الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص وقد ظل عنصر المكان – على أهميته وجليل قدره في النصوص الأدبية بشكل عام ، والقصصية والروائية على وجه الخصوص – أمداً طويلا غائباً عن أنظار الدراسات الأدبية والنقدية في عالمنا العربي تحديداً ، إذ لم يكن محط الاهتمام سوى خلال العقدين المنصرمين تقريبا ، على الرغم مما حفلت به كثير من النصوص الأدبية على مر العصور من دلالات متنوعة ، سواء في مستوى علاقات المكان مع بقية العناصرالقصصية أو الروائية الأخري ، أو في مستوى آليات تشكيله فنيا ، أو في مستوى طرائق وصفه ووسائل توظيفة دلاليا. وقد اختارت هذه الدراسة المكان في القصة والرواية عند سعيد رفيع ، لأنها ترى في هاتين بحكم طبيعتهما وقربهما من الواقع خير ممثل للمكان بكل تجلياته ومظاهره . ولمّا كان ذلك الأثر الجليل على كل مناحي الحياة ، ولِما له من من الحضور الكثيف في النفس الإنسانية ، وماينهض به من المهام الجسيمة في بنية الأعمال القصصية والروائية وتركيبها أصبح في حاجة ماسة إلى مزيد من الدراسة ومزيد من الرصد للكشف عن دلالاته بوصفه وسيلة يُقدِّم من خلالها القصصي والروائي مواقفه ورؤاه تجاه الواقع وما يذخر به من مختلف التناقضات وضروب الصراعات . إن الموضوع الذي تطمح هذه الدراسة إلى ملامسته هو (خصوصية المكان القصصي في أدب سعيد رفيع – دراسة فنية) ويهدف إلى التعرف على خصوصية المكان في بيئة البحر الأحمر ما بين البحر والصحراء. إنّ المكان الذي يعيش فيه الإنسان ويمارس فيه نشاطه وأحواله ليس موضعاًمستقراً له فحسب ، إنما هو أيضاً مكان ثقافي يحول معطيات الواقع المحسوس وينظمها بتوظيفة المادي لسد حاجاته اليومية ، بإعطائها دلالاتها من خلال إدخاها في نظام اللغة ، فاللغة هي المقابل المحسوس لعالم الواقع ويحل محله ، وهذه العملية مشبَّعة بالقيمة والدلالة . والقصة نفسها تعمل جاهدة لتكون نسخة من عالمه وعيِّنة من بعض مناحي حياته ، فهي تفصح عنه وتعكس صورته ، وعلى هذا أصبحنا نقول إن تاريخ الإنسان هو تاريخ تفاعلاته مع المكان ، ودوره حيوي على مستوى الفهم والتأويل والقراءة النقدية . والمكان في أدب سعيد رفيع هو لغة المنطقة ، وجسد النص وروحه ، يتمحور حوله الكيان ، وينهض من أجله الإنسان عبر جدلية الماضي والمستقبل الآن. |