الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تُشكل الموازنات الدستورية في ممارسة الوظيفة التشريعية أحد الأسس التي تفرعت عن مبدأ الفصل بين السلطات الذي وضع أسسه بشكل واضح وجلي العالم (مونتسيكيو) الذي أصبح العماد الذي يقوم عليه نظام الحكم لا سيما في الدول التي تؤمن بمبادئ الديمقراطية وتُقيم وزناً أو اعتباراً لحقوق الإنسان. وقد بررَ العديد ضرورة وجود عددٍ من أنواع الموازنات في ممارسة الوظيفة التشريعية؛ لغرض الحدّ من التجاوز الذي يمكن أن يحدث فيما لو قامت سلطة معينة سواءً كانت التنفيذية أم التشريعية بالتدخل في عمل هذه السلطة (السلطة المُضادة لها)، فوجود هذه الموازنات يعمل على وضع الأساليب التي تحد من تعسف السلطات في الدولة الواحدة كلُ تجاه نظيرتها في العمل التشريعي في الدولة، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها في إطار هذا الموضوع أن قوة هذه الموازنات هي ليست بالقوة المتكافئة، فعلى سبيل المثال أن اقتراح القوانين الذي يُعد من حيث الأصل أو القاعدة العامة خاصاً بالسلطة التشريعية كونها ممثلاً عن الإرادة الشعبية نراه يختفي، بل يكادُ يختفي في القوانين المالية، إذ اتضحَ لنا جلياً في ثنايا هذا الموضوع مدى القدرة التي تتمتع بها والهيمنة التي تفرضها السلطة التنفيذية في هذا المضمار. وفي قبيل ذلك نرى أن البرلمان في كثيرٍ من الأحيان فرض هيمنته على السلطة التنفيذية على الرغم من وجود العديد من الموازنات الدستورية في إطار ممارسة العمل التشريعي، فالاعتراض الرئاسي الذي نظمته العديد من الدساتير ومنهاالدستور العراقي والدساتير المصري، وجعلته هذه الدساتير من صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يُعد قمة الهرم في السلطة التنفيذية قد تعرض هو الأخر إلى الضعف، إذ لم يُستخدم هذا الحق الدستوري من قِبل رئيس الجمهورية إلا في حالات قليلة جداً، وفي كثيرٍ من الأحيان لم يتم استخدامه رغبةً من الرئيس في المحافظة على الثقة الممنوحة له من قبل البرلمان، لأن رئيس الجمهورية كما هو الحال في الدستور العراقي يرتبط مركزه بالبرلمان الذي اختاره لهذا المنصب؛ لذا سوف يكون البرلمان على ثقة كبيرة بأن مصلحة رئيس الجمهورية تقتضي عدم استخدامه لهذا الحق. |