الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص كان للموقع الجغرافي لمنطقة الشمال الإفريقي المطلة على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط أهمية كبيرة جعلت المنطقة ترتبط بعلاقات قديمة مع مناطق وحضارات العالم القديم وتعود تلك الصلات إلى عصور ما قبل التاريخ، غير أن أول اتصال للمنطقة كان مع وصول الفينيقيين إلى سواحل الشمال الإفريقي الأمر الذي أدى إلى حدوث نقلة حضارية مهمة، وقيام كيان سياسي وحضاري موحد بها تحت قيادة مدينة قرطاجة الفينيقية التي أهلها موقعها الإستراتيجي بأن تقوم بدورًا مهمًا في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي أهلها لزعامة البحرية في غربي المتوسط، حيث أصبحت إمبراطوريتها تمتد من خليج السرت شرقًا، ويتجاوز نفوذها أعمدة هرقل غربًا، كما ضمت إليها سواحل كل من أسبانيا، وجزر الباليار وسردينيا، وكذلك جنوب غرب صقلية مما جعلها تتحكم في مضايق الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، وفي المقابل كانت هناك قوة ناشئة على الضفة الأخرى للمتوسط، وتكمن هذه القوة في الدولة الرومانية، وفي حقيقة الأمر لم يكن تكوينها بالمهمة السهلة فقد صارت مراحل التكوين بعدة خطوات وصعاب محلية، وذلك منذ نشأتها على جزيرة التلال السبع على نهر التيبر حوالي 753 ق.م، حيث انطلقت من موقع جغرافي ممتاز هيأ لها الزعامة السياسية والعسكرية ولكن المهمة لم تكن سهلة، حيث بدأت الإشكاليات المحلية تعرقل روما والمتمثلة في العناصر الأثروسكية في الشمال، والإيطالية شرقي نهر التيبر، واللاتينية في الجنوب، بالإضافة إلى العناصر اليونانية التي كانت تستحوذ على بعض المستعمرات التجارية في جنوب شبه الجزيرة الإيطالية، ويبدو جليًا أن تطور الأحداث الداخلية في الدولة الرومانية قد تأثر بطبيعة الحال تأثيرًا جوهريًا بالحروب التي واجهتها وخاضتها روما منذ قيام الجمهورية الأرستقراطية سنة 509ق.م، والتي غلب عليها طابع الاتساع العسكري في الخارج، يقابله تطور سياسي في الداخل، وجل الحروب التي خاضتها روما في هذه المرحلة هي حروب دفاعية، وفي منتصف القرن الرابع ق.م بدأت روما في التغلب على القوة العسكرية الواقعة وسط شبه الجزيرة الإيطالية بعد أن شعرت بالثقة نتيجة لانتصاراتها السابقة. |