الفهرس 
الفصل الاوليوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 224 |  |  |
| | | from | 224 | | |
المستخلص
يتسم موضوع التجارب الطبية بأهمية بالغة الخطورة، ولاسيما ما تعلق منه بالمسؤولية المدنية الناشئة عن تلك التجارب ومساسها بجسد الإنسان، الذي تسعى التشريعات الوضعية إلى ضمان حياته وسلامة جسده، فالتطور العلمي الطبي والتكنولوجي وما صاحبه من مشكلات جديدة، إنما جعل الإنسان في وضع معقد، وأفرز حاجات وضرورات هي أحوج ما تكون إلى التنظيم ووضع الحلول المناسبة، بغية حماية حق الإنسان في الحياة والسلامة، والاحتفاظ بالكرامة الإنسانية في مواجهة ما يمكن أن تتعرض له، من اعتداء في خضم هذه التطورات والمستجدات, ومن ثم إرساء أسس متينة ومستقرة مثبتة للمسؤولية الناشئة عن ذلك بوجه عام، وللمسؤولية المدنية بوجه خاص، بما يواكب تلك التطورات التي يمكن أن تمتهن قيمة الإنسان وهي غاية، لتجعل منها وسيلةً من خلال جعل هذا الإنسان محلاً لإجراء تجارب طبية علمية، لا مصلحة ولا فائدة له فيها، أو جعله مختبراً لتجارب طبية بقصد معالجته من مرض معين، من دون النظر إلى ما يمكن أن تصيبه يقيناً من أضرار كبيرة أو صغيرة جرّاء ذلك، وهذا بحد ذاته ينطوي على استهانة بالغة بحقه في الحياة وسلامة الجسد، ومن ثم: استخفاف بالجوهر الإنساني وقدسيته 0
إذن فلاشك بعد هذا أن موضوع المسؤولية المدنية الناشئة عن التجارب الطبية، لهو موضوع جدير بالبحث، ولاسيمّا إذا علمنا أنَّ هذه التجارب قد تؤدي بحياة الإنسان الذي تجرى عليه، أو تورثه عللاً وعاهات أو عجزاً كلياً أو جزئياً، قد يمتد آثره إلى أشخاص آخرين يكنون له مشاعر الحب والاعتزاز، ولاسيمّا أولئك الأشخاص الذين يتولى إعالتهم.
والحقيقة أنَّ المسؤولية المدنية الناشئة عن التجارب الطبية، بحكم طبيعتها، يتنازعها اتجاهان يقفان على طرفي نقيض :
• اتجاه يدعو إلى إطلاق حرية الطبيب والباحث من القيود القانونية، وتحريره مما يُزرع في داخله من مخاوف تغل عقله ويده، وتقعده عن السعي إلى التطوير وما فيه من اكتشافات جديدة، تخدم العلم والإنسانية.