الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص يستمد الصلح في جرائم الاعتداء على الأفراد أهميته من أهمية نظام الصلح الجنائي عامة ، إذ يعتبر من أهم الحلول المعول عليها للتخفيف من أزمة العدالة الجنائية، والذي تتعاقب التوصيات للأخذ به والتوسيع من نطاقه ( 3). كما ينفرد الصلح في الجرائم الماسة بالأفراد بأهمية خاصة، تتمثل في اعتباره نظاما إجرائيا يفعل في المنظومة الجنائية العديد من الإيجابيات: فهو نظام يقوم على الاعتراف بمكان أوسع، ومكانة أرفع للضحية في إدارة الدعوى الجنائية وتحديد مصيرها. فبعد أن كانت الدولة تحتكر إجراءات الدعوى العمومية المختلفة ولا تسمح للمجني عليه بالتدخل فيها إلا في أضيق الحدود، أصبح للمجني عليه الآن صوت مسموع وإرادة منتجة لآثار قانونية هامة تتمثل في وضع حد للدعوى العمومية ،أو متابعة السير فيها . وليست الضحية فقط من استفادت من هذه ” الترقية ” بل حتى المتهم لم يعد ذلك الشخص الخاضع أو المذعن لإجراءات الدعوى، بل أصبح يشارك وبفاعلية كطرف أصيل في العملية التصالحية التي تهدف في المقام الأول إلى إزالة الآثار الضارة للجريمة، مع الحفاظ قدر المستطاع على مصالح وكرامة المتهم، الأمر الذي يدل على أن الصلح جلب إلى صرامة العدالة الجنائية لمسة من اللطف ( 1) تجعلها أقرب إلى العدل المنشود والرحمة المبتغاة. وتتجلى أهمية الصلح في جرائم الاعتداء على الأفراد أيضا في أنه نظام إجرائي كاشف عن حقيقة النظام العقابي ككل ومنبئ بتطوراته في المستقبل . فالصلح في جرائم الاعتداء على الأفراد بأحكامه، ومفترضاته، إلا ويطرح في الوجدان ألف تساؤل وتصور حول كل هذه المفاهيم الجديدة التي بذرها في الحقل الجنائي والتي تكشف براعمها الاولى عنتقارب المسافات وتلاشي بعض الحدود بين الدعوى المدنية والدعوى الجنائية . فالرضائية القائمة على اقحام الارادة الخاصة للأفراد في تحديد مصير الدعوى الجنائية وانحسار دور الدولة عن التحكم فيها أدى إلى ظهور ما يعرف بخصخصة الدعوى والتوجه اكثر نحو النظام الاتهامي على la privatisation du procès pénal ( العمومية. ( 2 حساب نظام التنقيب والتحري.والصلح في جرائم الاعتداء على الأفراد يعتبر عينة صادقة يمكن عن طريقها رصد وفحص هذه الظواهر المستجدة ورسم حدودها واتجاهاتها بما يتلاءم والنظام القانوني الجنائي . br ويحظى الصلح في جرائم الاعتداء على الأفراد أيضا بأهمية، قد تكون شخصية لأنها كانت المحرك الأول لي للانشغال بهذا الموضوع. وهي أن الصلح نظام اسلامي الأصل . دعت له شريعتنا المحمدية منذ أزيد من اربعة عشر قرنا من الزمن. وبالتالي فإن ظهور نجم العدالة التصالحية ساطعا في سماء التشريعات الغربية قبل العربية، يعتبر ردا لاعتبار التشريع الجنائي الإسلامي الذي لطالما اتهم بالقسوة والجمود وعدم الإنسانية( 3)، واعترافا بأصالة أحكامه وصلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان . وهو بمثابة دعوة لإعادة النظر في هذا الكنز الرباني الذي لا تفنى درره ولا تنفد جواهره . شرع لمصلحة الخاصة والعامة، العباد والبلاد . صحيح لا يصح غيره وإن كثر اوأعجب ! ). |