الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تعدّ الهيئات المستقلة التي بدأت تسود العديد من النظم الدستورية في العالم، فكرة حديثة العهد نسبياً ومظهراً جديداً من مظاهر تدخّل الدولة في بعض المسائل التي لم تألف مثل هذا التدخل، من خلال إنشاء أجهزة تضطلع ببعض الوظائف التي تهدف إلى مراقبة نشاط السلطات العامة ورصد انحرافاتها، إذ أنّ انفراد كل سلطة من السلطات داخل الدولة بمهامها التي يحددها الدستور بمنأى عن تدخل باقي السلطات، قد يفسح المجال واسعاً أمامها للاستبداد والتحكم إذا لم يكن هناك من يحدّها، وبالتالي لا بدّ من إيجاد جهات تعمل على كبح جماح تلك السلطات وقد تمثلت هذه الجهات بالهيئات المستقلة التي أظهر وجودها تداخلاً في التكوين والاختصاصات بينها وبين السلطتين التشريعية والتنفيذية، إذ تلعب هذه الهيئات دوراً بارزاً في اختصاصات تلك السلطتين من خلال اشتراكها مع السلطة التشريعية في ممارسة مهامها وتعاونها مع السلطة التنفيذية في تنفيذ أعمالها. إنّ الهيئات المستقلة في العراق لم تكن بعيدة عن إثارة العديد من الإشكاليات التي تمثلت في ازدواج اختصاصاتها مع اختصاصات السلطتين التشريعية والتنفيذية، إذ تسهم هذه الهيئات وبشكل مباشر في تكوين أو تشكيل السلطة التشريعية، من خلال الاختصاص الذي تباشره إحدى هذه الهيئات - المفوّضية العليا المستقلة للانتخابات- بإدارة العملية الانتخابية التي يأتي أعضاء السلطة التشريعية من خلالها، كما تشترك مع السلطة التشريعية في ممارسة العمل التشريعي من خلال مساهمتها بإحدى مراحل العملية التشريعية المتمثلة بمرحلة (اقتراح القوانين)، فضلاً عن دورها البارز في الرقابة على السلطة التنفيذية التي تعدّ من صميم عمل السلطة التشريعية. أمّا عن ازدواج اختصاصات الهيئات المستقلة مع السلطة التنفيذية فيتمثل في ممارستها لأحد أنواع الرقابة الإدارية التي تختص بممارستها السلطة التنفيذية، وهي ما تعرف بالرقابة الإدارية الخارجية، كما تباشر هذه الهيئات الاختصاص التنظيمي المتمثّل بإصدار اللوائح أو الأنظمة والتعليمات، فضلاً عن ممارسة الإختصاص الجزائي المتمثّل في إيقاع الجزاءات التأديبية أو ما تعرف بالعقوبات الانضباطية في العراق. |