Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
تطور الصراع في بوروندي ”1972 -1993” /
المؤلف
عيسى، هدى رجب أبو بكر.
هيئة الاعداد
باحث / هدى رجب أبو بكر عيسى
مشرف / عايدة السيد سليمة
مشرف / ماجدة محمد حمود
الموضوع
بوروندي- تاريخ- (1972-1993)
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
301 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 16

from 16

المستخلص

يتناول هذا البحث موضوع تطور الصراع في بوروندي. وتعد قضية الصراع بين الهوتو والتوتسي في البحيرات الكبرى من الموضوعات الشائكة؛ والتي تمخض عنها الكثير من عمليات العنف والاضطرابات، وقد تجلت صور هذه المآسي في بوروندي ابتداءً من عام 1972 والمعروف بعام الرعب بين السكان وانتهت بالإبادة الجماعية عام 1993.
كانت بوروندي إحدى الدول المستقرة ، والتي لم تشهد أية صراعات حتى عام 1962، حيث عاشت المجموعتين العرقيتين من الهوتو والتوتسي معاً في حالة سلام تام حتى هذا العام. كما أكدت الدراسة أنه تم تهميش الأغلبية العرقية من الهوتو ببوروندي لفترات طويلة جداً، نتيجة تعنت النظم الحاكمة آنذاك، مما جعلهم مقهورون لا يملكون سلطة ولا حرية صنع القرار، مما افقدهم التأثير على النظام السياسي الذي يحدد مصائرهم. وكذلك نستخلص أنه تم القضاء على تطلعاتهم الوطنية. فكانت الهوة شاسعة دائماً بين التزام السلطات التوتسية العلني باحترام شعبها بجميع فئاته على قدم المساواة وبين الواقع الذي عاشوه، فضلاً عن المجازر الموجهة ضد هذه الجماعة منذ عام 1962 والتي استهدفت النخب المثقفة ، ونتج عن ذلك تجدد الأزمات السياسية ، وافتقادهم لعنصر الأمان وسيطرة الخوف الشديد وعدم الثقة في الآخر.
وقد أثبتت هذه الدراسة سيطرة فكرة نفي الآخر وعدم الاعتراف به من جميع الحكومات البوروندية على مدار تاريخها؛ حيث النظرة الاستعلائية للتوتسي بشكل عام وللحكومات آنذاك بشكل خاص ليس فقط لفكرة انتقال السلطة للأغلبية الهوتو ولكن لمشاركتهم فيها أو في مؤسسات الدولة بأي شكل من الأشكال، لاعتقادهم بأن قبولهم والسماح لهم بالمشاركة في مؤسسات الدولة سينتقص من مميزاتهم وسلطاتهم، ومن ثم القضاء تدريجياً على التسلط السياسي للأقلية التوتسية. فعلاً، تسبب هذا في عدم قبولهم لنظام نداداي مما جعلهم يبادرون في القضاء عليه، وهو ما يوضح طبيعة القيادة السياسية والنخبة الحاكمة التي دعمت ثقافة العنف والانفلات من العقاب لعقود. وهكذا، تسبب الصراع في توليد الخوف المتبادل بين المجموعات العرقية فأصبحت كل مجموعة منفصلة عن الأخرى ، فترى كل منها أنها مهددة من الأخرى، وبالتالي أدى إحساسهم بضرورة الحفاظ على ذاتهم ومحاولة تبوء مكانة مهمة وفاعلة في المجتمع إلى استخدام آليات الدفاع والتي تمثلت في القتل.
كما اتضح من الدراسة سيطرة قادة المؤسسة العسكرية على عملية صنع القرار في بوروندي منذ عام 1966، لعدم وجود قوة سياسية مدنية في المجتمع البوروندي يمكنها منافستها في انتزاع السلطة. وقد وقامت إستراتيجية تلك المؤسسة في إدارة الصراع على استخدام القوة من أجل حسم الموضوع، فلم يسعوا لإقامة التوازن بين المجموعات العرقية أو حفظ النظام في المجتمع؛ بل بصنع الفوضى واستخدام القبضة الحديدية التي أدت في النهاية إلى سقوط ضحايا من الجانبين. وبهذا، كانت المؤسسة العسكرية عاملاً أساسياً في عدم الاستقرار والمساهمة في إضعاف النظام السياسي وتفككه وتغذية الصراع بين الجماعات العرقية.
وكذلك أوضحت الدراسة أن الصمت كان العمود الفقري الذي يغذي الكراهية للسلطة، وقد اتضح ذلك في الإبادة التي نفذتها الحكومة البوروندية عام 1972 تجاه إحدى مجموعاتها العرقية ومحاولة التستر عليهم بالمقارنة بأعمال القتل عام 1993 ؛ وهو قتل الهوتو للمدنيين التوتسي نتيجة تهور القادة غير الواعين والتي تم الاعتراف بها كأعمال إبادة جماعية وعدم التركيز على عمليات القتل التي تمت بواسطة الجيش التوتسي؟!
وقد أكدت الدراسة أنه لم يكن للنخب المثقفة من التوتسي أية مواقف إيجابية تجاه ما كان يحدث آنذاك في بوروندي من قتل للمدنيين والنخب من الهوتو، فقد تخاذلوا عن تأدية واجبهم سواء في حماية تلامذتهم أو زملائهم في العمل أو المدنيين الهوتو الذين تعرضوا للتعذيب والقتل.
وقد أثبتت الدراسة أن المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية لم تتخذ أية قرارات فعالة تجاه الصراع البوروندي خلال فترة البحث ، في حين اعترفت بأحداث عام 1993 كإبادة جنس جماعية ضد التوتسي ، وفي الوقت نفسه قامت عمداً مع سبق الإصرار والترصد بتناسي أحداث عام 1972! وكأن هذه الاتفاقيات والقوانين قد خلقت من أجل فئات معينة، وكذلك تحركها مصالح محددة تحددها الظروف القائمة.
وبهذا ، اتسمت بوروندي بالديمقراطيات الناقصة ، حيث عاشت كل مجموعة تناضل من أجل الوصول إلى السلطة، ودائماً ما كانت الإبادة هي بديل الاشتراك بالسلطة ، فقد أدى غياب الديمقراطية إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي، ومن ثم حدوث انفلات في كل مناحي الدولة وبالتالي غياب هيبة الدولة.