Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الأسرة الثانية والعشرون :
الناشر
جامعة عين شمس .
المؤلف
محمد ،رجب عبد اللطيف محمد.
هيئة الاعداد
مشرف / محمد صالح على
مشرف / محمود عبد العال
مشرف / محمد صالح على
باحث / رجب عبد اللطيف محمد
الموضوع
الأسرة الثانية والعشرين. الشرق الأدنى القديم. العصور الفرعونية.
تاريخ النشر
2011
عدد الصفحات
ص.:320
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2011
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 320

from 320

المستخلص

لم ترﹸن هذه الدراسة إلى تناول فترة من فترات عظمة التاريخ المصرى ولكنها تهدف إلى إيضاح فترة من فترات غموض تاريخنا القديم بما فيها من قوة وضعف ، فالواقع أن هذه الأسرة تحتوى على سلسلة من المشكلات التاريخية مثيرة للبحث والتعمق فى كل منها على حدة ، خاصة أن هذه الفترة تنتمى إلى الفترات التى يحيط بها الغموض فى تاريخنا القديم زاد عليها تشابك وتعدد الآراء عند المتحدثين عنها مما يشكل أهم الصعوبات فى بحثها .
على أية حال فإن المتتبع للعلاقات المصرية الليبية يجد أنها جد قديمة ، ترجع إلى عصور ما قبل الكتابة ، ولكن ما يلاحظ على هذه العلاقات أنها اصطبغت بالصبغة الحربية منذ قدمها ، والتى كانت تتمثل فى ضغط أهالى الغرب على سكان دلتا النيل ، نتيجة للتوتر القبلى والفقر والجفاف الذى استفحل وتزايد فى بلدهم ، يقابله صد من الملوك المصريين الذين لم يتوانوا على مر التاريخ فى ردع اختراقهم لحدود البلاد الغربية . ولكن القبائل الليبية لم تقف عند هذا الحد فكانت تتتبع الأحداث الجارية داخل مصر مستغلة نقاط الضعف والتوتر لكى تخترق حدود البلاد الغربية وتستوطن داخل أراضيها .
ولكن تغير الوضع تمامـﴼ مع بداية عصر الدولة الحديثة فى مصر ، فلقد كانت حملات الملوك المصريين على أهالى الغرب قبل ذلك تتمثل فى مجرد محاولات لتأديب هؤلاء البدو وصد غاراتهم على البلاد ، ولكن أدرك ملوك الدولة الحديثة بعد ذلك قوة هؤلاء المحاربين وبأسهم، وبدأوا فى استخدامهم كمرتزقة فى الجيش ، ومنذ تلك اللحظة بدأت أعداد الليبيين فى البلاد فى التزايد ، على أنهم لم يختلطوا فى بادئ الأمر بالمصريين ، ولكنهم حافظوا على تكتلاتهم داخل البلاد ، وبدأوا يعملون لحسابهم الخاص دون غيرهم ، وكان كل ما يعوقهم فى تلك الفترة هو قوة الجالس على عرش مصر ، والذى تلاشى بوفاة الملك رمسيس الثالث .
فلقد مثل عهد هذا الفرعون نقطة فارقة فى تاريخ مصر القديم بين القوة والضعف ، فتميز النصف الأول من فترة حكمه بإعلاء شأن البلاد داخليـﴼ وخارجيـﴼ ، ولكن يبدو أن الوضع قد انقلب تمامـﴼ فى الفترة الأخيرة من حكمه بسوء الأوضاع الاقتصادية للبلاد نتيجة لحروبه الخارجية ، ومن هنا بدأت إضرابات العمال وتذمر الجند نتيجة لعجز الدولة عن دفع أجورهم ، زاد على ذلك زيادة قوة كهنة آمون كهيئة مناوئة للسلطة المركزية التى بدأت فى الإنهيار .
ولم يقف وضع البلاد عند هذا الحد فكان للرعامسة الأواخر دور كبير فى إكمال هذا الموقف بضعف شخصياتهم وتفرغهم لحياة الترف واللهو والحفاظ على كرسى العرش ، ومن هنا وجد الليبيون فرصة مناسبة ليلحقوا بمن سبقوهم إلى أرض مصر ، وأمام الحدود الغربية الواهية فى تلك الفترة بدأ انتقالهم إلى داخل البلاد كجماعات وليس كمتسللين كما كان الوضع قبل ذلك ، مما زاد من سوء الأوضاع الاقتصادية للبلاد أكثر مما كانت عليه قبل ذلك ، وبدأ تذمر المصريين بزيادة التوترات بينهم وبين هؤلاء المستوطنين وكأنه لم يكن هناك ملك فى البلاد أو سلطة حاكمة تتصدى لذلك .
وأمام هذا الانهيار الداخلى بدأ دور مصر على ساحة الشرق الأدنى تقوقع فصارت متخلية عن دورها القديم فى هذه المنطقة خاصة بعد ظهور معدن الحديد الذى أصبح هو سيد معادن العالم القديم خلال تلك الفترة ، وانحدار قيمة معدن النحاس ، المنتج المصرى الذى أعلى من شأنها قبل ذلك إلى الحضيض ، مما أدى إلى تطور بلدان العالم القديم فى مجال الصناعة خاصة الصناعات الحربية ، وتأخرت مصر لدرجة أنها لم تستطع مجاراة جيرانها ، مما أدى إلى إجبارها على التخلى عن نفوذها فى غربى آسيا . ولكن الحسنة الوحيدة التى تبقى منذ تلك الفترة هى بقاء النوبة فى ظل السيادة المصرية حتى نهاية الأسرة العشرين.
وفى ظل الانقسام الذى حل بالبلاد خلال تلك الفترة بدأت الأسرة الحادية والعشرون بمملكة إلهية فى الجنوب وسلطة مركزية فى الشمال ، ولعل خير دليل على ضعف قوة الملكية فى تلك الفترة أن الملك فى العصور الفرعونية السابقة كان هو الوسيط بين رعاياه المختلفين وبين المعبود ، ومنﹶثم كان هو الكاهن الأكبر لآمون وغيره من المعبودات ، ونتيجة لقوة الملكية فى هذه العصور لم يستطع أحد أن يتجرأ على هذه التقاليد ولم يكن كبير كهنة آمون سوى مجرد نائب عن الملك فى آداء طقوس العبادات ، ولكن لما ضعفت هيبة الملكية فى نظر كبار كهنة آمون فى تلك الفترة ، ، ارتقوا بأنفسهم ليصبحوا الوسطاء الحقيقيين بين عامة الناس والأرباب ومن هنا أصبح كبير كهنة آمون بديلاﹰ عن الملك سواء فى الأمور الدينية من حيث آداء الطقوس أو الدنيوية باتخاذ ألقاب الملوك فى الجنوب ، مستغلين ما فى نفوس المصريين من هيبة ووقار لمعبودهم ملك الأرباب «آمون» .
ولما كان ملوك ذلك العصر لا حول لهم ولا قوة فى أمور البلاد المختلفة ، بالإضافة إلى إدراكهم ما يمثله الطابع الدينى فى نفوس شعبهم ، فلم يفكروا فى اعتراض هؤلاء الكهنة على تسميهم بالألقاب الملكية وادعائهم الملك ، فزاد كل ذلك من الفرقة والانقسام فى البلاد وضعفها داخلياﹰ وخارجياﹰ . بل أدى ظهور دولة نبى الله سليمان عليه السلام كدولة تجارية على ساحة الشرق الأدنى القديم والتى بدأت تؤدى دورا تجاريـﴼ عظيمـﴼ خلال تلك الفترة إلى الإضرار كثيرﴽ بتجارة مصر الخارجية ، وهنا فقدت البلاد هيبتها فى الخارج كما كان الوضع كذلك فى الداخل وكان كفيلاﹰ بأن تكون هناك قوة فى الشرق القديم خلال تلك الفترة لتقضى على السيادة المصرية حتى على أراضيها ولكن يبدو أن ملوك وكهنة الأسرة الحادية والعشرين كانوا أكثر حظـﴼ فى تاريخ البلاد حيث كان الوضع فى بلدان الشرق القديم متشابهـﴼ كثيرﴽ بما كان فى مصر خلال تلك الفترة من فرقة وانقسام.
واستكمالاﹰ للسياسة الخارجية فلقد تابعت قبائل الليبيين انتقالها إلى داخل الحدود المصرية لتكمل الحلقة الأخيرة من حلقات استيطانهم فى البلاد ، ومع ارتفاع الأصوات التى تنادى بالتصدى لهذا الخطر سواء من الكهنة أو من عامة الناس إلا أن الحكومة المركزية لم تستمع لذلك بل زادت عليه بالإستعانة بهؤلاء الجنود فى قضاء مآربهم والحفاظ على كرسى العرش لكى لا يضيع من يدهم ، بل فاقت أمور الفرقة فى البلاد إلى أن تصبح بلاد النوبة من اختصاص كهنة آمون فى بادئ الأمر ولكن مع ضعف حالة البلاد فلقد استقلت هى الأخرى عن السيادة المصرية .
وفى ظل هذه الأوضاع المضطربة إرتقى العضو الأول ( شيشنق الأول ) والأعلى شأنـﴼ فى المستوطنين الليبيين العرش خلفـﴼ لآخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين الذى لم يكن له من وريث ﹶذﹶكر يخلفه ، ولقد عمل شيشنق على شرعية سلطته منذ اللحظة الأولى بزواج إبنه أوسركون من إبنة الملك بسوسينس الثانى ، ومن هنا جاء إنتقال السلطة فى بادئ الأمر فى يسر وسلام ولم يعترض شيشنق الأول سوى نفوذ كهنة آمون فى الجنوب الذى لم يلبث أن قضى عليه وأصبح ملك مصر الموحدة بعد مرور خمسة أعوام من إرتقائه العرش .
وكنا نظن أن أوضاع البلاد التى تدهورت فى العقود الماضية سوف تتغير كثيرﴽ فى ظل حكم شيشنق الأول وخلفائه ولكن يبدو أن هذه الأسرة الجديدة كانت تفتقد إلى وحدة الهدف ، فلم تحقق ما كنا نرجوه منها إلا فى ظل حكم مؤسسها فقط وإثنين من خلفائه ( أوسركون الأول ، تيكلوت الأول ) ثم عادت البلاد لتغرق فى محيط الفوضى والانقسام منذ فترة حكم أوسركون الثانى حتى نهاية الأسرة وكان الانقسام أكثر سوءﴽ هذه المرة عما كان قبلها فلم يكن بين ملوك الشمال وكهنة الجنوب بل كان فى البيت الحاكم نفسه فى الدلتا ثم خرج عنه ليشمل حكام الأقاليم لتصبح عدة دويلات صغيرة لا ﹶهم لحكامها سوى النزاع فيما بينهم للحفاظ على مناصبهم دون النظر إلى أوضاع البلاد المتردية من شىء.
وإن كان شيشنق الأول قد أعلى من هيبة مصر فى عيون مجاوريها من بلدان الشرق القديم وأنه قد حقق ما كان يرجو من حملته بذلك أو بالحصول على الغنائم والأسلاب التى كان يسمع عنها على أيام نبى الله سليمان عليه السلام ، إلا أنه قد ارتكب خطئـﴼ كان فى نظره صغيرﴽ إلا أنه قد أفقد حملته وزنها بالنسبة لنا ، عندما انسحب من مدن فلسطين دون أن يترك حاميات هناك فى المناطق التى إستولى عليها ، ومنﹶثم فهو لم يخطط لاحتلال منظم فكان نتيجة ذلك هو عودة مصر إلى الانحصار فى حدودها دون أن يكون لها أية ممتلكات فى سوريا وفلسطين ، حتى إن أوسركون الأول قد حاول تدارك هذا الخطأ بحملته التى أرسل على رأسها «زارح» الكوشى ، إلا أن هذه الحملة قد ردت على أعقابها أمام جنود «آسا» الذى استطاع الانتصار على هذه الحملة .
ومن هنا نلاحظ أن موقف مصر على ساحة الشرق الأدنى القديم قد تغير تمامـﴼ فى المرحلة القادمة ، فلم يكن أمام بقية ملوك الأسرة الثانية والعشرين إلا محاولة التحالف مع مدن سوريا وفلسطين للوقوف أمام قوة آشور التى بدأت تلوح فى الأفق متطلعة لمد نفوذها إلى ساحل البحر المتوسط ومصر وذلك ما نلاحظه فى معركة قرقر التى اشترك فيها بعض الجند المصريين الذين أرسلهم الملك أوسركون الثانى نتيجة لاشتراكه فى هذا الحلف ، ولكن يبدو أن القدر قد وقف بجوار هؤلاء الملوك حتى نهاية حكم هذه الأسرة بأن لم تتعرض البلاد لأى هجوم من ناحية الشرق ولكن اقتصرت الهجمات الآشورية على بلدان سوريا وفلسطين.
واستكمالاﹰ لهذه الأحداث الجارية ، وإن كانت بلاد النوبة قد استقلت خلال الفترة الماضية فلقد حاول شيشنق الأول مد سلطته إليها ولكن لم يكن فى إمكانه أن يصل إلى بلاد النوبة العليا فاكتفى بفرض سيطرته على النوبة السفلى ، تاركـﴼ بقية بلاد النوبة إلى أسرة جديدة نشأت فى بلاد النوبة العليا ، ﹸقدر لأحد أعضائها ( بيعنخى ) أن يغزو مصر من ناحية الجنوب ويقضى على الأسرات الليبية الثلاث مجتمعة ، أما بالنسبة للحدود الغربية خلال تلك الفترة فيبدو أنها كانت من الأمان بحيث إننا لم نسمع عن أية أخطار كانت تهدد البلاد من ناحية الغرب طيلة أيام الأسرة الثانية والعشرين .
ونظرة إلى حضارة الأسرة الثانية والعشرين ، فلقد أدرك ملوك هذه الأسرة منذ الوهلة الأولى ما كان يمثله الطابع الدينى فى نفوس المصريين ، فأبدوا حبهم لما أشتهر فى البلاد من معبودات لكى ينالوا رضا المصريين وليحافظوا على ملكهم أطول فترة ممكنة ، كما سعوا إلى أن يتركوا لنا منشآت معمارية على غرار من ْ سبقهم من ملوك فى بقاع مختلفة من البلاد .
ولكن ما يؤخذ عليهم ، هو سرقة آثار الأسلاف لكى يحلوا مشكلة الحصول على الأحجار اللازمة لهذه العمارة ، بل كان كل ما يعانون منه فى تلك الفترة هو مهمة هدم هذه المبانى فكانوا يعجزون عن ذلك فى مواطن عدة ، فلم تكن معظم مبانيهم إلا مجرد إعادة بناء ما تهدم من آثار الأسلاف ، ثم تغيير ما عليها من ألقاب للملوك السابقين ونقش ألقابهم عليها .
ولكن ما يحمد لهذه الفترة هو تطور الفن عما كان عليه فى الأسرة السابقة حيث بلغ تألقه فى تماثيل البرونز ودقة صنعها والتى تم العثور عليها من هذه الأسرة ، أما عن التماثيل الحجرية التى جاءت من هذه الأسرة ، فكانت السمات العامة لها تتمثل فى أنه كان تمثال كتلة يجلس على قاعدة واليدان متقاطعتان على الركبتين ويمسك بيده اليمنى نبات الخس ويبسط الأخرى . وكان بالباروكة حزوز ممتدة وتظهر الأذنان من الباروكة التى تصل إلى الكتفين .
أما عن أدب تلك الفترة فتميز بأنه من النوع البسيط الذى لم يحتو على التعبيرات الأدبية القوية التى شاهدناها فى العصور المختلفة الماضية ، وإن كان ملوك العصر البوبسطى قد حاولوا الاهتمام بحالة البلاد الاقتصادية إلا أنهم لم يكونوا موفقين فى ذلك نظرﴽ لما كانت تعانيه البلاد من فرقة وإنقسام فى الداخل وﹶفقـﹿد هيبتها فى الخارج .
وأخيراﹰ أرجو أن يكون قد وفقنى الله ، فى أن تكون هذه الدراسة قد أضافت ولو شيئاﹰ قليلاﹰ لتاريخ الأسرة الثانية والعشرين ، آملاﹰ فى أن يوفق الله من ْ سوف يقوم من ْ بعدى بالبحث فى تلك الفترة أو يقدم دراسات جديدة عنها على ضوء المكتشفات العلمية القادمة .