الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص فإن اللغة العربية لغةُ فصاحةٍ وبيان؛ لأنها لغةُ القرآن الكريم ، وعلوم اللغة العربية هدفها إدراك إعجاز القرآن, والوقوف على الأسرار التي بها يرتفع شأن الكلام, ويفضل بعضه بعضًا. ومن منطلق هذا الهدف، فإن تلك العلوم من بلاغة ولغة ونحو وأدب.. إلخ لا انفصام بينها, فكل منها مكمل للآخر، بغية الوصول للهدف الأسمى، ” فالنحو معيار لا يتبين نقصان كلام ورجحانه, حتى يعرض عليه, ومقياس لا يعرف صحيح من سقيم حتى يرجع إليه, ومن شذ فيه فقد جعل نفسه غرضًا لسهام الملام,...، والبلاغة لا يسلس قيادها, إلا لمن شدا في الأدب وعلوم النحو والصرف واللغة”. ( ) والنحاة هم أصحاب الفضل الأول في نشأة البلاغة على الرغم من أنها كانت في البداية نظرات متناثرة هنا وهناك, ضمن مباحثهم النحوية, ثم أتيح لمن أعقبهم أن يصوغ من هذه النظرات العابرة قواعد بلاغية ذات صبغة علمية.( ) وقد تنبه النحاة واللغويون للارتباط الحاصل بين علم النحو وعلم المعاني, وذلك من خلال حرصهم على أساليب العرب وطرائقهم في التعبير والمفاضلة بينها, وبيان مواطن الحسن والجمال فيها( ) ” ولم يخف على البلاغيين ما عرفوه من أمر هذه العلاقة بين العلمين فلقد سجلوا ذلك في التعريفات حينًا ، وفي عرض المادة حينًا آخر ” ( ) وقد فطنوا إلى أن لا تناقض حاصل بين علم النحو وعلم المعاني، بل إن الأسلوب يصبح رصينًا بقدر ما يكون الارتباط بينهما أكبر ”وليس في اتجاه كل من العلمين اتجاه معاكس للآخر مما يدل على تناقض بينهما بالضرورة, فذلك إنما يعني في نظر معظم الدارسين ، وفي مقدمتهم العلاَّمة عبد القاهر الجرجاني – أن العلمين متكاملان بحيث لا يستغني أحدهما عن الآخر. فالنحو بغير المعاني جفاف قاحل, والمعاني بغير النحو أحلام طافية ينأى بها الوهم عن رصانة المطابقة العرفية وينحاز إلى نزوات الذوق الفردي ” ( ) |