المتمثلة في الجانب التربوي وأبعاده (الفلسفات والأهداف العامة، استراتيجيات التدريس والتقويم، تنظيم بيئة التعلم البشرية والمادية والسياق وأدوات التكنولوجيا) والجانب الأكاديمي المتمثل في معرفة المحتوى (المعرفة الكيميائية لمعلمي الكيمياء) وتم بنائها بالاعتماد على مدخل التعلم القائم على المشاريع والتصميم التعليمي ومدخل النواتج التكنولوجية للكيمياء الخضراء، وذلك بالاعتماد على تحليل المحتوى والمهام والأنشطة والقضايا والمواقف التعليمية المطروحة، وبناء الفكرة الكبرى والتي تكون ثمرة تطبيقها دمج المعرفة المادية بالمعرفة البيداغوجية والتكنولوجية للمعلمين، وانخراط الطلبة في البحث وتجميع المعلومات من مصادر متعددة من ضمنها التكنولوجيا، وتوليد الحل، والتقييم وصولا لإنتاج منتج أو مخرج يبرهن على تطبيق المعرفة.
الكفايات المهنية(Competencies (Teaching
عرفها القويل وعز الدين(Alqiawi1 & Ezzeldin , 2015) باعتبارها: قدرة المعلم على توظيف مجموعة مُركبة من المعارف وأنماط السلوك والمهارات أثناء أدائه لأدواره التعليمية داخل الغرفة الصفية، بدرجة لا تقل عن مستوى معين من الإتقان يمكن قياسها واكتسابها أثناء فترة إعداد المعلمين، أو من خلال الخبرة والتوجيه، وتساعده على القيام بالتدريس بنجاح وتحقيق الأهداف.
إجرائياً: تعرف الباحثة الكفايات المهنية بأنها: مجموعة من المعارف والمفاهيم والمهارات والاتجاهات التي يجب أن يمتلكها المعلمون وتشمل كافة الممارسات والسلوكيات المهنية المباشرة وغير المباشرة والتي تتطلب من معلم الكيمياء جهداً خاصاً ومعرفة تامة بالمناهج وفلسفتها، وطرق التدريس، والمتعلمين وخصائصهم، ومعرفة عميقة بالمحتوى، وطرق التقويم، واتساق المحتوى وبيئات التعلم والسياق الاجتماعي للوصول لتعلمٍ فعالٍ، يتحقق من خلاله الأهداف المأمولة، وتُقاس بالدرجة التي يحصل عليها المعلم في مقياس الكفايات المهنية، والأدوات التي أعدتها الباحثة لذلك.
إدارة المعرفة: هندسة المعرفة وتنظيمها؛ لتساعد المؤسسة على إنتاج المعرفة وتوليدها وتخزينها واستخدامها وتطبيقها ونشر الخبرات المستفادة، وتحويلها للأشخاص المناسبين في الوقت المناسب، لضمان توظيفها في صنع القرارات الرشيدة، وحل المشكلات، والتخطيط الاستراتيجي بما يرفع مستوى كفاءة اتخاذ القرارات والأداء التنظيمي والتطبيقي (سرحان ووالحمامي،2015).
عمليات إدارة المعرفة: عرفها البطاينة والمشاقبة (2017) بأنها الإجراءات النظامية التي يقوم بها الأفراد لزيادة الحصيلة المعرفية التي تشمل التشخيص، والاكتساب، والتوليد، والتخزين، والتطبيق والتوزيع؛ لتحقيق إدارة معرفية تنظيمية قادرة على اتخاذ القرارات، وحل المشكلات، والتعلم والتخطيط.
إجرائياً عرفتها الباحثة بأنها: الجهد المنظم ضمن نظام متكامل من العمليات والممارسات والخبرات التي تساعد معلم الكيمياء على تشخيص المعرفة، واكتسابها، وتوليدها وإنتاجها والبحث عن مصادرها المختلفة، لتوظيفها في تحقيق أهداف تعلم الكيمياء، وتوظيف المعرفة المتاحة لخدمة ذلك، وتقاس بالدرجة التي يحصل عليها المعلم في مقياس عمليات إدارة المعرفة المتضمن للعمليات الآتية:(تشخيص المعرفة، واكتسابها ، وتوليدها ، وإنتاجها ، ومشاركتها ، وتطبيقها ونشرها).
المهارات الإنتاجية: إحدى مهارات القرن الواحد والعشرين الحياتية، التي تتضمن مجموعة من المهارات الضرورية لضمان استعداد المتعلمين للتعلم والابتكار للعمل، والاستخدام الأمثل للمعلومات والوسائط والتكنولوجيا في الحياة، وتتمثل بقدرة المتعلم وبرهنته على حدوث التعلم من خلال تقديم منتجات تعكس فهمه لتعلمه(شلبي،2014).
المهارات الإنتاجية إجرائياً: وهي قدرة طلبة الصف العاشر على تطبيق المعرفة الكيميائية بشكل يعكس فهمهم للمحتوى الكيميائي، من خلال أداء مهمة أو ابتكار منتج أو تنفيذ مشروع في ضوء مبادئ الكيمياء الخضراء باستخدام المهارات التالية: تحديد الأهداف، وتحديد الاحتياجات وترتيب الأولويات، والتخطيط، وإدارة الوقت، والمشاركة والتعاون في حل المشكلات، والتوظيف الفعال لأدوات التكنولوجيا، والعمل بإيجابية وأخلاق، وتحمل مسؤولية النتائج واحترام وتقدير الفريق، وتقاس الإنتاجية بإنتاج منتج من نوعية معينة مع إطار زمني محدد، وإظهار الطلبة القدرة علي المساءلة من خلال إدارة فعالة للمعرفة الكيميائية وإدارة الوقت، وتخصيص الموارد المناسبة، والسلامة الشخصية، والمراقبة الذاتية والثقة بالنفس واحترام الفريق، والتي سيتم قياسها بالدرجة التي يحصل عليها الطلبة في مقياس المهارات الإنتاجية.
إجراءات البحث
أولاً: إعداد قائمة بأنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية وعناصرها، وذلك من خلال:
1. مراجعة الأدبيات السابقة في مجال البحث، والمشروعات العالمية والبحوث التي اهتمت بدراسة المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية، ومعايير معلمي منهاج الكيمياء ومتطلبات الكفايات المهنية، وعمليات إدارة المعرفة والمهارات الإنتاجية.
2. تحديد الهدف من قائمة أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية.
3. بناء القائمة الأولية لأنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية وعناصرها.
4. عرض القائمة على مجموعة من الخبراء والمتخصصين وتعديلها في ضوء أرائهم.
5. إعداد أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية في صورتها النهائية.
ثانياً: بناء البرنامج المقترح في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية
1. مراجعة الدراسات والبحوث والمشروعات التي اهتمت بدراسة المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية، ومداخل التكامل ومعايير معلمي منهاج الكيمياء وفي ضوء ذلك تم تحديد:
‌أ. فلسفة البرنامج المقترح وأسسه في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنوكيميائية.
‌ب. أهداف البرنامج المقترح.
‌ج. محتوى البرنامج المقترح في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية.
‌د. استراتيجيات وأساليب وطرق التدريب في البرنامج المقترح.
‌ه. أساليب التقويم المستخدمة في البرنامج للمعلمين.
‌و. الإطار العام للبرنامج المقترح.
‌ز. الخطة الزمنية العامة لتنفيذ البرنامج.
2. التحقق من صلاحية البرنامج المقترح وضبطه.
3. وضع البرنامج المقترح في صورته النهائية.
ثالثاً: إعداد أدوات البحث
1. مقياس الكفايات المهنية وسلم التقدير اللفظي له، واختبار المعرفة الكيميائية واختبار المعرفة البيداغوجية واستمارة التقييم الذاتي للمعرفة التكنولوجية:
‌أ. إعداد المقياس وسلم التقدير اللفظي له واختبار المعرفة الكيميائية والبيداغوجية واستمارة التقييم الذاتي للمعرفة التكنولوجية الملحقة بها في صورتها الأولية.
‌ب. عرض المقياس وسلم التقدير والاختبارات والاستمارة على مجموعة من الخبراء لإجراء التعديلات.
‌ج. إعداد المقياس وسلم التقدير والاختبارات والاستمارة في صورتها النهائية.
2. مقياس عمليات إدارة المعرفة وسلم التقدير اللفظي الخاص به
‌أ. إعداد مقياس عمليات إدارة المعرفة وسلم التقدير اللفظي له في صورتهما الأولية.
‌ب. عرض المقياس وسلم التقدير اللفظي له على مجموعة من الخبراء والمتخصصين لإجراء التعديلات.
‌ج. إعداد المقياس وسلم التقدير اللفظي في صورتهما النهائية متضمنة الأهداف والتعليمات.
3. مقياس المهارات الإنتاجية للطلبة وسلم التقدير اللفظي الخاص به
‌أ. إعداد مقياس المهارات الإنتاجية للطلبة وسلم التقدير اللفظي له في صورتهما الأولية.
‌ب. عرض المقياس وسلم التقدير اللفظي له على مجموعة من الخبراء لإجراء التعديلات.
‌ج. إعداد المقياس وسلم التقدير اللفظي في صورتهما النهائية متضمنة الأهداف والتعليمات.
4. أدوات التقويم الخاصة بالبيانات النوعية للمعلمين
‌أ. إعداد بطاقة أسئلة المقابلات الشفوية الأولية، والسجلات السردية للوثائق ولتحليل وثائق للمعلمين.
‌ب. عرض بطاقة المقابلات الأولية، والسجلات السردية على مجموعة من الخبراء لإجراء التعديلات.
‌ج. إعداد بطاقة أسئلة المقابلات الشفوية والسجلات السردية للمعلمين في صورتها النهائية.
رابعاً: تحديد فاعلية البرنامج المقترح في تنمية الكفايات المهنية وعمليات إدارة المعرفة لمعلمي الكيمياء للصف العاشر الأكاديمي والمهارات الإنتاجية لطلبتهم وذلك من خلال:
أ. اختيار مجموعة البحث من معلمي الكيمياء، وطلبتهم من الصف العاشر الأكاديمي.
ب. تطبيق أدوات البحث القبلية على مجموعة البحث، من المعلمين والطلبة
ج. تطبيق البرنامج على مجموعة البحث من المعلمين.
د. تطبيق أدوات البحث البعدية على مجموعة البحث من المعلمين والطلبة.
خامساً: تحديد العلاقة بين الكفايات المهنية وعمليات إدارة المعرفة والمهارات الإنتاجية لطلبة الصف العاشر الأكاديمي في المعرفة الكيميائية.
أ. اختيار مجموعة البحث من طلبة الصف العاشر الأكاديمي.
ب. تطبيق أدوات البحث القبلية على مجموعة البحث من الطلبة.
ج. تطبيق أدوات البحث البعدية على مجموعة البحث من الطلبة .
سادساً: تجميع البيانات وتحليلها إحصائياً وتفسير النتائج ومناقشتها وتقديم التوصيات والمقترحات.
أهمية البحث: تتمثل أهمية البحث الحالي فيما يقدمه لكل من:
 إن أهمية البحث الحالي تأتي من الموضوع الذي ستتناوله للواقع التربوي، ويمكن إبراز الأهمية البحثية والعملية لهذا البحث فيما يأتي :
 القائمون على تخطيط وإعداد برامج تدريب وتأهيل المعلمين في وزارة التربية والتعليم في تبني نظريات وبرامج تدريبية في ضوء احتياجات واقعية للمعلمين بناءً على نتائج البحث.
 المشرفون التربويون: لبناء برامج لتدريب المعلمين، في ضوء احتياجاتهم الواقعية، مما يرفع مستوى كفاياتهم المهنية وتحسين نوعيتها، وتطوير إدارتهم لعمليات المعرفة، وبالتالي تحسين نوعية التعلم، وبناء المعرفة لدى الطلبة وتعزيز فهمهم وإنتاجهم العلمي سواء بسواء .
 المعلمون: لاستثمار أنماط المعارف البيداغوجية والتكنولوجية التي يمتلكونها في تطوير كفاياتهم المهنية وإدارتهم للمعرفة، وبالتالي تحسين مستوى مهارات طلبتهم الإنتاجية، كما يقدم البحث الحالي أدوات تقويم لمعلمي الكيمياء، تتمثل في مقياس الكفايات المهنية ومقياس عمليات إدارة المعرفة ومقياس المهارات الإنتاجية وسلم التقدير الخاص بكل مقياس، وهي على درجة عالية من الموثوقية، بذلك يمكن أن يستفيد من هذه الأدوات الباحثون والمشرفون التربويين والقائمون على تخطيط البرامج التربوية.
 الباحثون: يقدم هذا البحث نموذجاً عملياً في ضوء تكامل أنماط المعرفة البيداغوجية والتكنولوجية كأحد النماذج المعاصرة والحديثة لتنمية الكفايات المهنية وعمليات إدارة المعرفة للمعلمين، ويمكن الاسترشاد به لتنمية المهارات الإنتاجية للطلبة؛ لتحقيق متطلبات النجاح في الحياة اليومية، فضلاً عن إسهام نتائج هذا البحث في فتح آفاق جديدة للباحثين للاستفادة من إطاره النظري والإجرائي في مجال التنمية المهنية وتطوير الكفايات المهنية وعمليات إدارة المعرفة للمعلمين والمهارات الإنتاجية للطلبة.