Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
العلاقات المصرية العراقية
1922 – 1952\
الناشر
جامعة عين شمس .
المؤلف
حسن،أسماء محمد محمود على.
هيئة الاعداد
مشرف / يونان لبيب رزق
مشرف / عايدة السيد إبراهيم سليمة
مناقش / زين العابدين شمس الدين نجم
باحث / أسماء محمد محمود على
الموضوع
العلاقات السياسية. العراق. مصر.
تاريخ النشر
2012
عدد الصفحات
ص.:384
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2012
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 383

from 383

المستخلص

لما كانت العراق تعتبر منذ القدم القوة الثانية بعد مصر في المنطقة العربية وكانت العلاقات بينهما تتسم بالتنافس منذ أن كانا يمثلان المحورين الأساسيين فى الممر التجاري فى الشرق الأوسط، فقد ظلت تلك السمة تسيطر على العلاقات بينهما حتى بعد أن أصبح لكل منهما كيان سياسي شبه مستقل تحت النفوذ البريطاني، لمزاحمتهما لبعضهما البعض على زعامة الشرق العربي وذلك من خلال طرحهما لعدة مشاريع سياسية يمكن أن تحقق لهما ذلك بداية من تبنى مصر الدعوة لفكرة إحياء الخلافة مما يكسبها مركزًا روحانيًا وسياسيًا وربط الدول العربية والشرقية برباط دينى الأمر الذي رأت فيه العراق تأكيدًا على زعامة مصر على البلاد الإسلامية بما فيها العراق، فرد العراق على ذلك بأنه تعمد الاتصال بالقوى السياسية المناهضة بالداخل لعودة فكرة الخلافة كفكرة سياسية على يد «الملك فؤاد»، ثم نجاح الوفد العراقى الممثل فى مؤتمر الخلافة (1926) - وبتأييد من الوفود المشاركة - فى تغيير وجه المؤتمر من البيعة لفؤاد كخليفة للمسلمين إلى اقتصار مهمته على مباحث فقهية متصلة بالخلافة والخليفة، باعتبار أن هيئة المؤتمر ليست من شأنها معالجة تلك المسألة التى تعد من اختصاص السياسيين فى الدول الإسلامية، وأخيرًا تبنى العراق فكرة إقامة رابطة عربية على أساس قومى وليس دينى.
ولم يختلف موقف العراق الرافض لإحياء فكرة الخلافة الإسلامية على يد «الملك فاروق» عام 1938 عما كان عليه عام 1926، لأنه سيتيح لمصر أن تلعب دورًا عظيمًا بالاتجاه إلى الشرق العربى مما يمكنها أن تمارس نفوذًا له وزنه فى آسيا، مما أسهم فى إخراج مصر من دائرة اهتماماتها الإسلامية إلى دائرة اهتماماتها العربية ذلك الاهتمام الذى غلب عليه بالدرجة الأولى الشعور القومى المصرى أكثر من الشعور القومى العربى، بعد أن فهم «الملك فاروق» أنه يسبح ضد تيار الزمن بأن يعيد إلى الحياة نظامًا إسلاميًا بطل العمل به، ومع ذلك فلقد بقى حلم وحيد، أقل طموحًا، لكنه لا يخلو من تحقيق هدفه وهو أن يكون على رأس العالم العربى مما يزيد من قوة مصر ومكانتها ونفوذها، ليدخل «فاروق» بمصر فى حرب باردة مع العراق لتنافسهما على زعامة تلك المنطقة التى تعد المجال الحيوى له، وبالتالى سيحول ذلك دون إقامة المملكة العربية التى كانت تراود أحلام الهاشميين فى العراق.
وعندما طرح العراق مشروع تكبير كيانه السياسى فى شكل الهلال الخصيب الذى تعمد تجاهل مستقبل مصر السياسى والاقتصادى ونقل مركز الثقل فى المنطقة العربية من القاهرة إلى بغداد وبالتالى يتحقق للعراق الترجيح السياسى والجغرافى على مصر وعزلهــا عن المجمـوعة العربية وإلقائها فى قوقعة إفريقيا
وربط مقدرات دول الهلال الخصيب بعجلة المصالح البريطانية، عندئذ تبنت مصر مشروع إنشاء «جامعة الدول العربية» على أساس احتفاظ كل دولة بسيادتها واستقلالها، وتبع ذلك ظهور معالم محورين سياسيين فى الوطن العربى: محور القاهرة - دمشق - الرياض، ومحور بغداد - عمان، حتى يضطر الأردن والعراق، الدولتان الهاشميتان، إلى مسايرة الغالبية الأخرى من دول الجامعة العربية، فتسير مضطرة فى الخط السياسى العربى المستقل، ولعل هذا يفسر لنا أنه منذ بدأت مباحثات الجامعة بدأ التنافس على زعامة العالم العربى بين الأسرتين الهاشمية فى العراق والعلوية فى مصر، واستمر المحوران يلعبان دورًا مهمًا فى تطور الأحداث فى المنطقة العربية لسنوات عديدة التى لم تؤد إلى نتائج إيجابية لصالح الأمة العربية.
لم يكن هناك اختلاف جذرى بين الموقف المصرى والعراقى حول خطورة قيام دولة يهودية فى فلسطين على الكيان العربى، وإنما كانت نقطة الخلاف بينهما حول سياسة المواجهة والإجراءات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الواجب اتخاذها تجاه الخطر الصهيونى المشترك، والدول التى تسانده لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا، كما اختلفا أيضًا حول مستقبل فلسطين الأمر الذى أثر بالتالى على فاعلية القرارات الصادرة عن مجلس جامعة الدول العربية مما أثر بالسلب على القضية الفلسطينية لافتقادها لوحدة الصف العربى فى معالجتها والتى ما زالت تواجهه حتى اللحظة.
لم تكن الجامعة العربية وحرب فلسطين هما فقط ميدان الصراع والتنافس على الزعامة العربية بين مصر والعراق ولكن كانت هناك منطقة رئيسية أخرى وهى سوريا والدعوة إلى الاتحاد العراقى السورى، لذلك فإن الانقلابات العسكرية التى شهدتها سوريا كانت عاملا هامًا فى التباعد بين مصر والعراق، وإن كان العراق قد تخلى عن مشروع الهلال الخصيب (1951) وتوقف عن محاولات جر سوريا إلى الاتحاد معه إلا أن ذلك لم يكن إلا إقرارًا بالأمر الواقع، ويأتى ذلك فى إطار نجاح الدبلوماسية المصرية فى إحباط مخططات العراق.
كان لثورة 1919 المصرية تأثير غير مباشر على ثورة العشرين العراقية، كما تمثل بداية التقارب بين الحركة الوطنية فى مصر ومثيلاتها فى العراق، برغم ما فرضته بريطانيا من ستار حديدى على العلاقة بين البلدين، لأن القضية التحريرية أقوى من الحصار والفصل بينهما، فنمو العلاقات بين شعبى مصر والعراق عملية حتمية وضرورية لما يربط بينهما من مصير مشترك وروابط تاريخية ودينية وعرقية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن مصر بثقلها وتأثيرها السياسى والثقافى جعلها تلعب دور النموذج السياسى والوطنى أثناء العشرينيات وحتى بعد الحرب العالمية الثانية، فتطلعت إليها القوى الوطنية فى العراق وغيرها
من الأقطار العربية، تحدد سياستها تبعًا لها، فقد كانت بحق المرجع السياسى فى المشرق العربى حيث كانوا يرون فيها قدوة سياسية لدول المشرق ، ومن مظاهر ذلك اتخاذ العراقيين من ثورة 23 يولية 1952 كدليل لانتفاضتهم ضد العرش فى أوائل نوفمبرعام 1952 أى بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من وقوع الثورة فى مصر وكان هذا على المدى القريب، إذ لقنت الثورة المصرية الأحزاب العراقية فكرًا ثوريًا، فكانت الملهم لثورة 1958 على المدى البعيد، بمكوناتها الثلاثة السخط واليأس والأمل، والتى دكت قواعد الملكية والإقطاع إذ كانت أزمة النظام الملكى المصرى جزءًا لا يتجزأ من أزمة النظام الحاكم فى العراق.
لقد سبقت العلاقات الثقافية بين المملكتين المصرية والعراقية العلاقات السياسية فى تنمية العلاقات بين الشعبين، إذ كانت مصر على رأس الدول التى مدت العراق بالخبرات العلمية والكوادر الإدارية والفنية فى المجال الثقافى والادارى فى العراق ، الأمر الذى يمكن القول معه بأن مصر كان لها دور أساسى فى بناء العراق الحديث.
كما سبقت مصر إلى اتخاذ علاقاتها الثقافية مع العراق وسيلة من وسائلها لاحتواء العراق فكريًا فى إطار مواجهة مشاريع الوحدة العربية للأسرة الهاشمية بالعراق فى الهلال الخصيب، وتدعيمًا لزعامة مصر على المشرق العربى والتى يمكن أن نطلق عليها «دبلوماسية مصر الأدبية فى العراق»، إذ تم إرساء قواعد سياسة ثقافية مصرية ثابتة، تمثلت فى تزويد العراق بالمدرسين والمدرسات وفتح أبواب التعليم العالى والأزهر أمام طلاب العراق ليتلقوا العلوم فى المعاهد المصرية مع المساهمة ماليًا فى تسهيل تحقيق هذين الأمرين خاصة وأن العراق كانت تعانى حينذاك من ضعف الحركة العلمية واحتياجها إلى المال والمعلمين والمعلمات الذين يقومون بأعباء التعليم؛ لذلك سيلاحظ خلال الفترة محل الدراسة (1922 - 1952) أن العلاقات الثقافية المصرية العراقية كانت عرضة للتقلبات السياسية بينهما، ومن ثم تراوحها بين مد وجزر.
ارتبط تطور العلاقات الاقتصادية بين مصر والعراق بتطور مركز بريطانيا السياسى والعسكرى بهما، حيث كانت دار المندوب السامى البريطانى فيهما تنوب عن الحكومتين فى تمثيل ورعاية المصالح بينهما فى كافة المجالات؛ وذلك بمقتضى المعاهدة العراقية البريطانية الأولى عام 1922، وتصريح 28 فبراير من العام نفسه، مما أدى إلى إقامة علاقات اقتصادية غير مباشرة بين المملكتين.
تطورت الأوضاع بعد ذلك حيث نتج عن المعاهدة البريطانية العراقية الثانية فى 14 ديسمبر 1927 السماح بحرية تبادل التمثيل القنصلى بين الحكومتين المصرية والعراقية وإدارة مصالحهما التجارية المشتركة؛ مما أدى إلى إقامة علاقات اقتصادية مباشرة بينهما منذ ذلك الحين .
وعلى الرغم من وجود حركة تجارية بين مصر والعراق إلا أنها كانت تتسم بالتذبذب بين الارتفاع والانخفاض وضآلة وبطء نمو حجم وقيمة التجارة بينهما ، ويرجع ذلك إلى تشابه نمط اقتصادهما من حيث إنتاجهما للمواد الأولية والتبعية الاقتصادية لبريطانيا التى كانت تُعد أهم عميل لتجارتهما استيرادًا وتصديرًا وهيمنتها على الهياكل الاقتصادية بهما حتى نهاية الفترة محل البحث حيث كانت توجه اقتصادهما طبقا لإرادتها ، ومن جهة أخرى لارتباط تجارة مصر الخارجية بالكتلة الأوربية ، كذلك كان لتقلب العلاقات السياسية بينهما اثر واضح على علاقاتهما الاقتصادية.