Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحماية الدستورية والجنائية لحق الإنسان فى الأمن الذاتى :
المؤلف
الغنيمى، هيام محمود محمد.
هيئة الاعداد
باحث / هيام محمود محمد الغنيمى
مشرف / جميل عبد الباقى الصغير
مشرف / محمود أبو السعود حبيب
مناقش / جمال ندا
الموضوع
الحماية الدستورية. حقوق الانسان.
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
1195 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون الجنائى
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

ملخص الرسالة
ينتمى حق الأمن إلى منظومة الحريات اللصيقة بشخص الإنسان، التى كفلتها الدساتير والقوانين والمواثيق الدولية؛ وتشمل بجانب حق الأمن مجموعة أخرى من الحقوق والحريات العامة، منها حق الإنسان فى التنقل وحرمة المسكن وسرية المراسلات واحترام السلامة الذهنية للإنسان. وحق الأمن هو الذى يمثل الحرية الشخصية فى أدق صورها، بل أن الفقه الإنجليزى يقرن الحرية الشخصية بحق الأمن فيعرفها بأنها: ‹‹ حق الإنسان فى ألا يتعرض للسجن أو القبض أو التعذيب الذى لا مبرر له قانونًا››
ويتفق معظم الفقهاء الفرنسيين على أن الحرية الشخصية ترادف الأمن، بمعنى حماية حرية الحركة البدنية للفرد بألا يكون مقبوضًا عليه أو محبوسًا أو معتقلًا تعسفيًا. ويعد حق الأمن من أقدم الحقوق والحريات العامة التى كافح الإنسان فى كل العصور وفى كل الدول لتقريره ثم حمايته. فقبل إنشغال الإنسان بتحرير روحه أو ذهنه أو التعبير عن رأيه أو مشاركته السياسية فى شئون جماعته، كان كفاحه الأول هو تحرير جسده من القبض أو الاعتقال أو تقييد حركته بغير سند قانونى صحيح. وحق الأمن– كباقى الحقوق والحريات العامة– يوفق بين اعتبارات الحرية من ناحية واعتبارات النظام العام من ناحية اخرى؛ ومن ثم فإنه حق نسبى لا يمكن أن يكون مطلقًا. فالدولة– لكى تدوم– لابد لها من النظام الذى يكفل لها البقاء ويكفل فى ذات الوقت للأفراد التمتع بحرياتهم العامة، وإطلاق الحريات– بما فيها حق الأمن– فيه قضاء على الدولة ذاتها وحرمان للأفراد من التمتع بحرياتهم. ويبدو أن حق الأمن أو الحماية ضد القبض والحبس التعسفيين قد أدرجا بدقة فى القانون الأنجلوسكسونى أكثر مما هو عليه فى القانون الفرنسى.
والإهتمام بضرورة تمتع الإنسان الفرد بطائفة أساسية من الحقوق والحريات ليس بمستحدث أو متولد عن الفكر الإنسانى المعاصر، وإنما هو يعود فى جذوره ونتائجه إلى الفلسفات الإغريقية والحضارات الإنسانية السابقة على الميلاد من جانب، وإلى الرسالات السامية فى مجموعها بصفة عامة من جانب آخر، تلك التى تتصدرها فى الأهمية الحضارة الإسلامية، وما جاءت به شريعتها السمحاء من مبادئ لتقديس الحق والحرية والمساواة لتكريم بنى الإنسان، ولكى تقيم وترسخ بذلك ولأول مرة تاريخيًا، تنظيمًا كاملًا لنظرية الحقوق والحريات العامة للإنسان، فى أطار القالبين النظرى والتطبيقى معًا وفى آن واحد، وبصورة مثالية لا تقبل المقارنة أو المشابهة بغيرها من النظريات الوضعية على حد سواء السابقة ام اللاحقة عليها فى هذا الصدد.
ولقد ترتب على الجهود الدولية التى بذلت من أجل الاعتراف بحقوق الإنسان وحرياته العامة أثرها فى اعتراف وتقدير الوثائق الدستورية لها، ولقد أنتشر هذا الاعتراف بحيث شمل معظم الوثائق الدستورية المعاصرة. ويعد اعتراف الوثائق الدستورية بها ضمانًا هامًا لها، فمن خلال هذا الاعتراف يتم تأصيل تلك الحقوق والحريات، مع ضبط مبادئها وتدعيم أحكامها، مع ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية محددة فى مجال حماية تلك الحريات.
ويؤدى الدستور دورًا هامًا فى توجيه المشرع الجنائى نحو التجريم، فالدستور إذ يتولى حماية الحقوق والحريات يتعين على المشرع ضمان هذه الحماية وتنظيمها، ومن وسائل هذا الضمان تقرير التجريم عند المساس بها. وقد يعبر الدستور صراحة عن التجريم كوسيلة للدور الأيجابى للدولة فى حماية الحقوق والحريات، وقد بدا ذلك بوضوح فى مثالين عبر عنهما الدستور المصرى هما نص المادتين 99، 100 من الدستور. وقد يشارك المشرع الجنائى بوصفه سلطة من سلطات الدولة فى أداء هذا الدور الأيجابى، فيستوحى القيمة الدستورية للحقوق والحريات ويعبر عنها بالتجريم من خلال ما يضعه من أوامر او نواه مشفوعة بالعقاب عند مخالفتها، وفى هذه الحالة فإن الجريمة التى ينص عليها قانون العقوبات تعتبر ترجمة أمينة للقيمة الدستورية التى يحميها.
وإذا كان للتمييز بين الحماية الجنائية للحق فى الأمن وحماية الدستور لها أهمية فى الدول التى تأخذ بنظام الدستور المكتوب، والذى يعد أعلى وأسمى وثيقة قانونية لما له من قدسية وسمو على ما دونه من قواعد قانونية فى الدولة، فأن الأمر ليس كذلك فى الدول التى لا يوجد لها دستور مكتوب، ولا وثيقة حقوق كبريطانيا، حيث تكفل القانون العام بحمايتها، فهى حصيلة وثائق قديمة إلى جانب مجموعات قانونية، ولهذا تعتبر المبادئ التى تقوم عليها الإجراءات الجنائية فى القانون الأنجليزى أمتدادًا طبيعيًا لما كانت عليه هذه القواعد فى بداية معرفتها منذ قرون سابقة. وليس معنى ذلك أن مبادئ الإجراءات الحالية لا تختلف عن تلك التى سادت فى هذه الأزمنة الماضية فقد تطورت هذه القواعد عبر الزمن، إلا أن الصلة القوية لاتزال قائمة بين ما هو مطبق اليوم وما كان معروفًا فى تلك الحقبة القديمة، لهذا يكمن السبب وراء أهمية دراسة تاريخ الإجراءات الجنائية فى هذا النظام، حيث لا يكون فهمها صحيحا وواضحًا بدون الرجوع إلى اصولها الأولى ومراحل تطورها.
وتعد الحماية الجنائية أحد أنواع الحماية القانونية، بل وأهمها قاطبة وأخطرها أثرًا على كيان الأنسان وحرياته، ووسيلتها فى ذلك القانون الجنائى الذى تتجلى خصوصيته من ناحيتين: أولهما، تتعلق بطبيعة الجزاء المقرر، حيث ينال الفرد فى أثمن وأغلى ما يخص إنسانيته، إما فى حياته فيهدرها، أو فى حريته فيسلبها أو يقيدها، أو فى شرفه وإعتباره فيصمه بالإجرام؛ أما الخصيصة الثانية، فتتمثل فى طبيعة المصلحة المحمية قانونًا، حيث لا ينشغل سوى بالقيم الجوهرية للجماعة، والمصالح الأساسية للفرد، فيحميها من كل عدوان يضر بها؛ ومن خلال التوازن الذى يقيمه القانون الجنائى بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، فإن هذا القانون لا يتوانى عن حماية حق الفرد فى الحرية بطريقتين: الأولى، هى معاقبة الاعتداء على حق الفرد فى الحرية، سواء وقع هذا الاعتداء بواسطة أحد الأفراد، أو بواسطة أحد رجال السلطة العامة؛ أما الثانية، فمؤداها تقرير الضمانات التى تكفل حرية الفرد ضد أى إجراء جنائى تتخذه السلطة العامة، وتتعدد الضمانات التى يتمتع بها الفرد فى مواجهة التجريم والعقاب، كمبدأ الشرعية حيث لا يمكن توجيه أى أتهام ضد شخص، لارتكابه فعلًا معينًا مالم يكن منصوصًا على تجريم هذا الفعل فى القانون، كما لايمكن تطبيق عقوبة مالم تكن محددة سلفًا. ومبدأ عدم رجعية قانون العقوبات، والذى نص عليه الدستور فى المادة 95 بقولها: ‹‹ العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون››؛ وكذلك مبدأ حظر أستخدام التعذيب ضد المتهم، حيث نص الدستور المصرى فى المادة 55 منه على ان: ‹‹ كل من يقبض عليه أو يحبس ......ولا أيذاؤه بدنيًا أو معنويًا. ..››، بالإضافة إلى مبدأ أفتراض البراءة، والذى يعنى أن الأصل فى المتهم براءته مما أسند إليه، ويبقى هذا الأصل قائمًا حتى تثبت– فى صورة قاطعة وجازمة– الإدانة بحكم نهائى حائز لقوة الشئ المقضى به.
وهنا يجدر القول بأن أتخاذ الإجراءات الماسة بالحرية فى بعض الأحوال، لا تتم بعيدًا عن الشرعية الإجرائية، فهذه الشرعية تؤكد أن الأصل هو البراءة وبالتالى احترام الحرية الفردية، ولكنها تسمح أيضا استثناءً من هذا الأصل، بالمساس بالحرية فى الحدود التى تقتضيها مصلحة المجتمع. وهنا تتوافر مقابلة واضحة بين الشرعية الموضوعية، التى تؤكد ان الأصل فى الأشياء الإباحة، وتقرر أن الإستثناء هو التجريم، ويفترض فى هذا التجريم ألا يمس الحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور. أما الشرعية الإجرائية تؤكد أن الأصل فى المتهم البراءة، وتقرر ان الاستثناء هو المساس بالحرية، فإذا لم تتوافر هذه الضمانات فى القانون كان مشوبًا بعدم الدستورية. ومن بين تلك القيود التى قد ترد على ذات الإنسان، الحبس الإحتياطى والقبض والتفتيش. والقانون هو الوسيلة الوحيدة لوضع هذه القيود بما يحول دون إعتداء أحد الأفراد على الغير حفظًا لأمن الجماعة ونظام المجتمع، فلو أن الحرية أطلقت دون قيد لسادت الفوضى وأختل الأمن ويؤيد هذا النظر، أن المشرع الدستورى إذ يقرر الضمانات التى يجب مراعاتها عند القبض على الأفراد وحبسهم، وإذ يوجب إشراف القضاء والنيابة على إجراءات القبض والحبس، وضرورة استصدار أوامر القبض والحبس وغيرها من الإجراءات المقيدة للحرية من القاضى المختص او النيابة العامة وفقًا لأحكام القانون، فأنه يقر تقييد حرية الأفراد إذا أقترفوا ما يقتضى ذلك من الجرائم ومخالفة القانون.
ومن جهة أخرى قد تتعرض مصالح الدولة لأخطار تهدد أمنها وسلامتها، وتتطلب الإستعانة بإجراءات غير عادية لمواجهة تلك الظروف، الأمر الذى تضطر معه إلى فرض بعض القيود على حريات الأفراد حرصًا على سلامة الدولة. وإذا كان يوجد بعض الدول، التى لا تواجه تلك الظروف الاستثنائية بقوانين استثنائية، وتكتفى فى هذا الشأن بقوانينها العادية، أو أصدار لوائح إدارية ليس إلا، كهولندا وألمانيا الغربية، فأنه توجد دولًا أخرى تواجه تلك الظروف بإجراءات استثنائية، تخرج على الأصول القانونية المسلم بها، فلا تعمل مبدأ الفصل بين السلطات، ولا تحترم قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات، ولا تتقيد بأصول الإجراءات الجنائية.
ولا يقتصر الإعتداء بسلامة جسم الفرد على تلك القيود الإجرائية، وإنما يتحقق المساس بكل فعل من شأنه أن يعرض وظائف الجسد للخلل، أو يرتب لصاحبه الآما بدنية أو نفسية، تقلل من قدرة أستمتاعه بحقه فى سلامة بدنه، لذا فقد حاول الفقه أيجاد أساس قانونى لتبرير التصرف فى الجسم الآدمى أثناء الحياة– بنقل عضو منه لآخر- يوازن بين مقتضيات هذا التطور العلمى من جهة، والمحافظة على حد أدنى من الحماية الجنائية لسلامة الجسم وتكامله من جهة أخرى. ولاشك أن تخلف شرط المصلحة العلاجية فى جانب المانح فى عمليات نقل وزراعة الأعضاء يشكل العقبة الرئيسية أمام رجال الفقه، فى محاولتهم لإيجاد أساس قانونى ترتكز عليه هذه الممارسة، التى يتطلب إجراؤها أستئصال عضو من جسم شخص سليم لا يشتكى كيانه المادى من علة، تبرر القيام بأى نوع من أنواع التدخل الجراحى عليه، لذلك فقد حاولت عدة أتجاهات رد أساس مشروعية عمليات نقل الأعضاء، إلى أحد القوالب القانونية والنظريات الفقهية المستقرة فى القانون الجنائى، وهما نظرية الضرورة المقترنة بالرضاء، ورضاء المانح المقترن بالمنفعة الاجتماعية.
ولا يقتصر مبدأ حرمة جسم الإنسان على حماية الجسم أثناء الحياة، وأنما أمتد ليشمل حماية جسم الإنسان بعد وفاته؛ حيث أنه من التقاليد الثابتة فى جميع المجتمعات والتى يحرص كافة الناس على تبجيلها وأحترامها تقدير الموتى، وهو ما يقتضى بداهة أحترام جثته. ولقد كشف علم الطب الحديث أن جثة الميت تمثل مصدرًا خصبًا للأعضاء والأنسجة المختلفة، ذات الفائدة الكبيرة فى مجال عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية، حقيقة أن احترام الجثة يتعارض مع التمثيل بها، ولكنه لا يتعارض مع الإستفادة منها من أجل منح الحياة للغير أو أطالتها. والأصل أن يقوم الشخص قبل وفاته بالتعبير عن إرادته حول التصرف فى جثته، فأذا فعل ذلك وجب احترام هذه الإرادة دون الإعتداد بأى أرادة أخرى؛ ولكنه غالبًا ما يتوفى دون أن يظهر أى إرادة بشأن التصرف فى جثته، وهنا ينتقل الحق فى الحفاظ على الجثة إلى أقارب المتوفى.
إلا أنه من جهة أخرى هناك بعض حالات الإستئصال من الجثة التى تتم بقوة القانون وهى الحالات المنصوص عليها فى المادة الثانية والثالثة من القانون المصرى رقم 103 لسنة 1962 والخاص بتنظيم بنك العيون، والتى تتمثل فى عيون الموتى أو قتلى الحوادث الذين تشرح جثثهم، وعيون من ينفذ فيهم حكم الإعدام، وعيون الموتى مجهولى الشخصية.
وحتى تكتمل الحماية الكاملة لذات الإنسان، وإعلاء من كرامته صدر القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر من منطلق كونها جريمة تتضمن مساس بكرامة الإنسان وحط من قدره وتعريضه للمهانة وتمثل تعارض صارخ مع المبادئ الأساسية للقانون الطبيعى وتعاليم الأديان.