الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص بعد هذا العرض لموضوع البحث الموسوم بـ(نظام الوظيفة العامة في الدولة الإسلامية) وما تضمنه من أبواب وفصول ومباحث، نصل إلى استخلاص أهم ما نستطيع أن نستفيد منه في وقتنا الحاضر، وأول هذه الأشياء، تأكيد وجود العلاقة بين الدين الإسلامي والسياسة، فالإسلام دين ودولة، ويجب نبذ الرأي الشاذ القائل: ”إن الإسلام دين لا دولة”. بل إن الدولة الإسلامية لها مبادئ دستورية تفوق أي مبادئ أخرى لأي دولة في العصر الحديث، وهذه المبادئ عامة، وهي صالحة لكل زمان ومكان، وفي جميع الميادين؛ لأن فرض نظام معين ومحدد التفاصيل لا يصلح لكافة العصور، ويؤدي إلى الحرج الذي رفعه الإسلام عن الأمة الإسلامية. والنظام الإسلامي يستجيب لكل جديد، ولكل تطور فالإسلام يطالب أهل الاجتهاد أن يستنبطوا من أحكام الشريعة ما يلائم ظروف كل عصر، بحيث لا تخالف هذه الأحكام المبادئ العامة للإسلام. ونلاحظ أن فقهاء المسلمين قد عالجوا موضوع الولاية العامة أوالوظيفة العامة بتصور وأسلوب أسموه (فروض الكفاية)، وهي الفروض التي تقع على عاتق الأمة ككل، ويكفي أن يؤديها بعضهم حتى ترتفع المسؤولية عن الباقين، وهذا التصور الرائع قد يُعدُّ مصدر قوة الدولة الإسلامية، منذ قيامها في المدينة إلى أن تقوم الساعة، وقد تتراجع الدولة الإسلامية في بعض العصور ؛ عندما تبتعد عن تصور (فروض الكفاية) وهو عدم الشعور بالمسؤولية تجاه الدولة، وتزدهر الدولة عندما يحمل الجميع المسؤولية، وهذا التصور إذا وقع في نفس المسلم، أصبح هو الدافع الأول والأخير في الإخلاص وإنجاز الأعمال بكل إتقان، كما يُصبح المسلم مراقبًا لأعماله، ويُحاسب نفسه قبل أن يُحاسِبه المسؤول عنه، واعتقد أن ذلك من أهم المبادئ التي يجب أن تُغرس في جميع نفوس المسلمين. وهذه الفروض تمثل واجبات عامة يعجز الفرد وحده للقيام بها، فهي تحتاج إلى تنظيم على مستوى جماعي، مما يدفع إلى إقامة سلطة عامة تملك تنظيم وتسيير الأمة نحو الهدف المطلوب، وهذه السلطة هي سلطة الخليفة أو الوالي أو رئيس الدولة، ويكون وكيلًا عن الأمة، فيعين ويختار من يعينه على تنفيذ هذه الفروض. |