Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الخضوع الاختياري لمحاكم الدولة :
المؤلف
السيايدة، إياد محمد.
هيئة الاعداد
باحث / إياد محمد السيايدة
مشرف / عصام الدين مختار القصبي
مناقش / محمد السيد عرفة
مناقش / عبد المنعم محمد زمزم
الموضوع
القانون الخاص.
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
328ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون الدولي الخاص
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 328

from 328

المستخلص

مقدمـة
تعتبر مشكلة تحديد المحكمة المختصة في القانون الدولي الخاص من المشاكل الجوهرية التي شغلت فكر العديد من الفقهاء والمفكرين في مجال القانون وذلك لتشعبها وارتباطها بالكثير من العناصر الوطنية والدولية.
ويتطلب النزاع الذي يكون أحد أطرافه عنصراً أجنبياً تحديد المحكمة المختصة التي تنظر هذا النزاع من حيث كونها محكمة الطرف الوطني أم محكمة الطرف الأجنبي. وعند تحديد المحكمة المختصة بالمنازعات المتضمنة عنصرًا أجنبيًا، يجب على القاضي إذا ما عرضت أمامه هذه المنازعة التي تتميز بأنها ذات طبيعة دولية خاصة أن يبت في مسألة أولية مهمة وهي تلك التي تتعلق باختصاصه من الوجهة الدولية في النظر في النزاع المعروض أمامه من ناحية ومن ناحية أخرى اختيار القانون الواجب التطبيق على النزاع.
وهناك العديد من الضوابط العامة والقواعد الموضوعية التي تسترشد بها مشرعو الدول عند وضعها لضوابط تحديد الاختصاص القضائي الدولي لمحاكمها الوطنية والقانون الواجب التطبيق. ولكن يبقى الأصل أن المشرع في كل دولة هو الذي ينفرد بوضع الضوابط التي يراها أكثر تماشيًا مع أهدافه السياسية والتشريعية والاجتماعية والتي تصبح بعد ذلك مرجعاً للكثير من القضايا المشابهة التي تتضمن عنصراً أجنبياً في حالة نزاع مع أحد مواطني الدولة.
هذه المسألة تتولى الإجابة عنها ما يسمى بقواعد تنازع الاختصاص القضائي الدولي والتي تقوم على مشكلة التزاحم عبر تحديدها للحالات التي سينعقد فيها اختصاص قضاء دولة القاضي إزاء غيرها من محاكم الدول الأخرى بالمنازعات المتضمنة عنصرًا أجنبيًا. وتتأتى أهمية مشكلة الاختصاص القضائي الدولي من وجود العنصر الأجنبي في العلاقات القانونية المؤدي إلى اختصاص أكثر من دولة بنظر ما قد ينشأ من نزاع بسبب تلك العلاقة، الأمر الذي يكون مدعاة لإثارة التساؤل عن معرفة المحكمة المختصة بنظرها. وعلى القاضي المرفوعة أمامه الدعوى الرجوع إلى ضوابط الاختصاص القضائي الدولي التي يحددها مشرعه الوطني وذلك نزولا إلى الصفة الوضعية الداخلية التي تتميز بها قواعد الاختصاص القضائي الدولي على نحو يكفل تحقيق العدالة وتطبيق القانون.
واحترامًا لمبدأ السيادة لكل دولة لا يجوز أن يأتمر القاضي إلا بأوامر مشرعه الوطني ولاسيما عندما يتعلق الأمر بتحديد حالات اختصاص محاكمه الوطنية بنظر المنازعات ذات العنصر الأجنبي، وهذا يشكل مرتكزاً أساسياً عند البت في مسألة تحديد المحكمة المختصة بالنظر في النزاع.
وقد يرتبط النزاع الدولي بأكثر من دولة، على اعتبار أن مشرع كل دولة هو الذي يستقل بوضع القواعد التي تحدد مدى اختصاص محاكمه بنظر المنازعة الخاصة الدولية دونما تنسيق مع غيره من مشرعي الدول الأخرى، الأمر الذي يمكن أن يثير الكثير من المشاكل القانونية من حيث تنازع الاختصاص.
ويقصد باختيار الأطراف للمحكمة المختصة أنه يحق للخصوم الاتفاق على قبول ولاية قضاء الدولة حتى لو لم تكن محاكمها مختصة أصلاً بنظر النزاع وفقاً لأي من ضوابط الاختصاص القضائي الدولي الأخرى المقررة في قانونها. ويعطي المشرع دوراً كبيرًا لإرادة الأطراف في إطار قواعد القانون الدولي الخاص, كما فعل في إطار قواعد تنازع القوانين بصدد تحديد القانون الواجب التطبيق على المنازعات الدولية، وخاصة فيما يتعلق بالعقود الدولية, فهل يمنح المشرع مثل هذا الدور لإرادة الأطراف فيما يتعلق بالاختصاص القضائي الدولي؟
واقع الأمر أن الفقه انقسم إلى اتجاهين, ذهب أصحاب الاتجاه الأول إلى عدم منح الأفراد سلطة تحديد المحكمة المختصة بنظر المنازعات الدولية, لأن منح الإرادة هذا الدور سيؤدي إلى تعديل قواعد الاختصاص التشريعي التي تقرر استقلالاً في كل دولة عن الأخرى, إذ سيترتب على ترك الحرية للأطراف في اختيار المحكمة المختصة إلى ترك الأمر لمشيئة الأفراد فيما يتعلق بالاختصاص القضائي والتشريعي في ذات الوقت، فضلاً عن أن ممارسة القضاء في الدولة هو أحد مظاهر السيادة, ومن ثم لا يجوز ترك تحديد قواعد الاختصاص إلى إرادة الأفراد .
إلا أنه في بعض الحالات نجد أن القضاء الوطني يتخلى طواعية عن نظر النزاع الذي يتضمن طرفاً أجنبياً وذلك من أجل حسن سير العدالة من خلال ضمان تنفيذ الحكم أو لارتباط النزاع بدولة أخرى أو لقدرة محاكم الدولة الأخرى على تطبيق الحكم الصادر.
أما أنصار الاتجاه الثاني فيرون السماح لإرادة الأطراف بتحديد حالات الاختصاص القضائي الدولي ومن ثم الاتفاق على اختيار المحكمة المختصة بنظر النزاع, على أساس أن مسألة التأثير في الاختصاص التشريعي من الممكن التحكم فيها, من خلال وضع قيود على سلطان الإرادة بحيث يمتنع الغش نحو القانون, أضف إلى ذلك أن طبيعة القضاء كمرفق عام لا تمنع التأثير في تحديد الاختصاص القضائي الدولي عن طريق إرادة الأطراف, لأن طابع القضاء كمرفق عام يقتضي خدمة المتقاضين كما يقتضي أيضاً احترام إرادتهم, كما أن منح الإرادة دورًا في تحديد الاختصاص من شأنه سد بعض القصور الموجود في قواعد الاختصاص التي لا يوجد فيها نظرية عامة حتى الآن. والأصل في الموضوع هو حسن سير العدالة وضمان حقوق المتقاضين وإحالة النزاع إلى المحكمة الأكثر قدرة على تنفيذ الحكم الصادر منها.
إذا ما انتهينا من بيان الآراء الفقهية لفكرة اتفاق الأطراف على اختيار المحكمة المختصة, فإنه يثار تساؤل حول شروط هذا الاتفاق, إلا أنه وقبل ذلك يثار تساؤل حول ضوابط أو روابط الاختصاص القضائي الدولي بصفة عامة, والتي يمكن الاسترشاد بها في تحديد المحكمة المختصة, فضلاً عن اتفاق اختيار الأطراف .
هناك العديد من الضوابط التي يمكن الاسترشاد بها في تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع الذي يكون أحد أطرافه شخصا أجنبيا وتتضمن هذه الضوابط موطن المدعى عليه أو محل إقامته، ومكان نشوء الالتزام أو تنفيذه، وقبول الخصم لولاية القضاء الوطني.