![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص الدساتير هى بنات مجتمعاتها، وهى النبت الطبيعى للتطورات الحادثة فى الدولة سياسيا واجتماعيا، ومن البديهى أن يكون الدستور، الذى يرتضيه المجتمع وتقره الدولة، هو الجنينالناجم عن تلك التطورات، وأن يكون أيضا ملبيا لاحتياجاتهذا المجتمع سياسيا واجتماعيا، معبرا بوضوح عن رغباتالشعب ومجسدالإرادته، لذا فمن الصعوبة بمكان فصل التاريخ الدستورى لبلد ما وتطوره، عن التطور السياسىوالاجتماعى الذى يمر به هذا البلد، وغالبا مايكون التطور الدستورى للدولة مرآة عاكسة لمدى الاستقرار السياسىوالاجتماعى الذى تنعم به،ومدى ما يتمتع به مواطنوها وساستها من وعى ونضج سياسى، والعكس صحيح فقد يعكس حالة من عدم الاستقرار،والمراهقة السياسية،التىيعانى منها مواطنو وساسة هذه الدولة على حد سواء. والدستور،بداهة،يعد عقدا بين طبقات وفئات المجتمع بعضها بعض، وأيضابينها جميعا وبين السلطة الحاكمة، فإذا ما جاء الدستور معبرا عن حالة رضا وتوافق تام بين أطياف الشعــب المختلفة،وبينها وبين النظام الحاكم، نعمت الدولــة بالاستقرار السياسى والسلم الاجتماعى، أما إذا ما كان هذا الدستور مصاغا بليل، أو معبرا عن مصالح فئة بعينها، أو فصيل بذاته، ثارت القلاقل واهتز استقرار الدولة ومادت أركانها وتزعزت. ولقد ابتعد التاريخ الحديث والمعاصر، بعض الشئ، عن دراسة النظم القانونية والدساتير فى مصر، فندرت الدراسات التي تغطى ذلك الجانب المهم من تاريخنا المعاصر،وكان أغلبها بالطبع من نصيب دارسى القانون، الذين جاءت دراساتهم قانونية صرفة، وأكثر اهتماما بالجانب القانوني والنصوص الدستورية دون الجوانب التاريخية، أما الدراسات التاريخية-وهى تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة- فقد انصب اهتمامها على العرض التاريخى لدساتير مرحلة بعينها من تاريخ مصر، فلم تتعرض بشكل أكثر شمولية للتطور التاريخى للدساتير المصرية، منذ بدء الفكرة الدستورية وبذورها الأولى في مصر، كما أغفلت عرضالنصوص الدستورية، وعلاقتها بالمجتمع المصرى ذاته، على الرغم من أن أهمية هذه النصوص الدستورية تكمن فىأنها لم تكن مجرد أحكام قانونية نبتت من عدم، وإنما عبرت عن المجتمع المصرى والتطورات الحادثة به، بل إن تطور هذه النصوص نفسها إنما |