![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص يتضح لنا أن قانون الإجراءات الجنايية يهدف بوجه عام إلى حماية المصلحة الاجتماعية من خلال تنظيمه لإجراءات كشف الحقيقة وإقرار سلطة الدولة في العقاب، وبواسطة الضمانات التي يقررها يحمى حرية المتهم التي قد تتعرض للخطر من جراء انتهاك هذه الإجراءات، فاعتبارات تفعيل العدالة تقتضى ترشيد الإجراءات، فالقضاء حين يمنح القاعدة القانونية الحياة، وينزل جزاءات على مخالفتها، ليس له من سبيل في ذلك إلا على جناح قاعدة إجرايية تحمل المتقاضين إلى هذا المحراب في يسر، فالحماية البطيية للحق قد تتساوى مع الحماية العقيمة، ولذلك ينبغى أن يتجرد المشرع من المغالاة في استخدام إجراءات متعددة وصولاً به إلى جزاءات متنوعة، قاصداً نفس النتيجة والتي كان من الممكن الوصول إليها بأقل عدد ممكن من الإجراءات. وإذا كانت اعتبارات تفعيل العدالة تقتضى الترشيد الإجرايي، فإنها تستلزم في الوقت ذاته عدم الافراط في تقرير الجزاءات الإجرايية، وتشكيل آليات إعمالها على نحو يسهل تفاديها، وذلك كأن يترك المشرع مثلاً الحكم بالجزاء الإجرايي في بعض الأحوال لمطلق تقدير القاضى مسترشداً بظروف كل قضية على حدة، وبحسب ما يتبينه من جسامة الخطأ الإجرايي، أو كأن يطلق للقاضى سلطة تقديرية في عدم الحكم بالبطلان رغم النص عليه قانون اً، إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء، وكأن يحرص على تفادى الحكم بالبطلان باجازه تصحيحية متى كان ذلك ممكن اً. فالجزاء الإجرايي بوصفة أحد مظاهر الطبيعة الإجرايية الجنايية، يعتبر أداة الرقابة العقابية على الإجراءات الجنايية حماية للحرية الشخصية، حيث تعتمد تلك الرقابة على سلطة القضاء في إلغاء الإجراء المخالف للقانون، ويتمثل هذا الإلغاء في الجزاء الإجرايي الذى يرد على هذا الإجراء فيهدر آثاره القانونية، وبدون ذلك تصبح الرقابة عديمة الجدوى، ذلك أن هذا الجزاء يعبر عن الطبيعة الإلزامية للقاعدة القانونية الإجرايية، والقضاء في توقيعه لهذا الجزاء يمنح هذه القاعدة فعاليتها وقوتها، تلك هى وظيفة السلطة القضايية منح الفعالية لقواعد القانون التي تضعها السلطة التشريعية. |