![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص ن الأدب فى كل أمة نوع من الفن يقصد به تهذيب أخلاقها, وتلطيف عاداتها وإحساساتها وتنبيهها إلى خير فتجتليه, وما هذه الرسالة التى يقوم عليها عطاء الأديب إلا جانب من جوانب رسالة الدين فى الأرض, ولأنها وليدة مبادئة ونتاج تعليمه ونضج لفلسفته فى دنيا الناس, ومنهجه فى تنظيم الكون, ولذا لزم على الأدب أن ينهض بأداء هذة الحقوق كما نهض بها من قبل فطالما تجاوب مع النهضات والثورات فأثر فيها وتأثر بها, فهو يسبقها بالتمهيد لها, ويصاحبها بتوجيهها وتأييدها, ويعقبها بتخليدها والإشادة بها, ورسم أهدافها لما بعدها. والشعر من بين العديد من فنون الأدب يمثل رد فعل سريع لأحداث الحياة, ونجاحه مرهون بقدر ما يعى روح الأمة والحياة فى زمنة, فيكون بذلك أداة مهمة من الأدوات التى تشكل الوجدان الجماعى, كما أنه فرع من دوحة الأدب, والأدب الوطنى له الأثر الكبير الذى لا ينكر فى تكوين المواطن الصالح, وهو يدفع الشاعر إلى التحليق فى سماء الخيال, والتطلع إلى المثل العليا, يمهد للنهضات الوطنية, ويبعثها ويغذيها إذ يهيب بالأمة أن تتمسك بالحرية والكرامة, ويستحثها على النفور من الذل وإباء الضيم, ويحبب إليها الثورة على الإستعمار والإستبداد. ولذلك جاء إختيار الباحث لموضوعة (وطنية شعراء أسيوط فى النصف الثان من القرن العشرين) لما فى نفوس هؤلاء الشعراء من وطنية صادقة, فلم يكن هؤلاء الشعراء شعراء مصر وحدها, بل كانوا - أيضا - شعراء العروبة والإسلام, يفرحون لفرح العرب والمسلمين, ويأسون لأساهم, ويأسفون لحاضرهم المتخلف, ولم يكونوا ظلا من عهود الإظلام, وإنما هم دعاة إصلاح وتجديد, وقد عاش بعض هؤلاء الشعراء الثورة التى تعبر عن صدق الوطنية, وعايش بعضهم المآسى التى حدثت فى الوطن العربى, وما يحدث فى القدس, ولقد إنطلقت وطنيتهم من التغنى بحب مصر والترنم بهل, ووقوفهم إلى جانب الثورة حتى شملت العروبة, فهم ينقلون مأساة وطن واحد يشترك فى التاريخ واللغة والدين. |