الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص فيكاد يجمع الباحثون على أن الشعر الحر من بين أهم الظواهر الأدبية في تاريخ الأدب العربي الحديث ، وأنه كان ثورة على نظام القصيدة العربية تجاوزت في قوتها وتأثيرها أية محاولة أخرى للخروج عن تقاليدها الراسخة في أي عصر من العصور . ومن الأسباب التي دفعتني إلى اختياري موضوع ( بناء الأسلوب في شعر التفعيلة الليبي في النصف الثاني من القرن العشرين ) ما يأتي :- أ- إن الأدب الليبي يكاد يكون غير حاضر ضمن الأدب العربي عامة ، إذ قلما تذكر أسماء الأدباء الليبيين على كثرتهم ، وتنوع نتاجهم ، وقد يكون مرد ذلك إلى عدم وضع دراسة شاملة تعرف بهذا الأدب ، أو بشعره واتجاهاته ، وقضاياه وأعلام شعرائه ، حتى تكتمل به حلقة التأريخ للأدب العربي ككل . ب- عزوف أغلب الدارسين في بلدي عن الأدب الليبي ، والاتجاه إلى دراسة الأدب العربي في شتى عصوره ، وعلى الرغم من أن الباحث لا يقلل من قيمة اختياراتهم ، إلا أنه يرى ضرورة الاهتمام بأدب البلاد ـ ليس عن تعصب ، ولكن عن ولاء ـ خاصة وأن فيها ما يحتاج إلى إماطة اللثام ، وفي ذلك تكريم من الباحثين لروادهم ورموزهم ، مما يشعرهم بالاحتفاء بهم . ولقد اعتمدت في دراستي على مصادر عدة ، منها المنشور ، والذي لم ينشر من دواوين الشعراء الليبيين ، التي كانت مصدري الأول ، وعليها اعتمد البحث ، فضلاً عن مصادر أخرى ، وعدد من المراجع والدراسات ، التي أفادت البحث بشكل عام ، وأنارت سبيلي فيما أقصد إليه ومنها : - كتاب بناء الأسلوب في شعر الحداثة ، التكوين البديعي ، للدكتور محمد عبد المطلب. - كتاب الشعر والشعراء في ليبيا ، لمحمد صادق عفيفي . - كتاب الحياة الأدبية في ليبيا ( قسم الشعر ) لطه الحاجري . - كتاب قراعات أسلوبية في الشعر الحديث ، للدكتور محمد عبد المطلب . - اطروحة الدكتوراه المقدمة من الدكتور إبراهيم أبو تبر ، والمعنونة بـ ( الحركة الشعرية الحديثة في ليبيا في النصف الثاني من القرن العشرين ) ، إضافة إلى كتب النقد والدراسات الأدبية التي تبحث في الأدب الليبي بوجه خاص ، والأدب العربي بوجه عام. كما كان للعدد الكبير جداً من الصحف والدوريات ، التي حوت دراسات ومقالات عن الشعر الليبي وعدد من شعرائه ، علماً بأن هذه الصحف والدوريات كانت متفرقة ، وقمت بجمعها من مضانها ، وتطلب مني ذلك جهداً كثيراً ، وصبراً طويلاً، لا سيما أن ظروف بلادي كانت نوعية بسبب الحرب ، مما حال بيني وبين السفر والتنقل ، في كثير من الأحيان ، ولكن الله سلّم . ومن بين الصعوبات التي اعترضتني أثناء الدراسة ، هي حالة الحرب والاقتتال وانفلات الأوضاع الأمنية ، وغياب الخدمات اللازمة كالكهرباء ، التي كانت غائبة بشكل شبه دائم ، وأيضاً انقطاع التواصل والاتصال مع مراكز البحث ، والمكتبات الجامعية ، ودور الثقافة بسبب ما أسلفت ذكره ، ولعل من أبرز المعوقات التي واجهتني هي اعتقالي أيام الثورة ، وإحراق مركبتي الآلية (سيارتي) بكل ما فيها . - أيضاً وجدت صعوبة في غالب الأحيان في الحصول على الدواوين الخاصة بالشعراء المستهدفين بالدراسة ، لنُدرة تداولها في الأسواق والمكتبات العامة ، الأمر الذي حملني على النسخ والتصوير ، أكثر من اقتناء المصادر والمراجع في شكلها الأصلي ، ولا أخفي تقديري وشكري لعدد من الشخصيات الوطنية في عدد من مناطق ليبيا ، الذين قدروا ظروفي ، وعاشوا معاناتي ومحنتي ، فسهلوا لي الكثير من الأمور والمتطلبات . - اتساع الرقعة الجغرافية لبلدي ، بحيث تطلب مني البحث الانتقال كثيراً لجمع المعلومات ، ولقاء الشعراء ، فسافرت إلى طبرق أقصى شرق ليبيا، ثم إلى العاصمة طرابلس ، ومنها إلى سبها في الجنوب وما جاورها ، مروراً بمصراتة ، وبنغازي والمرج ، ودرنة ، والبيضاء ، وشحات ، والقبة ، وإجدابيا، وغيرها من المدن والقرى ، وكنت أجد بعض الشعراء خارج البلد ، لظروف خاصة ، فسعيت إلى التواصل معهم رغم حالة الخوف التي كانت عنوان المرحلة بسبب الحرب وظروفها . وبعد أن ذُللت بفضل الله تعالى المصاعب ، واتضحت بين يدي معالم البحث ، قمت باتباع المنهج الذي يناسب تصوري للموضوع ، والذي كان يجمع بين الوصف والتحليل ، فهو في جانب منه يسعى إلى العرض التاريخي ، وفي جوانب كثيرة منه يقف عند التحليل والسعي إلى تركيب الخلاصات والتصورات والنتائج ، فجعلته في مبحث تمهيدي ، وثلاثة فصول ، وخاتمة . تناول المبحث التمهيدي مدخلاً إلى الشعر الليبي ، تتبعت فيه ـ بإيجاز ـ أهم المراحل والأطوار التي مر بها الأدب في ليبيا ، مبرزاً أهم سمات كل مرحلة من مراحله الثلاث ، وهي : مرحلة العهد العثماني ، ومرحلة الاحتلال الإيطالي ، ومرحلة التحرر ، في دراسة تأريخية لهذه المراحل . ويدرس الفصل الأول اللغة الشعرية ، مسلطاً الضوء على مكونات معجم شعراء التفعيلة اللغوي ، للتعرف على منابع الثقافة التي نهلوا منها ألفاظهم ، وصاغوا عن طريقها عباراتهم ، ومن أبرزها : القرآن الكريم ، الحديث الشريف ، الموروث الأدبي القديم ، لغة الحياة اليومية والمعاصرة ، الألفاظ الدخيلة والمستحدثة ، الألفاظ الأجنبية الموروثات الشعبية ، توظيف الأسطورة ، كل ذلك بعد توطئة تتحدث عن اللغة وأثرها في بنية القصيدة . وتناول البحث في فصله الثاني المهارات الأسلوبية ، والتقنيات الشعرية من خلال الحديث عن الأساليب التي تآزرت مكونة نسيجاً فنياً ومنها : التكرار بأنواعه ، الحذف ، والقطع ، أدوات الاستفهام والنداء ، والظواهر التركيبية : التقديم والتأخير الحذف بأنواعه ، الضمير ، إلغاء أدوات الربط . ويقوم الفصل الثالث على دراسة البناء التصويري ، ببيان أهمية الصورة ودورها في البناء الشعري لدى شعراء التفعيلة ، والتعريف بمصادرها وأنماطها البلاغية من تشبيه واستعارة ، وكناية ، وأهم مصادر تكوين الصورة عندهم . ثم يصل البحث إلى نهايته بخاتمة تلخص أهم نتائج الدراسة ، ثم بذكر قائمة المصادر والمراجع . |