Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الْمَسْئولِيَةُ الْمَدَنِيَةُ عَنْ خَطَأِ طَبِيبِ الَّتحَالِيلِ فِى تَشْخِيصِ الْأوْرَامِ الَّسَرَطَانِيَةِ :
المؤلف
الباجورى، سَامْيَة عَبْد الْحَلِيم الَّسيد.
هيئة الاعداد
باحث / سَامْيَة عَبْد الْحَلِيم الَّسيد الباجورى
مشرف / فَيْصَل ذَكِى عَبْد الْوَاحِد
مناقش / محمد محيي الدين إبراهيم سليم
مناقش / محمد السعيد رشدى
الموضوع
الأورام السرطانية. القانون المدنى.
تاريخ النشر
2018.
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
18/3/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون المدني.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 308

from 308

المستخلص

البحثِ وهو المسئوليةُ المدنيةُ عن خطأِ طبيبِ التحاليلِ فِى تشخيصِ الأورامِ السرطانيةِ، وقد سَبَقَنى الكثيرُ مِن الأساتذةِ الأفاضلِ والزملاءِ الأعزاءِ فِى الكِتابةِ عن المسئوليةِ المدنيةِ للأخطاءِ الطبيةِ بِصفة عامة مثلَ المسئوليةِ المدنيةِ للأطباءِ ومنهم مَن كتبَ عَن المسئوليةِ المدنيةِ الطبيةِ بصفةٍ خاصةٍ مثلَ: المسئوليةُ الطبيةُ لجراحِ التجميل، المسئوليةُ الطبيةِ للصيدلى، المسئوليةُ المدنيةُ عن نقلِ الدمِ المُلوث، وفى رسالتِنا نُكملُ المشوارَ فِى هذا المجالِ الخِصبِ الملئِ بالأخطاءِ الطبيةِ فى التخصصاتِ المختلفةِ. وموضوعُنا هُو المسئوليةُ المدنيةُ لطبيبِ التحاليلِ عن خطئهِ فِى تشخيصِ الأورامِ السرطانيةِ وترجعُ أهميةُ هذا الموضوعِ لكثرةِ إنتشار الأمراضِ السرطانيةِ وكثرةِ الأخطاءِ فى هذا المجالِ وإختلافِ النتائجِ من معملٍ لآخر مما يُمثلُ عبء كبيراً على عاتقِ المريضِ وأسرتهِ ويُسببُ ضرراً مادياً وأدبياً. فَمَن منا لم يتعرض لهذا الخطأِ سواء لقريبٍ أو زميلٍ وشعرَ بما يعانيه المريضُ من الآلامِ الجسديةِ والنفسيةِ والماديةِ نتيجةً لرحلة العلاجِ الشاقةِ التى تُعانِى منها الأسرةُ بأكملها. لذلكَ يجبُ على الطبيبِ أن يكونَ عَلى مُستوى المسئوليةِ بأن يكونَ عَلى درايةٍ كافيةٍ بالأصولِ العلميةِ ويُواكبُ التقدمَ العلمى بالقراءةِ والمعرفةِ والإلمامِ والإطلاعِ على كل ماهو جديد وإستخدام التقنياتِ الحديثةِ التى تُساعدهُ على التشخيصِ السليمِ لكى يُعطى المريضَ نتيجةً مؤكدةً وتقريراً واضحاً ومُفصلاً بتشخيص دقيق حتى يختصرَ الوقتَ للمريض. ومسئوليةُ طبيبِ تحاليلِ الأورامِ ذاتُ أهميةٍ لأنها تُساعدُ الطبيبَ المعالجَ فى إتخاذِ قرارهِ بالنسبةِ للمريضِ سواءاً بالعلاجِ أو بالإستئصالِ لأن الخطأَ فى نتيجةِ التحليلِ يُمكنُ أن يُؤدى لإستئصالِ جُزءٍ سليمٍ من جسدِ الإنسان (أى إعتداءٌ على الجسد) وملكيةُ هذا الجسدِ من الحقوق التى يشتركُ فيها حق المولى عز وجل وحق العبد، ورغمَ النهى عن المساسِ بالجسد إلا أنه شُرعَ للطبيبِ بعملهِ من أجلِ مساعدةِ المريضِ على الشفاء.
الْهَدفُ مِن الْبَحْثِ وَأَهميَتهِ
• أولاً: الْحمايةُ الْقانونيةُ لجسدِ الْإنسانِ منْ أى إعتداء:
إنَّ اللهَ سُبحانهُ وتعالى خَلقَ الإنسانَ وكرَّمهُ على سائرِ خَلقهِ وذكرَ ذلكَ فى كثيرٍ من الآياتِ منها قولهُ تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ(12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ(13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) }( ) . وقولهُ تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}( ). وقولهُ تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}( ). والمولى عزَّ وجلَّ حرَّم المساسَ بجسمِ الإنسانِ بأى أذى. ووضَّحَ ذلكَ فى آياتهِ الكريمة: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} ( )
ومنَ الآياتِ القرآنيةِ السَّابقةِ يتَّضحُ لنا أنَّ الشَّريعةَ الإسلاميةَ قد كرَّمت الإنسانَ وحرَّمت المساسَ بجسدهِ وحرَّمت قتلَ النَّفسِ وإيذائها. وفى الوقتِ الذى سادَ فيهِ الإعتقادُ بعدمِ إمكانيةِ مساءلةِ الأطباءِ عن أخطائهم فإنَّ الشريعةَ الإسلاميةَ عرَّفت المسئوليةَ الطبيةَ ووضعت لها القواعدَ الدقيقة التى تحكمها والتى يُمكنُ معها القولُ بأنها بلغت شأناً عظيماً يفوقُ ماوصلت إليه الشرائعُ فى العصرِ الحديث( ).
ودليلنا على ذلك ما ذهب إليه الإمامُ ابن القيمِ الجوزية فى كتابهِ: (زادُ المعادِ فى هدى خيرِ العباد) حيثُ يقولُ: (قال الخطابى لا أعلمُ خلافا فى أن المُعالجَ إذا تعدَّى فتلفَ المريض كانَ ضامناً والمُتعاطى علماً لا يعرفهُ متعد فإذا تولَّدَ من فعلهِ التلفُ ضمنَ الدية( ). ثم بعدَ ذلكَ وضَّحَ مسئوليةَ الأطباءِ الذين إستوفوا شروطَ مزاولةِ مهنةِ الطب، فوضعَ فروضاً بناءاً عليها تختلفُ المسئولية. نذكر منها:
- الفَرَضُ الأول: طبيبٌ حاذقٌ أعطى الصنعةَ حقها ولم تجنِ يدهُ فتَولَّدَ من فعلهِ المأذونِ من جهةِ الشارعِ ومن جهةِ من يطببه تلفُ العضو أو النَّفس فهذا لاضمانَ عليه إتفافاً ( ).
- الفَرَضُ الثانى: هو مُتطببٌ جاهل باشرت يدهُ من يطببهُ فتلفَ بهِ فهذا إن علمَ المجنى عليه أنه جاهلٌ لاعلمَ له وأذنَ له فى طبه لم يضمن( ).
- الفَرَضُ الثالث: طبيبٌ حاذقٌ أُذنَ له وأعطى الصنعةَ حقها لكنه أخطأت يدهُ وتعدَّت العضوَ الصحيح فأتلفه فهذا يضمنُ لأنها جناية خطأ( ).
- الفَرَضُ الرابع: الطبيبُ الحاذقُ الماهرُ بصنعتهِ إجتهدَ فوصفَ للمريضِ دواءاً فأخطأَ فى إجتهادهِ فقتله فهذا لايَخرجُ عن روايتين: إحداهما أن ديَّةَ المريضِ فى بيتِ المالِ والثانيةُ أنها فى عاقلةِ الطبيبِ( ).
- الفَرَضُ الخامس: طبيبٌ حاذقٌ أعطى الصنعةَ حقها فقطعَ سلعة من رجلٍ أو صبى أو مجنون بغيرِ إذنِ وليهِ فتلفَ فقالَ أصحابنا يضمنُ لأنه تولَّدَ من فعل غير مأذون فيه. وإن أذنَ له البالغُ أو ولى الصبى والمجنون لم يضمن ويُحتملُ أن لا يضمنَ مطلقاً لأنه مُحسنٌ وما على المُحسنينَ من سبيل وأيضا فإنه إن كانَ متعدَّياً فلا وجهَ لضمانهِ. فإن قلتَ له هو متعد عندَ عدمِ الإذنِ أو غيرَ متعد عندَ الإذنِ قلت العدوان وعدمه إنما يَرجعُ إلى فعلهِ هو فلا أثر للإذنِ وعدمهِ فيه وهذا موضعُ نظر( ).
أما فى القوانين الوضعيةِ فقد سادَ الإعتقادُ فترةً من الزمنِ فى عدمِ إمكانيةِ مساءلةِ الأطباءِ ومن ثم أطباء التحاليلِ الطبيةِ عن أخطائهم على أساسِ أنه لا يجوزُ أن تكون سيفاً مُسلَّطاً على رقابِ الأطباءِ للإضرار بشُهرتهم وممارستهم لمهنتهم ( ).
الإ أنه ومع إستقرارِ مبادىء المسئولية وزيادة الوعى لدى المرضى وذويهم بات من الضرورى المُساءلة عما يرتكبه الأطباءُ بصفةٍ عامةٍ وأخصائى التَّحاليل الطبية بصفةٍ خاصةٍ فى مزوالتهم لمهنتهم( )ألا وخصوصاً الأخطاءُ فى تشخيصِ الأورامِ السرطانيةِ لأن الخطأ فى التشخيصِ يُسببُ ضرراً فادحاً للمريضِ من المُمكنِ أن يُؤدى بحياتهِ أو بعجزهِ. حرصاً على حمايةِ جسمِ الإنسانِ ضدَّ أى إعتداءٍ يقعُ عليه من الغيرِ وذلك كما نصت عليه المادةُ 163 من القانونِ المدنى المصرى: (كل خطأ سبَّب ضرراً للغيرِ يُلزمُ من إرتكبه بالتَّعويض). ونصَّت المادةُ 164 من ذاتِ القانون: (أن يكونَ الشَّخص مسئولاً عن أعماله غيرِ المشروعةِ متى صدرت منه وهو غيرُ مُميز). وتطبق هذان المادتين فى حالة علاج المريض فى مستشفى عام ويحاسب الطبيب على أساس المسئولية التقصرية أما إذا كان المريض يعالج فى مستشفى خاص فتطبق القواعد العامة للمسئولية العقدية وبالإضافة إلى ذلكَ أنَّ القانونَ المدنىَّ أخرجَ الإنسانَ من دائرةِ التَّعاملِ فلم يعتبره مالاً ولم يعامله معاملةَ الأشياء وحرَّمَ كلَّ إتفاق يكونُ محلهُ المساس بجسمِ الإنسانِ وجعلَ للمضرورِ الحق فى المطالبةِ بالتَّعويض.
• ثانياً: توعيةُ الإنسانِ بمرضِ السَّرطانِ وخطورة التَّشخيصِ الخاطئ لهذا المرض: من قِبلِ طبيبِ الأورامِ الذى يُمكنُ أن يصلَ إلى إستئصالِ جُزءٍ سليمٍ من جسمِ المريضِ وبيان أن جسدَ الإنسانِ مِلكاً للمولى عزَّ وجلَّ وحق من الحقوقِ المشتركةِ التى يجتمعُ فيها حق اللهِ عزَّ وجلَّ مع حق العبدِ لذا فلا يملكُ العبدُ أن يتنازلَ عن أى جزءٍ من جسدهِ الإ بعدَ إذنِ الشَّرعِ.
• ثالثاً: الحدُ من إنتشارِ ظاهرةِ الأخطاءِ المعمليةِ وما ينتجُ عنها من آثار وخيمة.
• رابعا: توعيةُ المريضِ والتَّوضيح له بأن المسئولية أحياناً لا تقتصر على طبيبِ التَّحاليل فقط بل تُوجدُ أطراف أخرى تُشاركُ فى هذه العمليةِ مثلَ الطَّبيبِ الذى يقومُ بأخذِ العينةِ سواءاً كان جرَّاحاً أو طبيبَ نساء أو رمد وذلك لأنَّ الطَّبيبَ الذى يقومُ بأخذِ العينةِ يختلفُ تخصصه تَبعاً للجزءِ المستأصلِ وأيضاً يُشاركُ الممرضُ والأخصائى والفنى; أى أنَّ العملية تتنوعُ فيها المسئولياتُ والأطرافُ والعلاقاتُ.
• خامسا: بيانُ إلتزاماتِ المشاركين فى العمليةِ وتوضيح إلتزامِ كل مُشارك وبيانُ ما له وما عليه من إلتزامات تجاه الآخر، وبيانُ إختلاف نوعِ المسئوليةِ بإختلافِ المكانِ الذى يتمُ فيه عمل التَّحليلِ سواءاً كان مُستشفى عام أو معمل خاص.
• سادسا: كيفيةُ إثباتِ الخطأ وتوضيحُ مدى توافرِ أركانِ المسئوليةِ المدنيةِ (الخطأ- الضَّرر- علاقة السَّببية) وإثباتُ أنَّ الضررَ الذى تسبَّبَ للمريضِ هو نتيجة مباشرة لخطأِ الطَّبيبِ فى التَّشخيص.
• سابعا: حث الدولةِ على المحافظةِ على آدميةِ الإنسانِ المصرى ورفع مستوى الخدمةِ فى المستشفياتِ الحكوميةِ وتسهيل حصولِ المريضِ على التَّعويضِ فى حالةِ وقوعِ خطأ سواءاً من إدارةِ المستشفى أو من الأطباءِ العاملينَ فيها لأنه من الصعبِ على الإنسانِ أن يعيشَ بالمرضِ والفقرِ والإهمالِ.

خُطَةُ الدِّرَاسَة
بعونِ اللهِ سوفَ نتناولُ هذا البحثَ فى فصلٍ تمهيدى وثلاثةُ أبواب:
• الفصلُ الَّتمهيدى: مفهوم مرضِ السَّرطانِ وآثاره
• البابُ الأول: الَّتكييفُ القانونى للعلاقاتِ التى تربطُ بينَ الأطرافِ فى حالةِ تحليلِ الورم
• البابُ الَّثانى: المسئوليةُ الطبيةُ الناشئةُ عن الخطأِ فى نتيجةِ التحليل
• البابُ الَّثالث: أحكام التعويض عن الضرر الناجم عن الخطأِ فى نتيجةِ الَّتحليل