![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تعددت الأسباب التى أدت إلى الغزل العذرى ، من بيئة بدوية تحرص على المرأة، و إسلام يعظم شأنها ويعلى مكانتها فى المجتمع ، وطبيعة العصر الذى تقبّل الغزل، والفقر ، وسوء التكيف مع الدولة الجديدة ، بل والاستعلاء عليها . وترفع البدوى بغزله العفيف على الحضرى بغزله الصريح ، وافتخر بتقاليده البدوية ، فآثرالحرمان،وتغنّى به ، وأعلى شأن المرأة ، وتمنّى الموت إذا كان المجتمع ضنّ عليه بنوال المحبوبة ، ولم يكن تمنيه الموت عن تدين وإنما لاعتراضه على الظلم السائد فى الحياة الدنيا . ولم يجد العذرى متعته فى الحاضر فارتد إلى الماضى ، فعاش فيه ورأى فيه كل متعه ونعيم، ونضر إليه بوصفه الزمن الأرقى الذى وصل فيه المحبوبة الغالية. وأقسم العذري بما هو إسلامي وغير إسلامي ، وليس لتدينه أو لخروجه عن الدين ، ولكنه أراد إثبات حبه بالقسم عله يخفف عن نفسه بعضاً من الآلم ، فهو أقسم ليعبر عن حبه لا ليعبر عن تدينه . ودعا العذري للمحبوبة ، ودعا عليها– علي الرغم من إنه لم يكن يكرهها- وإنما أراد أن تصاب بما يجعل الرجال يزهدون فيها ، بأن يذهب كل ما يدعو إلى حب الرجال لها ، وأن يثبت هو على حبه. ولجأ العذري للعرافين ؛ من الإنس والجن ، وليس هذا خروجاً منه عن إيمانه بالدين، ولكنه لم يجد وسيلة إلا الهروب إلي بعض المعتقدات الموروثة التي لا تنتمي إلي الدين الحنيف ، ولكنها تدل علي أن حبه أفقده الصواب ، كما تدل على أن اليأس من نوال المحبوبة هو الذي أوصله إلى هذه الدرجة . وأصيب العذري بالأرق ، وخرج عن عالم الواقع ، وبحث عن أحلام اليقظة ، وحاول النوم عله يجد طيف المحبوبة الغالية ؛ ليشفي ما به من أسقام وأمراض من جراء الحب، فى محاولة منه لتعويض فشله فى حبه . |