الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص فإن أشرف العلوم وأعلاها وأجل المعارف وأولاها ما يكون ذريعة للإنسان وحجته إلى السعادة الأبدية الأزلية والفرحة الحقيقية والدرجة القصوى للإنسان فى السعادة والرُتبة العليا أن يذكى الباطن عن الأوصاف المذمومة وأن يتحلى بالأخلاق المحمودة ، ولعل تراثنا الإسلامي ينظر للأخلاق باعتبارها الدعامة الهامة للحفاظ على أمن المجتمع واستمراره فى أداء رسالته على أكمل الوجوه ، ولقد عرف المصلحون والفلاسفة هذه الحقيقة منذ القدم ، ولذا نجدهم يحرصون دائماً على تدعيم هذا البعد الأخلاقى فى مجتمعاتهم حرصاً منهم على الحفاظ عليها . والإلزام الخلقي مشكلة واجهتها المجتمعات الدينية وغير الدينية على السواء ، ولكن بينما كانت هذه المشكلة ميسرة بالنسبة للمجتمعات الدينية ، والتي تتحد فيها الأخلاق بالدين ، نجد المجتمعات غير الدينية قد عانت فى سبيل تأسيس أخلاق عامة وضرورية يخضع لها أفراد المجتمع بلا استثناء ، أخلاق تمثل لهم رؤية واضحة تنير لأفراد المجتمع التوجه نحو الخير الذي ينشده المجتمع . والرؤية الأخلاقية لاتكون واضحة إلا إذا توافر فيها أمران : الأول مصادر الفعل الأخلاقى ، والثانى دعائم الفعل الأخلاقى. وهناك أيضاً من يرى أن الفعل الأخلاقي يتم بناء على فهم مفهوم عقلي هو الواجب ، وهذا رأى يبدو مرفوض لأن مصدر الفعل ليس فكرة منطقية بقدر ما هو اقتناع داخلي بالحقائق أي وعى يؤدى إلى تقرير إرادي ، ثم هناك القول بأن العقيدة هي المحرك وهذا الرأي من الجلي أنه الأقرب إلى الحقيقة ، خاصة إذا كانت العقيدة تمثل حقيقة دينية ، إذ أن أقوى أنواع الاعتقاد هو ما يمس الدين ، وفى هذا الصدد نجد أن الإسلام يتميز بالتنوع فى هذه المصادر حيث النص المتمثل في ( القرآن الكريم، السنة النبوية الشريفة ) والعقل المتمثل فى (الإجماع والقياس والعرف )، حيث يشتركان فى توجيهنا نحو الأخلاق القويمة في ظل غزو القيم المنحرفة والأخلاق السيئة للمجتمعات |