Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المضامين التربوية فى كتابات الراغب الاصفهانى :
المؤلف
محمود، ربيع عبد الوهاب ربيع.
هيئة الاعداد
باحث / ربيع عبذ الوهاب ربيع محمود
مشرف / صلاح الدين محمد توفيق
مشرف / احمد عبد الرحمن الجاحد
مناقش / صلاح السيد عبده رمضان
الموضوع
التربية.
تاريخ النشر
2008.
عدد الصفحات
273ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
التعليم
تاريخ الإجازة
1/1/2010
مكان الإجازة
جامعة بنها - كلية التربية عام - أصول التربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 286

from 286

المستخلص

لكل أمة متحضرة تاريخها العلمي والتربوي, ومعرفة هذا التاريخ يجعلها تشاهد خطواتها على طريق العلم فيمدها بمزيد من التجارب والخبرات الحية المستفادة من الماضي, وبالإضافة إلى ذلك فإنه يعطي تلك الأمة نوعًا من الشعور بالذات والكيان الحضاري. والأمة العربية قد أدت دورًا مؤثرًا في تطور الحضارة الإنسانية منذ جاء الإسلام, فقد بلغ المسلمون الأوائل قمة الحضارة في عصورهم الزاهرة عندما تمسكوا والتزموا بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة, واستمدوا منهما العلم الصحيح, والمنهج القويم, واهتموا بالعلم وفروع المعرفة وانفتحوا علي خبرات الآخرين فيما لا خطر منه على العقيدة, فبرز الكثير من العلماء والفقهاء والأدباء والفلاسفة, فكانوا أعلام نهضة ورواد تنوير أمثال الفقهاء الأربعة وغيرهم كثيرون. هؤلاء الفقهاء والعلماء والفلاسفة والمربون المسلمون تناولت آراؤهم مسائل وقضايا التربية والتعليم, فضلا عن الخبرة العلمية التي شهدتها التجربة الإسلامية عبر العصور التاريخية المختلفة. لذا كانت قيمتهم الفكرية من حيث الإنارة والإثارة العقلية, ولهم قيمتهم التاريخية من حيث تمثلهم لتجربة الأمة الإسلامية فكرًا وعملاً, مما يجعلهم يشكلون حلقات أولى لابد أن تتصل حلقاتنا الحالية بها أوثق اتصال, لكن هذا الاتصال ليس قائماً على ضرورة الاتباع, وإنما على الموقف الناقد الذي يتضمن وسائل متعددة كالأخذ أو الرفض, أو التعديل والتطوير والإضافة وبهذا يكون الإبداع الفكري. وإذا كان المسلمون المحدثون قد نسوا حظًا مما ذكروا به فتخلفوا عن ركب الحضارة وسبقتهم الأمم فذلك لأنهم أساءوا فهم تراثهم العلمي وتمسكوا بالتقاليد. لهذا كان اهتمام البحث بالراغب الأصفهاني, والذي يُعد من الذين قدموا رؤى تربوية معتدلة لا شطط فيها ولا غلو. لقد كان الراغب الأصفهاني فريدًا في مدرسته ذات الاتجاه الفكري المحافظ, فانفتح على عصره ودرس الفرق المختلفة, وعلم الكلام ومذاهب المحدثين, والفقهاء. هذا الاطلاع الواسع على آراء كبار علماء عصره جعله يقف من هذه الآراء موقف الناقد الذي يأبى أن يقبل شيئًا إلا إذا ظهرت حجته. وقد تمثل في نهجه التربوي الاعتدال والوسطية الإسلامية في التمتع بطيبات الحياة وحسن تربية الإنسان حتى يؤدي أمانة الاستخلاف في الأرض على خير وجه. فما أشد الحاجة الآن إلى دراسة المضامين التربوية في كتابات الراغب وأمثاله ممن عاشوا عصرهم واستوعبوا متغيراته, وكان فكرهم وسيلة وعي مستنير، ليستيقظ العقل المسلم من سُباته وجموده, فيتعلم ويتفقه, وذلك لأن القيادات الفكرية عبر التاريخ الإسلامي قد قامت بدور أساسي في توجيه حياة المجتمعات، فهي عقل الأمة، ومن ثم تأتى أهمية دراستها في إطار ظروف مجتمعها، ليتوافر للمجتمع – أي مجتمع – مجموعة من النماذج التي تعتبر مصدرًا جيدًا لحفز الهمم واستثارتها وقدوة يُقتدى بها، لا في تجليات تلك القيادات في الفكر والإبداع فقط، بل في تناول قضايا العصر، وما اتسمت به تلك القيادات من جدية ومثابرة، وعمق فكري واستجابة لظروف عصرها( ). وقد يظن البعض أن فلسفة التربية أو تاريخ الفكر التربوي العربي موضوع قد أُشْبِعَ بحثًا؛ والحقيقة أن ذلك المضمار بحاجة إلى مزيد من الدرس والتحليل والمقارنة، ( ) خاصة وأن هناك دعوات كثيرة” إلى أسلمة التربية -إن صح هذا التعبير-وإلى إعادة صياغة العلوم التربوية فى ضوء الإسلام, يتردد صداها فى أجواء مجتمعاتنا الإسلامية والعربية,وذلك من أجل الكشف عما يتضمنه تراثنا من مبادئ وقواعد ومعارف تربوية, وبيان الدور الذى أسهم به هذا التراث فى الوفاء بمتطلبات التربية فى فروعها ومجالاتها المختلفة”( ). لقد استطاع الفكر التربوي الإسلامي المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة أن يحقق أعظم النتائج في بناء شخصية الإنسان, ولذلك لم يعد مقبولاً أن نفتح صفحات التراث ونحاول أن نعيش تجارب أسلافنا العظام دون إدراك لطبيعة اختلاف العصور، ومن هنا كان التحدي الذي يواجه رجال التربية المحدثين ألا وهو امتلاك القدرة على الاطلاع العميق على تجارب الآخرين ثم بلورة ذلك في فكر تربوي أصيل( ). وإذا كنا نملك تراثًا تربويًا شامخًا فلماذا لا نعود إليه؟ فنأخذ منه بمقدار ما يناسب قضايانا ومشاكلنا المعاصرة, وندع منه ما لا يناسب القضايا المعاصرة كفكر وتراث يدل على عصره الذي عاشه, ولماذا لا تكون لنا فلسفتنا التربوية العربية الإسلامية المعبرة عن أصالتنا, والمستمدة من جذور حضارتنا وتراثنا؟ والتي تعد انعكاسًا لملامح الشعب وتقاليده وقيمه وآماله وآلامه( ). إن التراث العربي الإسلامي قد مر بأدوار وتفاعل مع مختلف أشكال التراث الأخلاقية والتشريعية والتصوفية والعقلانية تفاعلاً مبدعًا خلاقًا، وما أجدرنا في هذا العصر بدراسة تراثنا الفكري والحضاري دراسة نقد وتمحيص لا انبهار فيها ولا إسراف، ومن هنا تبرز ضرورة إحياء فكر الأعلام الذين مثلوا ظواهر علمية فريدة في عصرهم وخاصة من كان منهم مجددًا، لأننا نعلم أن قضية التجديد في حضارتنا هي سنة من السنن التي حدثنا عنها رسول الله . وتجديد الفكر التربوي لا يعني هدم أو مسخ ما هو قائم، بل يعنى إدامته مع إصلاح ما انتابه من خلل، وإضافة ما تتطلبه الأحوال والحاجات الجديدة من إضافات وحذف ما أصبح غير لازم للظروف المستجدة( ). أولاً : قضية الدراسة: تعاني المجتمعات العربية والإسلامية من غياب واضح لوجود فلسفة تربوية عربية إسلامية واضحة القسمات والمعاني. تكون بمثابة موجه لسلوك هذه الأمة مما جعلنا نعيش في حاجة من التيه الحضاري، هذا في الوقت الذي يوجد فيه علماء ومفكرون إسلاميون أنتجوا كنوزاً من التراث، ولم نفكر يوماً في الإبحار في هذه الكنوز لاستخراج لبنات لبناء هذه الفلسفة، ولعل من هؤلاء العلماء الراغب الأصفهاني. ومن ناحية أخرى يواجه المجتمع المسلم المعاصر الكثير من المشكلات التربوية التي تحتاج في دراستها إلى الرجوع لكل من الفكر التربوي القومي والاتجاهات الأساسية لحضارة العصر بما يتناسب مع متطلبات المجتمع المسلم المعاصر, وهذا ما يعرف حاليًا باسم الأصالة والمعاصرة, ولا شك أن تلك معادلة صعبة وعسيرة ولكنها في الوقت نفسه ضرورة حياة,وعلى الرغم من أن التربية في المجتمعات الإسلامية بصفة عامة ومصر بصفة خاصة قد قطعت شوطًا كبيرًا, إلا أنها مازالت تتخبط, وتحدث الكثير من الاضطرابات الفكرية وزعزعة العقيدة من خلال وجود بعض الخبرات الأجنبية في حياة المجتمع مما ساعد على وجود صراع بين تلك الخبرات وقيمنا الأصيلة المستمدة من الكتاب والسنة, وانقسم المجتمع إلى شيع ومذاهب ما بين مؤيد ومعارض، ولعل المشاهد الآن ما هو إلا صراع ثقافي بالدرجة الأولى، وقد برزت هذه المشكلة في هذه الفترة من الزمن أكثر من أى وقت آخر. وهذا ما دفع الباحث لتناول مثل هذا الموضوع من التراث وذلك للبحث فى عصر قريب الشبه-إلى حد ما- لما نحياه فى عصرنا الحاضر. وفي ضوء ما سبق تتحدد قضية الدراسة في التساؤل الرئيس التالي: - ما المضامين التربوية في كتابات الراغب الأصفهاني ؟ ويتفرع عن هذا السؤال عدة أسئلة فرعية : 1- ما السياقات المجتمعية العامة التي أثرت في تشكيل فكر الراغب الأصفهاني؟ 2- ما المحددات الفكرية الخاصة بالراغب الأصفهاني؟ 3- ما الأصول الفلسفية لفكر الراغب الأصفهاني؟ 4- ما أهم معالم العطاء التربوى عند الراغب الأصفهاني؟ 5- ما ملامح الرؤية النقدية لفكر الراغب الأصفهاني؟ 6- كيف يمكن الإفادة من فكر الراغب الأصفهانى فى معالجة بعض
مشكلات الواقع التربوى المعاصر؟ ثانيًا: أهداف الدراسة: استهدفت الدراسة الحالية تحقيق ما يلى: 1- التعرف على أهم السياقات المجتمعية التى كان لها أثرفى بلورة و تشكيل فكر الراغب الأصفهانى. 2- توضيح معالم فكر الراغب وفلسفته وعلاقة ذلك بظروف عصره. 3- الكشف عن أهم ملامح شخصيته وانعكاسها على أفكاره وكتاباته. 4- إبراز القضايا التربوية التي تناولتها كتب الراغب والتى يمكن الاسترشاد بها فى رسم معالم سياسة تربوية لمجتمعنا الإسلامي. 5- مدي اتفاق فكر الراغب مع أفكار معاصريه. 6- كيفية الاستفادة من المضامين التربوية للراغب في علاج بعض المشكلات التربوية المعاصرة. ثالثًا: أهمية الدراسة: وتكمن أهمية الدراسة الحالية فى النقاط التالية: إن التراث الفكري مازال محتاجًا إلى قراءة واعية عميقة, لاستنباط جوانبه كافة, وفهم نواحيه ومكوناته ومنطلقاته, ومعطياته وذلك لأن المضامين التربوية في فكر علماء المسلمين لا تفيد فقط في توضيح كيف عالج العلماء المسلمون موضوعاتهم التربوية، ولا في رسم صورة لتطور التأليف التربوي عند المسلمين، بل إنه يساعد أيضًا في أن نرتاد آفاقًا جديدة للبحث في التربية الإسلامية من حيث الموضوعات ومناهج البحث فى هذا الميدان. في سبيل إعادة الوعى بالذات لابد من الفهم الجيد والدقيق لتراثنا, ولن يتم ذلك إلا إذا وعينا تمامًا جذور ثقافتنا وحضارتنا وفكرنا, والإبداعات التى قدمت والاجتهادات التى تمت, وذلك من أجل: ”المساهمة في تطوير الواقع, وحل مشكلاته والقضاء على أسباب معوقاته، وفتح مغاليقه التي تمنع أية محاولة للتنمية”( ). لذا فإن إحياء التراث يقصد به هنا: ”إحياء الماضي ليسرى به في جسم الحياة المعاصرة”( )، وإذا كان البعض يهتم بدراسة الشخصيات التربوية العالمية، فإن ذلك واجب ,ومن الواجب أيضا أن نهتم بدراسة الشخصيات العربية الإسلامية خاصة ونحن نعيش في مرحلة شديدة الصعوبة وفي عصر تنصهر فيه الكيانات الفكرية والشخصيات القومية حتى يكون لنا كيان فكري أصيل نتلمس فيه سمات ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ويكون لنا مرجعية تربوية نحتج إليها ونسير على هداها، وذلك دون الانقطاع عن مستحدثات العصر وتطوراته التي يجب أن نتمسك بها ونحاول أن نطورها. إن فكر الراغب تتكشف فيه جوانب أصيلة, تعكس تمامًا الروح الإسلامي العربي, الذى نفتقده فى كثير من جوانب حياتنا, ويظهر هذا واضحاً فى تناوله الأصولى الواضح للمجتمع والإنسان, والتعليم وغير ذلك. إن المجتمع الإسلامى فى أشد الحاجة فى هذه الأيام إلى الروح الأصيلة المبدعة, والتى تتمثل فى فكر الراغب, حيث إنه لم يكن متقلب الفكر ولا مقلدًا, بل كان مبتكرًا مبدعًا. إن المحافظة على التراث الإسلامى وتجليته للأجيال القادمة أمر فى غاية الأهمية, فى عصر طغت فيه النظم التربوية المختلفة على الشخصية الإسلامية, حتى كادت شخصيتنا الأصلية تضيع فى خضم التيارات التربوية المختلفة. يُعد الراغب من أبرز المفكرين الذين واجهوا مشكلة انفتاح المجتمع الإسلامى على الثقافات الأجنبية, وهو ما جعله يدعو إلى تحرير العقل وعدم كبح جماحه, والاطلاع على كل ما أتت به الحضارات الأخرى والاستفادة منها إذا لم يكن ذلك متعارضًا مع ثوابت الشريعة الإسلامية. تعتبر هذه الدراسة المحاولة الأولى من نوعها – فى حدود علم الباحث - لاستخراج المضامين التربوية من كتابات الراغب الاصفهانى كله, والذى يتمثل فى كتاباته المتعددة وآرائه المتنوعة. إن ما ورد فى فكر الراغب من أفكار تربوية, يُسهم فى دفع التيار الفكرى التربوي العام, ولكن الرجل مثله مثل كثير من العلماء لم ينل حظًا وافيًا من العناية فى هذا الجانب, وكثير من المفكرين يحتاجون إلى دراسات واعية لكشف الجوانب التربوية الكثيرة التى يمكن أن تسهم فى توضيح جوانب النظرية التربوية الإسلامية فى تطبيقاتها الزمنية والاجتماعية والمكانية. الحاجة إلى الاسترشاد بالاتجاهات الفكرية والتربوية التي رسمها أمثال ”الراغب الأصفهاني” فللراغب جولات في التأمل الفلسفي والكلامي والتشريعي والخلقي تتجلي فيها ملامح الأصالة في تفكيره وعذوبة تصويره، ومع قلة ما وصلنا من مصنفاته فإن في هذه القلة ما يجلو هذه الجوانب الأصيلة التي بهرت الغزالي في زمنها، وحملته على العناية بآثار هذا المفكر، وحملها معه وتأثره بها.