Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
ثنائية الحاكم والمحكوم في روايات صنع الله إبراهيم :
المؤلف
قناوي ؛ حمزة.
هيئة الاعداد
باحث / حمزة قناوي
مشرف / ثناء أنس الوجود
مشرف / سعيد الوكيل
الموضوع
القصة والسياسة.
عدد الصفحات
142ص.
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
1/1/2016
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - اللغة العربية وآدابها
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 147

from 147

المستخلص

كان لمفهوم نظرية ”الانعكاس” التي طرحها (جورج لوكاتش) (1885-1971) أثرها في تأكيد العلاقة بين الإنسان والواقع من ناحية، وفاعلية الذات والموضوعات التي يتعرض لها في الواقع على الأدب من ناحية أخرى، والمبدع يقف ممتلكاً رؤيته الخاصة تجاه الموضوعات الدينامية التي يشهدها. ويعد السرد من أكثر العناصر الأدبية التي تتمَثَّل هذه العلاقة، وتستلهم من المتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية موضوعاً ومادةً له، حتى ليصبح السرد- مثلما يقول هيجل- ”ملحمة برجوازية”، ويمكننا من خلال هذه الملحمة توضيح واستكناه العلاقة بين البناء الفوقي والبناء التحتي للمجتمع الذي ينطلق منه وإليه السرد.
وقد حظيَ السرد بكثير من الاهتمام والعناية؛ وهو مما جعل له مكاناً يتسع تدريجياً في عالم النقد. ومن هذا السرد إبداع الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم (1937 - ) الذي أصبح يُدار حوله عددٌ من جلسات النقاش والبحث في منهجيات الخطاب الروائي، وسوسيولوجيا النص الروائي، ولغة الخطاب الروائي ومحكيات السرد... إلخ. وكل ذلك من أجل توسيع الأفق وإعادة قراءة هذا الخطاب بطريقة جديدة ووفق أحدث المناهج النقديّة، للكشف عن الواقع الذي يتمثَّله ويجسِّده.
فـصنع الله إبراهيم يعد أحد أبرز الروائيين المصريين، الذين رصدت أعمالهم الواقع المصري والعربي في أكثر من سياق، ما بين الاجتماعي والسياسي. وتميّزت بصلتها وثيقة التشابك مع سيرته من جهةٍ ومع تاريخ مصر السياسي من جهةٍ أخرى.
وهو أحد أبرز كُتَّاب جيل الستينيات المُنتمين إلى الفكر اليساري المعارض. وقد اعتُقِل أكثر من خمس سنوات في الفترة ما بين ( 1959)- (1964). وشكَّلت تجربة المعتقل التي مرَّ بها مركز خبرته السياسية ونواة رؤيته لتجربته الأولى (تلك الرائحة)، التي صدرت بعد خروجه من المعتقل، وأثارت ضجَّةً كبيرة آنذاك.
ومن أهم السمات التي تُميِّز أعمال الروائي صنع الله إبراهيم التوثيق السياسي والاجتماعي للمجتمع المصري، وهي القيمة الأساسية التي تُميِّز روايات الكاتب الذي لم يمتهن أية مهنةٍ أخرى في حياته سوى الكتابة، ما يُكسبه تفرداً آخر قلَّما تتواجد في أحد كُتَّاب جيله أو الكُتَّاب عموماً.
أما الميزة الأخرى التي تُميِّز أعمال الروائي صنع الله إبراهيم فهي ميزة فنيَّة، حيث يستخدم التوثيق في أعماله، وإن اختلفت الأشكال النوعية التي يعتمد من خلالها هذا المنهج. فقد راوح في هذا الاتجاه بين استخدام تقنيات (الصحافة) و(الفيلم التسجيلي) و(المسرح) و(الوثائق التاريخية والمخطوطات).
وإذا تتبَّعنا الأشكال الفنية التي استحدثها في الكتابة الروائية ونوعيات التوثيق عبر الفن لوجدناها: استخدام التوثيق الصحفي وفنيات المسرح في رواية (شرف)، والاعتماد على فكرة الفيلم التسجيلي في رواية (بيروت بيروت)، والتوثيق الصحفي مرة أخرى من خلال رواية (ذات)، واستخدام الوثيقة التاريخية في روايتي (العمامة والقبَّعة) و(القانون الفرنسي).
وبرغم تنوُّع وتعدُّد الأشكال الفنية التي يستخدمها صنع الله إبراهيم في الرواية، فإن توجُّهه القيمي ظلَّ ثابتاً في إبداعه الروائي، فالقضايا الأساسية التي ظلَّ المؤلف يتناولها في أعماله هي قضايا تثوير وعي الإنسان، وتعرُّضه للاستغلال من قِبَل الدولة أو المؤسسة، أو على المستوى الأوسع من ”الرأسمالية العالمية” التي استعبدت ”الفرد” مقابل عولمة شرسة، جعلته ترساً صغيراً في آلةِ إنتاج ودعاية ”كاذبة” ضخمة.
تجلَّت هذه القيم على التوالي في روايتي ( اللجنة) و(شرف). كما تناولت رواياته قضية الاستعمار وتوجهه إلى ضرب القوى الوطنية واستنزاف موارد الشعوب ( وردة) و(أمريكانلي) و(العمامة والقُبَّعة)، وتزييف التاريخ لجهة مصالح هذا الاستعمار.
والكاتب الذي خرج من أعماق الطبقة الوسطى المصرية في الأربعينيات، عندما كان مفهوم ”الطبقة” لايزال قائماً، ظلَّ محافظاً على انتمائه هذا، مخلصاً لقضايا الطبقة الوسطى في رواياته ( قبل أن تتفتت هذه الطبقة الوسطى المصرية نفسها، وتالياً يتفتت مفهوم الطبقة نفسه)، عبر التحوُّلات التي شهدها المجتمع المصري، والتي رصدها الروائي في أعماله منذ بدايات نهضتها الحديثة، مروراً باستشراف النكسة والهزيمة (تلك الرائحة) ومروراً بالانفتاح- الذي كان أخطر مرحلة من مراحل تحوُّلات المجتمع المصري والتي بدأ فيها في فقدان هويته وبدأ تفتته- وعبَّر الروائي عن هذه المرحلة في روايتيه (ذات) و(شرف). أما المجتمع المصري في الأربعينيات فقد رصده من خلال إحدى رواياته الحديثة (التلصص).
وقد اهتمَّت أعمال صنع الله إبراهيم بالواقع العربي في مظاهر احتدامه وتشكُّل قضايا مجتمعاته التحررية ورصد إرباكاته وانقساماته. تبدَّى ذلك على سبيل المثال في رواية (وردة)، التي تتناول الثورة العربية الاشتراكية ومحاولة (جمهرة) سلطنة عُمان في الستينيات بواسطة الثوريين الاشتراكيين. كما أنه رصد الحرب الأهلية في لبنان في روايته (بيروت- بيروت).
ومن هنا جاء اهتمامي بالخطاب الروائي عند صنع الله إبراهيم. كخطابٍ أدبي، له علاقة بالواقع المعيش، أو الواقع المُتخيَّل والمُتشكِّل في ذهنه، والذي يسعى من خلاله إلى أن يؤرِّخ لقضايا الواقع، أو أن يخلق نظرةً شموليةً تسعى للتفكير والتأثير في بعض متغيراته.
والقارئ عند تلقيه لهذا السرد الروائي عند صنع الله إبراهيم يلمس تلك العلاقة القائمة بين الرواية والواقع المحليِّ والعربي، والتحوُّلات والمُتغيّرات الإنسانية، ليدركَ أن هناكَ صلةً وثيقة بين الأدب بوصفه فناً، والأدب بوصفه مادةً للتعبير عن الحياة والعالم الخارجي، الذي يتصارع مع العالم الداخلي عند المبدع، وعليه جاءت هذه الدراسة لتدرس الخطاب الروائي عند صنع الله إبراهيم في ظل علاقته بالواقع، لتقف في المقابل على العلاقة بين الروائي وعالمه/ واقعه بمستوياته وتشكيلاته المختلفة.
ويرغب هذا البحث في أن يتناول ملمحاً مُهمَّاً من الملامح السردية عند المبدع الكبير «صنع الله إبراهيم»، يتمثَّل في توظيفه لعنصري ”الحاكم والمحكوم”، بصورة مثيرة ولافتة لانتباه المتلقي/ القارئ، ومن ثمَّ كان اختيارنا للموضوع بعنوان:
” ثنائية الحاكم والمحكوم في روايات صنع الله إبراهيم - قراءة اجتماعية”
وهذه الثنائية تكاد تكون مسار الأعمال التي أنتجها وناضل من أجلها صنع الله إبراهيم، لكنها ثنائية تكتسب أبعاداً ودلالاتٍ فنيَّة عبر التوظيف الذي يضفيه عليها في أعماله.
وسبب اختيار الموضوع هو ما مرت به الساحة العربية بأحداث اجتماعية وسياسية كاد بعضها أن يكون تنبُّوءَاً لما أورده وناضل من أجل تغييره صنع الله إبراهيم، كما أن الوعي المكتسب بعد هذه الأحداث يكشف ضرورة النظر للأدب السياسي الذي يشتبك مباشرة مع أنظمة الحكم السياسية في الواقع العربي.
وقد جاءت الدراسة في تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة.. أوضحت في التمهيد التعريف بالكاتب ومكانته وإبداعه الروائي.
واهتمَّ الفصل الأول بدراسة : التمرد على السلطة في روايات صنع الله إبراهيم، وقد انقسم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مظاهر السُّلطة ( سياسية- اجتماعية- اقتصادية- ثقافية) في التعبير الأدبي.
المبحث الثاني: التمرُّد الكيفي في روايات صنع الله إبراهيم بين السلب والإيجاب.
المبحث الثالث: الكثافة التكرارية لظاهرة التمرد في روايات صنع الله.
المبحث الرابع: تحليل رواية اللجنة
وعُنيَ الفصل الثاني بالوقوف عند : السياق التداولي لثنائية الحاكم والمحكوم.. وجاء أيضاً في ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: التداولية وصلتها بالسياق
المبحث الثاني: الراوي والسياق الاجتماعي في أعمال صنع الله إبراهيم
المبحث الثالث: السياق الاجتماعي
وتناول الفصل الثالث: الرمز والقناع في علاقة الحاكم بالمحكوم، وهو مكوَّن من مبحثين:
المبحث الأول: مفهوم الرمز والقناع ووظائفهما في السرد الروائي.
المبحث الثاني: الرموز الحيَّة والجامدة.
أما الخاتمة فقد تناولت فيها النتائج التي توصلت إليها في الفصول السابقة.
المصادر والمراجع.
والخلاصة النهائية التي نأمل أن نخرج بها من هذه الدراسة هي محاولتنا إعطاء تصوُّر نقدي متكامل عن ”ثنائية الحاكم والمحكوم في روايات صنع الله إبراهيم، لذا استخدمت أكثر من منهج في التعامل مع القضايا المطروحة بحسب ما اقتضته طبيعة الدراسة في الفصول المختلفة، ففي تحليل النص السردي العام استخدت منهج «تحليل الخطاب السردي» في صورته التي تبدت عند جيرار جينيت، وما تابعه من تعديلات، وذلك بهدف الوقوف على مكونات السرد الأساسية في مختلف الروايات.
أما في الفصل الثاني فقد كانت «التداولية» نفسها هي المنهج المستخدم في تحليل السياسات السياسية المختلف والمباحث المختلفة، أما الفصل الثالث فقد استخدمت «التحليل الأسلوبي» في تتبع الرمز والقناع المستخدم في الروايات مناط التحليل.
لقد قمت في رسالتي بمتابعة أعمال صنع الله إبراهيم راصداً فيها إحدى أهم سماتها التي حاولت إيصال مضمونها للقارئ، وهي كشف العلاقة الثنائية بين الحاكم والمحكوم، وعلى مدى المراحل المختلفة التي مرَّت بها روايات صنع الله إبراهيم. تتبعت هذه الثنائية، واكتشفت أنها جزء جوهري أصيل من بناء إبداعيته، ومن محور الرسالة المتضمنة في عمله والتي يحاور من خلالها جمهور قرائه، وفي سبيل استقصاء هذه الثنائية، تتبعت في دراستي التالي:
ثُنائيَّة السُلطة والتمرُّد في روايات صُنع الله إبراهيم
وتابعت في هذه الثنائية التنوع المتعدد للسلطة مثل: السلطة السياسية – والاجتماعية – والاقتصادية – والثقافية، حيث تقف روايات صنع الله كمرآة عاكسة وكاشفة لمختلف الصراعات التي تحدث في المجتمع، والتي مر بها المجتمع المصري والعربي ثم العالمي في وقت لاحق بحسب ما أوضحت في المبحث الأول من الفصل الأول.
في المبحث الثاني تناولت التمرد الكمي والكيفي، وتتبعت جوانب التعبير عن التمرد السلبي الذي يكتفي بذكر الأشياء وفضح جوانبها، دون تخطي ذلك لاتخاذ موقف تجاهها، والتمرد الإيجابي الذي يناهض ويحرِّض مباشرة لاتخاذ موقف ضد الأحداث التي يرفضها الكاتب، وضد السياسات سواء المحلية أو الدولية.
وفي المبحث الثالث من الفصل الأول درست الكثافة التكرارية لظاهرة التمرد، وأوضحت جانب آخر من جوانب التمرد يقوم على إعادة تكرار وتقديم الأشياء التي يرغب الكاتب في مناهضتها، وتوصلت من ذلك إلى وضع ترتيب لأكثر الروايات التي تحتوي على تمرد كمي مقارنة بباقي الروايات، فكانت النتائج على النحو التالي:
رواية: «شرف»، ثم «اللجنة»، ثم «ذات»، ثم «وردة»، ثم «يوميات الواحات»، ثم «تلك الرائحة»، ثم «بيروت بيروت»، ثم «نجمة أغسطس»، ثم «أمريكانلي»، ثم «التلصص»، ثم «العمامة والقبعة».
حيث «شرف» هي الأكثر تمرداً، و«العمامة والقبعة» أقل في القيمة التمردية.
أما في الفصل الثاني فقد تناولت السياق التداولي لثنائية الحاكمة والمحكوم، وقدمت في المبحث الأول تعريفاً للتداولية التي مازالت تحتاج إلى العمل والتوضيح في الممارسة النقدية العربية، ومن خلال المُعطَى الذي تم الاستقرار عليه تناولت: حضور السياق السياسي ( السلطة التشريعية – السلطة التنفيذية – السلطة القضائية ) في روايات صنع الله، واكتشفت أنه يمكن الكشف عن حضور هذا السياق عبر (الراوي)، حيث مر الراوي لدى صنع الله بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: راوي السيرة الذاتية، وفيه يروي الأحداث من خلال ما يحدث معه، كاشفا عن ملاحظاته في شكل مبسط عبر ما يراه السارد/ المؤلف الضمني.
المرحلة الثانية: الراوي متعدد الرؤية، وفيه قام السارد بالتنويع من نمط السيرة الذاتية، ليروي أحياناً من منظور أنثوي كما حدث مع «ذات»، و«وردة»، أو أكثر من منظور كما حدث مع شرف.
المرحلة الثالثة: الراوي في مواجهة العالم، وهي الروايات المتأخرة التي يتقمص فيها السارد دور أستاذ التاريخ، ويحلل السياسة العالمية من منظور تاريخي مقارن، وقد أوضحت في كل مبحث كيف تتبدى وتظهر ويتم عرض السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية.
أما أضعف أنواع السُلُطَات التي تم عرضها وتناولها فهي السلطة الاجتماعية، (سلطة القبيلة– العائلة– الأسرة– العادات والتقاليد)، وقد ربطت بين الحياة الأسرية المفككة التي تعرض لها صنع الله في حياته، وبين انصرافه عن الاهتمام بتحليل علاقات الأمومة والأبوة والطفولة، ومشاعر الارتباطات الاجتماعية من صلات قرابة مختلفة، لصالح التحليل السياسي والاجتماعي العام ومواجهة الهيمنة الغربية، وسوء السياسات المحلية.
في الفصل الثالث تناولت الرمز والقناع عند صنع الله إبراهيم، وقمت بتتبع أنواع الرموز، وأهميتها، وأقنعة الرواية، والرموز الحية وغير الحية، وكيف استخدمها وكيف وظَّفَ هذه الرموز ما بين مدن، وأماكن وسجن، أو رمزية الأنثى، أو رموز حية أو غير حية.
وبهذا التناول أكون قد كشفت عن مُجمَل ما تبدَّى لي من تقنيات سردية وظفها المؤلف صنع الله إبراهيم في رواياته حول علاقة الحاكم بالمحكوم، وأكون قد حللت المراحل المختلفة، التي مر بها الوعي الروائي في رصد وتحليل وتقديم رؤية الكاتب حول الوضع السياسي سواء المصري أو العربي أو العالمي.
إنني لآمل أن تكون هذه الدراسة قادرة على سدِّ النقص في الدراسات الأكاديمية الخاصة بالسرد عامةً، والخطاب الروائي لصنع الله إبراهيم بشكل خاص. وأرجو أن يسهم ذلك في توفير رؤية رؤية شمولية لواقع الخطاب السردي عند المؤلف محل الدراسة.