Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الرقابة المالية والإدارية ودورها في الحد من الفساد الإداري :
المؤلف
صبيح، أحمد مصطفى أحمد.
هيئة الاعداد
باحث / أحمد مصطفى أحمد صبيح
مشرف / عمر حلمي فهمي محمد
مشرف / ربيع أنور فتح الباب
مناقش / محمد أنس قاسم جعفر
مناقش / عمر حلمي فهمي محمد
مناقش / ربيع أنور فتح الباب
مناقش / محمد سعيد حسين أمين
الموضوع
القانون العام.
تاريخ النشر
2014.
عدد الصفحات
739 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2014
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 739

from 739

المستخلص

إن ظاهرة الفساد تتواجد في مختلف المجتمعات وهي ظاهرة ملازمة لبني البشر وبدأت منذ خلق آدم وذلك نظراً لمرجعيتها وارتباطها بعوامل متعددة تولد مع مولد الإنسان.
فنجد أن كل مجتمع من المجتمعات توجد مجموعة يتسم مسلكهم بالجنوح عن القواعد والأعراف وما أوصت به الشرائع السماوية من أجل الوصول إلى غاية تحقق الإشباع لما تشتهيه النفس البشرية، وحيث أن الجهاز الإداري للدولة يُعد الدعامة الأساسية التي تقوم عليها جهود التنمية الشاملة وإعادة البناء، فهو الأداة التي يستطيع النظام السياسي في الدولة أن يتغلغل في المجتمع من خلاله لتطبيق السياسات والخطط المتفق عليها كأساس للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفي سبيل قيام هذا الجهاز بدوره هذا كان لابد أن يزود بكثير من السلطات وكان من الضروري أن يخضع لرقابة متكاملة تكفل حُسن قيامه بأعماله والتزامه بما هو محدد له من أهداف. والرقابة في حد ذاتها ليست وليدة نظم الدولة الحديثة، بل هي ظاهرة تلازم تجمع الأفراد، وترجع نشأتها إلى نشأة الدولة وملكيتها للمال العام وإدارته نيابة عن الشعب. ومن ضمن أركان الدولة الحديثة الرقابة المالية والإدارية التي تحتل مكاناً هاماً بين التخطيط والتنظيم والتوجيه ويرتبط كل منها بالآخر ارتباطاً وثيقاً.
والفساد موجود في كافة القطاعات الحكومية منها والخاصة ولا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات قديمها وحديثها من مظاهر الفساد الإداري. فالحديث عن الفساد لا يخص مجتمعاً بعينه أو دولة بذاتها وإنما هو ظاهرة عالمية تشكو منها كل الدول لما له من خطر على الأمن الاجتماعي والنمو الاقتصادي والأداء الإداري، وتعد البيروقراطية، والتعقيد الإداري الذي يسيطر على دولاب إنجاز مصالحهم في أقل وقت ممكن، كما أن ضعف آليات المساءلة والشفافية للموظف العام يعتبر سبباً رئيسياً وراء ارتفاع معدلات الفساد في الجهاز الإداري للدولة.
لقد أصبح موضوع الفساد هو الشغل الشاغل لكل مصري، خصوصاً بعد ثورة 25 يناير، ولم يُعد الحديث عن الفساد مقصوراً على طبقة من المثقفين والصحفيين وغيرهم من المهتمين بالشأن العام، بل أصبح الموضوع محل نقاش العامة والخاصة على السواء.
وتمثل قضية الفساد في وقتنا الحاضر إحدى القضايا الهامة التي لاقت اهتماماً متزايداً من جميع دول العالم، فالفساد ظاهرة عالمية تنتشر في جميع الدول ولا يوجد فرق في هذا الشأن بين الدول المتقدمة والدول النامية، حيث ينتشر الفساد في كل منها، إلا أنه يمارس على نطاق واسع في الدول النامية، كذلك لا توجد منظمة من المنظمات سواء كانت عامة أو خاصة إلا ويمارس بها قدر من الفساد، يتسع مداه أو يضيق حسب قوة أو ضعف نظم الرقابة الداخلية المطبقة في هذه المنظمات، فعندما تكون نظم الرقابة الداخلية المطبقة في أي منظمة من المنظمات ضعيفة، فإن الفساد يتعايش معها في اتحاد وثيق، ويتغذى على نقاط الضعف فيهان ويتسرب داخل فجواتها، ويستند إلى آليات وقيم هذه النظم ذاتها. لهذا يجب إعادة النظر في هذه النظم وإعادة تصميمها بالصورة التي تمنع أو تحد من حدوث الممارسات الفاسدة التي تتغذى على ثغراتها.
وتهدف هذه الدراسة إلى بيان دور الأجهزة الرقابية في مكافحة الفساد، حيث بينت الدراسة أن هذه الأجهزة يمكن أن يكون لها دور رئيسي ومهم إذا توافرت لدى هذه الأجهزة المبادئ الأساسية والمقومات الرئيسية التي تسهم في الرقابة الفعالة للحد من الفساد وتشتمل على الاستقلال التنظيمي والمالي والإداري للأجهزة الرقابية، واستقلالية رؤساء هذه الأجهزة ومنحها صلاحيات واسعة كافية وحرية التصرف التامة في أداء مهامها وتوافر الموارد البشرية والمادية والنقدية المناسبة وحرية تحديد محتوى تقارير الرقابة وتوقيتها ونشرها وتوزيعها والوصول غير المقيد للمعلومات والبيانات، وتفعيل التشريعات الرقابية لتواكب التقدم المستمر في المجالات المالية والإدارية والاقتصادية ومعالجة القصور فيها بما يحقق حسن استخدام المال العام والمحافظة عليه من الاختلاس والتلاعب، ووضع الوسائل التي تكفل سرعة البت في قضايا الفساد من خلال النص على إنهاء قضايا الفساد بمدة مناسبة، وتحديث نظم الرقابة الداخلية والضبط الداخلي.
لقد أشارت تقارير منظمة الشفافية العالمية إلى أن الجهود المبذولة لمحاربة الفساد لم تكن كافية ولم تكن فاعلة وذلك لتنوع أساليبه وتشعبها والقدرة على إخفاء تلك الممارسات، من أجل ذلك حرصت الدراسة على كشف الأساليب القديمة والمحدثة التي يتبعها الفاسدون والمفسدون وكيفية كشفها ومواجهتها حيث تلعب الرقابة المالية والإدارية – أجهزة وتقنيات – دوراً محورياً في كشف هذه الممارسات والحد منها إذا توافرت ا لإرادة السياسية والتشريعية الرادعة.
لقد زادت أهمية الرقابة سواء على الأجهزة أو التقنيات بسبب بعض الممارسات التي تتجاوز القانون والأعراف والقيم التي كانت تحكم سلوك العاملين بالحكومة والمؤسسات العامة والخاصة مثل الرشاوي والعمولات والمحاباة وغيرها. وتكبر هذه الممارسات كلما ابتعدت المجتمعات عن القيم الدينية والأخلاق الحميدة، كما أنها تزداد حجماً وأثراً كلما مرت المجتمعات ودولها بظروف اقتصادية صعبة كما هو الحال في ظروف الحروب والحصار الاقتصادي والمشكلة ليست في حصولها فحسب وإنما في عدم التصدي لها من الدولة وأجهزتها المتخصصة بشكل علمي وسريع للحد مها.
مما يتحتم معه الاهتمام بالرقابة علماً وممارسة والعمل على تطوير أدواتها وأساليبها لتكون في مستوى التحدي الذي تفرضه الظروف المستجدة، كما يفرض هذا على المسئولين سواء الماليين أو الإداريين ملاحقة التطورات السريعة والمتلاحقة والبحث عن أساليب تمكنهم من حل هذه المشاكل المعقدة والحساسة وتقديم نتائج أعمالهم بصورة مقنعة ومحايدة ودقيقة للمسئولين عن اتخاذ القرار بصورة تعزز من الشفافية والمسائلة ووفاء لمتطلبات قواعد الحكم الرشيد.
ومن منطلق أهمية الرقابة المالية والإدارية في الحد من الفساد الإداري فقد تم معالجة الدراسة من خلال الآتي:
أولاً :
الرجوع إلى الجذور التاريخية لكل من الفساد بأنواعه المتعددة خاصة المالي والإداري وكذا الوظيفة الرقابية بأنواعها.
ثانياً :
اعتماد المنهج المقارن لدراسة أساليب تطبيق الرقابة المالية والإدارية في عدد مختار من الدول الأخرى وهي فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
ثالثاً :
تشخيص المشكلة القائمة ”الفساد المالي والإداري” في مصر والحجم التي هي عليه الآن ومستقبلها، واقتراح سُبل معالجتها للحد منها ومن ثم القضاء عليها تماماً.
لذلك تأتي أهمية الدراسة من أهمية التصدي لظاهرة الفساد الإداري وجوانبها المالية والإدارية وتقليل آثارها الضارة على المجتمع والاقتصاد الوطني.
وانسجاماً مع ما سبق فقد قسمت الدراسة إلى أبواب ثلاثة تناولت في الباب الأول الفساد الإداري والباب الثاني الرقابة المالية والإدارية والباب الثالث أهم التطبيقات في الرقابة المالية والإدارية وأسباب قصورها وحالة السرية التي تحيط بنشاط أعمال الإدارة، وحظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة وتقييم رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية ثم الخاتمة والنتائج والتوصيات.
وأهم ما توصلت إليه الدراسة من نتائجها نجملها في عدة نقاط كما يلي :
1- أن الفساد ظاهرة عالمية، تنتشر في جميع أنحاء الدول سواء المتقدمة منها أو المتخلفة، إلا أنه يُمارس على نطاق واسع في الدول المتخلفة.
2- يتواجد الفساد في وحدات القطاع الحكومي بصورة أكبر منها بالمقارنة مع الوحدات الأخرى في باقي القطاعات نظراً للطبيعة الخاصة به.
3- إن مصطلح الفساد في القطاع الحكومي يشير بصفة عامة على سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق منافع خاصة وقد يأخذ الفساد في الوحدات الإدارية الحكومية أحد الأشكال التالية: (أ) تعارض المصالح وتقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة (ب) الرشوة (ج) المنح غير القانونية (د) الابتزاز المالي أو المتاجرة بالنفوذ (هـ) إساءة استغلال الوظائف (و) الإثراء غير المشروع ”التربح من الوظيفة” (ز) الاختلاس.
4- السبب الرئيسي لحدوث الفساد في الوحدات الإدارية الحكومية يتمثل في قصور نظم الرقابة الداخلية في هذه الوحدات وعدم فعاليتها.
5- يؤدي الفساد إلى زيادة عجز الموازنة العامة للدولة، فالفساد يكلف الدولة ملايين الدولارات سنوياً ويؤدي إلى ارتفاع تكلفة الخدمات التي تحتاجها الدولة بالإضافة إلى إعاقة عملية النمو والتنمية الاقتصادية وتقليل فرص الاستثمار المحلي والأجنبي وإهدار المال العام وزيادة النفقات على حساب الإيرادات.
6- التداخل بين اختصاصات الأجهزة الرقابية يعطي فرصة أكبر لنمو الفساد وتوغله لنشوء حالة من حالات الاتكالية بين الأجهزة الرقابية.
7- عدم كفاية الموارد المادية والبشرية لبعض الجهات الرقابية وضعف الرقابة البرلمانية والمجالس الشعبية المحلية يؤدي إلى زيادة الفساد.
8- الرقابة المالية بصورها المختلفة تحتاج إلى تطوير يتماشى مع تحديث نظم الرقابة المالية في كافة الدول.
9- عجز الجهاز المركزي للمحاسبات عن التصدي لوقائع الفساد بسبب قصور قانون الجهاز بعدم احتوائه على النصوص التي تكفل تنفيذ توصيات الجهاز فيما يتكشف له من مخالفات بالجهات الخاضعة لرقابته وبعدم احتوائه على النصوص التي تتيح للجهاز الحق في تقديم المسئولين عن تلك المخالفات إلى العدالة.
10- تعدد الأجهزة الرقابية وتداخل اختصاصاتها يؤثر على مواجهة الفساد في مصر ويمثل إهداراً للوقت وللمال العام ويسبب تناقضات لا حصر لها.
11- طول الفترة الزمنية التي يستغرقها التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد الإداري مما يضعف من قوة الردع.
ووفقاً للهدف من الدراسة وما انتهت إليه من نتائج يوصى الباحث بضرورة وضع إستراتيجية قومية طويلة الأجل لمكافحة جميع أشكال الفساد وإنشاء محاكم خاصة لجرائمه لضمان سرعة التقاضي مع وجوب إخطار الأجهزة الرقابية بنتائج التحقيقات وتخويلها حق التظلم في حالة حفظها والطعن عليها، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية واستقلاليتها وضرورة تفعيل دور الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني من محاربة الإفساد والمفسدين ونشر الوعي التثقيفي للمجتمع بتقبيح الفساد والإعلان عن مرتكبيه مع تحفيز الموظفين الشرفاء ودعمهم مادياً ومعنوياً.
إن المناخ الذي تعيشه مصر الآن يستوجب البحث عن أهل الأمانة في تولي المناصب وضرورة بذل الجهود لاسترداد الأموال المنهوبة، ولابد من تجفيف منابع الفساد المتمثلة في البطالة والتضخم والفقر والظلم الاجتماعي بوضع إستراتيجية لمكافحتهما يتعاون في تنفيذها كافة مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والأعلام.
أيضاً لابد من الإصلاح الإداري للقطاع الحكومي لتحقيق العدالة الاجتماعية ووضع حد أدنى للأجور يضمن حياة كريمة وذلك بتعديل قانون العاملين المدنيين بالدولة وتضمينه أسس أكثر موضوعية للتعيين والترقية وإيجاد نظام للحوافز المالية بحيث يتناسب الحافز مع الجهد المبذول ولا يساوي بين جميع العاملين بغض النظر عن كفاءتهم كما هو الوضع الحالي. أيضاً تفعيل نظم الرقابة الداخلية في الوحدات الإدارية للحد من الممارسات الفاسدة ولابد من تحديد الاختصاصات والمسئوليات بشكل دقيق ومحاربة الواسطة والمحسوبية وتوريث الوظائف، وتطوير أنظمة الموازنة الحكومية لتحديث المنظومة الرقابية وحماية المال العام والمشتريات الحكومية لتصبح قائمة على الشفافية والتنافس وتعزيز حوكمة الشركات كأحد وسائل مكافحة الفساد وتحقيق الانضباط المالي والإداري والاعتماد على تكنولوجيا المعلومات وتحديث البيئة الرقابية، وتوفير الموارد اللازمة للأجهزة الرقابية، ومراعاة المعايير الدولية لمكافحة الفساد عند إصدار تشريعات الأجهزة الرقابية.