Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المسئولية الجنائية لاشتراك الأحداث بالجريمة الإرهابية :
المؤلف
ثابت, وصفي وائل.
هيئة الاعداد
باحث / وصفي وائل ثابت
مشرف / عبدالرءوف محمد مهدي
مناقش / تامر محمد محمد صالح
مناقش / احمد أبو العينين
الموضوع
الجريمة والمجرمون. الإرهاب - قانون وتشريعات. الإرهاب (قانون دولى)
تاريخ النشر
2016.
عدد الصفحات
269 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2016
مكان الإجازة
جامعة المنصورة - كلية الحقوق - قسم القانون الجنائي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 276

from 276

المستخلص

إن جنوح الأحداث من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي عانت منها، ولا زالت تعاني المجتمعات البشرية بسبب حجم الخطورة الناجمة عنها، ومقدار الآثار التي تُحدثها في المجتمع على كافة المستويات. ولهذه الظاهرة أسبابها المتشابكة والمتداخلة مع بعضها البعض، والتي صنعت أشخاص يعانون من الانحراف، وتجعلهم مؤهلين للدخول إلى عالم الجريمة. لقد أصبحت ظاهرة جنوح الأحداث من المشاكل الحقيقية التي تهدد أمن الدول وسلامتها، وتعكر صفو الأمن فيها نظرًا لتزايد عدد الجانحين في ظل الاضطرابات السياسية، والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بحياة الناس. وعلى الرغم من البحوث العلمية والدراسات التخصصية في مجالات التربية، والاجتماع، وعلم النفس، والقانون، والمعنية بشؤون الأحداث، إلا أن هذه الظاهرة لازالت في حالة تصاعدية في كثير من الدول حتى أصبحت رافدًا مهمًا لكبار المجرمين ومبعثًا للقلق، وعدم الاستقرار خصوصًا في الدول الفقيرة التي لا تستطيع النهوض بمشاريع تنموية، وتأهيلية، ووقائية لمواجهة مثل هذه الظاهرة. ومما زاد الأمر تعقيدًا أن الأحداث الجانحين قد أصبحوا أكثر خطورة بسبب استغلالهم، وارتباطهم بالتنظيمات والجماعات الإرهابية التي سعت لكسبهم وضمهم إلى التنظيم ليكونوا أداة جرميةيحققوا من خلالها أهدافهم وغاياتهم الإجرامية، وقد تزايد الخطر في السنوات الأخيرة وعلى وجه التحديد في عام 1980 من القرن الماضي حتى وصل الأمر إلى ظهور الحاجة لكي يكون هناك تكاتف، وتعاون دولي للوقوف بوجه المد الإرهابي والقضاء عليه. إن هذا التزاحم والتمازج بين ظاهرتي (جنوح الأحداث، والإرهاب) كان له أسبابه السياسية، والاقتصادية، وحالة البطالة، والفقر، والعوز، وأسباب عقائدية تبنتها الجماعات التكفيرية وأسباب أخرى ثقافية مضمونها قلة الوعي لحقيقة الأفكار والتوجهات التي تحملها هذه المنظمات الإرهابية وخطرها المحدق على الوظيفة محل الاستهداف. إن المشكلة من انتماء الأحداث إلى التنظيمات الإرهابية واشتراكهم في الجرائم ذات الطابع الإرهابي مشكلة ذات أبعاد متعددة، ومستويات مختلفة تأتي في مقدمتها المشكلة التي تثار على مستوى التشريع والقضاء , فالتوجه السائد في عموم التشريعات والسياسات القضائية هو تبنيها فكرة التخفيف في فرض العقوبة على الحدث الجانح تحت شعار حقوق الإنسان، ورعاية الطفولة، وهذا التوجه الذي ينظر إلى الجانب الآخر المتمثل في حجم الجرائم الإرهابية التي يقوم بها الأحداث المنتمين للتنظيمات بين الحين والآخر، والتي طالت أرواح الناس، وهددت كيانات دول قائمة، وأفقدت رعايا هذه الدول الأمن والأمان والعيش المطمئن. فالحدث في ظل التشريعات الدولية والمحلية في منأى عن العقوبات الشديدة، ويحرم فرض عقوبة السجن المؤبد، والإعدام باعتبار الجانب الشخصي له، والمتمثل بكونه في ظل مرحلة الحداثة , إن مثل هذا التوجه إذا كان يجد له أرضية للتطبيق عند إصدار الأحكام في الجرائم العادية فـانه لا يحقق القبول بالنسبة لمرتكبي جرائم الإرهاب، فلابد من توجيه الأنظار إلى الأخذ بمبدأ التناسب بين حجم الجريمة والعقوبة، وأنأي إخلال بهذا المبدأ يؤدي إلى ترجيح كفة الجاني على كفة المجني عليه، ولذلك نعتقد أن النصوص القانونية، والسياسات الجنائية التي تبنتها المحاكم تحتاج منا إلى وقفة تأمل وتفكير لمعرفة جدواها على أرض الواقع ومسايرتها لروح العدالة المنشودة. وقد حاولنا ضمن طيات هذا البحث أن نطرح الأسئلة الاتية : هل التشريعات المتعلقة بالأحداث والسياسة الجنائية في معاملة الحدث عند ارتكابه جريمة إرهابية تلاقي قبولاً لدى عامة المجتمع، وخصوصًا أهل الضحايا والمتضررين من العمل الإجرامي ؟ وهل تراعي الأحكام الصادرة من محاكم الأحداث المختصة حجم الضرر الناتج عن الجريمة الإرهابية عند فرض العقوبة أو التدبير ؟ وهل أن هذه التشريعات والسياسات الجنائية في ظل استمرارها وتوجهاتها الحالية حققت الهدف من العقوبة، أو فرض التدبير، وردع المجرم، وزجر غيره لتحول دون ارتكاب جريمة إرهابية أخرى ؟ كل ذلك يشكل المادة الأساسية لدى الباحث عن فكرة البحث والدراسة آملين أن نوفق على أن نسلط الضوء، ونطرح الآراء على المفاصل الأساسية لمادة البحث التي يمكن من خلالها الوصول إلى معاملة جنائية عادلة، ومقبولة، ومتوازنة مع هذه الفئة الحيوية من فئات المجتمع، والحيلولة دون وقوعهم في براكين الجنوح وشباك الإرهاب. إننا في حاجة ماسة إلى فلسفة العقوبة، والى أحكام أكثر واقعية في مواجهة موضوع الإرهاب من أجل إبراز سياسة عقوبية تتلاءم مع الطموح والواقع، لتحقيق الطمأنينة في خلق نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي للدولة.
ثانيا: أهداف الدراسة : إن المعاملة الجنائية التي تبنتها وتميزت بها نصوص الأحكام في تشريعات الأحداث والطفولة قد ميزت بين التدابير والعقوبات بحسب المراحل العمرية التي يمر بها الطفل أو الحدث , فالذي يرتكب جريمة وهو في سن الثانية عشرة من عمره على سبيل المثال لا يُفرض عليه نفس التدبير أو العقوبات عندما يكون في سن الخامسة عشرة، أو أكبر من ذلك وفي هذه الدراسة نهدف إلى إيصال فكرة مفادها أن المعاملة الجنائية لابد أن توازن بالأحكام بين حجم الجريمة وخطورتها على الأمن، والسلم الاجتماعي فمن يرتكب جريمة سرقة،أو نشل، أو اعتداء ليس كمثل الشخص الذي يرتكب جريمة إرهابية بتفجير عبوة ناسفة يروح ضحيتها مجموعة من الناس من بينهم الطفل والشيخ الكبير والشاب...إلى غير ذلك. هذا من جهة ومن جهة أخرى مع اتساع الجرائم الإرهابية بالآونة الأخيرة وشمولها مساحات دولية واسعة فهل يمكن الاكتفاء بنصوص قانون العقوبات المشرع في كل دولة لمواجهة وصد هذا المد الإرهابي، أم أصبحت الحاجة ماسة إلى تشريع خاص بالإرهاب من الناحيتين الموضوعية والإجرائية، فأن الإجابة عن هذا التساؤل يدخل ضمن أهداف هذه الدراسة وسيكون محلاً للنقاش ضمن مباحثها ومطاليبها. ثالثاً : أهمية الدراسة : تأخذ هذه الدراسة أهميتها من الأهداف التي نوهنا عنها سابقًا، والتي نسعى إلى بيانها والوصول إلى نتائج حقيقية من خلال وضعها في موضع التدقيق والدراسة كما أن أهمية هذه الدراسة لخصوصية موضوعها المتعلق بظاهرتي (جنوح الأحداث، والجريمة الإرهابية) وهو من المواضيع نستطيع أن نصفها بالمواضيع الحديثة، والتي تحتاج إلى المزيد من العناية والدراسة وفق اعتبارات علمية وقانونية تحقق العدالة، والتناسب بين العقوبة، وحجم الجريمة دون الإخلال بمبادئ حقوق الإنسان، وحق الطفولة. والحقيقة التي لا يمكن إغفالها أن لهذه الدراسة أهميتها في العراق هذا البلد الذي عانى، ولازال يعاني من تفشي الجريمة الإرهابية بين أرجائه التي أدت إلى فك الأواصر الأسرية والتقليل من التماسك، والانتماء الوطني بحجج واهية بعيدة عن الدين والوطنية، ونأمل في هذه الدراسة أن تكون هناك فائدة لخلق أجواء تشريعية وقضائية قادرة على القضاء على المد الإرهابي الإجرامي. رابعاً : منهج الدراسة، وخطتها : مما لاشك فيه أن موضوع البحث لم يكن مقتصرا على جانب محدد بل شمل جوانب مختلفة متعلقة بجنوح الأحداث , وارتباطها بظاهرة الجريمة الإرهابية مما اقتضى الاستعانة بأكثر من منهج بحثي لتوضيح الأفكار المطروحة من خلال هذا البحث، ولقد استخدمنا المنهج الاستقرائي لدراسة النصوص وقواعد الأحكام التي تبنتها عدة دول تأتي في مقدمتها التشريع في جمهورية مصر وجمهورية العراق و مقارنتها مع تشريعات أخرى، وكان الأمر يتطلب الإطلاع على النصوص التشريعية النافذة في هذه الدول وهي بالتأكيد لديها اختلاف في حيثيات بعض الأحكام وصغريات المسائل، وفيها تشابه في الأحكام الكلية، إلا أننا وجدنا فيما يتعلق بالجريمة الإرهابية هناك تفاوت في المساحة التشريعية للدول إلا أن الآمر طبيعي لأن أي مشكلة يواجهها القانون بالأحكام تكون الأحكام على قدر هذه المشكلة الموجودة. وقداستخدمنا المنهج التحليلي لبيان الرأي وصولاً للنتائج التي نعتقد بصحتها وكانت الدراسة التي تقدمنا بها مقترنة بالاطلاع والتركيز على ثلاثة تشريعات هي (المصرية، العراقية، والفرنسية) وخصوصًا التشريع المصري الذي وجدناه حصيلة تجارب غنية وطويلة ونتاج حركة فكرية وقانونية رصينة ورائدة أسسها عقول فقهاء وشراح الفقه القانوني وخصوصًا الفقه الجنائي فكان التشريع المصري بحق القمة من بين التشريعات في الدول العربية أما فيما يخص التشريع العراقي فقد وجدناه لديه خطوات متقدمة في مجال الأحداث، ولكن أحكامه قد اقتصرت على المعاملة الجنائية للحدث، ولم تكن شاملة لجميع الجوانب الأخرى كما هو الحال في التشريع المصري. أما فيما يخص التشريع الفرنسي فهو يعتبر الأصل الذي يستمد منه، ويرجع إليه المشرع في كثير من الدول العربية. الخاتمة : تناولنا في هذه الدراسة ظاهرتين مهمتين الأولى :ظاهرة انحراف الأحداث وجناحهم والظاهرة الثانية :هي ظاهرة الإرهاب وقد حاولنا من خلال هذه الدراسة التي أجريناها من منظور المعاملة الجنائية أن نقف على الصلة الحميمة بين هذه الظاهرتين، وعلى وجه التحديد قدرة الإرهاب وتأثيره على ظاهرة جنوح الأحداث واستغلالهم في سبيل توظيفهم في سبيل استمرارهم في تنفيذ العمليات الإرهابية، وقد توصلنا إلى جملة نتائج وعرضنها , على ضوء , البحوث والدراسات العلمية التي اطلعنا عليها إلى جملة مقترحات سنفصلها وفق ما يأتي : أولاً: النتائج: 1- أن ظاهرة جناح الأحداث وفق المنظور الاجتماعي والقانوني هي ظاهرة لا تقتصر على دولة معينة، أو فترة معينة بل هي ظاهرة عامة لكل المجتمعات، ولكل الدول دون تميز بين درجة رقيها، وتقدمها، وقدرتها الاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها من المميزات الأخرى، وان هذه الظاهرة قد ألقت بظلالها على حجم الجريمة، وتزايد عددها لذلك فأنها أخذت مساحة واسعة من الاهتمام لدى الخبراء والمختصين، وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية، ومن الحكومات لأنها ظاهرة ذات أبعاد خطيرة على مستقبل الدولة، وامن المجتمع وتركها بدون رعاية أو عدم إعطائها القدر الكافي يؤدي إلى نتائج عكسية وسلبية لا يحمد عقباها . لذلك، عملت الدول على معاملة هذه الظاهرة معاملة خاصة من خلال وضع تشريعات تعنى بهذه الفئة العمرية، والتي تضمنت أحكام عن كيفية وقاية الحدث وما هي التدابير اللازمة لعلاجه في حالة الجناح، وكل ذلك للحيلولة دون تزايد هذه الظاهرة أو تفاقمها. وهذا الاهتمام لدى كثير من الدول المتقدمة كان على المستويين النظري، والعملي أدى إلى نتائج ملموسة للحد من هذه الظاهرة في تلك المجتمعات، ولكن في الدول الأكثر تقدماً والتي تعاني من مستويات اقتصادية متدنية لوحظ أن التشريعات الخاصة بالأحداث، وأن تضمنت أساليب وأحكام وتدابير إصلاحية، وعلاجية لهذه الظاهرة الاجتماعية، ولكنها على المستوى العملي نجد أن تنفيذ هذه الأحكام لم يحقق الهدف المنشود الذي شرعت من أجله , فمعظم مدارس التأهيل والمؤسسات الإصلاحية (وبسبب عدم الإمكانيات المادية والاقتصادية) فقدت قدرتها العملية بأن تقوم بدورها في تربية الحدث، وتنشئته ومعالجته في حالة الانحراف مما أدى إلى خلق فجوة واضحة بين النظرية المتمثلة بالأحكام القانونية وبين التطبيق المتمثل بتنفيذ هذه الأحكام والتدابير. ففي العراق على سبيل المثال لو تصفحت قانون رعاية الأحداث لوجدت أن المعاملة الجنائية لهذه الفئة كانت على مستوى عالي من الدقة والعلمية حيث إن المشرع العراقي قد وضع أماكن الإيداع للأحداث المدانين لكي تتمكن الجهات المسؤولة عن إدارة هذه الأماكن من إعادة تأهيلهم حيث نص القانون على مدارس تأهيل الصبيان، ومدراس لتأهيل الفتيان ومدراس للشباب البالغين، والحقيقة أن الواقع الفعلي لهذه المدارس من حيث إدارتها وإمكانياتها الاقتصادية غير قادرة على تأهيل الحدث الجانح بسبب عدم توفر الإمكانيات المادية والأشخاص المهنية لإدارة هذه المدارس. 2- أن أغلب دول العالم أخذت بمبدأ التخصص عند تعاملها مع ظاهرة جناح الأحداث على كل المستويات وكافة الأصعدة العلمية، والاجتماعية بما في ذلك المعاملة الجنائية لهم فقد أنشأت جهاز شرطة الأحداث المتخصص بتولي القضايا المتعلقة بهم، وكذلك قام جانب البحث الاجتماعي في دور التحقيق والمحاكمة، وإدخال أصحاب الاختصاص خصوصاً في جانب الدراسات النفسية، وذلك لبيان الرأي والمشورة للمحكمة قبل إصدار قرارها في الدعوى المنظورة أمامها. ورغم ذلك إلا أن الأمر يتطلب زيادة في الرعاية من قبل هذه الدول والدعم المادي واللوجستي لإعداد محققين مؤهلين علمياً للتعامل جنائياً مع الأحداث مع التأكيد على دعم اختصاص قضاء الأحداث من خلال إعداد القاضي المختص للنظر بقضايا الأحداث، وحصر عمله بهذا الجانب دون غيره ابتداءً من تحريك الدعوى ووصولاً إلى صدور الحكم. 3- إن ظاهرة الإرهاب وفي السنوات الأخيرة أصبحت ظاهرة خطيرة في أبعادها ونتائجها وذلك لأنها اعتمدت على تشكيلات ومنظمات ذات طابع عقائدي، وأيدلوجي تتبنى التكفير والإقصاء خصوصاً المنظمات التي صبغت نفسها بالصبغة الدينية، ويظهر ذلك واضحاً وجليا لما تشهده المنطقة العربية من ظهور ما يسمى بتنظيم دولة العراق والشام الإسلامية المشهور (داعش) والذي ازدادت خطورته حتى أصبح مهدداً لأمن الدول بما يمتلكه هذا التنظيم من جيش فيه من العدة والعدد بما يؤهله على ارتكاب جرائم بمستوى عالي من الخطورة، وفي العراق نموذج واضح لآثار هذه الظاهرة من خلال ما ارتكبه هذا التنظيم من جرائم إرهابية حفل بها سجله الجنائي، والتي بينا في طيات هذا البحث نماذج منها عند استشهادنا في التطبيقات القضائية بل أن بعض الجرائم صنفت بموجب قرارات صادرة من مجلس النواب العراقي بأنها جرائم إبادة جماعية وعلى سبيل المثال القرار رقم (4) لسنة 2015 الذي اعتبر قتل المودعين في سجن بادوش أثناء احتلال مدينة الموصل أنها من جرائم الإبادة الجماعية، ووصفها بعبارة المجزرة مرة والمذبحة مرة أخرى إضافة إلى ذلك جريمة قتل طلاب القاعدة الجوية المشهورة بقاعدة اسبايكر وجرائم قتل العمد لأبناء العشائر العراقية البونمر، والجبور، والعبيد، وكذلك جرائم القتل والتهجير الذي طال المدنيين لمختلف أطياف المجتمع العراقي. 4- إن جرائم الإرهاب المرتكبة في العراق، وفي غيرها من البلدان هي جرائم مركبة لا يقتصر نشاطها على جانب واحد لذلك، نجد أن الجريمة الإرهابية تنطبق عليها أكثر فقرة من الفقرات القانونية في نصوص قانون مكافحة الإرهاب العراقي. 5- عملت التنظيمات الإرهابية، والتي في الغالب تمثل أجندات سياسية لدول خارجية على توظيف الدين بشكل سلبي في حياة الإنسان، وحياة الأمة، ولعل أبرز مظاهر هذا التوظيف هو تبنيها مبدأ التطرف والتكفير والذي كان هو الدافع على ارتكاب الجرائم على يد عناصر هذا التنظيم كما أن هذه المنظمات الإرهابية أبرزت نفسها بهذه الصبغة الدينية من خلال ما تطرحه، من شعارات وتقوم به من أعمال، واستخدامها لمصطلحات كالولاية وأمير المسلمين ودولة العراق...إلى غير ذلك من الأسماء. 6- إن النصوص القانونية التي تناولت أحكام جرائم الإرهاب , سواءً ضمها قانون العقوبات العام أم تلك التي شرعت بقانون خاص، وعلى حسب رغبة المشرع في كل دولة نصت على تعريف الإرهاب بكونه مشروع إجرامي فردي، وجماعي، وتابع على نفس المنهج شراح القانون، وأساتذة القانون في بحوثهم التي تخص الإرهاب والجريمة الإرهابية. والظاهر جلياً ومن خلال ما أثبتته الوقائع الإجرامية المنظورة في أروقة المحاكم أن الإرهاب لم يكن مشروع إجرامي مطلقاً بل هو مشروع إجرامي جماعي، لان النشاط الإرهابي تتبناه منظمات وجماعات إرهابية لها تنظيمها وهيكلتها وأفكارها وعقائدها، وأن كل ما يصدر من جرائم على يد هذه التنظيمات الإرهابية هي جرائم مخطط لها، ومعد سلفا نشاطها وأدوار القائمين بها فعلى سبيل المثال من يقوم بتفجير عبوة ناسفة في محطة قطار أو مستشفى أو مبنى حكومي فانه لم يباشر هذا العمل بمفرده بل كان من ورائه جماعة أو منظمة مناهضة للدولة قامت بالأعداد والتخطيط، والتحضير، والاستطلاع، ومن ثم التنفيذ. ثانياً: التوصيات: 1- إن معظم الدول قد أفردت عند معاملتها للأحداث تشريعات خاصة بهم كان الهدف من وراء وقايتهم من الانحراف إضافة إلى الإصلاح والتقويم، وإعادة التأهيل لمن جنح منهم وارتكب جريمة مخالفة للقانون، وان هذا التوجه في المعاملة الجنائية لهذه الفئة من الناس يعد خطوة متقدمة بالنسبة للدول التي أخذت بذلك، إلا أن ضرورة التطوير والأخذ بالأحسن كانت حاضرة لدى السلطة التشريعية لبعض الدول ومن بينها فرنسا وجمهورية مصر العربية حيث لم تختصر القوانين فيها على تنظيم الأحكام المتعلقة بالمعاملة الجنائية في حالتي ( الانحراف والجناح ) بل أصدرت قوانين ضمنتها أحكام لجميع شؤون الحدث، ولم تقتصر على الجانب الجنائي فحسب وهذه الخطوة تمثلت في فرنسا ومصر بإصدار قانون الطفل ونقترح أن تحذو الدول العربية لما سار عليه المشرع الفرنسي والمصري من إصدار تشريعات شاملة تنظم كافة النواحي المتعلقة بالطفولة. 2- زيادة وتعميق مبدأ التخصص في المؤسسات القضائية الخاصة بتنظيم شؤون الأحداث وكل الدوائر ذات الصلة بذات الموضوع خصوصاً في المجال الأهم والأخطر هو المعاملة الجنائية للأحداث فلابد من إعداد كادر متخصص، ومؤهل، وقادر على التعامل مع الأحداث وفق المستوى العمري ومتفهماً لحالة الجنوح والانحراف وفق أسس علمية والعمل الدائم من قبل الدولة على رفع كفاءة هذا الكادر وبشكل دوري، ومستمر مواكبا للتطورات العلمية في هذا المجال. ونخص بالتأكيد على ضرورة أن يكون التخصص في قضاء الأحداث مبتدأ من المعاهد التي تخرج القضاة بأن يكون هناك عناصر قضائية تعد سلفا في هذا المجال القضائي خصوصاً وأن التعامل مع الأحداث يتطلب بالإضافة إلى المعلومات القانونية إلى معلومات في الاجتماع وعلم النفس، وغير ذلك مما يخص هذه الفئة. 3- نوصي أن تكون المراكز والمدارس التأهيلية التي تنفذ فيها التدابير والعقوبات المتعلقة بالأحداث المدانين أكثر قدرة في الناحية العلمية والاقتصادية بما يحقق دورها الفاعل في إعادة تأهيل الحدث نفسياً واجتماعياً وإعادته إلى الحياة الطبيعية داخل المجتمع فالملاحظ على سبيل المثال في العراق أن المدارس والمؤسسات، وان كانت على قدر عالي من التخصص من الناحية النظرية إلا أنها أصبحت فاقدة لقدرتها الإصلاحية بسبب قلة الدعم المالي والعلمي الذي تحتاجه. 4- التأكيد على عدم قطع الصلة بين أولياء الأمور وأولادهم من الأحداث الجانحين الذين صدر بحقهم أحكام جنائية، وان يكون على تواصل معهم دائماً ولا يقتصر على فترة الزيارة الأسبوعية أو الشهرية المعدة من قبل المؤسسة التأهيلية بل يكون من خلال برامج تأهيلية تشارك بها أسرة الحدث وأولياء الأمور. 5- إن قانون مكافحة الإرهاب العراقي رقم (13) لسنة 2005 لم يتطرق في نصوصه القانونية إلى أحكام خاصة بالأحداث من المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية وأمام هذا الصمت التشريعي فإن الأحكام التي تطبق بحقهم هي تلك المنصوص عليها في قانون رعاية الأحداث، وهذا القانون وفي وقت تشريعه لم تكن هناك جرائم إرهابية بهذا المستوى من الخطورة لذلك، جاءت التدابير المنصوص عليها في هذا القانون للتعامل مع الجرائم العادية كجرائم السرقة والإيذاء وغير ذلك، وعند ظهور الجريمة الإرهابية أصبح القضاء في موضع حرج حيث أن التدابير التي تتضمنها الأحكام القضائية على المدانين في الجرائم الإرهابية أصبحت لا تتلاءم مع حجم الجريمة الإرهابية وخطورتها فمن يقوم بقتل مئات الناس بحادث تفجير، أو هجوم مسلح، وكان من المدانين الأحداث لا يمكن الحكم عليه بعقوبة الإعدام أو السجن المؤبد لكونه حدث، حيث إن قانون الأحداث العراقي نص على الحد الأعلى للتدبير الذي يفرضه على الحدث هو الإيداع خمس عشرة سنة وهذا وأدى ذلك إلى وجود تفاوت واضح بين طبيعة العمل الإجرامي والأضرار الناتجة عنه وبين مقدار التدبير المفروض. فإذا كان هدف العقوبة هو تحقيق العدالة، ومنع المجرمين من العودة وزجر الآخرين من الاقتداء بهم، فان التدابير المفروضة في قانون رعاية الأحداث لا تحقق أهداف العقوبة، لهذا نوصي بإعادة النظر بشأن العقوبة المفروضة وتعديلها فيما يحقق العدالة وبما يرضي ضمير ذوي المجني عليهم . 6- إن الإرهاب بوصفه ظاهرة إجرامية لم يكن مقتصراً على منطقة معينة، أو دولة معينة بل أصبح ظاهرة إجرامية عالمية ضربت العديد من الدول، وخاصة بعض الدول العربية مثل سوريا والعراق ومصر. لذلك، فان مواجهة الإرهاب تتطلب تعاون دولي أكثر فعالية وأكثر جدية في قمع المنظمات التي تمارس وترتكب هذه الجرائم. فالملاحظ أن الاتفاقات والمعاهدات الخاصة بمكافحة الإرهاب بما فيها اتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لم تتخطى الجانب النظري إلى وسائل عملية فعالة الأمر الذي جعل من هذه الظاهرة أن تستفحل، ويشتد ساعدها، واستخدامها، لتحقيق مآرب سياسية للتصارع بين الدول.