الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تنبع أهمية هذا البحث من كونه رسالة تعريف بالخطاب الإعلامي في النص الشعري الجاهلي , إذ تسهم في توضيح الصورة الإعلامية في تراثنا العربي الخالد للعالم . فالإعلام المرآة التي تعكس ما يستجد على ساحات الحياة ومجالاتها المختلفة من تطورات وتفاعلات تحت تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على الشعوب، وله دور فاعل في مواكبة التحولات والتغيرات والأحداث التي يشهدها العالم في كل يوم، حتى بات هذا الدور من أخطر الأدوار وأهمها، وبخاصة في العصر الذي أصبح فيه الإعلام وسيلة رئيسة من وسائل التحكم، ومظهراً من مظاهر القوة والسيادة، بعد أن تطورت نظم الاتصال ووسائله في هذا العصر، وتعددت أنواعه، فثمة إعلام ديني وسياسي واقتصادي واجتماعي والإنسان بطبيعته يرغب في التزود بالأخبار، لذا عرف الإعلام منذ القدم، فعرب ما قبل الإسلام عرفوا هذه الوسيلة عن طريق الشعر، والخطابة والقصص، ولعل الشعر هو الوسيلة الأهم والأكثر انتشاراً، فالشاعر لسان حال قبيلته، الناطق الرسمي باسمها يدافع عنها وينافح بلسانه وسيفه، يسجل كل الجوانب المختلفة التي ترتبط بالحياة وتصويرها بكل صدق وأمانة فالمحرر الإعلامي في العصر الحديث يقابله الشاعر في العصر الجاهلي الذي ينقل الأخبار والمعلومات التي تدور حول الأحداث وينشرها بأبيات شعرية مؤثرة تزود الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، خاصة وأن الشعر يعد من الوسائل الإعلامية التي عرفتها البشرية في أطوارها المختلفة، وما خلفه الشعر في العصر الجاهلي لدليل على الدور الإعلامي المهم الذي لعبه الشعر في ذلك العصر. فقد حاول الشاعر الجاهلي أن يقدم كل ما يجول بخاطره، ويسجل ما يراه وفقاً لرؤيته الخاصة بألفاظ تنم عن ثقافته وعقليته، ويصف النفس الإنسانية ويبرز ما فيها من أسرار، يقرر الواقع ويرصده بدقة وصدق, ويميط اللثام عن الأحداث الجارية فوراً يترجمها لنا محاولاً تحويل الأحداث إلى أفكار. وحينما نتحدث عن الخطاب الإعلامي في النص الشعري الجاهلي فإننا نتناول أقدم وأجود التراث الذي وصلنا من الشعر الشعر العربي النابض بكل معاني الحياة، فهو يعبر تعبيراً صادقاً عن حياة أسلافنا القدماء، ويحمل إلينا عبق الصحراء الخالدة بكل ما فيها من وضوح وغموض، فهو قطعة نادرة من تاريخ أمتنا العربية، ومقوم من مقومات حضارتنا الأدبية العريقة، وأبرز معلم من معالمها الخالدة. إن اهتمامي بالشعر الجاهلي نابع من عمقه وثرائه، ودراستي السابقة لقضية من قضاياه في مرحلة الماجستير (الأسرة في شعر ما قبل الإسلام) ورغبتي في البحث عن جانب مهم من جوانبه الفنية المتعلق بالخطاب الإعلامي، كان باعث اختياري للعصر أولاً، وللموضوع ثانياً. |