الفهرس 
المقدمـــــةيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 32 |  |  |
| | | from | 32 | | |
المستخلص
تهدف الدراسة الى ان تتجلَّى إشاراتُ الإمامِ «القشيريِّ» في أعلى درجاتِها ؛ ذلك أنَّ ((الحروفَ المُقطَّعةَ)) - باعتبارِها حروفًا مُلْغِزَةً لا تخضعُ لِمَا تألَّف في نَظْمِ الكلام العربيِّ - أَدْخَلُ في بابِ الإشارةِ مِن غيرِها مِن الألفاظِ العاديَّةِ ، وبهذا وجدَ فيها الإمامُ «القُشَيْرِيُّ» فُرْصَةً طيِّبةً لاستخراجِ إشاراتٍ عجيبةٍ بَنَى بعضَها على مَعَارِفهِ اللُّغَويَّةِ ، وبعضَها الآخرَ على مَعَارِفهِ الشَّرْعيَّةِ التي اكتسبها مِن خلال سلوك طريق الصُّوفيَّة .
والإمَامُ «القُشَيْرِيُّ» (رحمه الله) لمْ يَخْرُجْ فيما قالَه حول ((الحروفِ المُقطَّعةِ)) عن مقالاتِ الصَّحابةِ والتابعين ، حيث ذَكَرَ المَذْهَبَيْن الوَارِدَيْن عنهما ؛ مَذْهَب «التَّفوِيض والتَّسلِيم» ، ومَذْهَب «الخوْض والتَّنقِيب» . لكنَّ الملاحظ على الإمام «القُشَيْرِيّ» أنَّه يذكر آراء السَّلف على جهة التَّعديد دونما إنكارٍ أو ترجيحٍ ، ولعلَّه بذلك قد اختار ((مَذْهَب الجمع)) الذي سبقه إليه شيخ المُفسِّرين «ابن جرير الطَّبري» (رحمه الله) . فبينما تجده يذكر أنَّ تلك الحروف مفاتح أسماء «الله» أو مفاتح صفاته ، تجده - في الوقت ذاته - وقد جعلها أقسامًا بما تدلُّ عليه مِن أسماءٍ أو صفاتٍ ؛ وقد يجعل مِن تلك الحروف مفتاحًا لصفات «الله» (عزَّ وجلَّ) وقَسَمًا في الوقت ذاته . و((مذهب الجمع)) في ((الحروفِ المُقطَّعةِ)) مَحْكِيٌّ عن «الربيع بن أنس» ، و«أبي العالية» ، و«ابن فارس» ، وهو اختيارُ الإمامِ «الطَّبري» ، وأنكره جماعةٌ منهم الإمامُ «الفخر الرازي» والإمامُ «ابن كثير» ؛ قالوا : لأنَّه يؤدِّي إلى الجمعِ بين المُتناقِضات ، وهو مُتَعَذِّرٌ .