Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
أثر خصوصية التحكيم على صلاحية المحكم /
المؤلف
السيد، سيد بحيرى.
هيئة الاعداد
باحث / سيد بحيرى السيد
مشرف / رضا محمد عبيد
مشرف / محمد السعيد رشدي
مشرف / حسام رضا السيد
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
376 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون التجاري والبحري
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 376

from 376

المستخلص

يعتبر التحكيم بمثابة القضاء الخاص الذي يتمتع بخصوصية معينة، تميزه عن قواعد وأصول المحاكمات العادية في كل بلد، كما يعتبر ”المحكم” بمثابة قاض خاص تعهد للخصوم بتنفيذ مهمة تحكيمية، تكون محلاً للنزاع فيما بينهم خلال فترة زمنية معينة، لقاء أتعاب تحدد بموجب اتفاقية التحكيم، سواء أكانت بندا تحكيمياً أم عقداً مستقلاً بذاته عن الاتفاق المبرم فيما بينهم.
والأصل أن يقوم الأطراف بعبء اختيار المحكمين وتعيينهم وفق مشيئتهم؛ لهذا أولت الاتفاقيات الدولية اهتماماً خاصاً بركن الرضا في التحكيم، وبعض مراكز التحكيم جعلت من موافقة الأطراف على عرض النزاع على التحكيم لدى المركز شرطاً أساسياً لاختصاص المركز، وعياً منها بدور الإرادة في نظام التحكيم والدور الذي تلعبه في مرحلة تنفيذ الحكم، غير أن الموافقة على اختصاص المركز ينجم عنها آثار هامة، حيث إنه يصبح التحكيم إجبارياً بمجرد صدور الموافقة من كلا الطرفين.
غير أن الأنظمة القانونية قيدت هذه الحرية؛ وذلك لخطورة المهمة التي يتولاها المحكم، الأمر الذي يفترض فيه أن يتمتع بثقة الأطراف، وذلك لما يتمتع به من سلطات واسعة أثناء سير إجراءات التحكيم، والتي تهدف في مجملها إلى تدعيم مركزه القانوني، وإمداده بالقوة اللازمة لفرض إرادته على أطراف النزاع بالرغم من افتقاره لسلطة الإجبار التي يتمتع بها القاضي، ثم إن قراره ملزم، وغير قابل للطعن فيه، ويحوز حجية الأمر المقضي به، وبالتالي يعتبر بمثابة قضاء على الخصومة، الأمر الذي استدعى تدخل القانون للحد من حرية الأطراف في تعيين قضاتهم، وتقييدها ببعض الضوابط رعاية لمصالحهم، وإزاء ذلك اشترطت القوانين ولوائح الأنظمة المؤسسية عدة شروط يجب أن يتمتع بها المحكم، اتفقت على البعض واختلفت في أخرى، حيث تتجسد أهم هذه الشروط في الأهلية المدنية والجنسية والكفاءة والخبرة.
كما حرصت الأنظمة القانونية على تقرير عدة التزامات يتقيد المحكم بالوفاء بها تاركة المجال واسعاً أمام حرية الأطراف وإرادتهم في اشتراط المزيد من الضمانات أو تقييد المحكم بالتزامات أشد، وبالتالي يفترض في المحكم التزامه أمام الأطراف بالتزامات أخلاقية وقانونية، بالرغم من أن بعض القوانين والعقود الدولية غير مهتمة بالإشارة إلى الالتزامات الأخلاقية باعتبارها واجبة عليه دون الحاجة للنص عليها، ومن قبيل هذه الالتزامات المحافظة على المستندات المقدمة إليه، وعدم إفشاء مضمونها للغير والمحافظة على أسرار الأطراف وعدم التنحي إلا لأسباب جدية ومشروعة مع إخطار الأطراف بذلك في وقت مناسب، بجانب المحافظة على الأموال المتنازع عليها وعدم التصرف فيها، فضلاً عن تخصيصه وقتًا كافيًّا لدراسة القضية دراسة واقعية وعميقة، أما الالتزامات القانونية الواجبة عليه هي التزامه بالإفصاح والحياد والاستقلال واحترام إرادة الأطراف المتمثلة في اتفاقهم بجانب مراعاة أحكام القانون، فضلاً عن احترامه للمبادئ الأساسية للتقاضي.
والتزامات المحكم، سواء التزامات قانونية، أو اتفاقية، تبدأ بمرحلة سابقة على قبول المحكم لمهمة التحكيم، هذه المرحلة هي مرحلة ترشيح أطراف التحكيم، أو القضاء، أو هيئات تحكيم دولية للمحكمين الذين ينوبون عن أطراف التحكيم، وهذه الالتزامات قد تتمثل في الالتزام بالإفصاح بالقبول لمباشرة مهام التحكيم لأطراف النزاع أو ممثليهم، ثم يلي ذلك مرحلة سير الخصومة، وصولاً لمرحلة إصدار حكم التحكيم.
وفي المقابل، هناك العديد من الحقوق للمحكم بمثابة التزامات تقع على عاتق المحتكمين، هذه الحقوق منها ما ورد النص عليه في التشريعات والقوانين واللوائح، ومنها ما هو اتفاقي، ورد في نص اتفاق التحكيم وفقاً لما يتراضى عليه المحكم والمحتكمون، وتمثلت هذه الحقوق في حق المحكم في تقاضيه أتعاب التحكيم، وكذلك حق المحكم في عدم عزله بدون مبرر، أو التنحي بمبرر مقبول، وكذلك حق المحكم فى الحصانة.
وترتبط طبيعة مسئولية المحكم ارتباطاً وثيقاً بطبيعة علاقته بأطراف النزاع التحكيمي، وبطبيعة عمله كقاضي خاص يقوم بمهمة قضائية خاصة بناء على اختياره من طرف النزاع التحكيمي؛ لذا فتحديد مسئولية المحكم تقتضي تحديد النظام القانوني للمحكم.
إن خصوصية التحكيم باعتباره أداة لتحقيق العدالة تكمن في كونه أداة اتفاقية، فالالتجاء إلى التحكيم يتوقف على اتفاق الأطراف على طرح نزاعهم على من يرتضونه قاضياً بينهم، وإجراءات التحكيم وضوابط الفصل في الدعوى رهينة بما يرتضيه هؤلاء الأطراف، وفي ذلك لا يكاد التحكيم يختلف في المجتمعات المعاصرة عنه في المجتمعات القديمة، التي كانت تفتقد سلطة قضائية عامة منظمة، وعليه يقوم التحكيم على اتفاق طرفي التحكيم على اللجوء لهذا النظام لحل أي نزاع ينشأ عن علاقاتهم التعاقدية، وتعتبر أولى خطوات التحكيم بعد كتابة عقد الاتفاق هي اختيار المحكمين، حيث يقوم كل طرف باختيار محكم محايد يكلان إليه مهمة الفصل في نزاعهما، وتراضيهما مقدماً على التسليم بما يراه هذا الطرف حلاً عادلاً له، وبقبول هيئة التحكيم بالمهمة التي انتدبوا لها، وبعد تحريهم لوقائع النزاع، ولقواعد القانون الواجبة التطبيق عليه، وينتهي بحكم منه يجسد القانون، أو العدالة بشأنه، شأنه في ذلك شأن الحكم القضائي.
ولا يختلف التحكيم عن القضاء في تصديه للفصل في المنازعة، حيث إن المحكم يفصل في النزاع المعروض عليه وفقاً لصحيح القانون، كما يجب عليه اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق عناصر المنازعة، والوصول بوقائعها المعروضة عليه إلى درجة اليقين القضائية التي يستطيع أن يبني عليها حكمه.
وهو في سبيل تحقيق ذلك يجب أن يمارس سلطاته نحو أطراف التحكيم ونحو الغير؛ ولأن التحكيم هو اتفاق يقوم في الأساس على اتجاه إرادة الأطراف إلى الالتجاء للتحكيم لحل منازعاتهم، فأساسه هو اتفاق إرادي، وبالتالي يتبع ما يخضع له العقد في إطار العلاقات الخاصة، من حيث نسبية آثاره، حيث لا يعتد بها في مواجهة الغير، وهو في ذلك بخلاف قضاء الدولة الذي يتمتع وفقاً لنصوص القانون والدستور بسلطة جبرية، سواء لأطراف الخصومة، أو بالنسبة لغيرهم؛ حيث يمارس القاضي سلطته عليهم، وله في سبيل ذلك ممارسة ما منحه القانون إياه من سلطة ورخص تجاههم.
وإذا كان حال التحكيم على هذا النحو، فكان يجب أن يستمد من سلطة القضاء ما يؤهله للفصل في النزاع، وإلا كانت إجراءاته مجرد مضيعة للوقت، ولا تأتي بنتيجة، فنظراً لاختلاف التحكيم عن القضاء، فإنه لا يفتأ يُلجأ إليه في مختلف ما يمر به من مراحل، فالقضاء سلطة عامة من سلطات الدولة، وخلافاً للتحكيم، فمن الطبيعي أن يحتاج القضاء سواء لاتخاذ تدابير وقتية أو تحفظية، أو للمساعدة في اختيار المحكمين، أو عزلهم أو للحكم على من يتخلف من الشهود، أو الإلزام بتقديم مستند أو للإنابة القضائية.
حرصت الأنظمة القانونية على كفالة العديد من الضمانات للأطراف في مواجهة المحكم، وذلك ضماناً لحياده واستقلاله، وحتى لا يستمر المحكم الذي أخل بالتزاماته تجاه الأطراف أو فقد أحد الشروط الواجب فيه معتلياً منصة التحكيم بين الأطراف الذين عبروا عن قلقهم تجاهه؛ لذا فقد قررت أغلب التشريعات لأطرافر النزاع إمكانية رد المحكم الذي أظهر تصرفًا من شأنه إثارة الشكوك حول حياده أو استقلاله، وإزاء ذلك قررت بعض التشريعات المماثلة بين المحكم والقاضي فيما يتعلق بإمكانية الرد، كما اتجهت بعض الأنظمة إلى منح الأطراف ضمانات إضافية تتمثل في إمكانية الاتفاق على عزل المحكم أو إقالته، والسماح للمحكم الذي تقدم أحد الأطراف بطلب رده أن يتنحى عن مواصلة إجراءات التحكيم.
كما اتيح للأطراف إمكانية إلغاء مهمة المحكم بواسطة المحكمة بناء على طلب أحد الأطراف؛ وذلك إذا عجز المحكم عن أداء مهمته، وفشل الأطراف في الاتفاق على عزله.