![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لقد كان من الطبيعي أن تُوجد الدولة، وبوجودها مُنِعَ الأفراد اقتضاء حقوقهم بأنفسهم بوسيلةٍ قانونيةٍ يلجأون إليها لحماية حقوقهم من الاعتداء عليها، والدفاع عنها، لا سيما بعد تطور الدولة، والتطور الذي بلغته المجتمعات الحديثة، الأمر الذي أدى إلى اضطلاع الدولة بإقامة العدالة بين مواطنيها، ولهذا أنشأت جهازها القضائي، ومنحته من الضمانات ما يكفل له القيام بهذه المهمة، ومنحت الأفراد – دون تمييز بينهم – حق الالتجاء إلى هذا الجهاز طلبًا لحمايته، وجعلت من هذا الحق حقًّا عامًّا، يتمتع به الكافة, وإذا ما كان حق التقاضي مصونًا وتكفله الدولة للأفراد، فإن ممارسة هذا الحق يجب ألا تكونَ بطريقةٍ عشوائيةٍ غير منظمة، وإنما تجب ممارسته وِفقًا للأوضاع والإجراءات التي يُحددها المشرع في هذا الشأن. ولما كانت وظيفة القضاء – وظيفةً عامةً – تُبَاشَرُ وَفْقَ مقتضيات معينة، فإنها لا تُبَاشَرُ بطريقةٍ تلقائية، وإنما يجب طلب هذه الوظيفة ممن قامت به الحاجة إلى حماية القضاء لحقوقه ومصالحه، ولذلك لا تباشر وظيفة القضاء إلا عندما تقوم الحاجة إلى حمايته، حتى يكون هناك مُسَوِّغٌ لتدخل القضاء. وسبيل المشرع في ذلك هو تنظيمه لفكرة الدعوى، التي جعل منها الوسيلة القانونية في الحصول على حماية القضاء للحقوق الموضوعة. فالدعوى تمرُّ بثلاثِ مراحلَ رئيسيةٍ، تُمَثِّلُ تَدَرُّجًا منطقيًّا في تحقيق غايتها، وهي مرحلة المطالبة القضائية، تليها مرحلة المرافعة أو تحقيق الدعوى، ثم تنتهي بمرحلة الحكم، وخلال هذه المراحل تتابع إجراءاتها تتابعًا زمنيًّا دقيقًا، وتتسلسل تسلسلاً منطقيًّا، لإحداث النتيجة التي أُنشئت من أجلها، وهي صدور الحكم في موضوعها. |