Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
دور الصلح في إنهاءالدعوى الجنائية :
المؤلف
أبو سيف، أبو بكر على محمد.
هيئة الاعداد
باحث / أبو بكر على محمد أبو سيف
مشرف / نبيل مدحت سالم
مشرف / إبراهيم عيد نايل
مناقش / عمر محمد سالم
مناقش / مصطفى فهمي الجوهري
الموضوع
القانون الجنائى- مصر.
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
352ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2014
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون الجنائي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 352

from 352

المستخلص

لاخلاف على أن الوسيلة التقليدية التي يتولى من خلالها المشرع
الجنائي أداء وظيفته هي ما يعرف بسياسة التجريم والعقاب، التي تقوم على
الموازنة بين الحقوق والحريات الفردية من جهة والمصلحة العامة من جهة
أخرى، وذلك بما يكفل تحقيق الحماية لكلا الجهتين بحيث لا يسمح بالمساس
بالحقوق والحريات الفردية من خلال التجريم والعقاب إلا إذااقتضى ذلك تحقيق
هدف معين هو حماية المصلحة العامة أو حماية الحقوق والحريات التي من
الممكن أن تكون عرضة للضرر أو الخطر، وتكون في نظر المشرع جديرة
بالحماية بواسطة التجريم والعقاب، وقد أظهر الواقع العملي بالأخذ بسياسة
التجريم والعقاب بصورة مجردة واستخدام المشرع الجنائي السلاح العقابي
لمواجهة الكثير من الأنماط المستخدمة في السلوك الإجرامي، وعيوب هذه
السياسة المتمثلة بتضخيم العقاب وتزايد أعداد القضايا الجنائية والمتطورة لدى
المحاكم بشكل بات يهددها بالشلل ويجعل في تحقيق العدالة الآمنة أمرًا عسيرًا
ويحتاج إلى أمد بعيد.
ولذا وجب البحث عن بدائل للدعوى الجنائية واتباع إجراءات جنائية
مبسطة وسريعة، ويقصد بهذه السياسة هي سياسة الحد في التجريم ورفع
وصف التجريم عن بعض أنواع السلوك بحيث تصبح أفعا ً لا وتصرفات
مشروعة، وتعني هذه السياسة إخراج بعض أنواع السلوك من دائرة العقاب
وإدخالها في دائرة القانون الإداري أو المدنى بحيث يتقرر لها جزاء غير جنائي
سواء كان هذا الجزاء إداريًا أو مدنيًا.
وتأسيسًا على ما سبق نشأ ما يعرف بنظام الصلح الجنائي كأحد هذه
البدائل، بهدف التخفيف عن كاهل القضاء من خلال ما يترتب عليه من انقضاء
الدعوى الجنائية الناشئة عن الجريمة محل الصلح بإجراءات مبسطة وواضحة
تؤدي إلى سرعة الفصل فيها بغير طريق الإجراءات الجنائية التقليدية.
وكذلك الحال فقد ظهر أثره من الناحية الاقتصادية وذلك بمساعدة المتهم
بالتخفيف عليه من مصاريف ونفقات الدعوى الجنائية من ناحية، وحماية
المصلحة الاقتصادية للدولة بتجنبها النفقات الباهظة التي تستغرقها إجراءات
نظر الدعوى بالطرق التقليدية.
فقد أظهرت السنوات الأخيرة في دول عدة عن زيادة ضخمة ومضطردة
في عدد القضايا الجنائية مما أدى إلى إرهاق القضاة، وتعقيد سير إجراءات
الدعاوى الجنائية، مما أوجب على المشرع التدخل وبسرعة سعيًا لتخفيف هذا
العبء وأن يوضع علاج لهذه المشكلة وأن يضع نصب عينيه دفع الضرر عن
سياق المحاكمات الجنائية لتحقيق عدالة ناجزة وسريعة وجلب اليسر للمحاكم
وتخفيفًا عن القضاة وأن يقرب العدل لمستحقيه، فاستجاب المشرع بما هو مقرر
في التشريعات المقارنة من إباحة الصلح في كثير من الجرائم فسار المشرع
المصري في نفس هذه الاتجاهات وأضاف المادة ١٨ مكررًا ”أ” و ١٨ مكررًا
والمتعلقتين بالصلح والتصالح الجنائي إلى قانون الإجراءات الجنائية بالقانون
. رقم ١٧٤ لسنة ١٩٩٨
غير أن الصلح الجنائي لم يأ  ت لتحقيق هذه الاعتبارات العلمية فحسب بل
له غايات أخرى تقوم إلى جانب هذه الاعتبارات،تولدت عن نظام الصلح
الجنائي، فقد ظهر أثره على الناحية الاجتماعية في امتصاص رد الفعل
الاجتماعي، فإن التوصل إلى وقف النزاعات وتلافي استمرارها يكون له آثار
أفضل على السلم الاجتماعية والعلاقات الإنسانية عموما إلى جانب أن الاتفاق
الصلحي حال التوصل إليه يشكل علا  جا أسرع وأنجح من الطرق القانونية
الكلاسيكية الأخرى للقضاء على الخلاف القائم بين الأطراف في النزاع.
وكون ذلك لم يف بالغرض فلم يقف المشرع عند هذا الحد بل استجاب
لما هو مقرر ووسع من نطاق تطبيق الصلح وقام بتعديل المادة ١٨ مكررًا ”أ”
والخاصة بالصلح الجنائي بالقانون رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦ م.
بينما أغفل القانون الليبي الإشارة إلى الصلح الذي يتم بين الجاني
والمجني عليه وأورد ذلك في مشروع قانون العقوبات في نص المادة ٩٠ منه،
١١١ من قانون العقوبات - أما النوع الثاني فنص عليه في المادتين ١١٠
الليبي.
وتنطلق أهمية دراسة هذا الموضوع في أنه إضافة هامة للقانون الجنائي،
وأن ما دفعنا إلى معالجة هذا الموضوع هو اتجاه معظم التشريعات الحديثة في
القانون الجنائي على الأخذ بهذا النظام، والتوسع فيه وذلك عن طريق الإكثار
من عدد الجرائم التي يجوز فيها الصلح الأمر الذي ساهم في تخفيف العبء عن
كاهل الجهاز القضائي وهو يتفق مع الاتجاهات الحديثة في السياسة الجنائية،
ويعد بالتالي الصلح الجنائي من أهم محاور العدالة الرضائية أو التفاوضية مع
تطورات عميقة طرأت على القانون الجنائي بشقيه الموضوعي والإجرائي،فمن
الناحية الموضوعية لم يعد الهدف من العقوبة في قانون العقوبات مجرد تحقيق
الردع في نفوس الأفراد بل أصبح إصلاح الجاني، تعويض المجني عليه الهدف
الأكبر الذي يسعى قانون العقوبات إلى تحقيقه من وراء فرض العقوبة.
ومن منطلق الرغبة في تحقيق الوئام المجتمعي كان لهذا الموضوع له
أهمية كبيرة تعود بالنفع لطرفي الجريمة فهو يحقق الود والوئام والتسامح بين
طرفي الجريمة الذي تعجز التشريعات التي تأخذ بهذا النظام من تحقيقه، حيث
إن الجريمة تحدث في بعض الأحيان في نفس المجني عليه ألمًا ورغبة جامعة
في الانتقام من مرتكبها، وكما أن الصلح الجنائي يؤدي إلى غل يد النيابة العامة
عن رفع الدعوى الجنائية، ويجعل رفعها من عدمه متوقفًا على غير إرادتهاوإنما على إرادة المجني عليه، فيبرز دوره في إنهاء الدعوى الجنائية لكونه
ينصب على مجموعة من الجنح تعتبر غاية الأهمية لانتشارها وتفشيها في
المجتمع كجريمة القتل الخطأ أو الجرح أو الضرب العمدي والخطأ أو الحريق
بإهمال كما أنه إنكار دور المجني عليه في الدعوى الجنائية بالنسبة للجرائم التي
يوجد فيها مجني عليه وضع يتنافى وطبائع الأمور.
وقد تجلى الصلح الجنائي كواحد من أهم محاور العدالة الرضائية أو
التفاوضية في الإجراءات الجنائية ويبدو مصطلح العدالة الجنائية الرضائية أو
التفاوضية كأحد الأفكار الجديدة في السياسة الجنائية، وقد تزامن ظهوره مع
العديد من التطورات التي طرأت على القانون الجنائي بشقيه الموضوعي
والإجرائي.
فمن الناحية الموضوعية، يتجه قانون العقوبات إلى التخلي عن صبغته
الموضوعية التقليدية التي تدور حول السلوك الإجرامي في ذاته والعقوبة الهادفة
إلى تحقيق الردع في نفوس الأفراد، فيبدو أكثر تقب ً لا لاعتناق نظرية تجعل من
إصلاح الجاني وتعويض المجني عليه هدفًا أساسيًا يسعى قانون العقوبات إلى
تحقيقه.
أما من الناحية الإجرائية فقد تغير مسار الإجراءات الجنائية بشكل
تدريجي من النظام التنقيبي إلى النظام الاتهامي، ما حدا إلى تزايد دور الخصوم
– سواء النيابة العامة أو المتهم – في إدارة الدعوى الجنائية، وعلى ذلك تعاظم
دور المجني عليه الذي لم يعد طرفًا منسيًا في الإجراءات الجنائية وأنما أصبح
يحتل المكانة الكبرى والتي قد لا تقل أهمية عن تلك المقررة لسلطة الاتهام.
ولما له من دور في سرع إنهاء الدعوى الجنائية وتبسيط إجراءاتها فقد
اتجهت  جل التشريعات إلى تبني نظام الصلح وإقراره في معظم قوانينها وكما
أن له دورًا في إنهاء الدعوى الجنائية، كما أشارت الهيئات والمنظمات العلميةالمعنية بمشاكل العدالة الجنائية إلى أهمية الصلح في المجال الجنائي، ودوره
ودعت إلى تبني هذا النظام باعتباره البديل الأفضل لفض المنازعات الجنائية
وإنهائها،وأشاد به كثير من الفقهاء لذا استحق هذا الموضوع أن يكون مح ً لا
للبحث.
وينصب محور هذا البحث على دراسة الصلح الجنائي ودوره في إنهاء
الدعوى الجنائية في التشريعين المصري والليبي وما اعترى النصوص
التشريعية من قصور وهل من خلالها استطاع المشرع تفادي هذا القصور،
ودراسة الصلح من خلال التشريعين المصري والليبي لايمنعنا أن نتطرق إلى
دراسة هذا الموضوع في بعض التشريعات الأخرى سواء كانت عربية أو
أجنبية كلما دعت الحاجة لذلك.
كما أن موضوع الصلح الجنائي يثير عدة إشكاليات من أبرزها تحديد
الوقت الملائم الذي يجب أن يتم فيه الصلح الجنائي وكذلك إشكالية الجرائم التي
يجوز فيها الصلح بنوعية حيث يرى البعض أن إجازة الصلح في بعض الجرائم
يتعارض مع الردع بنوعيه ومع مبدأ المساواة بين الأفراد ولا يحقق الضمانات
التي حرص القانون على توفيرها للجاني أمام القضاء الجنائي وأي  ضا الذي يجب
أن يترتب على الصلح في حالة وفاة المجني عليه أو في حالة تعدد المتهمين أو
ورثة المجني عليه وهذا الرأي في مقابل الرأي بالأخذ بالصلح الجنائي كأولوية
قبل البدء في إجراءات الدعوى الجنائية لما يتميز به من يسر في إجراءاته
وسرعة في إنهاء الدعوى وتخفيف الأعباء، إضافة إلى ما يثيره نص المادة
١١٠ من قانون العقوبات الليبي من إشكاليات حيث إنه لم يحدد المقصود بعبارة
المتهم الحاضر الواردة به كما أنه لم يبين الحكم في حالة عدم قيام محرر
المحضر بعرض الصلح على المتهم الحاضر رغم إلزامه بذلك من قبل المشرع
أو المحكمة إذا أغفل محرر المحضر عرضه وغيرها من الإشكالياتوالتساؤلات التي سنحاول أن نجيب عليها من خلال توضيح ”دور الصلح في
إنهاء الدعوى الجنائية”.
وفي الختام يهدف هذا البحث إلى دراسة الصلح الجنائي من خلال
التطرق إلى ماهيته وبيان الطبيعة القانونية وأساس مشروعيته ومقارنته مع
الأنظمة القانونية المشابهة وكذلك الحال شروط الصلح الجنائي وآثاره وبيان
مدى تطبيقات الصلح الجنائي في التشريعات الجنائية المقارنة وبيان أوجه الشبه
والاختلاف بينها، وكما هو الحال فإن الدراسة وصلت إلى بعض النتائج المهمة،
إضافة إلى بيان أوجه القصور التي اعترت نظام الصلح، مع إعطاء بعض
التوصيات التي رأينا أن لها أهمية في تفعيل نظام الصلح الجنائي ولما له من
دور في إنهاء الدعوى الجنائية.