Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
البيئةالعلاجية والسياحةالصحية في المجتمعات الصحراويــة المصرية :
المؤلف
محمد، أمنية محسن عبدالعظيم.
هيئة الاعداد
باحث / أمنية محسن عبدالعظيم محمد
مشرف / علية حسن حسين
الموضوع
الأنثربولوجيا.
تاريخ النشر
2014.
عدد الصفحات
245+59 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
علم الاجتماع والعلوم السياسية
تاريخ الإجازة
1/12/2014
مكان الإجازة
جامعة بني سويف - كلية الآداب - الاجتماع
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 314

from 314

المستخلص

تناولت الدراسة أحد الموضوعات المهمَّة في مجال الأنثروبولوجيا الطبية وهي دراسة أثر ”البيئة العلاجية والسياحة الصحية” على الفرد والمجتمع، حيث عودة المجتمعات الحديثة للطبيعة والعلاج البيئي رغم روح التقدم التى سادت العالم. وكذلك عودة دور المعالج الشعبي لمكانته التى قد تقلصت بسبب التكنولوجيا، والتعرف على طرق وأساليب العلاج بين القرى القائمة على المنتجعات الصحية والقرى التقليدية التى يسودها دور المعالج التقليدي. والتعرف على نسق العلاج البيئي الذي يعتبر في حد ذاته نداء للعودة إلى عظمة الخالق والبساطة والبعد عن التكنولوجيا واستخدام التعقيدات والتركيبات الكيمائية بكافة صورها وأشكالها. وكذلك الأعشاب والنباتات الطبية التى هي عبارة عن ثروات لا يستهان بها تركتها الحضارات القديمة للبشرية.
واتضح من خلال البحث أن الطب البيئي يتشكل من العديد من المعتقدات والوسائل الطبية التقليدية التي استخدمت منذ عهود قديمة لمعالجة الأمراض في كل الثقافات المتباينة، كذلك الوسائل التي تم استخدامها بواسطة أشخاص يطلق عليهم ”المعالجين الشعبيين” Traditional Healers ممن يعتقد أنهم يملكون القدرة على معالجة الناس. حيث تمتد جذوره في النظم العلاجية المتواصلة داخل الثقافات من قبل عملية ظهور وتطور الطب العلمي والذي استمر في تواجده بجانب الطب الحديث مع تقلص دوره في مواضع كثيرة.
وذلك نظرًا لتطور العلم والثقافة ودخول الطرق العلاجية المتطورة وكثرة المراكز والمنشآت والمنتجعات الطبية العلاجية، ونظراً لأن العلاج البيئي بإستخدام طرق الطب الشعبي يمثل أحد الفروع الدراسية الهامة لدراسة الأنثروبولوجيا الطبية والفولكلور فقد ازدهرت أهميته وذلك مع تطور علمي الأنثروبولوجيا الطبية والاجتماع الطبي.
ويعد العلاج البيئي هو العلاج الصحي الحديث كجزء من القيم الثقافية التي تشكلت منذ أحقاب بعيدة، وشكلت نظامًا طبيًا علاجيًا يبنى على أشكال تقليدية من المعتقدات والسلوك والممارسات التي هدفها الأساسي هو مقاومة المرض طلبًا للشفاء، وتتركز أهمية الخوض في النواحي الثقافية ومعتقدات المجتمعات المتباينة في ميل العديد من الباحثين نحو الاهتمام بالطب البيئي مما جعل المكتبة العلمية زاخرة بالتعريفات الواضحة للطب البديل والطب الشعبي الطبيعي مجالاً وممارسة. فلا يعد استخدام مصطلح العلاج البيئي حديثًا نسبيًا بل يعنى الرعاية العلاجية للمرضي.
وكثيرًا ما يتم إجازة هذه الممارسات الطبية التي تتم أثناء السياحة العلاجية بالمنتجعات الصحية الحديثة سواء في تخفيف آلام المريض أو في إعادة التوازن لمن أصيبوا بمرض عضوي أو نفسي أو كفترة نقاهة لمرض ما، ويكون ذلك وفقًا لمعتقدات الناس الثقافية والدينية. فالعلاج البيئي باستخدام الطب الشعبي على خلاف كثير من عناصر المعتقدات الشعبية ليس وهمًا بأكمله، وليس ثمرة لنوع من الفكر الخرافي أو الغيبي، ولذلك فمن غير المتوقع أن يختفي اختفاء كليًا في مجتمع بأخذ أساليب الطب الحديث.
حيث يعد كجزءً أساسيًا من عادات وتقاليد للمجتمعات التي يمارس فيها، وقد يكون داخل بعض المجتمعات قد انحسر جزئيًا أو تغيرت صوره، وطريقة استخدامه. فأصبح الاعتماد فقط على بعض الوصفات العلاجية القديمة أو اللجوء لبعض العطارين والعشابين والمعالجين الشعبيين Healers، فلن تختفي ممارسات العلاج البيئي ولا طرق العلاج الشعبي أو بمعني آخر الطب الشعبي بل على العكس قد نجدها قد ازدهرت نتيجة للتعقيدات والتكلفة الباهظة للطب الحديث وارتفاع أسعار الأدوية وعدم الاطمئنان للنتيجة المرجوة قد خلقت عوامل محفزة لإحياء الممارسات الطبية الشعبية القديمة والعودة إلي العلاج البيئي بكافة صوره وأنواعه وأشكاله.
حيث يقول ”أبو قراط” بأنه لا يوجد مرض لا يمكن علاجه بالنباتات مؤكدًا ذلك بقوله ”ليكن غذاؤك دوائك ... وعالجوا كل مريض بنباتات أرضه فهي أجلب لشفائه” مما يظهر بأن التداوى بالأعشاب يعتبر من الظواهر العريقة, حيث ازدادت اهتمامات الوسط الطبي والمهتمين بالصحة بأساليب الطب الشعبي والعودة إلى الطبيعة لمعالجة الكثير من الأمراض. بينما تعامل الأجداد مع النباتات كمصدر طبيعي لعلاج الأمراض لخلوها من التأثيرات الجانبية على جسم الإنسان.
وهناك نوعًا من أنواع العلاج البيئي هو طب الأعشاب والذي يعول عليه حاليًا في كثير من الأمراض وتلازمه مع الطب الحديث يؤكد حقيقة قائمة وهى وجود الطب الشعبي وممارسة طرقه ووسائله داخل جميع الثقافات سواء التقليدية أم الحديثة. ولقد جاء على لسان العديد من أعضاء مجتمع الدراسة ما يتوافق مع هذه الآراء من الترحيب والإقبال للعودة للعلاج البيئي وهم فئات متنوعة علميًا وثقافيًا. فاللجوء لممارسات الطب الشعبي داخل المجتمع لم يقتصر على الفئات دون التعليم والوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ.
إن المجتمع بطبيعته يبدأ باستخدام الوصفات العلاجية من المهد للحد حيث يبدأ مع الطفل منذ ولادته بشرب بعض النباتات الطبية العلاجية في صورة سوائل دافئة كـ (الينسون والكراوية والماء مذاب به السكر...) وغيرها من الطرق المعتادة دون خلفية طبية ولكنها موروث شعبي مجرب ونتائجه معروف للجميع لكافة المستويات.
إن العلاج البيئي باستخدام الوصفات العلاجية متواجد في كل المجتمعات الحديثة كنوع من أنواع الطب البيئي الذي يؤثر بشكل عملي على العملية الطبية سواء المريض أو الأطباء الذين يمارسون مهنة العلاج بالأعشاب وفق علم ودراسة حيث يعتبر المصدر الأساسي لممارسات ما يعرف بالطب البديل ”الطب الأخضر” المتأثر بشكل كبير بالقيم الثقافية التقليدية الشفاهية المتوارثة جيلا بعد جيل، ومما لا شك فيه أن هناك ما يعرف داخل الأوساط العلمية الطبية الحديثة بالتعاون والمشاركة مع المراكز الطبية المتخصصة في إعداد تركيبات دوائية تعتمد اعتمادًا كليًا على طب النباتات والأعشاب”” Medicinal Plants ”الطب الأخضر” Green” Medicinal، وهذا المجال تتبناه الآن كبري شركات تصنيع الأدوية في العالم في تخليق مواد دوائية عشبية من الطبيعة والاعتماد فيها على خبرة المعالجون الشعبيون من الذين لديهم دراية بأهمية النبات وكيفية استخدامه في العلاج.
ومن هنا تكمن أهمية العلاج البيئي باستخدام طرق شعبية تقليدية متوارثة في معالجة المرضي، والاهتمام بنقل تلك الخبرات الصحيحة إلى المعامل الحديثة التى من شأنها إحداث ثوره في عالم الأدوية الخالية من الآثار الجانبية، فهي عملية تتمثل في إحياء التراث بشكل عملي ولا يتم ذلك بدون الاهتمام والوقوف على تسجيل هذه الخبرات والعادات والتقاليد وأخذ ما يفيد العلم الحديث.
إن المجتمع المصري بصفة عامة ومجتمع الدراسة بصفة خاصة قد لُوحظ اعتماده بشكل واضح وصريح على مجال هام من مجالات طب الأعشاب كعلاج بيئي شعبي ويعرف ذلك بمجال طب النباتات أو الأعشاب الطبية ”الطب البديل”، الذي خلق مجالاً قائمًا بذاته فيما يعرف بفئة العطارين والعشابين الذين يقومون بدور المعالج الشعبي من خلال ما لديهم من نباتات وتركيبات عشبية من البيئة الطبيعة يلجأ إليها أعضاء المجتمع.
ويمكن القول أن مجتمع الدراسة لديه العديد من الطرق والوصفات والممارسات الطبية التي حملها التراث الثقافي المتوارث ليحملها جيلاً بعد جيل يحرص أفراده على استخدام تلك الوسائل والاستعانة بمعالجين واللجوء للعديد من الوسائل التي من شأنها تخفيف أو منع الآلام والأمراض.
وفيما يلي عرض لأهم نتائج الدراسة:
إن السياحة الصحية والعلاجية هي فكرة ليست بالجديدة ولا هي بالموغلة جدًا في القدم لكن توظيفها هو الذي تطرأ عليه الحداثة تارة وتهاجم تارات وتتراجع قليلا ولكنها متمسكة بالحياة والوجود، وهذا إن دل إنما يدل على قوتها.
أما السياحة العلاجية رُوْجَّ لها أنها شعبية في المقام الأول ثانيًا أنها اكتسبت شيوعًا وذيوعًا عن طريق كل من مارس هذه العملية العلاجية، إذا أن السياحة هنا شعبية والشعبية ناتجة عن معتقد معين رسخه المستفيدون منه والقائمون عليه وأطلق علية البعض الطب الشعبي واختلف معه البعض في التسمية وأعتقد البعض أنه ليس هناك سوى طب واحد وهو الطب الرسمي، الذي يمارس في المنتجعات الصحية بالطرق والتقنيات الحديثة بها وبالعقاقير ولا مجال هنا للعلاج الشعبي، وللمعتقد وإن كان لابد من إطلاق كلمة طب تقليدي أو علاج شعبي نسقًا أصيلا من المعتقدات الشعبية التى هي قسم من أقسام علم الفلكلور (عادات – معتقدات – ثقافة مادية– فنون شعبية- أدب شعبي).
واتفقت الدراسة مع هذا الرأي القائل أنه علاج شعبي وأن هذا المعتقد نبع من نفوس أبناء المجتمع عن طريق الكشف والرأي والإلهام والمعتقد يمارس على عكس العادة، حيث أن العادة تمارس جهارًا، أما المعتقد فهو مثل الاعتقاد في السحر مهما كانت الدرجة العلمية للممارسين للعلاج.
أما لفظة ”علاجية ” فهي مشتقة من المُعالجة وهي تعني الاستشفاء من المرض والألم، ولهذا من يقصدها لا يقصدها طائعًا، هنا تبدو صورة الإكراه في السفر وفي الإقامة وفي المداخلة الطبية وأيضا في التكاليف. إذا السياحة العلاجية هي سياحة تتجاوز المشكلة المادية و المعنوية رغم محدوديتها.
كذلك يتضح من خلال الدراسة أن المعالج الشعبي دائمًا ما يركز على أن يكون المريض اعتقاده قوى في الشفاء. وكل الممارسات العلاجية الشعبية انقرضت بمجرد ظهور طرق علاجية رسمية طبية أقوى وأجدى وبحث ممارسوها عن مهن أخرى لكسب عيشهم، إلا أن بعض الممارسات مثل الدفن في الرمال الساخنة والعلاج في الينابيع الساخنة باقية حتي الآن بسبب:
 الرغبة الملحة لأفراد المجتمع المصري بل والعالمي في العودة إلى الطبيعة وتحقيق التوازن النفسي والبدني مع وحدة الكون. وقد ظهر ذلك في أن التأمين الصحي للعاملين بالخارج بدول أوروبا وشرق آسيا حيث أن أغلب المتعالجين من الألمان والإيطاليين المؤمن عليهم ويخضع عندهم العلاج البيئي للنسق التأمين الصحي.
 جدوى وصدق ممارسها الذي لا يتقاضى مقابلاً ماديًا في الغالب، والذي ساعد على تطورها وازدهارها على هذا النحو هو استخدام التقنية الحديثة من كشف على المرضي وتحاليل طبية قُبيل العلاج البيئي وكذلك المتابعة طوال فترة العلاج.
 تعتبر الحالات التي يتحقق لها الشفاء بمثابة مروجي سياحة الاستشفاء البيئي أو السياحة العلاجية ومعلنين عن نجاح عملية العلاج البيئي.
 النجاح الذي يحققه هذا النوع من العلاج والذي يدفع المستفيدين إلى الدعاية إلى مثل هذا النوع من العلاج.
استطاع الباحث أن يجري المقابلات الشخصية مع مجموعه من الأفراد المترددين علي المعالجين الشعبيين ومريدي العلاج بالقرى والمنتجعات السياحية، وقد كان اختيارهم عشوائيًا دون سابق ترتيب مسبق. وذلك أثناء تردد الباحث علي أماكن العلاج البيئي واستخلص الباحث من خلال هذه المقابلات انه الاختلاف راجع إلي عده عناصر منها:
 إن أغلب المرضي المترددين على القرى العلاجية والمعالجين الشعبيين من النساء.
 إن المترددين يمثلون فئات عمرية مختلفة.
 أن هؤلاء المترددين يمثلون مستويات تعليمية مختلفة فمنهم الأمي والجامعي، سواء كان هذا التردد على القرى العلاجية أو المنتجعات العلاجية.
اختلاف وتنوع صفات السائح البيئي من مريد العلاج ما بين:
1) تحمل المشاقة والصعوبات وقبول التحدي للوصول لهدف الاستشفاء البيئي.
2) المجازفة ووجود رغبة كبيرة في التعرف على وسائل جديدة للعلاج غير التقليدي والعودة للبيئة.
3) الحصول على الخبرة الاجتماعية والشخصية.
4) عدم التزاحم في مناطق الاستشفاء البيئي بإعداد كبيرة.
5) بعض المرضي يقبل على العلاج بنوع من الإيمان والتقوى والعودة للطبيعة والتدبر في خلق الله مع التمتع بهذه الأماكن الطبيعية والميراث الفطري الذي تتمتع به هذه الأماكن.
زيادة التمعن في كتاب الله والسنة الذي احتوت على حقائق طبية وعلمية اكتشفها إنسان العالم يومًا بعد يوم، حيث أنه إذا حدث اكتشاف طبي يلجأ العلماء في مجال الإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنة لتأكيد ذلك بكتاب الله. وذلك قد جعل من والمعالج والمتعالج الاعتماد على بعض آيات القرآن الكريم في الشفاء من المرض العلاج.
إن الطب البيئي الشعبي قد استمد جذوره من تجارب الأجداد مع صبغتها بصبغة دينية، وهذه التجارب والخبرات الطبية ذات خصوصية محلية والتى جاءت نتيجة للتفاعل الاجتماعي في محيط البيئة المحلية التى عاش فيها مجتمع معين أي كان، وعلاقته داخل البيئات المحلية التى شكلت مصدرًا هامًا من مصادر الموروث الشعبي لهذه الثقافات.
وذلك لأن الثقافة الطبية الشعبية سواء كانت تمارس بالقرى العلاجية الاستثمارية هي حصيلة التفاعل الثقافي والحضاري والإنساني والاقتصادي والاجتماعي والديني والعقائدي على مر العصور بين الإنسان وبيئته والتى أعطت لكل مجتمع سمات وخصوصية مجتمعية تميزه عن غيره من المجتمعات.
أسهم في استمرار وبقاء العلاج بسيوه ”العلاج بالدفن” وغيره من طرق العلاج البيئي العزلة الاجتماعية والفيزيقية التى كان محصلتها أن جعلت من مجتمع الدراسة (واحة سيوه) أشبة بمنطقة ثقافية متميزة الخصائص، وانعكس ذلك بدورة على سلوك الكثير من أفراده في مجال طرق ووسائل العلاج البيئي.

تنوع واختلاف الطبقات الاجتماعية ما بين الطبقة الدنيا والوسطي في التردد على المعالج الشعبي بينما يزداد طبقة الأغنياء في التردد على القرى والمنتجعات العلاجية، حيث أن العلاج في هذه القرى والمنتجعات يتطلب نفقات علاجية والتزامات مادية لا يستطيع أن يتكبدها الفقير فلا يقبلون على هذا العلاج. أما الأغنياء فهم يلجئون لكلاهما المعالج الشعبي والعلاج لدي طبيب القرية العلاجية السياحية والتى تعتمد في علاجها على الطب الرسمي فكلما زادت درجة الثراء والغني كلما زادت الرعاية الطبية المتقدمة. كلما زادت التكلفة وأصبحت القرى العلاجية قرى استثمارية ومكانًا للنقاهة والعلاج. وهكذا سوف تبقي طرق العلاج التقليدية والمعالجين الشعبيين والعلاج بالقرى العلاجية الاستثمارية جنبًا إلي جنب.

أن تنوع واختلاف الأمراض ما بين أمراض العظام وأمراض العيون والروماتيزم والروماتيد أدي إلى اختلاف وتنوع المعالجين الشعبيين إلى زيادة أنشطة العلاج داخل القرى العلاجية ومراكز العلاج البيئي.
تلعب الثقافة دورًا محوريًا في تشكيل وعي الناس بالمرض وإدراكهم لطبيعته وفهمهم لأسبابه ومعرفتهم بطرق الوقاية منه، وأساليب معالجته وكلما كانت الثقافة ذات طابع تقليدي كان اللجوء للعلاج البيئي أكثر وأكثر.
إن الثقافة أداة للتكيف، أي أنها توفر للإنسان بدائل علاجية متعددة يستطيع أن يختار من بينها ما يلاءٍم معارفه وإمكانياته وظروف بيئته، ومن ثم فإن السلوك الإنساني يتنوع ويتباين إزاء طرق علاج المرض الواحد وطرق العلاج ونمطه.

توقعت الدراسة في البداية أن هناك صراع وشد وجذب بين دمج المعالجين بالقرى العلاجية والمعالجين الشعبيين ولكن ثبت أن العلاقة هي علاقة تعايش وتجاور فكلا منهما يمثل بديلاً من بين البدائل الكثيرة التى يفرزها الإطار الاجتماعي الثقافي.
تبين بالدراسة إن البعد النفسي يمثل عاملاً على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة للمفاضلة بين وسائل وطرق العلاج البيئي والتى يقبل عليها المرضي اللاجئين للعلاج البيئي بثقة تامة في كفاءة من يتلقون منهم أي علاج وثقة مبالغة في الشفاء مما ينعكس على استجابتهم للعلاج التام أو التحسن الجزئي أو الشعور بالشفاء الذي يشعر به المريض.
إن مهنة المعالج البيئي الشعبي متوارثة من الأجداد قائمة على المعرفة والتجربة الذاتية. كذلك يختلف المعالج البيئي الشعبي في استخدم طرق بيئية ووسائل علاجية طبقًا للثقافة الطبية الشعبية.
يأتي لجوء المريض للمعالج البيئي أكثر حيث يجد المريض لدي المعالج التقليدي القدرة على الاستماع والتواصل بصدر رحب بل أن الأمر قد يصل للحوار حول حياة كلا منهما الشخصية أثناء توقيت العلاج، مما يحدث نوعًا من التآلف بين المعالج والمتعالج أي كان طبيبًا بالقرية العلاجية أم معالجًا تقليديًا. فلا استعلاء أو تكبر فكلما زادت درجة العلاقة بين المعالج والمتعالج زادت فترة إقامة المريض العلاجية. فالعلاج بهذه الطريقة لا يفصل الجسد عن الروح بل يتعامل مع الإنسان باعتباره وحدة واحدة.
إن موضوع الممارسات العلاجية الشعبية هو أحد الموضوعات المعقدة التي تشمل الكثير من التفاصيل والعناصر المتداخلة، ففي هذا المجال ما يعرف ( بالطب الشعبي الوظيفي) الذي تجري فيها ممارسات علاجية مثل الدفن في الرمال بالطرق التقليدية، الحجامة، ....الخ، فضلا عن بعض الجراحات البسيطة التي تنتج عن الكي والحجامة وغيرها وهناك ما يعرف بالطب الشعبي العشبيHerbal التي تستخدم فيها الأعشاب والمواد النباتية.

هناك ما يعرف أيضًا بالممارسات العلاجية المنزلية Home Remedies التي يمارسها الناس بأنفسهم استنادًا إلي ما لديهم في معارف وخبرات علاجية، كثيرًا ما تتداخل هذه الأنواع العلاجية بعضها مع بعض، تجتمع كلها أو بعضها في مواقف واحدة.

بتتبع أنواع الممارسات العلاجية والمعتقدات وجد أن هناك منها ما يستطيع أن يصمد في مواجهه رياح التغيير العاتية وتطور الطب الرسمي وأن يبقي موجودًا ومستمرًا بالرغم من عوامل التغيير والتحديث والتنمية. وهذه المعتقدات والممارسات المرتبطة بها ما كان لها إن تبقي لولا أنها تؤدي وظائف لها أهميتها لدي من يعتقدون ويمارسون العلاج. وذلك أن هناك دعم للثقافة والمعتقدات من خلال الممارسات المتوارثة جيلاً بعد جيل ولكن بشيء من التطور والإبداع باستخدام تقنية حديثة غالية الثمن نسبيًا.
استمرار الممارسات وطرق العلاج البيئي والشعبي يرجع في الأساس إلي المعالج الشعبي الذي يتعاظم دوره كلما كانت الخدمات العلاجية التي يقدمها تعود علية بالمنفعة، سواء إن كانت هذه المنفعة مادية أو أدبية. فالمحترفون منهم يجدون فيها موردًا أساسيًا للرزق ومن ثمَّ فإنها تكون بضاعتهم التي يحرصون علي الترويج لها وحمايتها من الكساد وغير المحترفين الذين يقدمون هذه الخدمات تطوعًا، فأنهم يجدون فيها سبيلاً إلي مرضاه الله أو كسب محبه الناس. وعلي الرغم من أنهم لا يتقاضون أجورًا ماديه بشكل مباشر وصريح، فإنهم في صور أخري عديدة، لتدعيم مكانتهم الاجتماعية في المجتمع المحلي، واكتساب بعد مقومات القوه الاجتماعية، بل قد يكون الأجر في بعض الأحيان مهما يدخل في الخدمات والمصالح. ومن ثم فأنهم يحافظون بدورهم علي هذه الممارسات العلاجية ويعملون علي بقائها واستمرارها.
قد يظن البعض أن ميدان الطب الشعبي والعلاج البيئي بطرقة وأنواعه أنه أصبح ينحصر قليلا وإن العاملين به يضيق عليهم الخناق بمرور الوقت بحكم منطق التغيير ولكن الأمر في حقيقته غير ذلك فميدان المعالجين الشعبيين كل يوم في أزياد بل أنهم يطورون طرق العلاج وأساليبهم حتى يتحقق لهم مزيد من الإقبال عليهم ورغبتهم في طلب الخدمة.
والجديد في مجال العلاج البيئي أن المعالجين الشعبيين من العاملين بقطاعات الدولة المختلفة وذلك رغبة في الكسب المادي لم يعد مجال الطب الشعبي كما كان قائم علي المدارس العلاجية والوراثية بل أصبح بابًا لكل من يريد زيادة في المكسب المادي ولم يعد يوجد المعالج الذي يتعفف عن تقاضي أجر فقد تبدل الحال وأصبح المعالج الذي لا يقبل علية الناس بل يعتبرونه ضعيفًا في مجاله، وقد يرجع ذلك إلي المعالج الشعبي علي وعيه التام بأهمية دوره الذي يقوم به، بينما تجد العلاج في المجتمعات الصحية قائمًا علي المال سواء في تناول الخدمة أو التعامل مع المرافقين للمريض. حيث أن المريض يأتي لهذه المنتجعات بهدف العلاج والاستجمام لجميع أفراد أسرته.
العودة إلى الفطرة والطبيعة وخاصة إلى البيئات التي امتدت إليها يد الإنسان بالتغيير أو التلوث، أصبحت ضرورة حياتية بالنسبة إلى لجميع أفراد المجتمع بمختلف ثقافاتهم فالهواء ملوث والأطعمة التى أفسدتها الكيمياويات والأودية التى لا يخلو أكثرها من أضرارًا جانبية تفوق أحيانًا النفع المرجو منها كلها عوامل أملت على الإنسان أن يعود إلى الطب القديم.
اتضح من خلال الدراسة أن التغذية تمثل عاملاً هامًا في نجاح المترددين على العلاج البيئي أي كانت هذه تتبع المعالج الشعبي التقليدي أو القرى العلاجية الاستثمارية ”المنتجعات” حيث تكون هذه القرى بعيدة عن المدن لذلك فإن المريض ومرافقيه يعتمدون على خدمة التغذية والمشروبات في المنتجعات العلاجية ويتوقعون أن تكون متوفرة ومتنوعة نظرًا لطول فترة المريض بالمنتجع الطبي للعلاج مما يتطلب من هذه الأماكن توفير قائمة منوعة من الطعام. حيث يكون المريض وأسرته بحالة نفسية يريد فيها التغيير والتهرب من الروتين العلاجي، وقد تلجأ هذه المنتجعات إلى خبراء في مجال التغذية وأخصائيين حيث يتم إعداد قائمة بالأطعمة التى تناسب نوع المرض وتساعد على سرعة الشفاء والاستجابة للعلاج في أسرع وقت ممكن.
تبين من الدراسة أن لمنزل المعالج الشعبي نسق معماري خاص حيث تشكل العمارة أهمية كبيرة في مجال التهوية والطراز المعماري التراثي، أما القرى العلاجية والمنتجعات الصحية فأنها تقوم على أساس طراز بيئي خاص على الطراز التقليدي من ناحية الشكل الخارجي مباني موفرة للطاقة حيث تكون أسقف مبانيها بنباتات تشع الخضرة فيها كذلك وجود مناطق عازلة بين كل نشاط وآخر.
تبين أيضًا من الدراسة إنه بإمكان سياحة العلاج البيئي في مصر أن تحقق خطوات كبيرة للأمام في ظل وجود أماكن كثيرة ومتميزة من رمال وعيون ومياه وغيرها، ولكن لابد من وضع خطة بالمشاركة مع نقابة الأطباء أو اختيار أطباء متخصصين لممارسة العلاج في هذه الأماكن، وليس بالضرورة أن يدفن الإنسان نفسه في الرمال ويخرج معالج، بل أن الأمر يحتاج إلى نصائح طبية بعد إجراء دراسات لكل بيئة على حدا، وتحديد جدواها ويمكن العودة إلى الطبيب ليتم كل شيء وفق مختص واستشاريين.
إذا كانت الإحصاءات بشكل مباشر تتعرض لكثير من أوجه النقد بعدم دقتها في كثير من بلدان العالم، وربما لا تتحقق الدقة الكاملة في الإحصائيات بأنواعها إلا في عدد قليل من الدول المتقدمة. فلا تنجو الإحصاءات أيضًا من أوجه النقد خاصة في مصر؛ حيث تفتقد إلى الخبرة من ناحية، وإلى التمويل المالي من ناحية أخرى. والواقع أن هذا حال الإحصائيات السياحية الرئيسية مثل عدد السائحين وجنسياتهم وأنواع الأمراض التي تعالج وعدد الليالي العلاجية وكذلك اختلاف البرامج في نظام السياحة العلاجية، الغرض من الزيارة، الأقاليم المُزارة، وخصائص السائحين العلاجيين من حيث العمر، النوع، مستوي التعليم، نوع المرض ووسيلة العلاج مما يؤدي ذلك على إلى زيادة الشك في هذه البيانات بل إن هناك كثير منها لا تتطرق إلى مثل هذه البيانات التفصيلية.
رغم ما تتوافر لمصر من هذه المقومات فإنه لا يوجد مشروعًا متكاملا للسياحة العلاجية، يمكن إن تستغل فيها البيئة الطبيعية في العلاج بالأسلوب المتعارف عليه في مصحات الاستشفائية العالمية فأغلب مشروعات السياحة العلاجية في مصر عبارة عن مجموعة خدمات يقوم بها أفراد، وليست مشروعات علاجية متكاملة تقدمها الدولة تكفى لقيام السياحة العلاجية في إطار من التنمية السياحية والتخطيط العلمي .